النساء أكثر رجولة

موقف درامي كاد أن يتحول الى مأساة حدث لي يوم الجمعة الماضية في السوق الشعبي بالخرطوم أو بالتحديد أمام سوق الجمعة من الناحية الغربية ..
كنت أحمل في يميني كيس يحوي بعض المشتريات وأهم بفتح باب سيارتي المتوقفة في تلك الناحية .. اقترب مني رجل وبدأ يسألني بلغة صعب علي فهمها، بها اشارات لموقف حافلات جبرة ، وأنا أحاول معرفة ما يقصد ، هل يسأل عن المكان أم يطلب ثمن تذكرة .. ثم وكأن هاتفا ألهمني لحظتها فتحسست جيبي لأكتشف أن تلفوني ( قيمته أكثر من 3000 جنيه ) قد اختفى .. التفت خلفي لأجد رجلا قوي البنية يقف خلفي . تأكدت لحظتها أنه السارق إذ أن مسرحية الاسئلة الغامضة والمجادلة ما هما إلا طريقة لصرف الانتباه .. وهذه قصة معروفة للجميع لكنا نغفل عنها أحيانا ..
لحظتها أنعم الله علي بقوة عظيمة – وأنا أبلغ الخامسة والستين من العمر – فأمسكت بقميص الرجل خلفي وبدأت أصيح بأعلى صوتي ( الحرامي .. الحرامي .. الحرامي) وكررتها مرات ومرات واللص يحاول التخلص .. وفي اثناء المصارعة تقطعت كل أزرار قميصه وأنا لا أزال اتشبث باطراف القميص وأواصل الصياح ..
كان يجلس في مواجهة هذه المعركة ما لا يقل عن عشرة اشخاص امام دكاكينهم ( أواني مطبخ ، كراسي بلاستيك وطبليات ) ولا يبعدون عنها سوى خمسة أمتار أو أقل .. لم يتحرك أي منهم لنجدتي طوال دقائق العراك وصياحي المتواصل ( حرامي حرامي ) !!
نهاية القصة رمى اللص التلفون على الأرض فتناولته .. أما هو فقد مضى بهدوء مع زميله من أمام الجالسين أمام محالهم دون أن يحرك أحدهم ساكنا ..
هذه نهاية القصة ولا أريد أن أكملها بما قلته للجالسين يتفرجون على الشيخ المسن يصرعه اللصوص لانتزاع تلفونه وهم جلوس يتفرجون ، ما قلته لهم قد يؤذي أسماع البعض فأقله اتهامهم في رجولتهم ومروءتهم ثم قولي لهم ” لو كان يجلس مكانكم نساء لأتوا لنجدتي ” !!!
كثيرا ما يذكر الاصدقاء مواقف حرجة كانت نساءنا أكثر مروءة وشهامة ممن تتزين وجوههم بلحى وأشناب مهيبة ، الآن تأكدت من ذلك ..
وكثيرا ما شاهدت البنات والنساء يصرعهم الرجال بلا رحمة في مواقف المواصلات للحصول على مقعد في حافلة هذا من جانب .. ومن جانب آخر لم أشاهد رجلا يتصدى لآخرين يسترجلون على النساء بلا رحمة فيجلدونهم أو يلقون بهم ارضا في مظاهرة أو احتجاج .. بل قد يستغرق بعضهم في الضحك .. ( تذكروا جلد الفتاة بالسياط في مركز الشرطة ورد فعل من شهد الواقعة ) ..!!
ختاما لا أنسى أن أحيي بطولة رموز نسائنا : فاطمة احمد ابراهيم ، محاسن عبد العال ، لبنى ، هندوسة ، رشا عوض وكثيرات غيرهن .. وليخزي الله الأشباه من لدن خالد المبارك ، محمد محمد خير , الشوش ، شمو ، حسن اسماعيل .. وأمثالهم على الطريق العام كثيرون …

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. فعلاً مأساة كبيرة ، لكن تأكد أن ذلك من نتائج فعل مشروع إعادة صياغة الإنسان السوداني إعداد علي عثمان محمد طه و صحبه، تنفيذ عمر البشير و آخرين من العسكر البلهاء ، فقد أفلحوا في تجريد الناس في السودان من كثير من القيم السمحة و حلو مكانها ذميم الصفات حتى أصيب غالب الشعب بالخنوع التام ، بؤس حقيقي .

  2. و الله انت راجل كبير و قليل الاحترام و الادب ..ما دخل شكر فاطمة احمد ابراهيم او لبنى او رشا و شتم خالد المبارك و الشوش و شمو بقضيتك رغم انى اغوص حتى انفى فى كراهية النظام و لكن ليس هكذا تورد المواضيع و يبدو ان الجلوس يحسنون قرائت الوجوه و معرفة الرجل المحترم من غير المحترم

  3. ياسيدي العزيز الحمد لله على سلامتك هذه عصابات معروفة لاصحاب هذه المحلات فأيّ واحد يتجرأ عليهم ينتقمون منه اومن محله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..