السودان ما بين السلاح الإيراني والمال الخليجي المحتمل..

السياسة الخارجية للنظام السوداني تفتقد لرؤية وتنعدم لاستراتيجية واضحة المعالم وقائمة على نمط دبلوماسية الأزمات حيث يعاني النظام جملة من المعوقات والمشاكل والصعوبات الأمنية والسياسية والإقتصادية والدبلوماسية في حكمه الذي أمتد لربع قرن مارس خلاله التنكيل والحرب كوسيلة لتثبيت سلطاته واستمراريته في الحكم أمام المعارضة المسلحة التي تسعي للإطاحة به ،إذ انه ومنذ يوم الأول لوصوله لسدة الحكم أعتمد تحالفات غير متزنة وضاربة في التخبط شهدت تغيرات وتطورات نوعية ، وتتحول علاقات النظام مع الدول الخارجية وفق معطيات وظروف داخلية في سياق أزمات التي يعيشها السودان بسبب حرب التي تدور رحاها في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وتجاوزات التي ارتكبته النظام في مجال حقوق الإنسان أدت الي تحويل ملف السودان الي مجلس الأمن ثم تحويله الي المحكمة الجنائية الدولية والتي بدورها أصدرت قرارا بتوقيف الرئيس البشير لإرتكابه جرائم الحرب وجرائم الابادة الجماعية في أقليم دارفور ، قرار المحكمة الجنائية بتوقيف البشير وعدد من أركان حكمه كانت علامة فارقة ونقطة تحول كبير للسياسة الخارجية للنظام اتسمت بالتقلبات والتغيرات وتهور ، طارة علاقته مع دول الافريقية تسوء ثم تعود على طبيعتها مرة أخري وطارة اخرى علاقاته مع الدول العربية تصل للفطور ثم تعود الي الاسترخاء من جديد أما علاقته مع الغرب فهي صفر بسبب إلتزام الدول الغربية بمعاير إخلاقية وانسانية فيما يتعلق بجرائم التي يرتكبه النظام في السودان ،
الجديد في السياسة الخارجية السودانية هذه الايام هو إعلان النظام إنضمامه الي التحالف العربي برئاسة السعودية الذي يسعي الي ضرب معاقل الحوثين وإجبارهم الي التراجع عن سيطرتهم على معظم الاراضي اليمنية ، هذا التوجه الجديد لإستراتيجية النظام الخارجية أدت او ربما سيؤدي الي الإطاحة بالتوازنات الإستراتيجية في ما يتعلق بتحالفات النظام الإقليمية والدولية وخاصة علاقته مع جمهورية الاسلامية الإيرانية ، وتفتح فرصة جديدة وصفحة جديدة مع دول مجلس التعاون الخليجي بعيدا من النفوذ الإيراني تتضمن إنفتاحا واسعا تجاه هذه الدول التي كانت لها تحفظات واسعة ومواقف متشددة تجاه السودان في شأن علاقاتها مع إيران وصلت لدرجة منع عبور طائرة التي تقل البشير الي إيران عبر المجال الجوي السعودي ، فالعلاقات السودانية الخليجية في ما عدا دولة قطر ضربتها موجة من التصدعات في السنوات الأخيرة جعلت معظم دول الخليج تصنف السودان ضمن المعسكر الإيراني العدوء التقليدي للسعودية والإمارات بصفة خاصة والخليج على وجه العموم ، فالدول الخليجية تنظر الي إنضمام السودان الي التحالف العربي الجديد بمثابة خطوة أولي نحو عودة السودان الي الحضن العربي بعد سنوات من التغريد خارج السرب وبمثابة طلاق باين مع ايران التي احتضنت السودان لعقود ،
ورقة ايران تعتبر ورقة بالغة الأهمية بنسبة للنظام وإستخدامه في التوازنات الاستراتيجية والأنية مع السعودية ودول الخليج لكسب قواعد الثقة والمصداقية التي يؤدي في نهاية الي مخازن المال الخليجي الذي يطمح علية النظام كوسيلة لتمديد حكمه على البلاد والعباد ،
هذه التطورات والمتغيرات في السياسة الخارجية السودانية تثير عدة تساؤلات تستحق تسليط الضوء عليها وأهمها مستقبل النظام في ظل هذه التحالفات الجديدة وتدعيات هذا التوجه الجديد على المشهد السياسي والأمني في السودان ، فالمعادلة الجديدة تسحب من تحت أقدام النظام السوداني البساط الأحمدي الإيراني وتركه حافي القدميين كون إيران كانت حتي الامس القريب تعد الداعم الرئيسي للنظام السوداني بالسلاح حيث تتدفق أنواع من الزخائر وراجمات الصواريخ وبراميل المتفجرات وفي الواقع الدعم العسكري الإيراني للسودان كان له دور حاسم في تثبيت أوطاد النظام ولقد شهدت بعيني كيف لعب االإنتاج الحربي الإيراني دورا في تدمير القري وقتل المدنيين وتهجير السكان ،فتوقف الدعم الإيراني العسكري للنظام يساهم في تغيير المعادلة العسكرية لصالح المعارضة ويضعف من قدرة السلاح الجو السوداني التي يعتمد كليا على دانات وقنابل إيرانية في قصفها ضد المدنيين فهو سلاح تفتقد لمعايير إخلاقية وإنسانية وتواجه جملة من المعوقات والمشاكل التنظيمية والبنوية وترسانته الحربية ضعيفة بإستثناء براميل المتفجرات التي تقدمه الإيران ،
ليس معروفا حتي الأن ما اذا كان هذا التوجه الجديد والتقارب مع دول الخليج العربية تقارب تكتيكي أم استراتيجي ولكن في كل الاحوال له أثره على مجريات الاوضاع في المنطقة وتعيد هيكلة التحالفات الأقليمية في المنطقة ويعزز فرضية إنتهاء القطيعة النائمة بين السودان والدول الخليجية على رأسها السعودية طالما إتسمت لفترة طويلة بفطور باين بين البلدين .
ولكن ماذا بعد انتهاء عملية عاصفة الحزم هل يستمر النظام في تحسين علاقاته مع الدول الخليجية والتخلص كليا من النفوذ الإيراني ، ان الأولوية بعد عاصفة الحزم بنسبة للنظام في تقديري هي تركيز على المال الخليجي لتعويض خسارته للسلاح الإيراني ، فمثلما لعب السلاح الإيراني دورا بارزا في تعميق الأزمة السودانية وتفاقم عمليات قتل المدنيين وتعزيز الترسانة العسكرية للنظام فأن المال الخليجي بأمكانه ان يلعب دور أكثر تأثيرا في تفاقم الوضع في السودان ويساهم على استمرار العنف والفوضي والدمار ، هذا اذا قررت السعودية تقديم مكافاة للنظام نظير مشاركته في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن ،هذا القرار اذا أتخذ تضع المملكة في أمتهان عسير كونه يساهم في زيادة معاناة الشعب السوداني فالسكوت على الحالة السودانية والتعاون مع النظام المسبب للعنف والفوضي والقتل في السودان ودعمه بالمال يعتبر أمر معيب من الناحية الأخلاقية والإنسانية ،
في ظل الحديث المثار حاليا حول أمكانية تمويل الدول الخليج العربي للنظام بسبب خروجه من الحضن الإيراني ومشاركته في عملية عاصفة الحزم فأن السعودية ومن وراءه دول مجلس التعاون الخليجية مطالبتان بلعب دور في انهاء الديكتاتورية والحرب التي تحصد يوميا الالاف من الارواح ووضع حد لنظام المؤتمر الوطني ذو توجهات إسلامية وان لا تكونا سببا في تفاقم الأزمة السودانية فكل درهم تقدم للنظام يساهم في تدفق المزيد من الدماء السودانية ، فالشعب السوداني يعول كثيرا على دول الخليجية في التخلص من هذا النظام المتمترس .
كاتب صحفي سوداني

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. إذا حصلوا على السلاح الإيرانى فسوف يقتلون به الشعب وإذا حصلوا على المال الخليجى فسوف يلهطونه وفى الحالتين الشعب هو الخاسر.

  2. إذا حصلوا على السلاح الإيرانى فسوف يقتلون به الشعب وإذا حصلوا على المال الخليجى فسوف يلهطونه وفى الحالتين الشعب هو الخاسر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..