ولاية البحر الاحمر بين التجسس والاستنزاف

بإعلان العفو الرئاسي عن المائة صياد من قوارب الصيد المصرية نكون قد دخلنا فصلا جديدا في لعبة القط والفار..فالجريمة الأساسية قي تقديري هي ممارسة الصيد في المياه الإقليمية للسودان والذي أصبح عرفا ومنهجا لهذه القوارب والأدهى والأمر إن الصيد لا يتم بالوسائل التقليدية المعروفة ولكن بشباك ضخمة تمتد لمئات الأمتار و جرافات عملاقة لا تكتفي بالأسماك ولكنها تجرف من أمامها كل ما يصادفها من كائنات حية وشعب مرجانية يستغرق نموها عشرات السنين وهو بالتالي استنزاف واعتداء سافر على البيئة البحرية بكل مكوناتها وما يعنيه من التأثير سلبا على كل إمكانيات السياحة والأخص سياحة الغطس ( Scuba Diving ) والتي ربما ينفرد بها البحر الأحمر والشواطئ السودانية تحديدا ويعول عليها قطاع السياحة كثيرا في الولاية لجذب السياح..هذا إذا استثنينا تأثيراتها الأخرى السالبة على قطاع الصيد ومعظمهم من صغار الصيادين الذين يستخدمون بسبب قدراتهم قوارب صغيرة مهترئة يجوبون بها السواحل القريبة في رحلة رزق اليوم باليوم ويعودون معظم الوقت من الغنيمة بالإياب.. هؤلاء أكثر المتضررين من الصيد الجائر لأصحاب القوارب الأجنبية ..والحقيقة التي ربما يجهلها الكثيرون إن المياه الإقليمية السودانية ليست الضحية الأولى في عمليات التغول هذه فاليمن تعاني واريتريا تطارد ودول شمال أفريقيا تشكو مر الشكوى ومعظم مرتادي سجون هذه الدول من أصحاب هذه القوارب .. حالات القبض عليهم متلبسين بالجرم المشهود في مياهنا الإقليمية لا تحصى ولا تعد ولكنهم يخرجون دوما كالشعرة من العجين من بوابة العلاقات الأزلية ..الخلاصة إن الجريمة التي أمامنا هي قضية استنزاف كاملة الدسم لمواردنا البحرية واختزالها في التجسس أمر يثير ضحك الحداد البواكيا ..أسألكم بالله ما هو المجهول الذي يتجسس عليه هؤلاء ؟ الطيران الإسرائيلي يسرح ويمرح في سماواتنا وغواصاتها تجوب مياهنا الإقليمية وعلى بعد فركة كعب من أحياء ديم حشيش وسلبونا في البر الشرقي ..فكم مرة سمعنا قصصا أغرب من الخيال من صيادي القوارب الصغيرة مع هذه الغواصات وهم يحكون كيف فوجئوا بها وهي تخرج عليهم من جوف البحر ويحقق معهم طاقمها قبل تركهم وشأنهم بعد مصادرة جوالاتهم ..ينبغي وضع الأمور في نصابها الصحيح يا سادة ونحن نتصدى لهذه القضية فالسؤال الحائر المطروح للحريصين على العلاقات الأزلية والمصير المشترك والذي يظل دائما دون إجابة لماذا تم تطبيق الحريات الأربعة للأشقاء في السودان وبالمقابل لم يتم تطبيقها للسودانيين في مصر ؟ . لا تذهبوا بعيدا ولا تدفنونا بالعواطف فالحل في تقديري لا يأتي ضمن صفقة تبادل مساجين من عيار (شيلني أشيلك ) ولكن بأحكام رادعة منها المصادرة والغرامات والسجن وتغليظها مع تكرار المخالفة حتى ينتهي هذا العبث الذي يستهدف بالاستنزاف ثرواتنا القومية .
( 2)
لا اعرف واليان حظيا بهالة من أضواء الاهتمام والمتابعة والمراقبة والخلاف والاتفاق حولهما خلال الفترة المنصرمة أكثر من والى الجزيرة محمد طاهر إيلا ووالي البحر الأحمر على أحمد ..فإيلا غادر الولاية متأبطا لقبين الأول انه أكثر الولاة إثارة للجدل في تاريخ الإقليم والثاني انه الأكثر نجاحا في السودان في عرف العامة ومعظمهم من خارج الولاية ..مبعث الجدل في تقديري هي المغالاة في تقييمه بين الرفض بدون حدود والقبول بدون قيود ولكن حتى لا نقمصه حقه وبعيدا من الأحكام العامة نقول إن الرجل يمتلك خيالا خصبا ورؤى استثمارية واسعة وذاكرة حديدية تحتفظ برصيد هائل من المعلومات عن كل ما يجرى في الولاية من أقصاها لأقصاها بعد أن وضع في اليد كل مفاصل السلطة مع الجاهزية للمصادمة لآخر رمق حد التنكيل والتشريد بالخصوم للاحتفاظ بالقبضة الحديدية .. وهو قبل ذلك صاحب ثقافة وتقاليد وأعراف لم أشاهدها من قبل في أي مسئول وتوضيحا لذلك أتساءل هل يمكن تخيل رجل يتجسس على نفسه ؟
نعم كان كذلك فبعد أن تأوي الطيور الى أوكارها ويستسلم إنسان الولاية المهدود الى سلطان النوم يتسلل من بيته وحيدا في سيارة غير الحكومية لزوم التمويه راكلا كل التقارير المكتبية ..يجوب المدينة من أطرافها الى أطرافها للوقوف عمليا على مشاريع البنية التحتية على الطبيعة يسجل السلبيات هنا والايجابيات هناك حتى إذا أشرقت الأرض بنور ربها يستدعى من خلف الوزراء والمعتمدين الذين قام بتعيينهم التنفيذيين ومدراء المشاريع الذين كلفوا بالعمل ليحاسبهم حساب منكر ونكير بعد وقوفه من وراء ظهرهم في هزيع الليل الأخير على الصغيرة والكبيرة..في تقديري إن هذا أسلوب جديد في الإدارة والمتابعة والمراقبة يدعو للتوقف والتأمل لأخذ العظات والعبر فغياب هذه الرقابة في السودان عموما يفسر لماذا تتعثر عشرات بل مئات المشاريع التي كم سمعنا لها جعجعة تصم الآذان وفي المقابل لم نسمع لها طحنا يثلج الصدر.. يسترعى الانتباه هنا أيضا إن هذه الانجازات مسجلة بإسمه وحده وهو صاحب امتيازها وتحسب له شخصيا وليس لحكومته فقد كانت نتاجا لفلسفة خاصة يؤمن بها ويمارسها في اختياره للطاقم الذي يعمل معه فهو يميل الى اعتبار التكنوقراط وأصحاب الشهادات خميرة فذلكة ومشاريع تنظير ولذلك يكتفي ضمانا لتناغم الأداء تشريعا وتنفيذا بشخصيات مغمورة بعضها من قاع المجتمع لا تهش ولا تنش يكاد أن يصدق عليها القول الشائع (فاقد الشيء لا يعطيه ) . الآن وبعد تكليفه بقيادة ولاية الجزيرة يدخل الرجل امتحانا عسيرا لإعادة الروح لمشروع كان ركيزة لاقتصاديات السودان قبل أن يصبح تحت التدمير الممنهج رميما تذروه الرياح ..ولأن التدمير طال أيضا المؤسسية فإن كل الرادارات الآن مصوبة على شخصه في مهمة الإحياء التي تقول بعض التقارير إن كلفتها تقدر ب16 مليار دولار .. والنتيجة بالمختصر المفيد إن هناك في الجزيرة حالمون ينتظرون المعجزة التي ستتحقق على يديه وفي البحر الأحمر مراهنون على نجاحه كما إن هناك رافضون ينتظرون عثرته للشماتة.نسأل الله أن يحميه شر الحيتان التي ابتلعت الأخضر واليابس والتي لازالت تقول هل من مزيد ؟.
أجهزة الرادار تم نصبها أيضا في البحر الأحمر حتى قبل قدوم الوالي الجديد على أحمد فالمقارنات انطلقت بعد أسبوع من استلام مهامه ولكن والحق يقال فقد دشن فترته بقرار صائب باشتراط الشهادة الجامعية على اقل تقدير لمن يتصدى لمسئولية العمل تأكيدا بأن الولاء ينبغي أن لا يكون على حساب الخبرة والدراية ..في العمل العام أيضا رأينا إشراقات تصب في خانة دعم المستضعفين بتحويل شقق مفروشة لمستشفى أطفال .هذه بدايات واعدة ولكن يبقى حلم حل مشكلة المياه بتنفيذ مشروع المد من النيل أخر التحديات التي تتقازم أمامها كل حلول المسكنات الاسعافية .
(3)
أعتذر للقارئ الكريم على التخريمة من طريق الشأن العام الى الخاص .. يبدو إن إيماني والعياذ بالله ناقص فهذه هي المرة الثانية التي الدغ فيها من نفس الجحر مرتين.أنني أشكو الى الله ضعفي وقلة حيلتي.أشكو إليه هواني على لصوص حي المطار ببورتسودان ..الذي يسترعى الانتباه هنا إن لصوص هذا الحي نسيج فريد من نوعه والذي يميزهم عن غيرهم من لصوص العالم إنهم يمارسون الإجرام بقوة عين يحسدون عليها .. لا يتحركون تحت جنح الشوارع الخاوية وأستار الظلام كما يقول الضحايا ولكنهم يقفزون من فوق الأسوار يكسرون وينهبون ويسرقون في رابعة النهار ..ورغم علمنا بشماعة الإمكانيات والميزانية المقدودة فنحن ليس لنا بعد الله معين سوى قسم الشرطة الذي يقع تحت إشرافه هذا الحي ..أنا اتسائل يا مدير شرطة ديم موسى هل لديكم تصور لحماية ممتلكات المواطن ؟ هل تعرفون من باب الخبرة التي يفترض أنها تراكمت لديكم أين يسوق اللصوص مسروقاتهم ؟ هل لديكم خارطة طريق للتصدي لمثل هذه الجرائم التي تحولت لظاهرة في هذا الحي ؟ ثم أي وسيلة حماية أخرى يمكن أن يلجأ له المواطن (شخصي الضعيف نموذجا ) والمجرم يقدم على كسر (الجريلات) الحديدية حول منافذ البيت في أمن وأمان جهارا ونهارا دون أية اعتبارات أو خوف من الجلبة والضوضاء التي تحدثه عمليات الكسر والتدمير ؟ .. أنا أيضا أخاطب رجلا عرفناه بدماثة الخلق وحسن المعشر وعلو المهنية وسرعة الاستجابة للفزعة .نخاطب زميلنا اللواء ياسر البلال فهل من مجيب سيما وأن المنزل الذي تعود اللصوص غزوه يقع في بداية حي المطار وليس في ضاحية الكبابيش أوسهول البطانة؟
(4)
نقلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام نبأ تشييع آخر الأبطال الحقيقيين لرواية عرس الزين لراحلنا العملاق الطيب صالح وهو سيف الدين عبد الله هبشي الذي قضي سحابة عمره في مدينة بورتسودان ..ويعلم الله كم تمنيت لقاء أديبنا الرجل ولكن حظي النحس حال دون ذلك فقد صادف يوم زيارته لنا في الشركة السعودية للأبحاث والنشر بمدينة الرياض في منتصف التسعينات يوم إجازتي الأسبوعية ولو كنت أعلم مجيئه لألغيت الإجازة الى يوم الدين .. سبب ولعى للقائه هو إجراء حوار معه بادئا بالسؤال الذي لم أجد له تفسيرا حتى الآن وهو لماذا لم يتطرق الطيب في رواياته أو حتى مقالاته الأسبوعية في مجلة المجلة والتي كنت أحرص على قراءتها عن أي ذكر لمدينة بورتسودان التي اعتقد انه عاش فيها فترة في حياته كما أن والده رحمه الله كان يعمل في طبلية أمام سينما الخواجة كما يؤكد شهود ذلك الزمان ؟ فلو قال أديبنا الكبير شيئا عنها لكان ذلك رصيدا يؤهلها لدخول التاريخ من أوسع أبوابه مع القرية المغمورة كرمكول التي ذكر اسمها بأربعين لغة عالمية هي اللغات التي ترجمت بها أعماله ..أيها الطيب الصالح يا رمز عزتنا ومصدر فخرنا نسأل الله أن ينعم عليك بشآبيب الرحمة والغفران في مقعد صدق عند مليك مقتدر بقدر ما أمتعتنا حيا وميتا .

(5)
منذ ما يقارب العام ينتظر مواطنو حي (توبين القلعة مربع 4 )
بسواكن على أحر من الجمر توصيل الإمداد الكهربائي بعد أن تم تركيب الأعمدة الناقلة للحى ..هذه الأعمدة الخرصانية تقف الآن فوق الحي دون سنادات (شددات سلكية) كما تقتضي أبسط متطلبات السلامة وهي عرضة للسقوط بفعل الرياح والسيول وإذا سقطت لا سمح الله فسوف يحدث مالا يحمد عقباه وسؤالي هنا هل ينتظر المسئولين (سقوط الفاس على الراس) حتى يتحركوا في الاتجاه السليم ..وخاصة فالمستفيدين منها حتى إشعار آخر فصيلتان من الهوام جمال سائبة تحك عليها أجسادها اتقاءا للحشرات وكلاب ضالة تقف عليها وترفع احد ساقيها الخلفية قبل أن تمضي الى سبيلها ولا تسألوني ماذا تفعل هذه الكلاب ولكن دعونا نتوجه بالسؤال الى من يهمهم الأمر .يا ناس التخطيط العمراني ويا معتمد سواكن يا مكتب استشاري يا لجنة شعبية هل هناك ثمة أمل في استكمال هذا العمل الذي أنجز 80% منه حتى ينعم أهالي الحي بالخدمات الكهربائية شأنهم شأن مواطني الإحياء النائية أم تنتظرون حتى تنهار هذه الأعمدة غير المحصنة فوق رؤوس العباد لتركضوا بعدها في كل الاتجاهات لعلاج الضحايا بعد تعليق الأسباب في رقبة الأقدار ؟؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الأخ حسن أيتانينا لا أودأن أعلق علي مقالكم الجيد الرصين في مجمله ولكن في الجزئية الخاصة بمشروع الجزيرة وإعادة الروح إليه
    عند النظر إلي مشروع الجزيرة في فترة عنفوانه وعطائه خلال تاريخه الطويل لم نر أن إدارتة في يوم من الأيام كانت من سلطات محافظ مديرية النيل الأزرق أو والي الإقليم الأوسط حين تحولت المديريات إلي أقاليم، لقد ظل مشروع الجزيرة، في أنضر أيامه وحين كان سلة غذاء السودان ومحفظته، من مسؤليات الحكومة القومية المركزية وذلك لكونه المشروع الذي كان يعتمد عليه الإقتصاد السوداني في إنتاج الذهب الأبيض القطن العمود الفقري لميزانية السودان في فترة فتوته وشبابه قبل أن تذهب بروقنه السياسات الحكومية الخرقاء لتصل زروة رعونتها في فترة الإنقاذ وتصيب ذلك المشروع بمقتل مع شقيقيه الآخرين والذين إنشئا علي نفس نمط مشروع الجزيرة وأقصد بهما مشروع حلفا الجديدة الزراعي -خشم القربه سابقا- ومشروع الرهد الزراعي.كان مشروع الجزيرة، ومثله حلفا والفاو، يدار عن طريق محافظ المشروع بإستقلالية تامة عن سلطات المديرية أو الإقليم عدا بعض التعاون والتنسيق بحكم وجود المشروع ضمن نطاق حدود المديرية أو الإقليم المعنيين. ولقد كانت الإدارة الفنية للمشروع من مسؤلية وزارتين إتحاديتن كبيرتين هما وزارة الري والقوي الكهرومائيه ووزارة الزراعة واللتان لم تكن لهما مهمة آخري تساوي في حجمها أو عظمتها الإشراف علي مشاريع الجزيرة وخشم القربه والفاو أو الرهد. وكان مناط مسؤلية هاتان الوزارتان هو توفير كل الخدمات الفنية من حفر القنوات و نظافتها وتخزين المياه وتوزيعها والإشراف علي الدورة الزراعية وتجهيز الأرض وتحديد المعاملات الزراعية المختلفه وإجراء البحوث اللازمة لتحسين المحاصيل من حيث الإنتاجية ومقاومة الآفات والإشراف علي كل ذلك بتقسيم إداري دقيق يبدأ من التفاتيش ومرورا بالأقسام حتي الوصول إلي محافظ المشروع ويتم توفير ميزانية المشروع من الخزينة العامة للدولة وليس خزينة المديرية أو الإقليم. وكان كل ذلك يتم بتناغم وبرمجه بفضل خبرة مهندسي الري والزراعة والتدريب المستمر والتخطيط الإداري الممتاز. الذي حدث بعد ذلك في سنين الجدب الإداري الحكومي هو أولا الإنهيار التام للوزارتين التليدتين بخلخلة هياكهما وتقسيمهما إلي شركات وإدارات مختلفة وغير متناغمة وفي كثير من الأحيان متصارعة ومتنازعة في ظل سياسة الترضيات وإقتسام الكعكة والمحسوبية كما حدث لوزارة الري والكهرباء وإنعكس كل ذلك سلبا علي كل مشاريعنا الزراعية. والحل لإصلاح هذه المشاريع أن تعود الوزارتين إلي سابق عهدهما بنفس هياكلها الإدارية القديمة و مسؤليتهاالتي شكلت أحسن منظومة لإدارة مشاريعنا الزراعية. ومن خطل الرأي الإعتقاد أن والي لاية ما مهما كانت مقدراته الإدارية وخبراته السياسية قادر علي إعادة مشاريعنا الزراعية إلي سيرتها الأولي كان ذلك الوالي محمد طاهر أيلا – مع إحترامنا له- أو غيره ولأن ذلك من مسؤليات الحكومة الإتحادية وليس الولائية. الحل يكمن في عودة المشاريع إلي كنف وزارتي الزراعة والري الإتحاديتين بهيكلتهما ومسؤلياتهما القديمة وإلا فلنترحم علي أية نهضة زراعية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..