لماذا لا تتقدم «الرزيقات» لاستلام السلطة السودانية عوض اغتيال تاريخ القبيلة

ثمة استفهام بدأت تطرحه أواسط عديدة من المراقبين لترمومتر القياس السياسي السوداني، على أثر اندحار وتدهور وانحطاط منظومة القيم الإسلاموية للحكم في الخرطوم، على كل الصُعد?
الاستفهام جاء صريحا ومباشرا، لماذا لا تتقدم «الرزيقات» نحو استلام السلطة السودانية عوض اغتيال تاريخ القبيلة؟
يبدو أننا أمام وجاهة في التساؤل وعليه، بل السؤال نفسه ربما يجد شرعيته ومشروعيته بالنظر إلى المشهد السياسي السوداني، الذي يعج باختلالات جوهرية وعلى كل البُني والسياقات التي تختزله، حقيقة بطلان شرعية الحكم الذي يتذرع ويزعم عباءة الوطنية، خلال العقدين ونصف العقد، ويمضي بقدرة قادر نحو الثلاثة عقود، التي فيها تحولت شرعنة الحكم من صيغته الإسلاموية الحركية، أو بالأحرى هي تحملها في ذاتها على مستوى النظرية والتطبيق، كاستراتيجية واعية ومنظـــورة، إلى مشاريع ذاتية واجتماعية وطبقـــية مصالحية، وأُخرى، جهوية وقبائلية لا تمت للمشاريع الوطنية الســـياسية، وفي أعلى درجة انحرافها، بشيء، بل هي فــي حـــالة غلو وتطرف وتحد بائن، وكأننا نمضي أو نمـــضي حقا دون إقرار أو اعـــتراف، إلى آخر فصل من فصول انهيار مؤسسة الدولة الســـودانية، كما هو معد لها، خصوصا مع تضاؤل فرص المجهودات الوطنية الأخرى، للحيلولة دون وقوع الانهيار الذي يتقاسم فيه الجميع محصلة الخسارة. لأن رسمهم يقول إن آخر محطة لحكم الإنقاذ فيها قد تختتم مسرحية مؤسسة الدولة السودانية، كاستجابة موضوعية لبنية العقل السياسي السوداني المصاب بنقائص في تاريخيته وراهنه.
في هذه الصورة السيميائية للمخزون السياسي السوداني المسكوت عنه، فضلا عن الهوة ما بين الخطاب الديني الحركي ومتطلبات الدنيوي، لم تتمكن منظـــــومة العجز السياسية التي حكمت البلاد منذ عام 1989 من إنتاج أدوات شرعية تؤسس عليها عجز سطتها أو حمايتها، غير أدوات العجـــز والشرعنة القائمة على القهر والاستبداد ذاتها، عبر تقنيات تتحول وتتغيير وفق سياق ومهام ضرورات كل مرحلة.
في هذا السياق عمدت مؤسسة السلطة إلى عسكرة قبائل سودانية منتقاة، ونقلت إليها صلاحيات مؤسسة القوات المسلحــة القتالية وميزانياتها، التي تحـــولت إلى مؤسسات قبلية عسكرية دستورية بتبعيــــتها لأهم جـــهاز حكم في البلاد، وهو جهاز الأمن والمخابرات السودانية، في إلـــغاء ضمني للقـــوات المسلحة السودانية، من دون إعلان رسمي حتى لا يرتب آثارا قد لا تستطيع السلطة تلافيها.
ضمن هذه العسكرة القبائلية لأجل مهام بالوكالة وبمقابل، كانت قبيلة «الرزيقات» الدارفورية العربية محل العسكرة الأساس ومعها أُخريات لمهام «الاقتتال العنيف» المرتبط بحماية الحدود، وكذا من تقدم قوى المقاومة الثورية العسكرية أو»الاقتتال المرن»، بقمع الحراك الشعبي الجماهيري في جميع أنحاء الدولة، وخوض معارك مع حاضنات اجتماعية قبلية ذات ارتباط تاريخي وجهوي وعرقي مشترك، لتحقيق مطامح قبلية تتعلق بالهيمنة والنفوذ القبلي، لا تحظى بمقبولية ولا تستجيب لطموح القبيلة، بعدما تم تسييسها وقولبتها لخدمة قالب معين ومحدد. كل هذا، جعل من قبيلة «الرزيقات» الذراع العسكرية الحكومية الرئيسة في البلاد، من دون أن ننسى تطورها النوعي والكمي ما بين عهد «موسى هلال» و»حميدتي»، قائد ما يعرف بقوات «الدعم السريع» التابع لجهاز الأمن.
هذا التطور الدراماتيكي لقبيلة «الرزيقات» ومقاربات تاريخها الاجتماعي والجهوي والإثني، وإشكاليات المحك التاريخي التي وضعت نفسها فيه أو تمت موضعتها عليه، تطرح على نخبة قبيلة «الرزيقات» ذات التاريخ والامتداد الناصع، مراجعات نقدية مهمة في ظل «الورطة» الحكومة المركزية، التي تسعى الآن، بعدما باتت قوة موازية بموازين القوى للسلطة الحاكمة، إلى تقزيمها والتقلـــيل من نفوذها وطورتها في آن، عبر إدخالها في حزم مفصلة من الاقتتال مع حاضناتها التاريخية والجهوية، جاءت قبلية أو مقاومة عسكرية لتحقيق أهداف ثلاثة هي، حماية تمركز السلطة، والثاني تآكل ترسانتها العسكرية، والثالث فقدان علاقاتها التاريخية الاجتماعية لصالح قوى تستعمل الجميع وبلافتات ورموز تختلف بين هذه وتلك، ضمن هذه المراجعات النقدية، هناك سؤال مركزي، أليس ما تخاطر به القبيلة السياسية، التي تموقعت أيضا في استلام زمام إدارة العمل الإعلامي في البلاد، هي محاولة اغتيال عبثية للقبيلة وتاريخها، التي لا تعلم بها حتى قوى التمركز المهيمنة، إلى وقت قريب، وذلك لخدمة مصالح لنخب قد تكون محددة وحصرية في القبيلة، خضعت للتدجين وتماهمت مع أجهزة التمركز في الحكم.
إن السؤال الوطني هو تحد وطني أيضا لقبيلة «الرزيقات»، إذ كيف لها أن تجيب على أسئلة حاضرها بتجاوز حقيقي لوضعيتها القائمة، بالانتقال إلى ملامسة الاستحقاقات التاريخية للوطن السوداني، عــــبر صياغـــة مشروع وطني لا يتم إلا بإعادة تحالفـــاتها والرفع من سقف طموحها تجاه السلطة، بل السيطرة على الحكم السوداني ما دامت الفرصة التاريخية سنحت ووفرت مطلوباتها لبناء اجتماعي سياسي جديد، خصوصا أن إرث القبيلة هو أرث الهامش والغـــبن التاريخي ذاته، إن لم نقل حتى التراتبية والنقـــاء، هذا قد يضـــع القبيـــلة في هدف وطني وبتحالفات جديدة ومغايرة أسسها موجودة ومتوفــــرة، وإنهاء لدور الذراع والحارس الذي يضع أسس التبادل التاريخي في السودان وهو معطي في غاية الأهمية.
٭ كاتب سوداني مقيم في لندن
القدس العربي

تعليق واحد

  1. هو مأزق حقيقي وقعت فيه قبيلة الرزيقات بدافع من طمع نخبها السياسية وقيادتها الشعبية ، واستطاعت الحكومة عن طريق جهاز أمنها الفاشي أن تجير كل مقدرات القبيلة البشرية لتدمير السودان كله ، فاستجابت نخب القبيلة بغباء نحو هذا الحريق ، فليس من الحكمة في شيء أن تعمد قبيلة إلى تنصيب نفسها مخلب قط تنهش به حاضنتها الاجتماعية من القبائل الأخرى ، وعلى هذا فإن الرزيقات في خطر عظيم من ناحيتين:
    الأولى الموقف القبلي العام لدارفور ، حيث ما من قطرة دم تسفك هذه الأيام إلا وتجد الرزيقي حاضرا فيها من لدن موسى هلال إلى حميدتي ، منذ أن كانوا جنجويدا إلى أن صاروا دعما سريعا ، وهم للأسف من نفذوا مخطط المركز لحريق دارفور العظيم ولا يزالون يفعلون ولن ينسى لهم التاريخ ذلك ، إذا أضفنا مجزرة الضعين التي أحرق فيها عدد كبير من الجنوبيين ، وتجاوز شر الرزيقات إلى الولايات المجاورة فضربوا النوبة وارتكبوا جرائمهم في الأبيض فطردوا من هناك شر طردة ، ووجد أهل الخرطوم منهم صنوف الأذى في الانتفاضة في سبتمبر حيث كانوا هم الخطة (ب) التي ذكرها الرئيس في مؤتمره الصحفي حيث ذكر أنهم أدخلوا هذه القوة وقد رأينا الجنجويد بأم أعيننا في الخرطوم ورأينا كيف ضرب المتظاهرون في مقتل ، فمات أكثر من مائتين من خيرة شباب الوطن في سابقة لم تحدث في تاريخ التظاهرات في السودان ، والمؤسف أن الرزيقات لا يزالون يمتهنون القتل بدم بارد ، يضاف إليه السرقة والابتزاز والنهب
    أما الناحية الثانية ، فهو خطر يتهددها من الحكومة نفسها التي بدأت تحس بخطورة هذه القبيلة منذ مقتل دكروم ذلك القاتل اللص ، وقد حاولت القبيلة اقتحام مبنى جهاز الأمن بنيالا فوجدت ردا عنيفا من الجهاز ، وخطر موسى هلال ، وطموحات القبيلة بعد تسليحها يشكل أمرا تتحسب له القبيلة ولذلك أدخلتها من ضمن قوة جهاز الأمن ليسهل تفكيكها بالتدريج عبر الزج بها في حروب عبثية هنا وهناك وتحريك بؤر التوترات بينها وبين مجاوريها من القبائل وما أمر المعاليا ببعيد ، وللأسف لم تستطع القبيلة قيادة الأزمة مثلما تقوده المعاليا بذكاء منقطع النظير بوعي عسكري وسياسي فكبدت الرزيقات خسائر فادحة في المجالين وهذا واحدة من المزالق التي تودي بالقبيلة حين لا تجد من يتعاطف معها.
    على الرزيقات أن يعودوا ويقيموا موقفهم من كل هذا الذي يحدث ولا تغرنهم الكثرة والسلاح والدعم الحكومي فكل ذلك إلى زوال ويبقى محيطهم القبلي وحاضنتهم الاجتماعية ألا وهم أهل دارفور والسودان كله ، ولو كانت الكثرة تجدي والدعم الحكومي يجدي لما تلقت هذه القبيلة كل هذه الهزائم النكراء من فئة قليلة من المعاليا الذين لا يقاسون بكثرة الرزيقات وامتدادهم في كل دارفور ، وبدلا من أن يفيدوا منه في مزيد من اللحمة والأخوة جعلوا منه معولا لهدم دارفور وهدم السودان ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

  2. يا أخ محجوب حسين أتظن أنك أذكى من موسى هلال أم حميدتى أم تريد أن تجعل اِشعال المنطقة وأن تلعب بالنار لتحرق الكل :
    يا ها الناقصة أن تثير القبائل على ليس اِستلام السلطة المركزية فى الخرطوم ولكن لتكون أداة ورأس رمح فى حرب أهلية تكون الحركات المسلحة هى المستفيدة فى الأساس وكما نعلم أن الأستاذ محجوب حسين قد وضعوا جل هدفهم وسخطهم على القبائل العربية فى درافور وأولها قبيلة المحاميد من الرزيقات .
    اِننا ندعو الحركات المسلحة بأن تكف عن التلاعب بمصير الأمة وأن يكون هدفها المعلن هو المشاركة فى الثروة والسلطة فى سودان موحد متعدد الأعراق والثقافات ولا نرهن أنفسنا لمثل هذه الترهات ولا نرتهن للقوى الأجنبية التى تريد تدمير الوطن على رؤوس الشعب السودانى.

  3. بعضهم يجيد لعبة دس السم في الدسم ،،، ويتذاكى دون ذكاء …. محجوب حسين يعلم جيدا ان قبيلة الرزيقات لم تجمع (أو تتفق) يوما على حماية نظام الانقاذ وان ما جعل بعض ابناؤها يحاربون حركاته المتمردة في دارفور امر تعلمه انت جيدا وانا لست مضطرا الى تفسيره او شرحه ،،، بعض ابناء الرزيقات الذين يحاربون حركاتك المتمردة في دارفور القائمة على العنصرية والاقصاء والتحرير الوهمي انما يفعلون ذلك ليس دفاعا ولا حبا في حكومة الانقاذ لانهم يعلمون انها لا تقل خطرا عليهم وعلى كل شعب دارفور من هذه الحركات التي تدعي خلاف ما تبطن….

    وايضا يعلمون جيدا الاجندة الخفية بل والصريحة جدا في كثير من الاحيان في خطابات بعض قادة المتمردين (عبد الواحد) التي يصف فيها الرزيقات بالمستوطنين الجدد و الوافدين من مالي و النيجر وهلمجرا وينكر عليهم سودانيتهم كجزء اصيل من شعب السودان مثلهم مثل غيرهم من القبائل الاخرى ::::

    الم يكن احد قادة حركتك الميدانيين يوما (تحرير دارفور) من الرزيقات وبقوة لا يستهان بها من ابناء الرزيقات وترككم بعد ان اكتشف حقيقكتم ؟؟؟ الم يكن احد قادة حركة خليل الميدانيين ايضا من الرزيقات وتم سجنه و اعتقاله مع بعض اخوانه حيث لازال مسجونا بسجون جوبا فقط لانه واجههم ببعض الحقائق؟؟؟
    انت لست وصيا على الرزيقات حتى ترشدهم للاستيلاء على السلطة وليست هم بحاجة الى تنويرك بانهم سيفقدون حاضناتهم الاجتماعية من القبائل المجاورة لهم … هذه ليست نصيحة .. بل وانما تحريض صريح بان تعالوا وهلموا ياقبائل دارفور ويا اهل السودان نستعدي ونتحد ضد قبيلة الرزيقات ،، اليس هذا ما تريد؟

    كان يمكن ان يكون كل جيش الدعم السريع وهلال وحميدتي وغيرهم كثير ،، كلهم كانوا يمكن ان يكونوا سندا ودعما لهذه الحركات ان تبينوا فعلا انها تسعى الى تحريرهم من التهميش و الظلم و التخلف ،،، ولكن سبق السيف العزل ،،، وانتم لا زلتم بكتاباتكم هذه توسعون الهوة بينكم وبين شعبكم الذي تقاتلون لتحريرة كما تزعمون !!!!

    ام (الجعلي الفالصو) وفعلا فالصو،،، لأنني اعلم جيدا انه من دارفور ومن الذين يتبنون ويؤمنون بشعارات تحرير دارفور من بعض مكوناتها الاصيلة لذلك غلب عليه حقده على قبيلة الرزيقات وصار ينبش في الماضي و الحاضر لعله يجد ما يشفي غليله من اتهام وجرائم مزيفة ضد قبيلة الرزيقات …. خد لك فص ليمون لعله يخرج ما بداخلك من هواء مسخن بالكراهية و العنصرية ،،، لأنك ستنتظر طويييييييلا حتى يزول شعب الرزيقات كما تتوهم

  4. (إدخالها في حزم مفصلة من الاقتتال مع حاضناتها التاريخية والجهوية) ماذا تريد القول يامحجوب هل تريد ان ترحرض القبائل على الرزيقات، فاذا كنت تريد ذلك فهيهات فكل القبائل المجاورة تعرف صفات الرزيقات والكل يعلم ان الرزيقات كيان واسع لا يمكن استقطابه باكمله لنصرة جهة معينة وذلك بسبب التعدد والتنوع في التفكير والاتجاه الذي تتسم به هذه القبيلة فالرزيقات لهم وجود في كافة الاتجاهات وهم رقم لا يمكن تجاوزه في حالتي السلم والحرب وانت لا تستطيع بمثل هذه المحاولات اليائسة ان تؤثر في العلاقة بين الرزيقات والقبائل التي حولهم ماسميتها انت بالحاضنات الاجتماعية فانت تعلم تماما ما هي القبيلة التي فقدت حاضناتها الاجتماعية بسبب اطماعها ومخططاتها الانانية، فقبيلة الرزيقات لا هم لها سوى ان يعيش المجتمع بفطرته بدون عنصريات ومحاولة للسيطرة على الاخرين التي تمارسها بعض الفيروسات داخل الجسم الدارفوري والسوداني فالرزيقات هم بمسابة الانتيفيروس لتلك الفايروسات لتحمي المجتمع السوداني بالتضامن مع المكونات القبلية الاخرى التي تحرض على السلام والسلامة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..