الريان ..سقوط القيم !!!

حكي لي احد الاصدقاء عن حادثة حقيقية حصلت له قبل شهور “حين اتي قريب له لتكملة إجراءات سفر لاحدي الدول النفطية ،وكان معه مبلغاً من المال وجلس معه حتي صلاة المغرب بوكالة السفر ومن بعدها خرج للقاء ووداع بعض اهله بالسوق الشعبي الخرطوم وهم “تجار “به ،تسامر معهم حتي منتصف الليل وطلبوا منه الذهاب معهم الي المنزل ليحتفوا به ،وفي طريقهم الي المنزل استوقفتهم “دورية شرطة” طلبت منهم الركوب “في البكسي” لانهم اشتبوه بهم فما كان من هولاء الرجال الا الصعود اليه، وبعد ربع ساعة وفي طريق فرعي مظلم توقفت السيارة ونزل احد العساكر مطالباً الجميع بإفراغ “جيوبهم” من محتوياتها فما كان منهم الا ان فعلوا ذلك امتثالا لرجل القانون ،وتحصل الشرطي علي مقتنياتهم المالية “قرابة الـ(70)”مليون جنيه،ومن ثم طلب منهم الترجل عن “البكسي” وعندما ترجلوا تفأجاو بحركته مسرعاً تاركاً خلفه الغبار، لم يتمكنوا من اللحاق به وتوجهوا صوب مركز الشرطة لسرد الحكاية فوجدوا ان هنالك مجموعة غيرهم دونوا بلاغات بذات المواصفات وطلع انه “دورية الشرطة مزورة”، وماحدث في الدخينات هو نموذج مطور من “التزوير” الذي ظل اسلوب عصري من قبل البعض للكسب الرخيص والسريع والمريح في ظل غياب الرقابة الامنية والضميرية معاً.
والكارثة في قضية مدرسة (الريان) بالدخينات هي ان “التزوير” تم في وضح النهار ولم تكتشفه السلطة بل اكتشفه الـ”50″ طالب الذين اجلسوا للامتحان الوهمي الاول للشهادة الثانوية “وهو امتحان مقدس عند كل الاسر السودانية”،بالرغم من ان وزارة التربية والتعليم لديها امكانيات ضخمة وفرق متابعة ورصد في كل ولايات السودان ومحلياتها وان الدولة لديها موظفين في المحليات يناط بهم مراقبة المدارس وكذا اتحاد المدارس الخاصة بولاية الخرطوم لديه ذات اليات الرقابة والمتابعة .
بلاشك ان حجم الكارثة كبير وهزا الشارع السوداني بأكمله خصوصاً وان التزوير تم في عاصمة البلاد التي يفترض ان القبضة الرقابية عالية جدا ودقيقة ومحكمة، ولكن الحادثة كشفت عري تلك المؤسسات التي تحمل رسالة جليلة في بناء اجيال تنهض بوطنها وترتفع بإنسانه فبما انها غير قادرة علي احكام قبضتها علي ولاية واحدة في السودان ذات امكانات كبيرة فكيف تحكم ولايات ترزح في الفقر ويكابد مواطنوها من اجل تعليم ابنائهم ،إذن نحن امام معضلة حقيقية اكبر من تسريب اسئلة مادة او ضبط حالة غش في امتحانات الشهادة فتلك سلوكيات فردية اما “حادثة الريان” فهي “جماعية السلوك”،فمدير المدرسة وكادره العامل بها “بمن فيهم بائع الاواني ” هم مجموعة وليس فرد ،ووزارة التربية والتعليم ومحلية جبل اوليا هم جزء من تلك المنظومة بمعني ان الوزارة بعتادها وميزانيتها وجيوشها الجرارة من المراقبين والمحلية بأرتال الموظفين الذين يفلحون في تحصيل “العوائد والعتب” ويتسابقون في هذا الامر فشلوا في كشف حقيقة المدرسة، فالريان كمؤسسة تعليمية ومبني موجوده بمحلية “جبل اوليا” يفترض ان تكون عليها “عوائد مباني ” فهل كان موظفي المحلية يغضون الطرف عنها ام كانوا يتحصلون منها تلك العوائد فالمبني بلافتته موجود بالمحلية .
ومن لاشك فيه ان كارثة “الدخينات” التي تعد الاولي علي مستوي السودان تدلل علي ان وزارة التربية والتعليم “قاعدة في السهلة” ،وتفتح الباب امام التعاطي بإجابيه مع الاصوات التي بحت الاقلام التي جفا مدادها وهي تتحدث عن التعليم الخاص وضرورة مراجعة سياسته ووضع اسس قوية ومتينة وشروط قاسية امام تصديقات المدارس الخاصة ،والاهتمام ببيئة التدريس بها ومعيناته،وتفعيل دور الرقابة والاشراف علي مكاتب التعليم بالولايات والمحليات واصدار كتيب عن المدارس الخاصة وتطبيق نظام المخالفات بحزم تجاهها ،فالناظر لحال المدارس الخاصة يدرك ما وصل اليه حال التعليم في بلادنا من تدهور وتدني ،ولو قام القائمون علي امر التعليم بجولة تفقدية لوجدوا عدد من المدارس والمعاهد “الوهمية” التي تتاجر في امتحانات الشهادة من خلال “حصص التركيز” او “مجموعات المذاكرة”او “الملخصات الضاربة”،نعم فإن حادثة “الريان” دقت ناقوس الخطر علي جيل كامل من الابناء الذين لايتردد اولياء امورهم في الصرف ببذخ من اجل تعليمهم وفي نهاية الامر يكتشفون انهم بأموالهم تلك يشترون الوهم لابنائهم ،فيا تري كيف يثق الابناء واولياء امورهم في المدارس والمعلمين من بعد حادثة” مدرسة الريان الوهمية “؟.

وختاماً بلا شك فإن اعتراف الوزارة واستنكارها للحادثة ووصفها بالسلوك المشين الذي لا يشبه التعليم،وتأكيدها في بيانها أنها “لا صلة لها بهذا العمل المخل بشرف مهنة التعليم، وأنها لا تسمح مطلقاً بوجود مثل هذه الأساليب، وأنها تقف بالمرصاد لأية ممارسة خارج القيم التربوية وأحكام القانون،وإسراعها في تكوين لجنة تقصي وتحقيق في الحادثة،ليس هو رد الفعل الذي كان ينتظره المواطنون من الوزارة والدولة .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خربانة ام بنايتن قش…البلد في حالة خراب ودمار شامل…لا ادري لمتين تطول كومة الشعب السوداني؟؟؟؟لمتين مواعيدك سراب…

  2. فى أم درمان ،الأسبوع الماضى وقبل أربعة أيام من بداية الإمتحانات للشهاده،فوجئ 23طالبآ من فنية محمد حسين للبنين بأم درمان بأن أسماءهم سقطت فى كشف الممتحنين ،وليس لهم أرقام جلوس،مع العلم بأنهم قاموا بتسديد الرسوموإستيفاء جميع الأوراق،وبعد إحتجاج أولياء الأمور وتجمهرهم وإختفاء وتهرب المدير ،ذهبوا للوزاره ولكنهم كا نوا كالمستجير من الرمضاء بالنار،وتم التسويف ،وأذهبوا وتعالوا وليحضر المدير وإنشاءالله عام دراسى كامل من ترحيل وفطور وخلافه ،وأنا أعمل الطعميه ل كى أوفر لإبنى هذه المصاريف،،،،على كل حال إذا طال سكاتنا على هؤلاء الأوباش قطعآ القادم أسوأ،،،قوموا قاعدين ليها أيه؟؟؟،

  3. يا دكتور يا صبّوح : (1) عن اى “رساله جليله فى بناء اجيال تنهض بوطنها وترتفع بانسانه؟” تتحدث
    (2) اين هو الوطن اللى تتكلم عليه (3)موش هو الوطن اللى انسانه لا بد من اعادة صياغتو قبل الارتفاع بيه.. (4)اعادة صياغتو اذا ما عارف فاعلم دا بيتم عن طريق ما اعلنه مدير التعليم الثانوى فى الخرطوم متبجحا ومعلنا عن انجازه بتوجيهه الكريم بتعيين 2 من الطلبه الذكور و2 من ذوات الثدى فى كل فصل فى كل مدرسه فى كل محليه ليكونوا “عيون” يعنى “جواسيس” على زملاتهم وزميلاتهن ومعلمينهم ومعلماتهن اللى ما مع النظام ومن المارقين واصحاب الاجندات ويرفعو ليهو تقارير دوريه عنهم.. طبعن حينجحوا فى اى امتحان يجلسو ليه و شايلين كتبهم معاهم اثناء الامتحان دا اذا ما اخدو الدرجات الكامله بدون امتحان حتى!
    (5) شايفك بتتكلم عن القعاد فى السهله .. هوّ الما قاعد”Mother of His Jaw”فى السودان شنوووو!
    (6)كان ناس الدخينات كان غيرن القروش اللى بتتاخد منهم رسوم وجبايات اشكال والوان يعنى يجيبوها من وين.ألآ تكون دايرهم يعملو زى ما قال مديرالضرائب ايام نميرى للتجار الما بيدفعو الضرايب .. ودارين الحكومه تقدم ليهم خدمات التعليم والعلاج؟سالهم الراجل”الحكومه تجيب ليكم قروش من وين؟ فتش باقى السؤال ,,,,؟
    (7)تتكلم عن الثقه! يا حليلها الثقه! المدارس يا حليلها..المدرسين يا حليلهم! هل بياخدو مواهيهم فى مواعيدا بدون استقطاعات فى اخر الشهر زى الوزيره الاتحاديه والوكيل و”الوالى والكردينال” وعبدالنور ومدير تعليمو الثانوى اللى عاوز يعيّن العيون المدرسيه فى كل فصل”
    (8) الوزاره لا صلة لها بالكارثه التعليميه اللى ما “بتشبه التعليم” طيب الوزاره عندها صلة بشنووو!! وكمان قالت “ما بتسمح بمثل هذا العمل” يا سلام لآ احسن تسمحى بيهو و”انها تقف بالمرصاد” ياتو مرصاد! وبلليل ولا بالنهار؟
    (9) قال ايه قال “لجنه تقصى الحقائق” هى الحقائق عاوزه ليها تقصى؟ ماهو كل شىء واضح.. وفاضح!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..