فبركات (الأغلبية الصامتة) وتنفيذ أجندة (فرِّق .. تسُد)

إشتهرت الإمبراطورية البريطانية بإستخدامها سياسة (فرِّق – تسُد – Divide and Rule) فى مستعمراتها، وقد حرصت بريطانيا على تطبيق هذه السياسة فى كافة مستعمراتها ومن بينها السودان وهى سياسة تهدف إلى تفتيت وحدة أبناء الأمة المُستعمرة للحيلولة دون قيام وحدة حقيقية بينهم. فبريطانيا كانت تستغل كل أنواع الفوارق الموجودة بين أبناء مستعمراتها، وقد كانت تستفيد من الفوارق الدينية والعرقية والثقافية والجهوية لتنفيذ سياسة فرق تسد. إن من المؤسف حقاً أن تنتهج حكوماتنا بعد الإستقلال نفس السياسة (فرِّق ? تسُد) الإستعمارية ولكن الهدف هذه المرة هو منع المُهمَّشين من التوحُّد ضد حكومات المركز (الخرطوم). وما سياسات حكومات الخرطوم تجاه قبائل الهامش فى دارفور وجنوب السودان سابقاً، وجنوب كردفان/ جبال النوبة، والنيل الأزرق، وشرق السودان وبعض المناطق هى مثال واضح لهذه السياسة. قامت حكومات المركز بإستغلال الفوارق العرقية بإعتبار إنهم عرب وهؤلاء زنوج والفارق الدينى بإعتبار إن هؤلاء مسلمين والآخرين مسيحيين وحتى المسلمين منهم ينظرون لهم بإعتبار إنهم (مؤلفة قلوبهم) والفارق الجهوى على أساس أن هؤلاء من الشمال النيلى والوسط وأولئك من الجنوب والغرب والشرق، والفارق اللغوى بإعتبار غن هؤلاء لسانهم عربى وأولئك لهم لغات أخرى يستخفون منها ويصفونهم بإنهم رطَّانة (كلام الطير فى الباقير) إذ نجد إن ما يسمون أنفسهم بـ(الأغلبية الصامتة) ينتهجون نفس سياسة المستعمر وحكومات المركز، إذ يتبعون سياسة إعادة الأزمة التى خلقت الحرب مثل الإقصاء والدعوة إلى الأجسام العرقية فى ظل سياسى خاص بهم، فعندما تتعارض المصلحة العامة مع الذاتية والأنا فى الفعل السياسى ويُربط بفئة إثنية أو عرقية، يتحوَّل الفعل السياسى إلى عنصرية لأن الفعل السياسى العام يكون لكل الناس بغض النظر عن إتجاهاتهم الثقافية أو العرقية أو الجهوية أو الدينية وهو ما تدعو له الحركة الشعبية فى برنامجها التحررى. فبالمقابل تطرح (الأغلبية الصامتة) برنامج عنصرى وجهوى ويظهر ذلك فى هيكلها الداخلى إذ نجد الرئيس ونائبه والأمين العام كلهم من عرقية واحدة وربما يكون كذلك كل السكرتاريات التنفيذية، فى حين أن طرحها يدَّعِى الإنتماء إلى برنامج الحركة الشعبية ونعتقد إنهم بعيدين كبعد الثريا من الأرض لأن الحركة الشعبية تنبذ القبلية والعنصرية. فالعنصرية ليس لها حدود ولا تثبت على معيار واحد بل تتشعب وتقسم الناس أفقياً ورأسياً وهناك قصة فى التاريخ تقول (إن هنالك خمسة أولاد من أبوين مختلفين وأم واحدة ومن سوء حظهم مات الأبوين فتربوا مع والدتهم وكان ثلاثة إخوة أشقاء من أب وأم والإثنين الآخرين أشقاء من أب وأم. فعندما يأتى زمن الوجبة يجلس الأخوان الخمسة لتناول الطعام وكان الأخ الأكبر من الإخوة الثلاثة يقوم بتوزيع اللحم فيضع قطعتين لنفسه ولأشقائه ويضع قطعة واحدة لكل واحد من أخوته من أمه. تكرر هذا الفعل كثيراً ولم تلاحظ الأم فعل إبنها الأكبر إستمر الوضع حتى خرج فعل الإبن الأكبر إلى خارج سور المنزل فأصبح يجمع إخوته الخمسة ويستقطبهم ليقف بهم ضد أبناء عمومتهم فتطوَّر الأمر فأصبح يجمع أبناء عمومته ليقف ضد أبناء خشم بيت آخر من نفس القبيلة والكارثة الكبرى عندما أصبح يجمع أبناء القبيلة ضد القبائل الأخرى ويدَّعى إن قبيلته صفوة وإنهم أشراف والآخرين ليس لهم حق فى الأرض أو الموارد ويجب أن يقتلوا). هذه القصة تشبه طرح الأغلبية الصامتة (الحوار النوبى ? النوبى) الذى طرحوه لجس النبض وعندما علموا بإن الفكرة قد نسفت أصبحوا يتحسسون ويتلمسون الطريق من سكرات الفجيعة والإنفجار فهربوا منها كأنهم حمر مستنفرة فرت من قصورة، وكانت ضربة قاضية فى (الأنكل) بلغة الرياضيين مما أربكهم ودفعهم لتوجيه سهام السباب والشتم والإزدراء والتدليس والفبركات شأنهم فى ذلك الخصلة السيئة التى هى دخيلة على سلوك النوبة وعلى الأدب السياسى السودانى بإستثناء المؤتمر الوطنى ولأنهم يتبنون أطروحات المؤتمر الوطنى الذى أنجبهم وأصبح الوالد فلا بد للإبن ان يُقلِّد الأب فى كل شىء ? السباب والتلفيق والتدليس حتى إنطبق عليهم قول الشاعر (مشى الطاؤوس يوم بإختيال فقلد مشيته بنوه وقال على ما تختالون قالوا أنت بدأته ونحن مقلدوه).
وختاماً أيها الرفاق / الرفيقات : إذا كانت الأغلبية الصامتة حسب ما يدَّعون إنهم حركة ششعبية ويهمهم أمر الحركة الشعبية وأسرارها لماذا ظلوا يقدمون معلومات مفبركة وغير صحيحة لحكومة المؤتمر الوطنى، وما الغرض منها ؟ مثال ما جاء فى مقال الأشياء تتداعى الذى ذكروا فيه إن عمار أمون موجود فى جوبا، كما تعمدوا تحديد مواقع رئاسية غير حقيقية للجيش الشعبى ومثل هذه المعلومات المفبركة والكاذبة يمكن أن تخلق أزمة دبلوماسية بين جوبا والخرطوم ويمكن أن تدفع نظام الإبادة الجماعية لقصف المدنيين العُزَّل بالطيران فى هذه المناطق المفبركة وهم فى نفس الوقت يدَّعون الدفاع ورفع الظلم عن إثنية النوبة ? السؤال لمصلحة من تعمل الأغلبية الصامتة وما هو المقابل ؟ ? إعتقد إن الأغلبية الصامتة تعمل لمصلحة المؤتمر الوطنى وليس هناك شاهد ودليل أكثر من هذا واللبيب بالإشارة يفهم.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..