بسبب "الحماية".. سحر العولمة ينقلب على الدول الرأسمالية

يبدو ان سحر العولمة بدأ ينقلب على الدول الرأسمالية التي كثيرا ما نادت بفتح الاسواق والحدود وحرية تنقل الافراد والسلع، غير انها اليوم تفضل الركون الى الحماية في خطوة قد تعصف لاحقا بالنظام الاقتصادي في العالم.

ويقف النظام الاقتصادي العالمي الحالي في مفترق طرق بين استمرار دعوات قديمة للمضي في تشديد الاجراءات الحمائية للاقتصادات الوطنية في مقابل تزايد مخاوف الخبراء من انهيار فعلي لنظام العولمة الذي نجح حتى الآن في احتواء الازمات وحماية وتيرة النمو لدى الاقتصادات الناشئة على وجه الخصوص.

ويحذر الخبراء من ان يكرر التاريخ نفسه بالنسبة لمصير النظام الاقتصادي العالمي الحالي قياسا لما حدث قبل الحرب العالمية الاولى وهي الفترة التي تميزت بالتكامل والتوسع العالمي في ظل ما كان يعرف بنظام "اقتصاد العالم" لكن تلك المكتسبات نسفت تماما بعد الحرب.

وتسود حالة من التشاؤم في قدرة نظام العولمة حاليا على الصمود في ظل تواتر الأزمات المالية والاقتصادية وتشابك تلك القطاعات مع التوترات السياسية واعتلال المناخ، فضلا عن تردد القوى العالمية في اتخاذ مواقف ايجابية ضد السياسات الحمائية.

وقد حذر وزير الأعمال البريطاني فينس كيبل في وقت سابق مثلا من ان العولمة قد تتعرض للانهيار ما لم تأخذ دول العالم موقفا قويا ضد اجراءات الحماية التجارية.
وقال الوزير البريطاني "لا يمكننا مجرد افتراض أن العولمة ستستمر هذه المرة لأنها لم تستمر في ذلك الحين … الوضع اليوم هو أنه ما لم يكن هناك التزام سياسي جاد للغاية فستواجه مجددا خطر الانهيار ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك."

وتعطلت محادثات الدوحة منذ عامين بسبب خلافات بين القوى الغنية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند بشأن إلى أي مدى ينبغي للدول الفقيرة أن تفتح أسواقها.

ويقول مفاوضون إنه لن يتسنى التوصل إلى اتفاق قبل 2011 على أفضل تقدير.
وتعترف منظمة التجارة العالمية من ان النظام التجاري العالمي قد ساعد الدول النامية على مكافحة الفقر من خلال الحد من تنامي السياسات الحمائية خلال الأزمة المالية.

وقال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي إن من المدهش أن الاقتصادات الناشئة هي الآن الأكثر حماسا في الدعوة إلى اختتام جولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية إذ أنها تتطلع لاستفادة أكبر من إعادة صياغة قواعد التجارة العالمية.

وجاءت تصريحات لامي فيما تستعد الأمم المتحدة لمراجعة مدى التقدم في مكافحة الفقر في العالم عبر منظومة من الأهداف تعرف بأهداف التنمية للألفية.
وقال لامي أمام منتدى للمنظمة "حتى الآن صمد النظام التجاري متعدد الأطراف أمام الأزمة بصورة جيدة وتمت حماية الدول النامية من… موجة كبيرة من الحماية."

وحسب تقديرات منظمة التجارة العالمية فإن قواعد النظام التجاري والتي تشجع الدول الأعضاء البالغ عددها 153 دولة على إبقاء حدودها مفتوحة، ستمكن التجارة من النمو بواقع عشرة في المئة هذا العام بعد انكماشها بنسبة 12 في المئة في 2009 خلال الأزمة الاقتصادية.
ويفترض ان يشكل ذلك النمو مساهمة رئيسية في مساعدة الدول النامية لمواجهة هذه الأزمة.

ومن بين التغيرات الكبيرة في أنماط التجارة العالمية أن الدول النامية باتت تتاجر بصورة أكثر كثافة مع بعضها البعض في العقد الأخير من ذلك ان هذه التجارة بين الجنوب والجنوب أصبحت تمثل 50 بالمئة من تجارة العديد من الدول الفقيرة مما يحل محل العلاقات التجارية القديمة مع القوى المستعمرة السابقة.

لكن بالرغم من تلك التغييرات فإن الدول الفقيرة تحتاج الى اسماع صوتها بقوة في المفاوضات الخاصة باتفاق الدوحة الذي يظل ضروري بالنسبة اليها لحماية اقتصاداتها الهشة من "الحماية التجارية" والممارسات التجارية غير العادلة للدول الغنية.

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..