بدء ترتيبات ترحيلهم..جنوبيو الشمال من جحيم النزوح إلى رمضاء المعسكرات

الخرطوم : سارة تاج السر:
مع دخول الاستفتاء لمراحله الحاسمة اعلنت حكومة الجنوب عن رغبتها في اعادة 1.5مليون جنوبي بالشمال الى الجنوب في وقت وصف فيه شريكها في الحكم المؤتمر الوطني الخطوة بانها موضع شبهة سياسية في اشارة الى حديث نائب رئيس حكومة الجنوب دكتور رياك مشار والذي قال فيه ان الجنوبيين الذين يعيشون خارج الجنوب منذ عام 1956م لن يصوتوا في الاستفتاء مالم يهاجروا مرة اخرى للجنوب حسب نص قانون الاستفتاء، واعتبر المؤتمر الوطني الامر محاولة من الحركة للسيطرة على الجنوبيين بالشمال وعرقلة للاستفتاء قبل ان يدعوهم الى التصويت في مناطق اقامتهم، الا انه وبحسب المراقبين فان المشاكل الامنية واستمرار التوتر وعدم الاستقرار وغياب الخدمات الاساسية والمجاعات والجفاف و ضآلة فرص العمل تجعل العودة الطوعية في مهب الريح.

وبعيدا عن جدل السياسيين فقد منيت برامج العودة الطوعية التي انطلقت في العام 2005م بالفشل وكان العامل الامني بجانب عدة عوامل اخرى كاستمرار التوتر وعدم الاستقرار السياسي والظروف المعيشية الصعبة سببا في عودة آلاف الاسر
الجنوبية الى الشمال مرة اخرى، وكما يبدو فان الصورة لم تتغيير كثيرا بل زادت حدة التوترات بتصاعد هجمات جيش الرب على المدنيين بولاية غرب الاستوائية ومعارك الجيش الشعبي مع قوات الجنرال المتمرد جورج اطور في ولاية جونقلي ، وحسب استفانوس 32 عاما (خريج جامعي) مقيم في الخرطوم منذ 20 عاما فان انتشار الاسلحة غير المرخصة والالغام والمليشيات المسلحة هو مايثير روع المواطنين ويجعل من العودة الطوعية مجرد دعوة مطروحة لايرغب الجنوبيين في قبولها وقال استفانوس ان الجنوبيين المقيمين في الخرطوم والذين يمتلكون مصادر دخل ومنازل ربما اعرضوا عن قبول الدعوة الا انه رجح قبولها من النازحين بالمعسكرات الذين وصف اوضاعهم بالمزرية .
وماساقه استفانوس من اسباب لرفض العودة جنوبا يطرح ثمة اسئلة عن المغزى الحقيقي من وراء ترحيل النازحين ان لم يكن الامر خدمة لأجندة سياسية ؟ واين سيقيمون اذا عادوا ؟ ومن سيقوم بتفيذ وسائل عودتهم حكومة الجنوب ام على نفقتهم الخاصة؟ القيادي بالحركة الشعبية ونائب رئيس البرلمان اتيم قرنق قال أإن عودة الجنوبيين بقطاعاتهم كافة يساعد في عملية التنمية وتساءل اتيم في حوار نشر في الزميلة (الأحداث) في اغسطس الماضي قائلا ( إنتو عايزين الجنوبيين يظلوا نازحين يسكنون في بيوت من الجوالات والكرتون ونساؤهم يغسلن الملابس والعدة في البيوت؟ .. نحن نريدهن أن يصبحن مزارعات في قراهن يعملن شريفات.. فماذا يضير من ذلك؟ واضاف الحكومة الآن تصرعلى ترحيل نازحي دارفور إلى قراهم وتحاول إجبارهم بالقوة، لماذا يكون هناك تساؤل بشأن ترحيل نازحي الجنوب؟ هذا التساؤل يؤدي إلى علامات استفهام كثيرة.. ولعلّ أمر الرجوع متروك لخيار المواطن الجنوبي بالشمال لو كان ليست لديه إمكانيات ويريد أن يرجع إلى الجنوب لينتج لنفسه، هذا هو الذي نقصده بالعودة الطوعية .
فيما نفى منسق حكومة الجنوب لشئون العودة الطوعية في الشمال كور ماج شول ان يكون للعودة الطوعية علاقة باجراء الاستفتاء وشدد شول (للصحافة) على ان العودة الطوعية حق انساني كفلته اتفاقية السلام ولاعلاقة له بالسياسة مشيرا الى ان عودة الـ 1.500نازح هي مواصلة لبرامج العودة الطوعية التي انطلقت عام 2005م والتي علقت لاسباب مالية ، مشيرا الى ان كميات كبيرة من الاسر الجنوبية ترغب في العودة الى الجنوب وانتقد شول التصريحات المتبادلة بين القيادات السياسية في الشمال والجنوب وقال انها خلقت ترددا وتخوفا لدى المواطن الجنوبي من العودة، مبينا ان الاسبوع الجاري سيشهد عقد لقاءات تشاورية بين وزارتي الشئون الانسانية في جوبا والخرطوم لبحث ترتيبات عودة 1.500 جنوبي في الشمال الى الجنوب والتي اعلنت عنها حكومة الجنوب اخيرا واوضح ان حكومة الجنوب قد رصدت مبلغ 30 مليون جنيه سوداني للعودة الطوعية منها 4.5 ملايين للجنوبيين الموجودين في جمهورية مصر العربية وهو مايعادل 1.5 مليون دولار بينما خصصت الـ 25 مليون لعودة الجنوبيين المقيمين بالخرطوم والولايات الشمالية الاخرى مشيرا الى ان استئناف الرحلات سيكون عبر النقل النهري من كوستي ملكال بور جوبا ، والبري من الخرطوم كوستي اويل والخرطوم ، كوستي ، الابيض كادقلي ولاية الوحدة ، الخرطوم ، اعالي النيل وعبر السكة حديد من الخرطوم ، كوستي ، اويل واو ،مشيرا الى ان حكومة الجنوب بالتعاون مع الشركاء الدوليين وحكومة الوحدة الوطنية ستقوم بتخصيص مناطق استقبال (معسكرات ) للعائدين لمدة 3 اشهر في مدينتي جوبا و واو ، واضاف ان منظمة الغذاء العالمي تعهدت بتوفير الغذاء للعائدين طيلة هذه الفترة على ان يتم العمل على اعادة توطينهم بعد ذلك في مناطقهم الاصلية. وطالب شول منظمات الامم المتحدة والشركاء الدوليين بدعم مناطق الاستقبال وتوفير الخيم والغذاءات والمعينات الصحية والتعليمية الطارئة واصفا جيش الرب بانه اكبر مهدد لعودة الجنوبيين داعيا الى تشجيع كافة الجهود المبذولة من اجل تدعيم الوضع الامني لولاية غرب الاستوائية.
من جهته كشف حاكم مقاطعة ابيي دينق اروب عن عودة 36 الف نازح حتى نهاية الشهر الماضي وقال ان المسح الذي تم اجراؤه للنازحين في ولايات الشمالية والابيض والنهود والدمازين وبعض ولايات الشرق قد كشف عن رغبة حقيقية واكيدة في العودة مردفا(ما مسألة خم للناس) واكد اروب (للصحافة) ان الاحداث الدامية التي دارت بالمنطقة في مايو 2008 م قادت الى عودة عكسية قبل ان يشير الى استئناف الرحلات مرة اخرى وطالب اروب السلطات المختصة بالعمل على توفير الامن وحماية المدنيين في الطريق الرئيسي وقال ان تنظيم رحلات العودة الطوعية يعد من واجبات حكومة الوحدة اما ضمان توفير الامن فيقع على عاتق القوات المشتركة وبعثة الامم المتحدة حسب نص بروتوكولات نيفاشا واردف اروب ليس من العدل ان ننظر للعودة الطوعية من زاوية سياسية مشيرا الى ان حق تقرير المصير حق انساني واساسي واعتبر العامل الامني هو المهدد الحقيقي للعودة الطوعية مؤكدا ان الظروف المعيشية للعائدين لن تكون اسوأ من تلك التي كانت بالمعسكرات موضحا انهم قاموا بانشاء آلية دعم لمساعدة العائدين عن طريق تكافل المجتمع المحلي وطالب اروب بعثة الامم المتحدة وحكومة المركز بالايفاء بالتزاماتها في ترحيل النازحين الى مواطنهم الاصلية باعتباره اولوية قبل الاستفتاء.
غير ان الباحث والكاتب رمضان محمد عبد الله قوج طرح آراء ذات مدلولات سياسية للعودة الطوعية وقال قوج في ورقة له نشرت بصحيفة السوداني في سبتمبر الجاري ان الترحيل سيساعد فى تقليل عدد الجنوبيين خارج جنوب السودان مما سيضمن الحصول على النصاب المطلوب لقانونية الإستفتاء كما سيقلل من فرص التزوير فى الشمال ويضع حداً لحلم المؤتمر الوطنى فى السيطرة على موارد الجنوب وإمكانياته وقدراته، وطالب قوج حكومة الجنوب بالإسراع لإنجاز هذه المهمة قبل هطول الأمطار فى الجنوب لأنه بعد هطول الأمطار سيصبح من الصعوبة بمكان تحقيق هذه المهمة، كما دعاها الى العمل على إرسال الوفود إلى الشمال للجلوس مع أبناء الجنوب من الفعاليات السياسية والادارات الأهلية من العُمد والمشايخ لإجراء حوار عميق حول مشاركة الجنوبيين فى الشمال فى الإستفتاء وتكوين لجان العودة الطوعية، متهما المؤتمر الوطنى ومنسوبيه من أبناء الجنوب فى الشمال بالعمل على تضليل الرأى العام الجنوبى حول الأوضاع الإقتصادية والأمنية والإجتماعية فى الجنوب بعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل، واثار قوج نقطة مهمة وهي قضية الاوراق الثبوتية( الجنسية ، البطاقة الشخصية ، الجواز) للجنوبيين الذين يعجز اغلبهم من استخراجها في الولايات الشمالية لمحدودية دخلهم وعملهم في اشغال هامشية لاتوفر لهم دخلا ورأى قوج ان الجنوبيين سيعانون معاناة كبيرة فى الحصول على الوثائق لأن المؤتمر الوطنى لايرغب فى أن يحصل أي شخص من غير منسوبيه على أية وثيقة من هذه الوثائق الثبوتية واردف قائلا: في فترة التسجيل فى سجل الإستفتاء فى الشمال سيعمل المؤتمر الوطني على تسهيل إجراءات الحصول على شهادات السكن لمنسوبيه من اللجان الشعبية فى الأحياء المختلفة وهذه الشهادات يتم إصدارها لغرض يتم تعريفه فى الشهادة، فاللجان الشعبية تحدد فى أية شهادة صادرة منها الغرض من إستخراج الشهادة وهذه الشهادات لديها فترة صلاحية محددة لاتتجاوز الشهر، والمفيد فى هذه النقطة هو أن المؤتمر الوطنى يهدف حسب قوله لزيادة عدد المسجلين فى الشمال لذلك ستصدر عدد كبير من شهادات السكن التى ستمكن منسوبيه من التسجيل بإعتبارهم جنوبيين لديهم الحق فى المشاركة فى إجراءات الإستفتاء، وواصل مشيرا الى ان بعد التسجيل سيصعب الحصول على شهادات السكن من اللجان الشعبية لأن هدفها بعد إعداد السجل سيكون التقليل من عدد المصوتين الذين يتوقع أن يصوتوا لخيار الإنفصال، موضحا ان أي شخص تتوقع قيادة المؤتمر الوطنى أنه سيصوت للإنفصال لن يحصل على أية وثيقة لإثبات هويته لحظة الإقتراع.

الصحافة

تعليق واحد

  1. ياناس ريحونا انا شمالى وامنيتى الانفصال خلونا فى همنا بترولكم بخيت وسعيد عليكم بس حلو من سمانا نحن والحمد لله فى الشمال الموارد بخير ونحنا الزمن ديه كلو شاينكم ايه الحصل بس تاخرنا كثير بسببكم اريحونا ربنا يقلعكم ومن معكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..