صقور الحزب الحاكم تمنع الإصلاح السياسي ودور مرتقب للنقابات

تقرير- أنس مأمون

عايش السودانيون ثورات الربيع العربي بكثير من الترقّب. أعينهم في مشاهد ثورات العرب وأفئدتهم تجتر تاريخا قديماً،العام 1964 هتفت الحناجر حينها: باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني.. والحقول اشتعلت قمحاً ووعداً وتمني.. باسمك الشعب انتصر.. حائط السجن انكسر..

هتافاتٌ أسقطت نظام سليل المؤسسة العسكرية الجنرال إبراهيم عبّود. وهتافات ثوار السادس من أبريل العام 1985: جيشٌ واحد شعبٌ واحد.. عائد عائد يا اكتوبر.. والتي أوردت الجنرال جعفر نميري موارد المنفى. إذن ربما هو استدعاء لــ«أكتوبر» و«أبريل» معاً في نسخة جديدة. لكن التاريخ يقول إن ما بين الأمس واليوم فراسخ تقاس بــ«ترمومتر» تغير المعطيات والتركيبة الجديدة. فمياه كثيرة جرت تحت الجسر.

إذ قلب دخول الجبهة الإسلامية القومية الحياة السياسية السودانية من بابها الأوسع عبر انقلابها على النظام الديمقراطي في العام 1989 الكثير من المعطيات التي وطّدت نظام حكمها وبعثرت القوى السياسية التقليدية في السودان فرقاً شتى لتقوم بعد طول أعوام بإعطاء جنوب السودان حق تقرير مصيره، ليتشظى السودان إلى دولتين متناحرتين. لكن العامل الأهم كان في فقدان السودان لثلاثة أرباع النفط المنتج في حقول الجنوب، ليطلّ شبح الأزمة الاقتصادية والتي أدت إلى انتهاج الخرطوم سياسات تقشفية لا تتخذها إلا «دولة مفلسة»، على حد قول وزير المالية السوداني أمام البرلمان، فصرخ بعضُ الشعب «لم أعد احتمل».

شرارة تظاهر

وانطلقت شرارة الاحتجاجات من جامعة الخرطوم في 17 يونيو الماضي. ظنّ الساسة أنها كما سابقاتها ما تلبث أن تنفض، لكنها تواصلت في وتيرة يومية تطالب بــ «المحظور» هذه المرة ولأول مرة الشعار المخيف «الشعب يريد إسقاط النظام»، ما حدا بالسطات الأمنية إلى استخدام القوة المفرطة ضدها لقمعها بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي واعتقال كل من تقع يدها عليه، الأمر لم يجد نفعاً.

وخرجت مدن عديدة منها: دنقلا وعطبرة في الشمال، مدني وأربجي وكوستي في الوسط، الأبيض ونيالا في الغرب، القضارف وكوستي وبورتسودان في الشرق، فضلاً عن أغلب مناطق العاصمة الخرطوم في جمع أطلق على أولاها جمعة «الكتّاحة» تبعتها «لحس الكوع» ثم «شذاذ الآفاق» و«الكنداكة».

على الدرب

كمن سبقوه، على ما يرى مراقبون، خرج الرئيس السوداني عمر البشير أمام عدسات الكاميرا قائلاً إن المتظاهرين مجرد «شذّاذ آفاق» و«شمّاسة»، أي أولاد شوارع، وتوعّدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور. إذ يصر النظام في الخرطوم «ألّا ملامح ثورة في السودان»، وأن الربيع العربي هبّ على السودان قبل أكثر من عشرين عاماً في إشارة إلى انقلاب يونيو 1989 والذي سمّاه منفذوه «ثورة الإنقاذ».

تبني نظرية

يراهن النظام الحاكم في الخرطوم على أن له شعبية كبيرة وأن التظاهرات لا تعدو كونها مجرد مؤامرة «صهيو أميركية» تستهدف السودان وشعبه، غير آبه بقول زرقاء يمامة المعارضة: «إني أرى شجراً يسير». فهم في نظره ممن يحلمون بالعودة إلى الحكم وينطلقون من أجندة خارجية. حتى بعض تيارات الحزب الحاكم المتمثلة في منبر السلام العادل والذي يرأسه خال الرئيس البشير لم تجد آذان صاغية عندما نصحت البشير بالخروج من عباءة الحزب والانحياز للشعب وضرورة الإصلاح السياسي،

بما يقود إلى تحوّل ديمقراطي حقيقي. لكن الأمر قد لا يبدو بهذه السهولة المخيّلة، على ما يرى كثيرون، بسبب وجود صقور داخل الحزب الحاكم لا تسمح بحدوث مثل هكذا تحوّل وسحب البساط من تحت أرجلهم، فضلا عن التقليل من شأن الاحتجاجات وأن عدد مشعليها لا يتجاوز أصابع اليدين على أكثر تقدير.

تعدد سيناريوهات

مهما يكن من أمر، فإن حراكاً بدأ في السودان مفتوحا في الوقت ذاته على كل الاحتمالات، وفقاً للظروف الداخلية والدولية على حد سواء. فإن استمر الاحتجاج وكسب مزيد من الزخم والتفاعلات الدولية، فإن السودان يكون دخل مرحلة الثورة بالفعل تساعده ردود أفعال مجتمع دولي لن يسمح قطعاً أن يحدث ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا بالحدوث في السودان بفعل عوامل كثيرة، في وقت تراهن السلطات بالسيطرة على الاحتجاجات وعدم اشتعالها بما يلفت نظر العالم الغارق حتى أذنيه بالملف السوري المشتعل.

منعطفات احتجاج

ولعل توافق الأطباء على إنشاء نقابتهم يمثّل منعطفاً كبيراً في توجيه بوصلة الاحتجاجات. إذ من شأن النقابات لعب دور فاعل في التظاهر وتحريك جماهير قد لا تقدر القوة المفرطة على تطويقها.

كما أن محاولات تنسيق الجبهة الثورية مع المعارضة السورية للعمل على عزل حكومتي السودان وسوريا وما أسموه «تعريتهما أمام الضمير العالمي»، من شأن مثل هكذا خطوة أن تحدث نقلة نوعية في تظاهرات السودان وإبرازها للعالم بشكل أكثر وضوحاً.

تزايد محتجين

يرى مراقبون للشأن السوداني أن «محدودية أعداد المتظاهرين التي تخرج في الاحتجاج على السلطات يبقى أمراً إلى الطبيعية أقرب»، لما أسموه «القمع والبطش الكبيرين اللذين تجابه بهما الشرطة وقوى الأمن ومن يسمّون بــ «الربّاطة» المتظاهرين.

ويشير المراقبون إلى أن «الأعداد تتزايد مرة عن الأخرى، بسبب ما أسموه حالة السأم التي يعيشها الكثير من السودانيين بسبب ممارسات النظام السياسية منها والاقتصادية»، لافتين أن المواطن السوداني أضحى غير قادر على توفير أبسط مقوّمات الحياة اليومية.

البيان

تعليق واحد

  1. لن تسقط حكومة ..الظلم والفسادوالكتائب الموالية..بالتظاهرات جمعة بعد جمعة..ومن يرى غير ذلك فهو واهم كما يدعون ..هذه هى الحقيقة..وعلى رأى جدتى رحمها الله ( البقول الحق يحضر عصاتو جنبو)

  2. حكومة البشير ساقطة ساقطة وليس البطش والتنكيل سيعصموها من الانهيار الاقتصادى المريع الزى سيعقبه انهيار فى مفاصل الخدة المدنية والدولة والجيش والشرطة ولن يستطيع الامن وكتائب البشير ونافع القبلية ان تقف اما الشعب السودانى بكافة شرائحه وسيناريو استخدام النعف والقوة العسكرية كما فى سوريا لن يحدث فتوازن الرعب السودانى يضع الحركات المسلحة والجبهة الثورية وتنظيمات البجا والاسود الحرة فى مواجهة مباشرة مع مليشيات النظام التى ستفتقد للسند الشعبى باعتبارها مليشيات حزبية فقط!

  3. .. اخرجوا هبوا لنجدة السودان وتخليصه من قبضة اللصوص المفسدين .. الموت واحد .. ان نموت فى قلب الشارع من اجل الحق والوطن .. افضل لنا مليون مرة من ان نموت تحت وطأة الظلم و الذل و الفساد والاستعباد .. ونحن الذين قد قلنا ..((( ان دعا داعى الفداء لن نخن .. نتحدي الموت عند المحن .. هذه الارض لنا .. فاليعش سوداننا .. علما بين الامم ))) .. هؤلاء الذين سلبوا ونهبوا الوطن وافقروا البلاد والعباد .. لم يكتفوا باذلال المواطن السوداني الغلبان .. بل اصبحوا يرهبون الشباب والشابات والنساء والامهات بالضرب المبرح و التعزيب .. حينما خرجوا يطالبون بحقوقهم التى كفلها لهم القانون وكفلتها لهم حقوق الانسان وكفلها لهم الضمير الانسانى .. ناكر الجميل زعيم العصابة .. الذى وقف معه نفس هؤلاء الثوار من قبل وقالوا (( لا )) لتسليمه للجنائية .. و ذات الثوار وقفوا معه فى مسرحية هجليج رقم الفرية و التمثيل .. و خرجوا معه .. و غنوا له رغم الضجيج و الجعجعة الفاضية .. كانت مكافأته لهم سيل من السباب و الشتائم .. و حزمة من المفردات الاستفزازية .. و وابل من الوعيد و التهديد .. و ويل لكل من يخرج و يعارض فسادهم و استبدادهم .. لكن الله يمهل و لا يهمل .. و ان الله مع الصابرين اذا صبروا .. و ان ينصركم الله فلا غالب لكم .. و ابدا لحكم الفرد (( لا )) ..!!

  4. Albashirs” regime will be toppled, either by peoples uprising or by KOUDA or by both of them, the regime days are numbered, this time it wont survive, its the law of mother nature…nothing is permanent but God

  5. بعض تغريداتى ما بعد الكنداكة

    ما بعد الكنداكة: المحرك الاساسى الان هم منظمات الشباب وقد قامت بدور رائد وبطولى وهى تنسق عموديا ولكن ينقص جسم وطنى تتجة الية الجماهير..

    ما بعد الكنداكة: الصلة بين مظاهرات ودنوباوى، بحرى، الحاج يوسف، الابيض، ام روابة هى تحركات تعتمد على التقدير لكل جهة

    ما بعد الكنداكة: نحتاج لجسم تنسيقى افقى بين المنظمات، الاحزاب، النساء، المجتمع المدنى، تحالف التغيير لقيادة وتنسيق التحركات فى كل المدن

    ما بعد الكنداكة: انشاء جسم وطنى: تحالف التغيير مناط بة ان يكون الجهة التى ينظر اليها الشعب لتنظيم خطواتء

    تحالف التغيير: مناط بة ان يكون الجهة التى ينظر اليها الشعب لتنظيم خطواتة وتصعيد النحركات حتى الاضراب السياسى العام والعصيان المدنى

    تحالف التغيير : لقيادة ثورة الحرية والعدالة والسلام والبديل الديمقراطى

  6. اضف الى ما ذكرته فى النقله النوعيه لتكوين نقابه الاطباء ايضا تحالف المحامين الديمقراطيين ووعدهم بتحريك مسيره سلميه من امام المحكمه الجزئيه اى القصر فايضا هذه دلاله الى وميض الثوره تضاف الى رصيد الاطباء وبالتالى الشعب السودانى هذا من ناحيه
    من ناحيه اخرى ان افلاس الدوله عما قريب سيقودها الى عدم امكانيتها من الوفاء بمرتبات العاملين خاصه فى ظل ارتفاع سعر الدولار مما سيقودها الى طباعه مزيد من النقد والذى لا يوجد له غطاء مما يزييد من حاله الانهيار الاقتصادى وحينها سيكون المجنون الاول هو السوق الذى سوف لن يكون له سقف متوقع لتضخم الاسعار فحينها ماذا سيفغل الشغب غير الخروج وحتى الحكومه لن تجد ما تصرف به على اجهزتها الامنيه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..