حتى من به مس

بسم الله الرحمن الرحيم
يوم أمس ..تحول ختام تشييع راحل عزيز ..إلى نوع من الكوميدياء السوداء… فبعد انتهاء الدفن صمت الكل كالعادة للتأمين خلف الذي يدعو للميت..وهو شيخ معروف..وصوته كان خفيضاً لكنه مسموع..فإذا بشاب ابتلى في عقله ويعقب بعد الصلوات أحياناً يتدخل بالدعاء بصوت جهوري سحب تأمين المشعيين ..فأصبح يردد ..اللهم إن كان محسناً فزد في احسانه..فرددها خمس مرات بصوت جعل المشيعين مستغرقين في التأمين خلفه..حتى فاجأهم قائلاً ..((اللهم إن كان مؤتمراً وطنياً فطلع (د…..ـه)!!! )) فانفجر المشيعون في ضحك داوٍ أربك المشهد الحزين..
هكذا وصل السخط من الحزب الحاكم حتى إلى لا وعي أو وعي من به مس..وحامد ممتاز يردد في لقائه الصحفي الأخير أن جميع الناس قد صوتوا للحزب في الانتخابات الأخيرة..وأن الحزب يمكن أن يحكم لخمسين عاماً !!؟.. ويصاب المرء بدوار الأسئلة الحيرى..فأي نوع من مغالطة النفس يعيش فيه هؤلاء ..ليصدقوا وهماً يصنعونه بأنفسهم..يدفعون له مما اقططع من لحمنا الحي لحشد الحشود..ويشيعون في الناس وهم ود صادق يكنه لهم شعب مغلوب على أمره..أهو يا ترى ود الجرح للسكين !!؟
ويتوالى الدوار لتزدحم التساؤلات عن أي العوامل الموضوعية ..تتضافر لتجعل مثل هذا الواقع سائراً فينا ..أهو الخوف من التغيير ؟ أم من وسائل قمع الجلاد..ورهانه على القمع حتى نشر صور لقوات مكافحة الشغب ..مفتولي العضلات كأنهم من رواد المصارعة ؟ وسن قوانين لمكافحة التظاهر لإسكات أي صوت سلمي معارض؟
وصولاً إلى رهان سحق حركات الهامش المسلحة في أي صيف كان ..وإن رُحل حساب كل صيف إلى الذي بعده حساباً مدينا.. في ظن خائب يصور الساحة خالية من أي مخاطر على النظام عند سحقها..والصحيح أن النجاح في ذلك وإن تحقق جدلاً..إنما يخصم من مزاعم شرعية الوجود.
في نير هذا الواقع الآسن ..تخرج أصوات تثق في فجر قريب..وتثق في نفسها وشعبها وقدرته على قلب الطاولة على الطغاة..كما أبدع فضيلي جماع في قصيدته الأخيرة..أو صرح الخطيب في لقاءه الصحفي..ولا مجال للتساؤل عن أي الرهانات أرجح ربحاً ..فليست دروس التاريخ وحدها من ترجح ..ولكن عقم الفكرة ..ومولودها الشائه..الذي يؤكده حتى بعض عقلاء معتنقيها تحسراً ..يحفر ذلك بحديد صدئ في وجه أمثال حامد هذا.