لوممبا : يا للعار قتلوا الجار

كما تطرد العملة الزائفة العملة الجيدة فكذلك يطرد التاريخ الكاذب التاريخ الصادق. و مصداق ذلك التاريخ المغشوش لعلاقات السودان بافريقيا في ادب الحركة الشعبية الذي يتهم الشماليين بتوثيق العلاقات بالدول العربية والاسلامية وأهمال افريقيا. وهذه الثنائية غشاشة لأن الفيصل في تلك العلاقات لم يكن خياراً “عرقياً” للحركة الجماهيرية السودانية بل التزاماً جانب حركة التحرر من الاستعمار. وقاريء تاريخ هذه العلاقات بغير تهريج سيجد أن حركة القوميين الجنوبيين في الأنانيا وغيرها هي التي ربما سقطت في هذا الإلتزام. فقد أحتشدت كما هو معروف حول خطة الأنفصال التي أبتها الحركة الوطنية الأفريقية ولم تجد نصيراً لها سوي عند المستعمرين والعنصريين من كل شاكلة. ولا أدري كيف تشفع للمرء إفريقيته مهما تشدق بها لو وجد نفسه في الجانب الخاطيء من التاريخ الأفريقي.
وأسوق علي مفارقة القوميين الجنوبيين للجادة الأفريقية مثلاً. فقد نشرت جريدة (الفجلنت) المستقلة التي كان يحررها بونا ملوال في 29 يونيو 1965 ما يلي:
قال تشومبي رئيس وزراء الكنغو للصحافة الأمريكية أنه يعرف جيداً أن السودان ومصر يسعيان بجد للإطاحة به. وضرب لذلك مثلاً بقيامهما بتنظيم لقاء مائدة مستديرة لزعيمين من الخوارج (من أنصار الشهيد لوممبا) عليه بغرض توحيدهما للقضاء علي حكومته. غير ان تشومبي قطع الشك أنه إذا انعقد هذا اللقاء فإنه لن يكون الملوم حين يزود المتمردين في جنوب السودان بالسلاح وغيره. وقال ميرغني النصري أمين منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي بأن المنظمة ستواصل مساعيها لعقد اللقاء غير آبهة بما يقوله تشومبي الذي ما فتيء يردد كالببغاء حيل المستعمرين في التهديد والوعيد التي أطعموها له كعميل استعماري.
وعلقت الجريد أنه سواء كان تشومبي عميلاً أو غير عميل فهو في وضع يسمح له بإثارة المتاعب”.
ربما لم يعد أسماً كتشومبي يعني شيئاً للجيل الحدث. ولكنه كان عندنا يهوذا قاتل مسيح افريقيا: الشهيد لومببا رئيس وزراء الكنغو (1960-1961). فقد فصل تشومبي مقاطعة كاتنقا عن جسد الكنغو بتحريش من الغرب وامريكا خاصة التي لم يعجبها منطق لوممبا وعدته شيوعياً محسوباً علي السوفييت. وكانت وكالة المخابرات امريكية قد قررت قتله بعد شهرين من إنتخابه. واستخدم تشومبي المرتزقة البيض في حماية دولته المنفصلة. واضطر لوممبا لاستدعاء الأمم المتحدة لرد كاتنقا للكنغو بعد ان تمرد عليه جنده الذين كان بينهم موبوتو. وكان الغرب بدأ يحتضن موبوتو ليخلف لوممبا. وقد التقي به كنيدي لاحقاً وأنعم عليه بطائرة خاصة. ونجحت الأمم المتحدة في رد كاتنقا للكونغو في 1962 ولكنها فشلت في حماية لوممبا. فقد إختطفه جند موبوتو وقتلوه وهو في طريقه للأعتصام بقندهاره في استانلي فيل. واصبح تشومبي رئيساً للوزراء في 1964 و 1965 وهي الفترة التي هدد السودان فيها بدعم المتمردين إن لم يكف عن التضامن والتنسيق مع أنصار لوممبا. وساء صيت حكم تشومبي لإستخدامه المرتزقة في قمع ثورة عظمي من شيعة لوممبا في إقليم شابا. وأطاح به موبوتو بأنقلابه في آخر 1965.
لم نكن ندري هل نحن عرب او أفارقة حين خرجنا من جامعة الخرطوم في مظاهرة في شتاء 1961 نستنكر مقتل لوممبا هاتفين ضد حكومتنا والمستعمرين: “يا للعار قتلوا الجار”. ولم نكترث لثنائية العرب والأفارقة ونحن نستنكر في وقت لاحق دعم المستعمرين لموبوتو بقوات مغربية عربية. وقد برد حرنا يوم في 1967 جري فيه اختطاف طائرة كان يقلها تشومبي واستضافتها الجزائر. وأمسكت بتشومبي وبقي فيها مهاناً حتي موته في 1969: ياجزائر . . .ههنا يختلط القوس الموشي
صدقت الفيجلنت فقد أثار تشومبي متاعب جمة في صفوف الجبهة المعادية للإستعمار ومات كالفطيس.

تعليق واحد

  1. خرجت وقتها عندما كنت مفلسا لامعا وليتك ظللت كذلك كما ظل المرحوم سلاح احمد ابراهيم حتي لقي ربه راضيا مرضيا . لازلنا نتذكر ال (هايكو) الذي بكي فيه علي لوممبا :
    في جبل عالٍ يعصمني
    اتفرحُ كيف يموتُ قتيلْ
    واذا ما مد اليّ يداُ
    ابكي والوح بالمنديل
    وانا والحمد له
    في بلدٍ ضخمٍ ضخمٍ كالفيل !

  2. الحمد لله إرتحنا المرة دى من سيرة عبدالخالق محجوب تلقاه يتقلب في قبره كلما كتب عنه هذا الحوار المتبتل

  3. يا برف والله لا زلت اذكر من صباي الباكر بمروي الاولية ليلة دخل والدي وهويحمل المجلات المصرية وعلي غلاف اخر صورة للفتي الانيق لوممبا بشقة شعر ولا ابراهيم وبدلة انيقة ووجه مليان غنا ونظارة نظر ودخل مسرعا لغرفته بعد سلام حزين هلرولة والدتنا لعله لاحد الاحد خطفت ساقي وراءها وسرقت النظر ووجدته يضع راسه بين يدية الي الارض وقطرات دمع كما الندي وهي تساله عن الخبر وهو لا يرد حتي اشار الي صاحب الصورة علي المجله قتله الاستعمار فقالت الوالدة فزعتنا رد قائلا بتنهد ماتت افريقيا كلها اي والله اذكرها كما الان بادق من ذلك من التفاصيل تصور يا برف في مروي كانت تصلنا الصحف كلها حتي مجلة العربي وكان بمروي اجمل شارع نيل وميدان تنس ارضي جوار المركز مسور باشجار العناب وتمر هندي وسلك شائك ناعم وبها وكريمه سينما رجل الاعمال محمد العبيد اه لو تركنا القطاع يعمل عمله ولكن لعنة الابدولوجيات هرتنا حتي هرمنا !!!

  4. ” و مات كالفطيس”
    و بإذن الله دا يكون مصير سفاح السودان قاتل المواطنين العزل و مغتصب آلاف النساء و مدجن الرجال المنكسرين قول آآمين يا ..

  5. الألمعي عاوز يقول إنو دفع ضريبة النضال زمان و إنو أسع ما فاضي لغير مخادنة و مهادنة عملاء الإستعمار الجدد في السودان و حقيقة صدق فيه مقال القرّاي عندما ينكسر الرجال

  6. “ومات كالفطيس”
    وانت فرقك شنو ياحرامى النحاس فى صباه التعيس
    اهو رغم علمك ووجودك فى بلد الحريات لازلت “sleeping with devil” تهادن وتراضى فى نظام دموى ايها القنوط التعيس

  7. خرجت وقتها عندما كنت مفلسا لامعا وليتك ظللت كذلك كما ظل المرحوم سلاح احمد ابراهيم حتي لقي ربه راضيا مرضيا . لازلنا نتذكر ال (هايكو) الذي بكي فيه علي لوممبا :
    في جبل عالٍ يعصمني
    اتفرحُ كيف يموتُ قتيلْ
    واذا ما مد اليّ يداُ
    ابكي والوح بالمنديل
    وانا والحمد له
    في بلدٍ ضخمٍ ضخمٍ كالفيل !

  8. الحمد لله إرتحنا المرة دى من سيرة عبدالخالق محجوب تلقاه يتقلب في قبره كلما كتب عنه هذا الحوار المتبتل

  9. يا برف والله لا زلت اذكر من صباي الباكر بمروي الاولية ليلة دخل والدي وهويحمل المجلات المصرية وعلي غلاف اخر صورة للفتي الانيق لوممبا بشقة شعر ولا ابراهيم وبدلة انيقة ووجه مليان غنا ونظارة نظر ودخل مسرعا لغرفته بعد سلام حزين هلرولة والدتنا لعله لاحد الاحد خطفت ساقي وراءها وسرقت النظر ووجدته يضع راسه بين يدية الي الارض وقطرات دمع كما الندي وهي تساله عن الخبر وهو لا يرد حتي اشار الي صاحب الصورة علي المجله قتله الاستعمار فقالت الوالدة فزعتنا رد قائلا بتنهد ماتت افريقيا كلها اي والله اذكرها كما الان بادق من ذلك من التفاصيل تصور يا برف في مروي كانت تصلنا الصحف كلها حتي مجلة العربي وكان بمروي اجمل شارع نيل وميدان تنس ارضي جوار المركز مسور باشجار العناب وتمر هندي وسلك شائك ناعم وبها وكريمه سينما رجل الاعمال محمد العبيد اه لو تركنا القطاع يعمل عمله ولكن لعنة الابدولوجيات هرتنا حتي هرمنا !!!

  10. ” و مات كالفطيس”
    و بإذن الله دا يكون مصير سفاح السودان قاتل المواطنين العزل و مغتصب آلاف النساء و مدجن الرجال المنكسرين قول آآمين يا ..

  11. الألمعي عاوز يقول إنو دفع ضريبة النضال زمان و إنو أسع ما فاضي لغير مخادنة و مهادنة عملاء الإستعمار الجدد في السودان و حقيقة صدق فيه مقال القرّاي عندما ينكسر الرجال

  12. “ومات كالفطيس”
    وانت فرقك شنو ياحرامى النحاس فى صباه التعيس
    اهو رغم علمك ووجودك فى بلد الحريات لازلت “sleeping with devil” تهادن وتراضى فى نظام دموى ايها القنوط التعيس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..