الخرطوم تتجمل من أجل عيون السياح

إنها تتجمل، لا شك في ذلك أو لنقل إنها تتبرج، ألم تشعروا بذلك وأنتم في زحمة العمل؟ وعندما تخلدون للراحة في هذه الأيام "أيام عيد الفطر السعيد" سترون أن الخرطوم بدأت في سلخ جلدها القديم، وتقليم أظفارها، وتغيير ماكياجها بالكامل، لتبدو عروسا في أبهى زينتها، ولقد أدت جملة من المتغيرات السياسية والاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بحالة الجذب الكبير للمنظمات والبعثات الأجنبية من جهة، والاستثمارات الكبيرة التي تدفقت إلى البلاد على قاعدة النفط، إلى تغيير في وجه الخرطوم.

أبرز سماته انتشار الفنادق الفخمة، والمباني العصرية، والمقاهي، والمراكز التجارية والخدمات الراقية في وسط العاصمة، وظهور أنماط جديدة للعرض تتفق والمعايير العالمية في مدينة لم تتغير كثيرا منذ الاستقلال، الأمر الذي أسهم في انتعاش السياحة بالسودان. والناظر للسودان يجد أنه وخلال الأعوام الخمسة الماضية، الخرطوم مضت في اتجاه أن تكون عاصمة "سياحية"، فأصبحنا نرى الواجهات الزجاجية اللامعة، والمداخل الأنيقة، والأرضيات الرخامية، والرياش والأثاث الأنيق، وما شئت من وصف يشي بأنك في إحدى العواصم الأوروبية، وأصبحت واقعا معاشا في الأماكن التجارية والسكنية قرب الخرطوم، حيث مكان سكن الأجانب، الأمر الذي أدى لانتعاش قطاعات كبيرة بالخرطوم خاصة الفنادق. ولقد ظل فندق الهيلتون منذ ما يربو عن ثلاثة عقود هو أفخم الفنادق بالبلاد، والمقصد الرئيسي للوفود الرسمية، والشخصيات الـ(VIP)، والذي تغيرت هويته أخيرا وأصبح اسمه (بلومان) إلا أنه يقع خارج محيط التأمين (3) كيلومترات حول المطار.

وفي الجانب الآخر يسيطر السودانيون القادمون من خارج البلاد (المغتربون)، بمفردهم أو بشراكة مع أجانب، على قطاع المطاعم والمقاهي الراقية التي افتتحت حديثا في مربع الأحياء الميسورة، كما أن هناك سلسلة من المطاعم العالمية افتتحت فروعا لها بالخرطوم.

مطعم الساحة اللبناني، والذي كعادته دوما في فتح فروعه بالقرب من المطار بكل بلد، افتتح فرعه الثالث في الخرطوم بشارع المطار بالقرب من السفارة الكندية، قبل أن يتجه إلى فتح فرع رابع بلندن!. المطعم يتميز بأنه يقدم مشروعا ثقافيا في المقام الأول ينبني على المزج بين الثقافة اللبنانية والأخرى السودانية، بشكل ينقل القرية إلى المدينة. ويعتمد المطعم على تقديم الطعام الطازج بأسلوب يشعرك بأنك في بيتك، خاصة وأن التصميم الداخلي للمطعم يجمع بين السقف البلدي السوداني والطراز المعماري اللبناني. الساحة، اختار أن يفتتح فرعه الثالث بالخرطوم قبل أية عاصمة خليجية أو عربية أو حتى عالمية استجابة للجذب الاستثماري الكبير.. مدير العلاقات العامة بالمطعم قال لي إن: (الخرطوم أصبحت أفضل بلد يمكن أن تستثمر فيه)، وفي تقديري ليس هناك مبالغة في حديثه، فاللبنانيون يتميزون بحساسية استثمارية عالية لا تتأتى للكثيرين، ولم تكن مطاعم الساحة وحدها المنتمية لسلسلة المطاعم الممتدة عبر العالم، فمطاعم (مؤمن) بشارع المطار هي الأخرى امتداد لسلسلة مطاعم بالخارج، ولكنها تقدم خدماتها بشكل آخر، وتضع اعتبارا للأسر والأطفال. وتحظى (أمواج) و(ستيرز) وبقية مطاعم شارع المطار بحضور متفاوت من المواطنين والأجانب، وكذلك الحال للمطاعم الأجنبية كـ(ليتل انديا)، و(باندا الصيني)، و(بيتزا اطلي)، و(المطعم الحبشي) التي يبدو أنها صممت خصيصا للجاليات التي تنتمي لهذه الأسماء، لكنها تجد أيضا قبولا واسعا من المواطنين. أما (أوزون) بنمرة2، الكافيتريا المصممة على شكل جزيرة جميلة جدا في قلب الخرطوم، فتعد واحة جذب للأجانب. لهذا تمثل ملتقى للكثيرين منهم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال لوحات السيارات المتوقفة خارجها التي تحمل علامات دبلوماسية أو منظمات دولية.

وأصبح توصيل الطلبات (Delivery)، وتوفير خدمة الانترنت اللا سلكي بصورة مجانية، واستجلاب عمالة أجنبية مدربة ومتخصصة في مجال الفندقة، علاوة على استخدام تصميم داخلي جاذب يلبي رغبات الزبون، هي قواسم مشتركة بين مختلف تلك المطاعم والمقاهي، وقد أصبحت بقالات الأحياء الراقية تمتلئ بـ(السمك الياباني المدخن)، و(العسل الانجليزي)، وحتى أفخر أنواع (الجبن الهولندي)، وطورت حتى محال القصابة (الجزارة) من أساليب عرضها وخدماتها، عبر الواجهات الزجاجية، والنظافة، ويعد (الجزار) بالرياض من أبرز الذين طوروا أعمالهم. الملاحظة والبحث نبهت إلى أن الأجانب ليسوا وحدهم من يشتري هذه المواد الغذائية، بل الطبقة المحلية الميسورة الحال انتمت هي الأخرى إلى هذا القطاع، ويشكل غياب ثقافة بطاقات الائتمان أو (الفيزا كارت) في التعاملات المالية هاجسا للأجانب، خاصة القادمين من دول أوروبا وأمريكا الشمالية. وشكلت النوادي الرياضية في الآونة الأخيرة، ملمحا بارزا في شوارع العاصمة، وأبرز هذه الصالات صالة (مول عفراء) وفندق روتانا السلام، وغيرها والتي تجد إقبالا من الأجانب.

يرى مدير إدارة السياحة بولاية الخرطوم علاء الدين الخواض، أن فترة العيد تمثل فترة مهمة جدا، وتساهم بصورة مباشرة في رفد الخزينة العامة بمبالغ طائلة. وتتمثل اقتصاديات السياحة تلك، في المطاعم والحدائق والمتنزهات ووسائل النقل السياحي، كل تلك القطاعات، حسب الخواض، تشهد انتعاشا واضحا وترتفع مبيعاتها أثناء فترة العيد، بجانب الحركة التجارية والسياحية النشطة بين الولايات، خاصة في الولايات السياحية.

ويوضح الخواض في حديثه لـ(الأخبار) أن السياحة في الأصل تعتمد على وجود مساحة من (الوقت والمال)، وقال إن كل العاملين يتوفرون في فترة الأعياد، أي أن الجميع يكون في عطلة، بجانب توفر مبالغ نقدية معقولة لدى الجميع مما يؤدي لأن يكون هناك صرف على الترفيه والهدايا، وأضاف إن السياحة الدينية تنشط أيضا أثناء فترة الأعياد نتيجة تبادل الزيارات بين الطوائف الدينية المختلفة، نتيجة التعايش الديني الذي يؤدي إلى ظهور السياحة الدينية في فترة الأعياد.

وقطع الخواض بعدم وجود إحصائيات حقيقية للأرقام التي تسهم بها السياحة خلال فترة العيد، لعدم وجود آلية محددة لضبط تلك المبالغ، غير أنه أقر بوجود دخل كبير جدا من عائدات السياحة، خاصة فيما يتعلق بعمل الفنادق وصالات الأفراح التي تعمل أثناء العيد، والتي بدورها تنضوي تحت لواء السياحة، وقدر أن حجم الإنفاق على السياحة يكون عاليا خلال هذه الفترة.

ويذهب خبير في المجال السياحي تحدث لـ(الأخبار) إلى أن السياحة خلال فترة العيد تشهد نشاطا ملحوظا، خاصة السياحة الترفيهية، على عكس أنواع السياحة في القطاعات الأخرى لجهة عدم وجود سياح أجانب، والذين غالبا ما يأتون في فترة الشتاء خلال هذه الفترة، مما يسهم في انتعاش السياحة الترفيهية، والتي يقابلها ركود في السياحة النيلية، بسبب ارتفاع مناسيب النيل. وقال إن السياحة تسهم في إدخال مبالغ معقولة، خاصة المطاعم السياحية والفنادق التي ترتفع إيراداتها في هذه الفترة نتيجة البرامج الترفيهية الكثيرة من زواج وحفلات، وغيرها من البرامج التي تتم خلال فترة العيد. وقطع الخبير بعدم تمكن إدارات السياحة من رصد المبالغ التي يتم جنيها من السياحة الترفيهية في كل من المتنزهات والحدائق المفتوحة، لجهة عدم وجود آليات لحسابها، وأشار إلى أن إدارة السياحة بولاية الخرطوم لديها إحصائيات بالمبالغ التي تعود إلى قطاع السياحة من خلال المطاعم السياحية والفنادق.

وقد أعلن رئيس المنظمة العربية للتنمية السياحية بندر بن فهد على ذمة صحيفة (الشرق) القطرية، عن إنشاء المنظمة صندوقا للتنمية السياحية بالسودان بـ(300) مليون دولار، وكلية للسياحة والفندقة بالخرطوم، لتطوير البنية التحتية للسياحة بالبلاد لجذب استثمارات عربية ودولية، خاصة وأن السودان يعتبر القطر التاسع على مستوى العالم في مجال الموارد السياحية.

الخرطوم: محمد بشير
الأخبار

تعليق واحد

  1. ومن اجمل المناطق السياحيه بالخرطوم—منطقه مايو والانقاذ وحي سوبا الاراضي—ومن ناحيه امدرمان تعتبر محليه السلام وامبده من المناطق الجاذبه للسياح—-اما كنبو تتماته فهو قبله السياح الاولي —-

    وفي ما يخص الزائر لمدينه الخرطوم—اول ما يلفت انتباهه المطار الدولي ذو الطراز المعماري الفريد—بواجهته المطله علي النيل من ناحيه وعلي مدينه الرياض الفاخره وكبري كوبر—–

    اما الاطفال الذين يمر بهم السائح عند توقفه عند اشارات المرور في ساعه الزروه فهم بلا شك الوجه الجميل للسياحه في السودان—حيث يقدمون الحلوي والمياه البارده—بدون مقابل—كلفته بارعه من المعتمد لاجل عيون الزوار الكرام—-

    واهم ما يميز العاصمه هي عند هطول الامطار حيث تتجلي ملامح الانهار العابره للمدن —–وهي في ابهي صورها واجملها—حيث يمكن للزائر تسليه نفسه بصيد الاسماك داخل المدن خاصه منطقه نفق عفراء—جوار المول—–مع اتباع تعليمات السلامه تجنبا للغرق…….ا

  2. HOW CAN ANY SENSIBLE PERSON DESCRIBE KHARTOUM AS AMODERN CITY WHILE IT LACKS THE BASIC INFRASTRUCTURAL NECESSATIES, ACITY THAT HAS NO DRAINAGE AND SEWAGE SYSTEM, HAS NO EFFICIENT SYSTEM FOR COLLECTING WASTE AND GARBAGE, HAS NO ADEQUATE WATER AND ELECTRIC SUPPLIES, HAS NO GREEN PARKS, NO PAVED AND LIHGTED STREETS, NO PAVEMENTS TO WALK ON, NO SIGNS AND NAMES FOR STREETS, NO SPORTS LOCATIONS AND FACILITIES, NO WELL DEVELOPED AND MAINTAINED MUSEUMS, NO THEATERS, NO CLEAN PUBLIC TOILETS, NO GARBAGE CANS, INSTEAD WHAT YOU SEE IN SOME PARTS OF KHARTOUM TODAY, IS TASTELESS AND UGLY HIGH BUILDINGS AND VILLAS IN THE MIDDLE OF WRECKAGE AND GARBAGE OF EVERY SORT, UNTILL KHARTOUM GET ACOMPETENT AND GOOD WILLING , IMAGINATIVE, CREATIVE UN CORRUPTED AUTHORITIES, ACLEAN BEAUTIFUL CAPITAL CITY, WILL REMAIN WISHFUL THINKING.

  3. اللى ماشاف الغول مجرد ما يسمع اسمه ………….؟؟؟؟؟؟ السياح الاجانب ديل جاين من بلاد اصحبت المدينة عندهم قرف و وباء و تلوث اى دول العالم الاول لاتريد ناطحات قزاز بلا قرون و لا شوارع موشحة بلون القهر والقار بل السائح يريد تراث و يريد ثقافة و يريد جو نقى و يريد ناس طيبيين وجها بشوش يملأها الفرح و السرور . الظاهر فى ناس ما شاهدة مهرجان السياحة المبسط اثناء كرنفال كأس العالم بجنوب افريقيا؟ الجود بالموجود بس جوْد العندك!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..