البيان الاماراتية : أدوات محدودة في يد نظام البشير لمعالجة أزمته

منذ ثلاثة وعشرين عاماً، قاد العقيد السوداني الذي كان في منتصف عقد الأربعينات من عمره انقلاباً ضد الحكومة المدنية في الخرطوم، وتولى قيادة البلاد. ولا يزال الرئيس السوداني عمر البشير على رأس الحكم، لكن التحديات التي يواجهها الآن لن تترك له سوى القليل للاحتفال.

وتعد المشكلات الأكثر إلحاحا أمامه هي الاحتجاجات التي اندلعت في الشوارع ضد حكمه، والتي تصاعدت خلال الآونة الأخيرة. وتتمحور الاحتجاجات حول خفض الإعانات الحكومية، أخيراً، والتي أدت إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية والوقود، الأمر الذي زاد معاناة سائقي السيارات في محطات البنزين وتسبب في ارتفاع في ارتفاع رسوم النقل العام.

يقف الاقتصاد السوداني على أرضية مهزوزة للغاية، بعد انفصال جنوب السودان في يوليو من العام الماضي. معظم حقول النفط في السودان سابقاً تتركز في الجنوب الجديد، حيث خاض البلدان صراعاً، كاد يشرف أحياناً على حرب مفتوحة بشأن كيفية اقتسام العائدات، هذه هي الخلفية وراء قرار الخرطوم بخفض الدعم.

وفي حين اندلعت حركة الاحتجاج، التي لا تزال محدودة نسبياً والتي تقودها الجماعات الطلابية، من خلال المطالبة بالخبز فهي تتحدث الآن عن الحرية، ودعت الهتافات، بعد صلاة الجمعة البشير إلى أن يترك منصبه.

دلائل المخاوف

هناك دلائل على أن مخاوف نظام البشير تتراجع. وأطلق على يوم مظاهرة انطلقت، أخيراً، مصطلح “يوم لحس الأكواع”، في إشارة إلى تعبير سوداني يشير إلى المستحيل. ونقل عن مسؤول حكومي سوداني على نطاق واسع قوله: لو أن أي شخص يجرؤ على النزول إلى الشوارع، فإن اليوم الذي يلعقون أكواعهم هو اليوم الذي سوف يسقطون نظامنا”. سوف تتزعزع الثقة الآن.

كل هذا يضع السودان والبشير، بطبيعة الحال، في وضع صعب. آخر شيء تحتاج إليه البلاد هو فترة ممتدة من عدم الاستقرار. حكومة البشير لديها عدد قليل من الأدوات المتاحة لتهدئة السخط، فقد تم قمع التعبير السياسي عن الرأي، و لا يوجد إصلاح اقتصادي سريع. فقد أدت مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير، والتي لم تفعل شيئاً يذكر لوقف العنف في دارفور وعلى الحدود المتنازع عليها مع جنوب السودان إلى عزل البلاد وتعطيل الاستثمار الأجنبي.

الحل على المدى الطويل هو إصلاح العلاقات مع جنوب السودان واستخدام العائدات لإعادة بناء الاقتصاد. ففي الأيام الأخيرة رغم ذلك، تمت مواجهة الاحتجاجات بيد من حديد. يصر البشير على أن هذه ليست لحظة “الربيع العربي”، لكنه سوف يتعلم من تجارب الدول المجاورة له رغم ذلك، ويجري الإصلاحات التي يحتاجها السودان. وارتفعت أسعار الخبز واللحوم بنقطتين عشريتين على امتداد البلاد خلال الأشهر الماضية في الوقت الذي انخفضت قيمة العملة السودانية.

وخلال الاحتجاجات، صب الناس غضبهم بسبب ارتفاع الأسعار على المنتجات اليومية وعلى تخفيضات الإنفاق الحكومية. لكن الاحتجاجات اتسمت بطابع مناهض للحكومة، حيث دعا بعض النشطاء إلى تغييرات في حكومة الرئيس السوداني عمر البشير. يقول أحد الخبراء في الشأن السوداني، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب العلاقات مع حكومة البشير: “يواجه السودان أزمة شديدة للغاية في الوقت الذي تفرض الحكومة إجراءات تقشفية بشكل حادّ”.

عدم الاستقرار

وتأتي الاحتجاجات على خلفية حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد بعد انفصال جنوب السودان العام الماضي. وكان الانفصال يعني أن السودان خسر 40 % من عائدات النفط، و 80 % من احتياطي النقد الأجنبي و 20 % من سكانه. وللتعامل مع خطوة الانفصال، سعت الحكومة السودانية إلى إعادة التوازن في الاقتصاد من خلال تقديم إجراءات تقشفية تستهدف خفض الإنفاق. وقام البشير برفع الدعم على الوقود والسكر بشكل جزئي، في خطوة رحبّ بها صندوق النقد الدولي. وأخيراً، استنكر البشير إطلاق مصطلح الربيع العربي على الاحتجاجات، قائلاً إن عدد المتظاهرين كان محدوداً.

لكن بعد بدء مجموعة من الطلاب في جامعة الخرطوم بالتظاهر، أخيراً، نزلت مجموعات أخرى داخل العاصمة وخارجها إلى الشوارع. فقد أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع سعر الجنيه السوداني إلى ارتفاع التضخم بمعدل 30 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ومن المتوقع أن تظل نسبة التضخم عند مستوى مرتفع بعد أن أعلنت الحكومة عن زيادة قدرها 50 % في أسعار البنزين، أخيراً.

ويشير المحللون أن التغيير في ثروات السودان ربما يأتي فقط عندما تعالج الخلافات مع جارتها الجديدة جنوب السودان، الذي بلغ انتاجها اليومي من النفط 350 ألف برميل في يناير الماضي بعد أن بدأ السودان الحصول على النفط في مقابل ما وصف بالرسوم غير المدفوعة. مشكلات غائرة

يعاني السودان من مشكلات أخرى غائرة. فمن المتوقع أن تتسع الفجوة في الميزانية إلى 5.4 % من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري، من 5 % في العام الماضي في الوقت الذي تلقي ضغوط الخسارة في عائدات النفط والصراع المسلح وتمويل اتفاق السلام مع جنوب السودان بظلالها على الاعتمادات المالية للحكومة. ويفيد تقرير التوقعات الاقتصادية لإفريقيا، وهو تقرير سنوي يغطي التطورات على امتداد القارة: “نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على السودان والديون الثقيلة، فإن خيارات الاقتراض الخارجي محدودة للغاية مع احتمال زيادة الاقتراض الداخلي”.

وبعد زيارة قامت بها بعثة صندوق النقد الدولي، أخيراً، فقد دعت السودان إلى بذل المزيد من أجل توفير الوظائف. وبحسب بيانات حكومية للعام 2009، فقد بلغت معدلات البطالة في السودان 22 %، الأمر الذي ضاعف معدل البطالة بين البالغين. ويعني ارتفاع النمو السكاني أن توفير الفرص في سوق العمل لا يواكب عدد الشباب ممن هم في سن العمل.

البيان الاماراتية

تعليق واحد

  1. كلام تافه وفارغ
    أولاً التضخم أكثر من ٦٠٪ وليس ٣٠٪ وعدد العاطلين عن العمل أكثر من ٨٠٪ وليس ٢٢٪
    لذلك هذا ليس تحليل بل كتابة لملئ فراغ في الصحيفة وذلك لعدم وجود أي رابط منطقي في هذا الكلام

  2. من خصائص الأيدولوجيا :

    عانينا في السودان أكثر مما عا نينا من الأيدولوجيا (يميناً ويساراً )..لأن من خصائص الأيدولوجيا المدمرة:

    1. التشخيص الخاطيء للأمراض السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وذلك بتحديد المرض سلفاً قبل معاينة المريض … فالمرض في الذهن المأدلج محدد سلفاً ويجب أن تتوافق الحالة المرضية مع الروشتة الجاهزة وليس العكس ( تارة المرض هو “الرأسمالية” أو التطور الرأسمالي والروشتة هي وصفات اشتراكية ساذجة , من قبيل مثلاً تأميم المصانع والشركات الخاصة وحتى الأندية الرياضية بطريقة عشوائية للغاية(نميري), وتارة لأن الناس دينهم ناقص وأخلاقهم تعبانة واسلامهم غائب والروشتة هي “الشريعة” ( وبي فهمنا نحن) أو أن المرض حضارة ما في والروشتة هي شيء هلامي اسمه (المشروع الحضاري)(أصحابه نفسه ما قادرين يعرفوه) .. وأحياناً ( عند ناس لم يحكمونا بعد) , المرض هو هو فساد العقيدة والبدع الكثيرة وحلق اللحى ولبس الجلاليب الطويلة والروشتة هي هدم القبب وترك الأولياء ولبس الجلاليب القصيرة وارسال اللحى, وترة أخرى المرض هو سيطرة “العرب” على السودان واستحواذهم بكل شيء- حتى ولو كانوا مناصير او قرى بائسة في النيل الأبيض والجزيرة وأبو حمد – والروشتة هي قلب الوضع وجعل الأفريقانية هي المسيطرة أو أن الموضوع كله عبارة عن توتر بين المركز الهلامي والهامش الهلامي أيضاً, وهكذا… دا المرض ودا الدواء , تحت كل الظروف !!!!).

    2. صناعة العدو .. فالعقل المأدلج لا يستطيع العيش بدون عدو , وان لم يجده صنعه صناعة !!!

    3. تبسيط المشكلات ذات الطابع المعقد — المشكلات السياسة والاجتماعية بطيعتها معقدة جداً , لكن الأيدولوديا تسعى لتبسيطها واختزالها دائماً لتسهل السيطرة المجردة عليها!!!!!

    ( يا عالم دعونا ننطلق من الواقع ونحدد المرض أولاً, قبل تحديد روشتة العلاج, ودعونا ندرك أن الواقع دائماً أكثر تعقيداً من تصورنا نجن له)!!!!!

    هذه بعض خصائص الأيدودلوجيا, وثمة دراسات كثيرة عنها.. وربما عدنا, في تعليق أو مقال !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..