‏21 طلقة لزعيم ليس من هذا العصر

في البدء استميح شاعرنا المجيد محمد المكي ابراهيم في أن اقتبس عنوان إحدى قصائده ‏المشهورة و التي يمجّد قيها كفاح الشعب الفيتنامي أمام العدوان الأمريكي حيث كان عنوان ‏القصيدة:(21 طلقة لهانوي). و لما كان الشيء بالشيء يذكر. و لما كان الظلم و العدوان لا ‏يزالان سمة للمعتدِي القديم الجديد، و لما كان في المقابل من يقف في الرصيف المقابل أو ‏المُقاوِم في شموخ أمام الظلم و العدوان الجديدان. فإننا نجد أنفسنا نقف إجلالاً و إكباراً أمام سيرة ‏و موقف زعيم من هذا العصر، و أن نطلق 21 طلقة إجلالاً لشخصه و لسيرته الفريدة الناصعة ‏و لموقفه و وفائه الأسطوري. ذلكم هو المُلاّ عمر.‏
هو زعيم من طراز فريد ليس من طينة الزعماء في هذا العصر، الذين يعشقون الظهور في ‏شاشات التلفاز، و يجيدون إطلاق التصريح تلو التصريح بمناسبة و بلا مناسبة.أما هو فقد كان ‏زاهداً في الظهور الإعلامي و في مقتنيات الدنيا و اكتفى بالزعامة السياسية و الروحية في وطن ‏تحيط به الحروب و الأزمات و التدخلات الاجنبية. فقد شغل المُلاّ عمر الدول و الناس. و ذلك ‏حينما رفض تسليم اسامة بن لادن. ثم اختفى و لم يستسلم أو يُسلّم، لما بدأت جيوش الظُلم تدك ‏أسوار دولته. و لكنه كان اختفاءً اقوى من الحضور، فقد كانت أقوى مخابرات العالم تبحث عنه ‏بكل وسائلها المتطوّرة و أجهزتها المتقدّمة و أعينها الراصدة.‏
‏ و كانت وسائل الإعلام العالمية و مراسلوا الوكالات العالمية يُمنّون انفسهم بالحصول و لو على ‏مجرد مقابلة معه أو مجرد تصريح صحفي منه.‏
يقول الدكتور أحمد موفق زيدان‎:‎ ‏ في مقال له يصف لقاءه معه في عام 95 ( لم أفكر للحظة ‏واحدة أنه المُلاّ عمر محمد عمر، فالبساطة والعفوية سمة الملا ، الذي يفتقر إلى أي نوع من ‏أنواع الحراسة، والبروتوكول الذي اعتاد عليها قادة الأفغان المجاهدون الذين رافقناهم خلال سني ‏الجهاد معدومة، فقدومه وهيئته يُرسلان رسائل واضحة، أن القوة والحضور والسلطة في ‏الشخص لا في أدوات شكلية.‏
كما يقول في معرض حديثه عن المُلاّ عمر ( كان بن لادن يتحدث عن المُلاّ باحترام وتقدير ‏كبيرين، فقد كان ابن لادن يروي قصص رفض المُلاّ عمر لمغريات ضخمة عُرضت عليه مقابل ‏بيعه ابن لادن أو طرده على الأقل،‎..(‎
كما يروي كيف أنه رفض عرضاً صينياً بتعبيد كل طرق أفغانستان حسب المواصفات العالمية ‏مقابل تسليمه بضع مئات من المسلمين التركستانيين الذين لجأ إليه،و لكنه رفض.‏
لقد أفلت المُلاّ عمر من براثن و شراك تحالفاً دولي ضمّ أكثر من 50 من أقوى دول الأرض، ‏وبتعاون استخباراتي عالمي غير مسبوق، ومع هذا فشل العالم كله في تعقب المُلاّ عمر ، الذي ‏لم يجزم حتى الآن بشكله أو بصورته، فقاتل بغموض شخصيته، ورحل عن الدنيا كما جاء بسيطاً ‏و زاهداً و غامضا.ً و ترك العالم يتجادل بشأنه ميّتًا، كما تجادل وربما بشكل أقوى منه و هو ‏حيّ‎.‎

بغض النظر عن التوجه السياسي أو الأيديولوجي للمُلاّ عمر ،إلا أنه يقف شامخاً كنموذجٍ ناصعٍ ‏لقائد شجاع ذو التزام يتزعزع بالمباديء و العهود. كان المطلوب من المُلاّ عمر حيننذاك (حسب ‏طلب أمريكا- بوش) أن يقوم بتسليم بن لادن لكي يسلم هو و يسلم حكمه. لكنه لم يتردد و لم ‏يساوم. و كان في إمكانه ذلك، و لديه ألف عذر و عذر، حسب منطق و تفكير البراجماتيين، و ‏الجبناء، و أصحاب المصالحة الشخصية من السياسيين. و معظم السياسيين و رجال الحكم ‏خاصة عندما يصل الأمر إلى زحزحتهم عن كراسي الحكم. ‏
عندما يكون الأمر يتعلق بموضوع التنازل عن الكرامة الوطنية ، أو التنازل عن المبدأ و العقيدة ‏الفكرية أو الايديولوجية، كم من الزعماء أو الرؤساء في العالم يستحقون الإحترام و التقدير؟
إن الأمر لا يحتاج إلى كثير تفكير أو كبير عناء للإجابة فيكفي إجالة النظر يُمنة أو يسرة لكي ‏نجد الإجابة فهي واضحة و معروفة سلفاً: إن وجد واحد من مثل هؤلاء الزعماء أو الرؤساء فذلك ‏كثير.خاصة بين الزعماء أو الرؤساء في العالم الثالث. ‏
إن المُلاّ عمر بموقفه الفريد الذي اتخذه هذا قد مزج في موقفه بين المبدأ و التطبيق.أو كما ‏يقول أهل الفلسفة بين النظر و العمل. فكم مثل المُلاّ عمر تنازل عن منصبه أو بزعامة و رئاسة ‏بلده لتسليم شخص أجنبي و غريب عنه حسب مصطلح الآخرين. ليس هذا فحسب بل قرر ‏العمل وفق منطق الزعامة كما يراه و يفهمه هو. فاتخذ قرار صعبا بتجاهل التهديد الأمريكي و ‏مواجهة الآلة العسكرية المدمرة و الظالمة. ‏
و طوال سنوات قضاها مطارداً و مشرداً، بين الملاجيء و المخابيء، لم يفكر مطلقا في أن ‏يجري الإتصالات للنكوص أو التراجع عن قراره. بل اكتفى بلعق جراحه في بطولة برومثيوسية ‏دون ان يطأطيء رأسه و دون أن يمرّغ مبادئه في أوحال السياسة و أقذارها و التي برع غيره ‏في ابتكار الأساليب التي تمهد لهم الحفاظ على كراسي حكمهم.‏
التحية و الإحترام للمُلاّ عمر ذلك الرجل الذي كنا نرقب ردة فِعله و نحن نرى العتاد العسكري ‏الحديث يُحشد على أبواب دولته. و وفق ما خبِرنا و اعتدنا كنا نظن أن المُلاّ عمر سوف يُسلّم ‏ذلك (الأجنبي) الغريب على بلاده ( بن لادن) و يكفي نفسه شرور مواجهة الدولة العظمى., و ‏لكنه كذّب حساباتنا و خيّب ظننا و ق اعتناعلى رؤية مشاهد الاستلام و المساومة و نكوص و ‏تراجع الزعماء عن مبادئهم و عهودهم.‏
و اليوم تحمل الأنباء نبأ موتِه و هو لا زال مُطارداً. نرى مشهداَ آخر، انه موت كريم، موتٌ يغيظ ‏العِدا، و هل يذهبنّ كيدهم ما يغيظ؟ ‏
ان المُلاّ عمر قد نال احترام العالم و قبل ذلك احترام شعبه. فاستحق أن تُخلّد سيرته و أن يُكرّم ‏بإطلاق 21 طلقة تخليداً لشخصه و تعظيماً لسيرته الفريدة الناصعة و لموقفه الراسخ و وفائه ‏الأسطوري.‏
[email][email protected][/email] ‏ ‏

‏ ‏

– – – – – – – – – – – – – – – – –
تم إضافة المرفق التالي :
002.jpg

تعليق واحد

  1. أي احترام ثمنه تدمير امه .. هل اسامه بن لادن خير من شعب بأكمله .. واي شجاعة .. وهو مات مختبأ .. الرائد لا يكذب اهله .. و يضحي بنفسه لينقذ قومه ..

  2. إذا كان الوقوف في وجه القوة العظمى يمثل الحق مطلقاً , فإن إبليس اللعين أولى بطلقاتك الـ21 ؟! الملا عمردمر بلاده ومارس القتل والتنكيل وإزلال المخالفين , وأهان المرأة كما مارس الهوس الديني بصورة تكاد لا تجد لها مثيل.. فيا عزيزي دعك من المظاهر والقشور وأبحر في العمق ستجد أنك في حاجة لا عادة النظر فيما تقول …هداني الله وإياك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..