هل بات سقوط البشير وشيكا أم أن الوقت لازال مبكرا

نشرت صحيفة سودان تربيون الالكترونيه بتاريخ10 فبراير مقالا للكاتب والباحث د.عبدالوهاب الافندي المقيم في بريطانيا بعنوان(سقوط الرئيس عمر البشير), للمزيد من التعريف بهوية وتوجه كاتب المقال نشير الى أنه كان احد المروجين والمدافعين عن نظام الانقاذ منذ ولادته , والفترة التي قضاها في لندن حيث عمل مستشارا اعلاميا على مدى 4 سنوات من العام 1990 الى العام 1994 , تؤكد صحة ماذهبنا اليه , دافع بقلمه ولسانه عن نظام الانقاذ امام الرأي العام البريطاني والعالمي, كما تصدى لقوى المعارضة السودانيه التي لعبت دورا مقدرا في كشف وفضح أكاذيب قادة النظام والجرائم التي ارتكبوها بداية بمصادرة الحريات والحقوق الديمقراطيه وصولا الى القتل واشعال الحروب والابادة الجماعيه.
قبل الدخول في صلب الموضوع اتسأل ,وربما يتساءل كذلك القارئ ايضا , الا يشعر الافندي كانسان ناهيك عن كونه كاتب وباحث بعمق الاذى والضرر الذي سببه للشعب السوداني وهو يبادر اليوم ويتحدث عن سقوط الرئيس, الذي وقف على قمة النظام على مدى 25 عاما عجافا, كان الكاتب يأمل أن يحقق الرئيس البشير النجاحات ويتحقق حلم جماعة الاخوان المسلمين في اقامة نظام اسلامي عقائدي على ارض السودان كتجربه يحتذى بها في العالم العربي, لكن أمله خاب في الرئيس الذي لم يفعل كما فعل القادة الاسلاميين العظام حسب مقولة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسيه وطيب اوردغان زعيم حزب العداله والتنميه في تركيا ورئيس الجمهوريه حاليا , بل انه ذهب أبعد من ذلك قائلا:لو ان الرئيس فعل والتقط الفرصه التي اعتبرها نادرة والتي اتيحت له 3 مرات لدخل التاريخ من اوسع ابوابه ليصبح في مصاف القادة العالميين العظام كنابيليون ومانديلا.
يبدو ان الكاتب الافندي أطلق لخياله وفكره العنان ليحلق بعيدا في فضاء وأفاق الواقع الملموس الذي يعيشه. والفرص النادرة التي أوردها الكاتب في مقاله والتي لم يقتنصها البشير وضاعت من بين يديه معروفه لكل من يتابع الاحداث في عهد الانقاذ, كما ان تداعياتها التاريخيه والكارثيه على حياة الناس واضحه ولاتحتاج لتبيان, نوردها في هذا الحيز فقط للتذكير , انقلاب 1999 ضد الشيخ الترابي يعتبره الكاتب الفرصة النادرة الاولى والاهم حيث الساطة التشريعيه والتنفيذيه وضعت في يد البشير , هذا النمط من التفكير يؤكد أهمية ومكانة الانقلاب لدى قادة الجبهه الاسلاميه القوميه كوسيلة في الوصول الى السلطة , أكد هذه الحقيقه الامين العام السابق للحركة الاسلاميه الاستاذ عبدالرحيم علي,
أثناء حوار أجرته معه قناة الميادين في نوفمبر العام الماضي قال تلك هي القضيه الرئيسيه المحوريه التي تحدد استراتيجية وتاكتيكات قادة النظام , كما أنها تحدد مواقفهم وأساليبهم وتاكتيكاتهم في معالجة مايطرأ من احداث مهما كان حجمها وأهميتها.
الكذب والخداع والنفاق وقلب الحقائق, والتزوير ليست صفات خاصه بشخص البشير وحده, وانما انتاج فكري ظلامي تربى عليه وتشبع به كل من انضم الى حركة الاخوان المسلمين وسار على نهجها في ضؤ ذلك كان حديث الافندي حول الاتفاقيات التي عقدها النظام مع قوى المعارضة سواء كان اتفاق ابوجا نيروبي واتفاق السلام مع رياك مشار واتفاقية السلام الشامل في نيفاشا وآخرها اتفاقية القاهرة التي انقلب عليها النظام جميعا , لايمكن وصفها بمجرد ضائعه بل كانت نتاجا لسياسات مدروسه وبصورة منهجيه وهدف محدد لاقامة دولة الاسلام التي وضع اركانها الفكريه ودعى لها الشيخ حسن البنا وسيد قطب ويسير على نهجهم اليوم في تونس وتركيا الشيخ راشد الغنوشي وطيب اردوغان.
الشيخ الترابي الذي انقلب عليه البشير وعلي عثمان هو المفكر والمنظر والداعيه لاقامة نوذج لدولة الاسلام في السودان قبل ان يستقدم الشيخ اسامه بن لادن الى الخرطوم وكان يخطط لجعل الخرطوم مركزا للحركة الاسلاميه العريقه وقاعدة للانطلاق نخو افريقيا , كما كان يسعى للتمكين وانزاله الى ارض الواقع بعد ان انبسط الاسلام على حسب ظنه.
الاستاذ الافندي اشار في مقالته الى الكوارث والخراب الذي حب بالبلاد ومصادرة الحريات وتكميم الافواه والاعتقالات دون مبرر وحمل تبعاتها للرئيس البشير الذي ارتكب الاثام, كان يجب ان يعاقب عليها ويساق الى محكمة العداله الناجزة ويطبق عليه خكم شرع الله , استدرك قائلا ان البشير لايتحمل المسئوليه لوحده , كل هذا صحيح لكن السؤال, الذي يطرح نفسه والذي يتطلب اجابه صريحه من هم الذين يتحملون جزء من الذي ارتكبه البشير وهل يساقون الى محكمة العداله الناجزة أم يقدمون الى محاكم النظام القائمه اليوم والتي يترأسها قضاة لايخافون الله كما أشار الافندي؟ فيما ذهب ويسعى الى تحقيقه هو صرف نظر الشعب السوداني عن القضيه الاساسيه التي يناضل ويضحي في سبيل حلها الا وهي تصفية النظام بصورة كامله , والقائه في مزبلة التاريخ بعد أن فقد مشروعية مقومات بقائه.
الظروف الخطيرة التي يمر بها العالم العربي اليوم لشعبيه المشرقي والمغربي والتي يعتبر السودان جزء لايتجزأ منه, يحتم علينا أن نفكر وبجديه ونحسب بدقه الخطوات التي تتخذ في المعارك التي دارت اليوم ضد النظام وممارساته القمعيه والحرب المشتعله اليوم في العالم العربي أخذت شكلا مختلفا في موازين القوى سواء كان ذلك على الصعيد الرسمي أو الشعبي, الكل منغمس في صراع دموي مميت لاتعلم اي جهة نهاية له حتى الدول الكبرى أصبحت عاجزة من السيطرة عليه عبر السلطة والمعارضه والذي لم يبلغ مداه اليوم لابد أن ننظر اليه في اطار الهجمه الشرسه التي تعرضت لها ثورات الربيع العربي والتي سرقت شعاراتها وحرقت اهدافها.
النظام في السودان والذي تلفه الازمات المتلاحقه على كل الاوجه أصبح جزء أصيلا من بين القوى والمنظمات والتيارات الاسلاميه التي اشعلت نيران الحرب وتدميرها, كما ان النظام يعول على اطالة عمره ويراهن على المكاسب التي سوف يجنيها من ملفات وخبرة لادارة الحروب.
الخطر الاعظم الذي يجابه الشعب السوداني هو أن النظام يفتح كل الابواب امام قيادات الاخوان المسلمين الهاربين من مصر والمقيمين في الدوله على رأسهم القيادي الاخواني المصري البارز وجدي غنيم, يمارسون نشاطهم الهادف الى زعزعة النظام المصري المصري والاطاحه به, اضافة الى ذلك حماية النظام في السودان ومساعدته في ضرب المعارضه خاصه المسلحه.
في تقديري ان التطورات الجاريه لن تقف عند الحد الذي الذي ذكرناه بل ستتعداه ليصبح السودان واحدة من ساحات الحرب التي تديرها داعش والنصرة واخواتها , وسيظل المحور التركي القطري السوداني الممول والداعم والمسهل لتحركات المقاتلين ومنفذ لمخططاتهم الاجراميه.
كما ان الصراع مع النظام المطول أمده , بالواقع المستجد الذي افرزته الحرب المشتعله في العالم العربي, والتي أصبح النظام السوداني ضالعا فيها , وهو في نفس الوقت مصر على مواصلة السير على طريق الحرب والدمار الذي اختاره لحسم الصراع داخليا. هذا الواقع المستجد الخطير يلقي على عاتق القيادات من جبهة المعارضة المزيد من المهام والمسئوليات الجديدة وفي مقدمتها أمن البلد وحماية المواطن من خطر الارهاب والارهابيين الوافدين من الخارج والمقيمين في الداخل.
في الختام أتوجه بسؤال صريح وواضح للاستاذ الافندي الا وهو : هل يؤكد أو ينفي ان معظم اخوان السودان عضو فاعل في التنظيم الدولي العالمي كحركة الاخوان المسلمين, التي يقودها اليوم راشد الغنوشي , والرئيس اردوغان بعد الضربة التي وجهت لتنظيم الاخوان في مصر, وأن أخوان السودان شاركوا بوفد في الاجتماعين الذين انعقدا في تونس واسطانبول؟ هذا على الرغم من نفي الرئيس البشير في عدة مناسبات وأمام الرأي العام العالمي أنهم لاينتمون لهذا التنظيم.
د.محمد مراد الحاج
براغ

تعليق واحد

  1. مما يؤسف له ان تحليل الاوضاع السياسية والاجتماعية في السودان يبدا بمرجعية (عروبة السودان) واتصاله المكين بالكيان العربي ويتم تجاهل الشق الافريقي تماما . لا ينكر الا مكابر تاثير التيارات العربية علي السودان ولكن تاثير التيارات الافريقية ايضا واضحة لذلك لذلك عندما يتحدث امثال الافندي وحسن مكي انما يميلون دائما نحو العروبية الاسلامية تلك الاكذوبة التي انتشرت ايام التركية الاولي في القرن التاسع عشر واستمرت بجهود البريطانين وبعض القبائل النيلية الشمالية وحتي اليوم . السودان بثقافته الافريقية العربية ودون اقحام الدين انتفضت قبل نصف قرن ضد الدكتاتوريات وسبقت الربيع العربي بفترة طويلة وتلك حقيقة لابد من وضعها في الاعتبار قبل كل شئ اذن تحليل الوضع الراهن في السودان من منظور الافندي او اي منظر من الاخوان المسلمين يفارق الطريق الصحيح منذ الوهلة الاولي .

  2. النظام لن يسقط قريبا للاسباب التالية: معاضة ضعيفة وانتهازية ومهزوزة وعجوزة ثم القائد الدولى الامريكى لايريد اسقاط مثل هذه الانظمة لانها تفيده الان يصرح كيرى وغيره لا يريدون اسقاط الاسد بعد كل هذا التدمير والتشريد لان نظام الاسد يخدم اسرائيل فى المنطقة وهو الاهم لامريكا وربما ندموا لاسقاط صدام بعد ما وصل له الحال وتسلم ايران للمنطقة لذلك نظام مثل هذا مفيد شوفوا ما يحصل فى جنوب السودان وافريقيا الوسطى وغيرها فالمطلوب الان استمرار النظام حتى التفكير فى الية اخرى لترتيب المنطقة

  3. السوال يا استاذ ليس متى يسقط النظام
    ولكن ما هو البديل

    وسيحاول البعض السخرية من هذا السوال لكن الاجابة مهمة

    حتى لا تندم مثل ما ندم المصريون والليبيون واليمنيون والعراقيونو….ز

  4. لم أخرج من مقالك الا بأن منظومة الدول العربية وما ينتج منها ودوران السودان في هذا الفلك العبثي هي أس وأساس البلاء الذي جر السودان الى كل هذا التدني الاجتماعي والاقتصادي

    لقد ذكرت السبب ونسيت العلاج

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..