العدالة الناشزة !!

* (بشرنا) وزير الاعلام قبل بضعة ايام بقرب انشاء محكمة ايجازية للنظر فى قضايا الصحافة والنشر كبديل للاجراءات الاستثنائية التى تتخذها السلطات ضد الصحف والصحفيين مثل الايقاف والمصادرة ومنع الصحفيين من الكتابة والاعتقال ..إلخ ..!!
* والسيد الوزير يعتقد اننا سنفرح ونصفق ونحيى الحكومة على أريحيتها وكرمها والجود علينا بأقصى درجات الحرية والعدل باحلال المحكمة الايجازية محل الاجراءات الاستثنائية، بينما الواقع عكس ذلك .. فبشراه، للأسف، لا تحمل سوى التهديد والوعيد بأن مصير (الخروج عن الطريق) هو المحكمة الايجازية، وليس الطبيعية التى يجب أن يحاكم أمامها الصحفى إذا اتُهم بمخالفة القانون !!
* يعلم السيد الوزير بأن المحكمة الايجازية محكمة خاصة لا تتيح للصحفى كل فرص الدفاع عن نفسه ضد التهمة أو التهم الموجهة كما تقتضى أبسط مبادئ العدالة، وذلك باختصار اجرءات التقاضى واخضاع المتهم لمحاكمة عاجلة وحرمانه من الحق فى الاستعانة بمحام يدافع عنه..إلخ، أو أى من الشروط الخاصة التى تقوم عليها مثل هذه المحاكم التى جربناها فى فترات مختلفة من تاريخنا ولم تقنعنا اى تجربة منها بعدالتها أو نزاهتها، بل كانت وستظل صفحات سوداء نتنة فى تاريخ كل من لجأ إليها بدعوى اقامة (العدالة الناجزة) كما حدث خلال حكم الرئيس نميرى الذى لم تكن عدالته الناجزة الا محرقة للعدالة وانتهاكا لحقوق وكرامة وآدمية المتهمين !!
* ونتساءل، لماذا محكمة إيجازية، وليس محكمة عادية، وما هو الهدف من ذلك، بينما المحاكم الجنائية العادية تستطيع ان تحاكم الصحفى وفق القانون الجنائى العام الذى يتضمن العديد من المواد مثل نشر الأخبار الكاذبة (المادة 66 ) واشانة السمعة (159 ) وهما المادتان الاساسيتان اللتان يساق اغلب الصحفيين بهما الى المحاكم، فلماذا محكمة ايجازية وليس محكمة عامة، ما دامت المحكمة العادية تستطيع أن تقوم بالمهمة؟!
* الاجابة طبعا سهلة جدا، وهى تخويف وتهديد وابتزاز الصحفى بالسير على الطريق الذى تريده الحكومة، والا سيق الى محكمة ايجازية تحاكمه على عجل وتنتقص حقوقه وتهدر كرامته وتقيّد حريته، فيخشى على نفسه وينحاز الى الحكومة على حساب الحقيقة والمبادئ والاخلاق!!
* خياران لا ثالث لهما: إما إجراءات إستثنائية تطارد الصحف والصحفيين وتقف لهم بالمرصاد فى اى مكان وزمان، أو صحف وصحفيون يمارسون مهنة التطبيل والرقص على مسارح الحكومة خوفا من المحاكمة الايجازية .. هذا ما يريده السيد وزير الاعلام وحكومته!!
الجريدة
[email][email protected][/email]