يسألونك عن الإنتفاضة !!!

أيُّها السائل عنها .. أنت في قلبها .. الا تُحس نبضها !! الا ترى أشراطها ؟ الا تسمع وقع حوافر عادياتها ؟ الا تسمع صهيل خيولها ؟ الا يُشنِّف آذانك قرع طبولها ؟ الا يطربك عزف نشيدها ؟ الا تشم عطرها الباريسي يفوح من أردانها ؟ الا تشجيك عصافيرها تغرد في زنازينها ؟ الا تصبغ عينيك حمرة الدماء تُسكب في جامعاتها ؟ الا ترى أشلاء أطفالها تتطاير في هوامشها ؟ الا تسمع نحيب الثاكلات في غربها وشرقها وجنوبها وشمالها ، وفي قلب عاصمتها ؟
إنَّها أيها السائل عنها في قلب الشارع … في عزيمة طالب يحمل حجراً وسط المدافع … في جامعة كردفان ، وجامعة الخرطوم ، وجامعة الإمام ، وجامعة البحر الأحمر ، وجامعة النيلين ، وجامعة دنقلا ، وجامعة سنار ، والأهلية ، وجامعة القرآن .
إنَّها أيها السائل عنها في دماء شهدائها ، أبو بكر الصديق ومحمد الصادق ، وفي صمود سجنائها ، عروة وعماد الصادق ، وعاصم عمر ، ومي عادل ، ووفاق قرشي ، وحسين حران ، وغدير عبد الوهاب ، وأنس أبو القاسم ، وآدم حسن محمدين أبو زرقة ، وبدر الدين صلاح ، وحسين الضي ، ومحمد سليمان ، وفتحي محمد ، ونفيسة محمد ، ومحمد محجوب ، ومحمد عمر دقنو ، وموفق محمد ، ووليد بشير عبد الباقي ، ومرتضى هباني ، ومحمد فاروق ، وأحمد زهير ، وإبراهيم أبو سمرا ، وصفاء مضوي ووالدتها .
إنَّها أيها السائل عنها في لجنة أطباء كوستي وصمودها .. وفي نداء الواجب الي الأمة من إمامها .. وفي رسالة الأستاذ صلاح محمد عبد الرحمن الي إبنه بدر الدين ورفاقه المختطفين من مكتب الأستاذ نبيل أديب المحامي الي السجون ، بأنَّ شمس الحرية ستشرق ولن يستطيع أحدٌ حجب ضيائها .. وفي مخاطبات الأستاذة زينب بدر الدين والدة الأبطال محمد وبدر الدين وولاء ، تتحدث في الأسواق وساحات المساجد ، تشعل الثورة وتزكي أُوارها .. وفي غروب الشمس الحزينة في مقابر حمد النيل والجموع تشيع محمد الصادق شهيدها .. وفي دموع أمه تبكي سندها .. وفي صدمة جدته تُشبِّك يديها فوق رأسها .
إنَّها أيها السائل عنها في الفصل التعسفي لسبعة عشر طالب من طلابها .. وفي القرارات الخائرة الجائرة بإغلاق جامعاتها .. وفي إدانة الضحية وتبرئة جلادها .. وفي الأستاذ عصمت محمود الذي كان رجلاً أُمَّة يُفدِّي ويحمي شبابها .
إنَّها أيها السائل عنها في غزوة مكاتب المحامين واعتقال الطلاب والعاملين من داخلها .. ومصادرة ملفاتها وكمبيوتراتها .. وفي غزوة المحيريبا لاعتقال أحد طلابها ، فأراهم أحفاد ود حبوبة كيف يكون لطامها.. وفي غزوة هيبان تسيل فيها دماء الأطفال وتتناثر أشلاؤها!!!
إنَّها أيها السائل عنها في انقطاع مائها وكهربائها ، في لفح هجيرها .. وفي المضحكات المبكيات ، في المولدات المتحركة وكل الحلول الفاشلة .. وفي احتلال الأهالي الغاضبين بمدينة القضارف لمباني الشركة السودانية للكهرباء ومنزل مديرها .. احتجاجاً على انقطاع التيار في أحيائها !!!
إنَّها أيها السائل عنها في الإنهيار وكارثة تشرنوبل التي أصابت إقتصادها .. وبشيرنوبل يدعي أنها الآن في أحسن حالاتها.. وفي الضحكات الرئاسية الماجنة والنار تشتعل في أرجائها .. وفي إفادة الوزير السابق لماليتها .. بأننا قريباً سنصل الي حالة زيمبابوي التي اتخذت الدولار بديلاً لعملتها!!!
إنَّها في التصريح المجنون لوزير دولة إعلامها : سنقاتل حتى لو خسرنا كل الشعب ، لنحكم أشباحها .. وفي تصريحات حسبو ( نحن دولة ترفض الظلم وتقف ضده ) مدعياً كذباً أنه نجاشي زمانها !!!
إنَّها أيها السائل عنها في هروب قيادات الدولة والحزب الذين استدعتهم الإنقاذ في بداية عهدها .. وشردت الآلاف من أجلهم متباهية بأنهم أصلب عناصرها .. وفي اعترافات أنس عمر الذي أهلته كفاءته في استخدام السيخ في الجامعة الأهلية لأن يكون أحد كوادرها ولشرق دار فور واليها !!!
إنَّها في مذكرة الإثنين والخمسين الذين رأوْا وميض النار خلل رمادها .. وفي توقيت إخراجها .. وفي الصراع الدائر داخل القصر حولها .. وفي دعوة اللواء عابدين الطاهر ، المدير السابق لشرطتها.. بتسليم السلطة للقيادة العامة للجيش قبل فوات أوانها .. وفي صراع وتخبط الأجهزة الرئاسية والأمنية في مخابئ اجتماعاتها .. كيف تُجهض الإنتفاضة وكيف تنزع فتيلها !!!
إنَّها أيها السائل عنها في الهلع المضحك للأجهزة الأمنية ومداهمتها للأندية ، لوقف ومنع احتفالات مجموعة المبادرات النسائية لتكريم السيدة عوضية كوكو رئيسة جمعية بائعات الشاي والأطعمة .. وفي كتم أنفاس الجريدة وإخراس صوتها ومصادرتها كل يوم بعد الطباعة لمضاعفة خسائرها !!!
إنَّها أيها السائل عنها في جنازة البحر التي ينفر أهلها من نتنها .. وتتحلق حولها نسور الجيف ، مبارك الفاضل وحسن اسماعيل وإبراهيم السنوسني وكمال عمر ، يدافعون عنها ، ويزيدونها نتناً على نتنها !!!
إنَّها أيها السائل عنها في كل لمحة ونفس ، ولكنها لن تكون كالثورات والإنتفاضات من قبلها .. لن تكون كسبتمبر ، ولا كأبريل ، ولا كأكتوبر ، بل فريدة لها بصماتها .. ناعمة كابتسامات فتياتها .. غضة كأشلاء أطفالها .. لكنها حاسمة وخانقة .. لن يفلت من قبضتها أحد من أعدائها .
إنَّها أيها السائل عنها انتفاضة العلم والنور ، انتفاضة ذكية ، تعرف عدوها ، وتحسب خطواتها ، وتسير نحو أهدافها ، ولا شك أنَّها بالغةٌ منتهاها.. ولكن متى يكون يوم فصلها فإنما علمه عند ربي لا يُجلِّيها لوقتها الا هو .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أين إختفيت أيها الرجل الزين ، أسابيع مرت دون ان نراك .
    شكراً علي هذه القطعة الأدبية المموسقة ، نواميس الكون وسنن الحياة أخبرتنا وتخبرنا كل يوم ان لا شيء باقٍ ، كلٌ له نهايته ، كل شَيْءٍ هالكٌ إلاّ وجهه . ليت القوم يعلمون ان الأيام دول وأنها لو دامت لغيرك لما آلت إليك ، ان لم يكونوا يؤمنون بأبجديات ديننا الحنيف وأنه يُعطي لمن يشاء ويُنزعُ ممن يشاء ،فليتدبروا دروس التاريخ
    و حِكمِه ، بل ليعملوا عقولهم في فيزيائية الكون وكيمياء الحياة التي لا يختلف إثنان في كيف تعمل وما تنتهي اليه من نتائج ، لن يسلمونها لعيسي ولكنها سوف تنتزع منهم انتزاعاً .
    أين القياصرة الأُوَل اهل العناد ***** أين الذين تكبروا في ذَا البلاد
    وكذا الفراعنة الطغاة أهل البلاد ***** هزمتهم الدنيا الدنية و الهوي
    أو كما قال المادح ….
    إن فجر الخلاص آتٍ لا ريب ، يرونه بعيداً ونراه قريباً..
    شكراً اخي مهدي والله أكبر علي المتجبرين .

  2. القلب الرهيف
    @@@@@
    مالك يا قلب كسرتني ، هزمتني ، مالك يا قلب أحزتني أوجعتني ، وجعلتني ملكياً أكثر من الملك ،تباً لك أيها القلب الرهيف .
    مالك يا قلب نصبتني امير، حتي صدقت نفسي وأ وهمتها بأنني أصبحت فعلاً أميراً للمؤمينين ، كم ايقظتني أيها القلوب العطوف عند أنصاف الليالي ؟، وحملتني أوزار الطغاة اللئام المجرمين ، الظالمين تجار الحرورب ، كم أرهقتني وأجبرتني علي الصلاة والدعاء علي من كان سبباً للبلاء ،تباً لك ايها القلب الشفيف ألا تري دموع عينيي صاحبك تجري مثل أمطار الخريف ؟، ألم تري مواكب الحزن الكئيب تطوف أم القري عاصمة البلاد؟ ، ألم تري أطراف البلاد تناثرت حولها أشلاء الجثث ؟، مواقف البصات تنؤ بجيوش المتسولين اطفال ونساء ورجال ، مكبات النفايات يحاصرها المشردونبحثاً عن طعام أو كساء أو شيء ثمين ، سائق شاحنة النفايات يحكي بصوت حزين ، كيف اصبحت مهداً وأسرة تهدهد الأطفال , وسيء الحظ منهم كان نهشاً لكلاب الضالة والقطط السمان ، حتي اصبحت كل المدائن في عهد أمير المؤمنين المبارك تحتاج لدارين أو ثلاثة (مايقوما دار) ، آه آه آه أيها القلب الضعيف ، كراسي بائعات الشاي تزاحم عدد ذرات الغبار مرصوصة من الفلل الرئاسية وحتي ملتقي النلين ، تُشير للزائرين بلا وجل أو خجل سؤ من يديرون إقتصاد البلاد، وعطال مبني عند الشاطىء الآخر، سموه سخرية مبنى نوام البرطمان ، وبداخله شيخ كأن مظهره وقور، خطته العشرية ختان كل نساء السودان ، وأعلن جائزة مالية كبيرة لكل من يقبض إمرأة أوفتاة سعيدة أفلتها الختان ، وأقسم بلحيته أن تذوق كل مولودة حلاوة الختان ، وعندها سوف تحل كل مشاكل السودان . تحية ممزوجة بالأسي والأحزان يا نوامنا البرطمان .

  3. انت يا دكتور اديب وروائي اخذته السياسة من المحافل الادبية . من غيرك يستطيع ان يجسد معاني الثورة حتى تكاد تراها بعينيك .

  4. وقل للسائل عنها إن الثورة القادمة قد ظهرت علاماتها أيضا فى الإنهيار العام فى كل مرافق الدولة إن كانت هنالك دولة أصلا ..إنها ثورة كشلال عارم يجرف فى طريقه كل الأدران والأوساخ التى علقت بجسد الوطن ليذهب بها بعيدا إلى مصب مزبلة التاريخ الواسعة التى تسع كل شئ حتى ديناصورات السياسة العالة على الوطن وشعبه نريدها أن يجرفهم هذا الشلال الهادر..
    إنها ثورة الدماء الحارة ثورة شباب نفير وأين المفر وقرفنا وشارع الحوادث والبقية من شرفاء بلادى ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..