أشاور؟! هي التي تتخذ القرارات الخطيرة..غازي صلاح الدين في حوار : الصحافة الورقية رحمها الله.. وحقائق الثورة الاسفيرية تفرض نفسها.

حوار: حسن البطري :

الدكتور غازي صلاح الدين.. أب.. وجد.. سقط رأسه في أم درمان في الخامس عشر من نوفمبر من عام واحد وخمسين وتسعمائة بعد الألف، الميلادية.
تخرج في كلية الطب جامعة الخرطوم في عام 8791م،
عمل طبيباً بمستشفيات السودان ردحاً من الزمن،
ثم اتجه إلى المملكة المتحدة، وقضى بها نحو خمس سنوات ونيفاً. وعاد إلى السودان، وعمل أستاذاً بكلية الطب جامعة الخرطوم. ومنذ أغسطس 1991م ظل يشغل مناصب وزارية وسيادية.. التقيناه، في نهارات رمضانية، وكان هذا الحوار.

٭ كيف ومتى دخلت الحركة الإسلامية؟
ــ في السنة الأولى من كلية الطب كنت أميل إلى التدين من غير انتظام في جماعة بعينها ودخلت الحركة الإسلامية برغبتي.
٭ هل إذا عاد الزمان القهقرى ستختار ذات الخيار؟
ــ اذا كانت المعطيات هي نفسها فالإجابة بنعم، ولكن سؤالك كان ينبغي أن يكون إذا واجهك نفس القرار الآن (عام 2102) وأنت في عمر الالتزام هل كنت ستنضم إلى الحركة الإسلامية الراهنة؟
٭ السؤال مطروح؟
ــ ما حا أجاوب.
٭ ليه؟
ــ لانه ده سؤالي.
٭ الحركة الإسلامية تقدم الدواء وهي عليلة؟ هل ثمة خلافات حقيقية داخل الحركة الإسلامية أم مجرد أمزجة وتعارض مصالح وربما بسبب الندية؟
ــ الحركة الإسلامية الآن ليست في حالة واضحة المعالم يمكن الحكم بشأنها.
٭ بعض الإسلاميين، يقولون إن الحركة الإسلامية كانت تحكم بمشاعرنا الآن تحكم باسمنا؟
ــ هي لا تحكم أصلاً، ولم تحكم سابقاً وليس واضحاً حتى إن كان ينبغي أن تحكم، هذه قضية بدأت تشكل على أصحابها.
٭ شهد رمضان قبل أعوام، ما عرف بـ (المفاصلة) هل تلوح في الأفق لقيا من جديد؟
ــ لا مؤشرات عملية على ذلك. وهذه على كل حال قضية لا تشغل بال السودانيين فلا تشغل نفسك بها.
٭ رسائلك إلى الدكتور حسن عبد الله الترابي ــ عندما كان في الحبس، قال عنها المرحوم محمد طه محمد أحمد (غلطة الشاطر بعشرة) كيف تنظر إليها الآن؟
ــ ليس فيها أي غلط، والمبادرة إلى إصلاح ذات البين واجب ديني، ولو أنها نجحت لتبناها ألف رجل.
٭ هناك همس بأن مؤتمر الحركة الإسلامية القادم، سينظر في النظام الأساسي.. وستكون الأمانة العامة لمن يتفرغ عن العمل التنفيذي؟
ــ ليست هذه هي القضية الأهم في الدستور المرتقب.
٭ د. غازي كان على علم بانقلاب الإنقاذ؟
ــ كانت المعلومات لدينا أن هنالك تسابقاً بين ثلاثة انقلابات في القوات المسلحة.
٭ هل شاركت في التنفيذ؟
ــ لم أشارك.
٭ الحلقة الشريرة: ديمقراطية دكتاتورية ديمقراطية هل أحكمت حلقاتها على مسيرة الحكم في السودان، أم بلغت منتهاها؟
ــ أتمنى أن تكون قد بلغت منتهاها. ولو ساد الرشد في الساسة فستبلغ منتهاها.
٭ الربيع العربي في الإقليم غضب شعوب مقهورة أم صنيعة استخباراتية؟
ــ الربيع العربي ليس ظاهرة واحدة.. في البلاد التي لا تميزها خطوط تصدع طبيعية، كالقبلية والطائفية (مصر وتونس) جاء الربيع العربي معبراً عن إرادة الشعوب من غير تدخل خارجي.
٭ وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في بلاد عربية ما هي انعكاساته على السودان؟
ــ طريقة وصولهم عبر الانتخابات (وهو شيء إيجابي في نظري) أبلغ أثراً على السودان من مبدأ وصولهم نفسه.
٭ الإسلاميون الذين وصلوا إلى السلطة، في الإقليم يتهيبون تجربة السودان (بتجيب مشاكل).. حسب إفادات خبراء ومحللين.. ما تعليقكم؟
ــ لا شك أن تجربة الحركة الإسلامية في السودان ليست مثالية ولو كنت مكان إسلاميي المنطقة لاتخذت من تجربتها العبر.
٭ ما هي حقيقة واقعة (دار الهاتف)، باعتبارك بطلاً من أبطالها؟
ــ نعم كنت ضمن مجموعة دار الهاتف ولكن هذه قصة طويلة.
٭ في يوليو 67م، وفي الجبهة الوطنية، الإخوان المسلمون كانوا الأقل عدداً والأعلى صوتاً؟
ــ هذا صحيح ربما السبب هو حركيتهم ودقة تنظيمهم ومستوى تعليمهم العالي.
٭ هل ترى أن المصالحة التي أعقبت يوليو 67م مع الرئيس نميري، أتت بخير للسودان؟
ــ أتت بخير كثير. والصلح أصلاً لا يأتي إلا بالخير. أذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في أبواب الحديبية (لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله وفيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها وأجبتهم إليها).
٭ التاريخ ماكر، ويأتي الحذر من مأمنه.. اطمأن الإسلاميون لنظام النميري، وقيل (استغلوه) لتمرير مخططاتهم، لكن النميري انقلب عليهم؟
ــ لا أدري إن كان هذا الترتيب في المكر صحيحاً، بمعنى من الذي أضمر المكر أولاً. لكن القاعدة صحيحة وهي ما لخصها القرآن (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) ولخصتها الحكمة الشعبية السودانية (النية زاملة سيدها)، ومن تجاربي في الحياة ما رأيت مكراً سيئاً أفاد صاحبه.
٭ هل ترى أن إيداع الإسلاميين السجون في أخريات أيام النميري، عجّل بقيام ثورة مارس ــ أبريل؟
ــ هذا صحيح لأنهم كانوا يكفونه كثيراً من تيارات الثورة عليه، فلما تخلى عنهم انفتحت عليه أبواب الثورة.
٭ التقاكم النميري مع آخرين كنتم تعارضون مايو بالخارج، في نهار رمضاني حسب رواية مولانا دفع الله الحاج يوسف ــ وزير التربية آنذاك.. ماذا دار في اللقاء؟
ــ لا أذكر التفاصيل، أظنه كان حديثاً عاماً عن البلد والسياسة، وفي ذلك اللقاء اكتشفنا أن لنميري شخصية قيادية محببة، وأظنه كان صادقاً في توجهاته آنذاك، رحمه الله.
٭ هل فكر د. غازي صلاح الدين في الخروج من الحركة الإسلامية، حتى يتسنى له أن يراها بعينين مفتوحتين؟
ــ لم أفكر في الخروج من الحركة الإسلامية لأنه حتى لو اقتنع المخبول فإن الديك لن يقتنع. أما الخروج المجازي بمعنى محاولة الرؤية من الخارج فهذا شيء أمارسه باستمرار.
٭ الأكاديميون في شرانقهم والمفكرون كذلك فخلا الجو للساسة؟!
ــ أنا أسميهم الأوغاد، أقصد الساسة، ففي كل سياسي شيء من (وغادة).
٭ السلحفاة فقدت صدفتها، وأحزابنا بلا سياج فكري، ولا ضوابط تنظيمية، ولا مدارس كادر ــ إلا من رحم ربي، كيف تنظر إلى الأحزاب السودانية؟
ــ أمامها مشوار طويل.
٭ في تقديرك هذه الأحزاب ضعفت أم أُضعفت؟
ــ الاثنان معاً.
٭ نضعك في خانة (الفكر)، بعضهم، يحشرك في خانة (السياسة).. أين تضع نفسك؟
ــ انسجم أكثر وانشرح مع المفكرين.
٭ المقال عندك، يبدو غنياً ومتماسكاً وعميقاً و(مسبكاً) كيف تشحذ أدواتك للكتابة؟
ــ الكتابة عندي كالنحت بالإزميل والمفردات كائنات حية جديرة بالاحترام وبأن توضع في المكان المناسب، يعني المفردات لها حقوق مثل حقوق الإنسان.
٭ لمن تكتب؟
ــ لمن يقرأ.
٭ كنت وزيراً للثقافة والإعلام.. إلى أيهما تنحاز: أعلَّمة الثقافة أم تثقيف الإعلام؟
ــ الثقافة هي الأساس.
٭ من مأساتنا أن الثقافة هامش من هوامش الحياة، وليست جزءاً من نسيجها.. كيف تنظر إلى المشهد الثقافي؟
ــ بائس.
٭ مواعين الإعلام الرسمية في حاجة إلى إعادة نظر واعتبار وتقييم.. ما رأيكم.
ــ الأمر أكبر من ذلك.
٭ الصحافة الورقية؟
ــ رحمها الله.. الموت سبيل الأولين والآخرين، وحقائق الثورة الاسفيرية تفرض نفسها.
٭ لماذا تواضعت أحلامنا كثيراً؟
ــ قال بعض الحكماء (قيمة المرء لا تزيد عن طموحاته)، والشعوب كالأفراد يصيبها الهرم المبكر إذا لم تكن لها أحلام. والحقيقة هي عكس ما قلت: فنحن ما تأخرنا إلا عندما تواضعت أحلامنا وليس أن أحلامنا تواضعت عندما تأخرنا.
٭ المثقف ينجذب كبرادة الحديد إلى مغناطيس السلطة.. هل ترى ثمة دور تبقى للمثقف.. وكيف تنظر إلى النخبة؟
ــ أنا سيء الظن جداً بالنخب. ولو تدبرت أحوال السياسة لوجدت معظم الشر يأتي من النخب لا من جماهير الناس البسطاء.
٭ الفهلوة والانتهازية والوصولية وثقافة النميمة من أدوات النخبة للوصول إلى المناصب؟
ــ شُفتَ.
٭ فشل أخي نجاحي ــ على حد تعبير هشام شرابي ــ هل ينطبق هذا على حال الساسة في بلادنا؟
ــ بدرجة ما، وحسب حظ السياسي من (الوغادة).
٭ ميداس الأسطورة يلامس الأشياء فيحولها إلى ذهب.. ميداس السياسة يلامس الذهب فيحوله إلى قصدير.. لماذا فقدت السياسة رونقها؟
ــ السياسة دخلت (الكرين).
٭ الاستبداد يمكن أن يتحول من طبائع إلى صنائع ــ كما ذهب إلى ذلك الكواكبي؟
ــ هذا وصف صحيح.
٭ هل ترى ملمحاً من ملامح الاستبداد في السلطة في السودان؟
ــ (بلحيل).
٭ ما رأيك في تجربة تعويض الكفاءة بالولاء؟
ــ لا خير فيها، وأي أمر لا يقوم على العدل لا خير فيه.
٭ من الأفضل أن تحكم في الجحيم، على أن تكون شخصاً عادياً في الفردوس، هل توافق (ملتون) على هذه المقولة؟
ــ بالعكس أنا ضد هذا الخيار تماماً.
٭ وأنت عائد من مشاكوس، هل كنت ترى النهاية التي آلت إليها مفاوضات (الحكومة والحركة الشعبية؟
ــ نهايات مشاكوس كانت مختلفة جداً عندي عن نهايات نيفاشا.. مشاكوس وضعت إطاراً للاتفاق وأوقفت الحرب وبنت على فرضية الوحدة وأثبتت الشريعة. ولم يكن المسار الذي مضت فيه نيفاشا هو التطور الطبيعي لمشاكوس. لذلك تنحيت.
٭ الحكومة والحركة الشعبية اقتسمتا الورقة بالثقاب المشتعل؟
في تقديرك: هل باعت الحركة (سروال) الوحدة بـ (صديري الانفصال)؟
ــ في أمر الوحدة الحركة الشعبية لم تكن تملك سروالاً ولا قميصاًَ، هي انفصالية من اليوم الأول، والوحدة التي كان يلوِّح بها قرنق هي وحدة على مقاسه.
٭ هل تبدو الحركة الآن مكشوفة (العورة)؟
ــ الآن فقط؟
٭ مفاوضات أديس أبابا تراوح مكانها؟
ــ وددت لو أنها كانت مفاوضات الخرطوم.
٭ أنت زعيم كتلة المؤتمر الوطني في البرلمان.. إلى أي مدى تحس بفاعلية البرلمان على مستوى التشريع والرقابة؟
ــ أقل من المتوسط، البرلمان يتحرك فقط في المساحة المتاحة وليست الواجبة.
٭ البرلمان متهم بأنه (يبصم) وبس، بمعنى أنه يمرر ما يُحاك خارجه؟
ــ ليس إلى هذه الدرجة، لكن إسهام البرلمان بصفته مؤسسة وركيزة أساسية من ركائز الدولة ليس كما ينبغي.

٭ المؤتمر الوطني، يسيطر على البرلمان.. هل ترى أن البرلمان كان سيكون أكثر حيوية، في وجود قوي للقوى السياسية الأخرى؟
ــ بالطبع، وكان بودي لو أجريت انتخابات تكميلية تقتصر على أحزاب المعارضة فقط في المائة مقعد التي شغرت بانتقال النواب الجنوبيين إلى برلمان الجنوب.
٭ إذا ما حدث تعارض، بين قرار التنظيم ورغبة ناخبيك.. مع من تقف؟
ــ هذا يعتمد على مركزية واستراتيجية القضية المطروحة، فلو طرحت قضية مركزية كان موقف الحزب فيها مقصراً عن الموقف الوطني فالأولى هو الانحياز إلى الموقف الوطني.
٭ ما هي علاقتك بدائرتك الانتخابية ــ بعد الفوز؟
ــ أنا أعيش داخل الدائرة وأتفاعل مع قضاياها يومياً، ومع ذلك أراني مقصراً.
٭ هل تثق في صندوق الاقتراع؟
ــ هو أفضل ما هو متاح.
٭ هل ترى أن الناخب السوداني، مالك لإرادته، وواع لمصالحه، ومتحرر عن القيود بالقدر الكافي والضروري لممارسة ديمقراطية؟
ــ بدرجة كبيرة.. نعم.
٭ هل تعتقد في الانتخابات، باعتبارها حلاً لمشكلة التداول السلمي في السودان؟
ــ الانتخابات وحدها ليست الحل، والانتخابات ليست هي أهم ركائز النظام الديمقراطي، هنالك ركائز أخرى أهم.
٭ ما هي أبرز عيوب الديمقراطية في نظرك؟
ــ النزوع إلى الغوغائية أحياناً في أمور تقتضي أعلى درجات الجد.
٭ ما هي مآخذك على العلمانية نظرياً؟
ــ العلمانية ليست شيئاً واحداً لأعمم فيها حكماً جامعاً، لكن الفكرة المركزية فيها هي إبعاد الدين عن التقديرات الدنيوية والأرضية. وهي في نظري جاءت تطوراً إيجابياً في سياق التجربة الغربية حيث صراع المجتمع والدولة ضد تسلط الكنيسة. لكنني لا أومن بالانسحاب التلقائي لإحكام التجربة العلمانية الاوربية على مجتمعات المسلمين. أما قلق بعض الناس من استغلال المتدينين للدين لإضفاء قدسية إلهية على تقديراتهم وخياراتهم البشرية فهو قلق مشروع ينبغي التعامل معه، وهو ليس من انشغالات العلمانيين وحدهم بل انشغالنا جميعاً.
٭ (الصراع هو الحق والحرب أمنا جميعاً).. كيف ترى عبارة هيروقليطيس؟
ــ ولولا دفع الناس بعضهم بعض لفسدت الأرض.
٭ الطريق إلى الشرف هو الموت.. إلى أي مدى نحن السودانيون معنيون بالصراع العربي ــ الإسرائيلي؟
ــ إسرائيل كيدها في كل مكان حولنا. خارج فلسطين نحن بين آخر المقاتلين ضد إسرائيل في الحقيقة.
٭ كيف تتعامل مع دعاوى التطبيع؟
ــ التطبيع مات من تلقاء نفسه.
٭ كتب فرانزقانون: (بشرة بيضاء وأقنعة سوداء)
قضيت بعضاً من عمرك في (العالم الأول).. رغم بياض قلبك وثوبك وبشرتك.. هل أحسست بالدونية وأنت بينهم؟
ــ بدرجة ما هم يدهمونك بهذه الحقيقة، نظرتهم فيها خفاء، ليس على طريقتنا، (أقرا يا عب).
٭ هل حقيقة يريد (الغرب) منا، أن نمسح أحذيته؟
ــ الغرب قام ونما وصار ما هو الآن من فكرة العنف والسيطرة.
٭ هل ثمة مخاوف تراودك، حول الهوية والخصوصية، باتصالنا بالآخر؟
ــ الهوية شاغل من شواغلي لكنني لا أؤمن بالانعزال، ولا أراه يحقق حصانة حقيقية.
٭ الثورة والدولة: جمرة ورماد.. كيف يمكن أن نبقي على الجمرة متقدة؟
ــ لا توقف النفخ.
٭ ماذا تبقى في جعبة د. غازي من علم الأمراض (الباثولوجي)؟
ــ لا بأس بما تبقى لدي من الطب عموماً، فأنا أحافظ على اتصالي بعالم الطب من خلال متابعة الطفرات العلمية، وأكثر من طفرات الطب أتابع الفيزياء تأسياً بالعالم رذرفورد الذي قال (العلم إما فيزياء أو تجميع طوابع).
٭ المؤتمرات العلمية تحولت إلى استعراض عضلات، والمؤتمرات الصحفية تحولت إلى (هيصة)؟!
ــ هكذا نظام المؤتمر.
٭ د. غازي حريص في إفاداته، ويتعامل بحذر؟
ــ وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم.
٭ إلى أي مدى تُثمِّن إسهامات عبد الخالق محجوب ومحمود محمد طه في الحياة العامة؟
ــ أدهشني وسرني في ذات الوقت، أن هجوم عبد الخالق على الإسلاميين في الستينيات استخدم منطقاً إسلامياً، وهو ما يشير إلى تبحره الثقافي والفكري، ولا عجب فهو من بيت أدباء أخرج الأديب طه الكد. وفائدة استخدامه للمنطق الإسلامي هي أنه ربما وجدت قاعدة مرجعية مشتركة. محمود محمد طه أحدث أثره بصورة واضحة في الستينيات والسبعينيات حين جمع بين تراث الصوفية الرائجة في الوجدان السوداني وناشطيه العقائديين التنظيمية والسياسية.
٭ التاريخ المُدَّون، أملاه الحكام بالعصا والجزرة معاً.. إلى أي مدى تثق في التاريخ الشفهي؟
ــ بعض الناس يشكك في صحة التاريخ جملة ويلخصها قولهم (التاريخ يكتبه الغالب). التاريخ الشفوي تراث إفريقي، أهميته تكمن، لا في صحة تفاصيله، بل في ترسيخه للأساطير المؤسسة للمجتمعات.
٭ يقول غرامشي: المثقفون يمثلون مصالح الفئات التي ينتمون إليها.. أي المصالح يمثل المثقف غازي صلاح الدين؟
ــ الطبقة الانتهازية، الأنانية، المبدعة، المفجرة للثورات، الطبقة الوسطى/ قسم المهنيين.
٭ أنصاف المثقفين يستبدلون الحلم بالوهم.. إلى أي مدى تثق في فعل الثقافة؟
ــ إذا لم تكن ثقافة فلتكن أحلاماً، ما العيب في ذلك.
٭ هل تؤمن بحرق المراحل أم تحترم درجات السلم؟
ــ كنت أؤمن بحرق المراحل في شبابي.
٭ ما رأيك في (التراتبية) في العمل السياسي؟
ــ هذه بدعة جاءتنا من الثقافة العسكرية.
٭ التزحلق إلى (اللادينية) عبر لافتة الدولة المدنية.. ما هو تقييمك للدولة المدنية على مستوى التطبيق؟
ــ لا تهمني الأسماء كثيراً ولا تخدعني، أهتم بالجوهر، وحكمي على أطروحة الدولة المدنية سيعتمد على المضمون المقصود.
٭ قادة إسلاميون ــ وأنت منهم ــ تزوجوا من بيوتات كبيرة.. العاطفة أم لمآرب أخرى؟
ــ (الخوة في الله) والله.
٭ هل تشاور زوجتك في اتخاذ القرارات الخطيرة؟
ــ أشاور؟ هي التي تتخذ القرارات الخطيرة.
٭ هل ترى أن التوافق الفكري أو قل الآيديولوجي مهم في المسألة الزوجية؟
ــ العلاقة الزوجية رهينة لديناميات أخرى.
٭ رأي فلاديمير لينين أن المرأة في المجتمع المقهور عبدة العبد.. كيف تنظر إلى وضع المرأة في السودان؟
وكيف تتعامل مع فكرة (الجندر)؟
ــ أنا مع المرأة في انحياز فاضح.
٭ حصل دخلت المطبخ؟
لا أستطيع أن أتذكر متى.
٭ هل ترى من الضروري أن يساعد الزوج زوجته في شؤون المنزل؟
ــ هذا ما كان يفعله سيد الخلق.
٭ قال رينر ريلكة: كل من اقترب مني اغتنى وهجرني، وقال سارتر: الجحيم هم الآخرون، وقال امرؤ القيس: كذلك جدي ما أصاحب صاحباً إلا خانني وتغيرا، وفي الأثر: اتق شر من أحسنت إليه.. كيف تنظر إلى هذه المقولات؟
ــ هناك حكمة كبيرة في ثنايا هذه الأقوال ولعل طرفة بن العبد قد جمعها في بيته:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
٭ هل لعبت (بلي)؟
ــ في زول مولود في أم درمان ما لعب بلي؟!
٭ (زمزغتَ)؟!
ــ أحياناًَ.
٭ هل لديك وقت لسماع الموسيقى؟
ــ ليس لدي راتب لسماع الموسيقى والغناء، لكن إذا تصادف أن سمعت لحناً جميلاً أو كلمات راقية فإنني أطرب لها حتى لا أدخل في قول الإمام الشعبي (إذا أنت لم تطرب ولم تدر ما الهوى فأنت وعير في الفلاة سواء).
٭ هواية لدكتور غازي صلاح الدين غير القراءة والاطلاع؟
ــ كانت الكورة والآن السباحة اذا وجدت المكان المناسب.
٭ لونك الرياضي؟
ــ هلالابي بالتاريخ ــ الآن أشجع كل الفرق السودانية.
٭ لماذا أنت ملتحٍ؟
ــ سنّة.
٭ مع من تتواصل من الأصدقاء؟
ــ أرتاح أكثر مع الأصدقاء من خارج الدائرة السياسية.
٭ تبدو متعالياً؟
ــ شكلاً فقط والله لا حقيقة.
٭ في رمضان، بتفطر في الشارع أم في البيت؟
ــ أحياناً هناك وأحياناً هنا، لكن المساهمة اليومية من أهل البيت في إفطار الشارع قائمة.
٭ أحرص ما تكون في رمضان؟
ــ رمضان شهر القرآن والعطاء.
٭ بتسَّحر؟
ــ نعم
٭ تصوم وتفطر على خير.

الصحافة

تعليق واحد

  1. اقتباس: ــ بالطبع، وكان بودي لو أجريت انتخابات تكميلية تقتصر على أحزاب المعارضة فقط في المائة مقعد التي شغرت بانتقال النواب الجنوبيين إلى برلمان الجنوب.

    في رأيي المتواضع لا توجد هناك أي مقاعد شاغرة بالبرلمان، لأن هذه المقاعد التي تقولون أنها شاغرة كانت لدوائر جغرافية محددة تمثل حوالي 10 مليون مواطن جنوبي، والآن الجنوب قد انفصل بدوائره الجغرافية ومواطنيه.
    حتى لو افترضنا ان هذه المقاعد شاغرة وتريدون شغلها بنواب من المعارضة عبر إجراء انتخابات، ففي أي الدوائر ستجري هذه الانتخابات.

  2. من حسن حظكم انو نميري ضربكم بعد فوات الاوان…وتخلي نميري عنكم لم يساعد علي اسقاطه لان الانتفاضة كانت مستعرة منذيناير1982.

  3. قلت يا دوك:
    ــ أنا أسميهم الأوغاد، أقصد الساسة، ففي كل سياسي شيء من (وغادة).

    يادكتور بلاش تفلسف ولف ودوران بتاع الاسلاميين السودانين:

    انت شاركت بالانقلاب: انت مذنب وانت تعرف ذلك جيدا
    -انت شاركت في فصل الجنوب، ولم تكن شجاعا في توضيح الموقف للشعب السوداني انك انحنيت لاسيادك..فماذا يبقى منك؟
    – انت تعلم تمام ان دور المجلس الوطني هو الدجل وتمرير قهر الشعب وتسكت على ذلك وتتقاضى عليه راتبا..(قال اسلام قال….)
    – وانت تعلم وتعي تماما ان الانقاذ ليس الا يد لتحطيم السودان ودونك الواقع لكنك تتعامى قصدا عن ذلك…(قال ضمير قال..)

    -لكن كدي النحاسبك ياسجمان: انت زي نافع وكثيرين: قريتو علي حساب محمد احمد المسكين ولاعلى الدرجات.. لكنكم لم تردو لمحمد احمد حقه خدمة بما درستم
    غازي مدرس الطب افضل للامه السودانية مليون مره من غازي السياسي الاسلامي الانتهازي الكذاب

    انت تفهم شنو السرقة حقا من جوه القلب،، يلا ارجع اقرا السطرين الفوق ديل تاني..

    حقا القلم مابزيل بلم.. والزيكم ذنبو اعظم لانو بفتح الطريق ويؤسس للظلم

    اتنمي يادوكتور تقرا الكلام دا وتبقي صادق مع نفسك وترد عليه،،،اختشي بالله

  4. د. غازي شخصيه محترمة لكني أراها شخصيه زئبقية شوية والمقال ده اثبت لي كده
    يعني مثلا د. غازي متخفي وماباين ويوما ما كان هو المفاوض الرئيسي والناطق باسم الحكومه كمان وهو زي مايقول المثل عصايه نايمه وعصايه قايمه يعني رئيس الكتله البرلمانيه لنواب المؤتمر الوطني الحاكم ورغم كده عندو رأي ” حسب اللقاء” في اداء البرلمان وعضو في الحركة الاسلامية وعندو رأي فيها لدرجة التلميح انو لن ينتمي ليها لوكان انتماؤه ليها في عام 2012 وده يعني انو مابينصح الشباب بالانتماء ليها ولا يرى حكمة في ذلك ، كان مستشار البشير لسنين عددا وعندو رأي في حكم العسكر، وواضح انو ما عندو مشكله كبيرة مع العلمانيه ولا مدنية الدولة وده عكس كلام إسلاميين السودان ع الاقل، قال انو بيشوف نفسو كمفكر اكتر لكن إجاباته كانت موغله في السياسية والدبلوماسية والمواقف اللي لامعاك ولا بحمل بلاك، قال انو تجربة الإسلاميين في السودان ليست مثاليه ولا اعرف متى يمكن ان نطلق عليها فاشله ولا اعرف معياره الذي يفرق بين عدم المثالية والفشل المطلق؟؟
    يري ان هناك استبدادا في السودان ولا اعرف له اي موقف يناهض هذا الاستبداد، يتمنى ان تجري انتخابات لملء مائة مقعد في البرلمان التي شغرت بالانفصال من الاحزاب الاخرى غير المؤتمر الوطني وده كلام زي السكر لكني لم اسمع إطلاقا انه يقود مطالبه بهذه الامنيه لا من داخل البرلمان ولا عبر الحزب الحاكم ولا اي مكان اللهم الا داخل صدره فقط
    احترم موقف الرجل عندما تنحى عن مفاوضات السلام وتركها لعلي عثمان الذي يطغى غموض شخصيته والهاله التي حوله على اي جوهر حقيقي من فكر او ثقافه او سعه افق، لكني أعيب جداً على د. غازي عدم وضوح المواقف يعني هسي برلمان زي ده حسب رايو وحركة اسلامية دي نهاياته وحزب حاكم دي حالتو واستبداد هو شايفو وفساد هو عارفو يعني بالله راجي شنو عشان يطلع طالما ما قادر يصلح؟؟

  5. يا دكتور غازي نسال الله الا نكون ظلمناكم ولكن قيل عنك اذا كانت صحيح نسال الله يرحم اسلامي السودان ( مسيحي اثوبيا واريتريا اقرب لنا ثقافيا وعادات لنا من مسلمي جنوب السودان ) ربما كان تقيمك ليس من وجهة الاسلام ولكن اعتقد من جهة اللون. الجنوبيون قد ذهبواالآن ونسأل الله لا يكون تفكيرك نفسه تجاه اهالي دارفور ولا يكون اسلامينا قد ركبوا افة الجاهلية مثل قولك هذا وايضا الناس الإنتباهة سعد احمد سعد الذي يتباهى ويقول ( أنا الفتى العربي القرشي العباسي الجعلي السلفي) اما ان خال الرئيس حدث عن جاهليته وعنصريته فلا حرج بهذاالإسلام تريدون ان تحكموا بلال وسلمان وصهيب وعلي ابن ابو طالب نسال الله العافية

  6. انت يا المحاور ما كان تشيل معاك البيان الاول للانقاذ وتوريه ليه عشان يقراه ويقارن بين السودان عام 1989 والآن!!!! انا مستغرب ناس الانقاذ قاعدين ليه فى السلطة لحد الآن لانهم لو عندهم ادنى ذرة من الرجالة والنخوة والوطنيةوالخلق الاسلامى والله ما يقعدوا دقيقة فى السلطة بعد ما يقراوا بيانهم الاول وما صار ايه الحال الآن!!! الشجاعة والوطنية تقتضى ان تسلم السلطة لغيرك اذا فشلت فى ادارة البلد والحفاظ على وحدتها وسلامة اراضيها وازدهار وكرامة شعبها مش تخليهم لاجئين فى الداخل وفى تشاد واثيوبيا والآن فى دولة الجنوب والامم المتحدة تلقى اليهم بالاغاثة من الجو!!!!! هل حقيقة ان الانقاذيين بيفتكروا انهم اجدر من يحكم السودن بعد هذه الحالة الوصلنا ليها؟؟؟؟؟ والله هذه مصيبة كبيرة ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم!!! والله الذى لا اله غيره وانا صايم الاسلامويين لو ادوهم وطن كله مسلمين وسنة الا يمزقوه شر تمزيق!!!انهم عار على الوطن والدين لا ادنى شك فى ذلك!!!!!

  7. نخبة الاسلامويين المثقفة, تدور في فلك الترابي وتضمر عشقاً خفياً لليسار السوداني والشيوعيين:

    1. تميزت الحركة الاسلاموية السودانية بأنها أنتجت مجموعة على بأس بها من النخب المثقفة ( غازي ? خوجلي-أمين حسن عمر- التجاني عبد القادر- المحبوب عبد السلام-الأفندي? ألخ.

    2. لكن هذه النخبة كانت دوماً تعاني من اشكالات عديدة.. من أهما تأثرهم, بحكم الصراع أو المدافعة كما يريدون هم تفضيلاً لمصطلح الترابي حيث يستبدل (الصراع) (بالمدافعة), بالنخبة المثقفة من اليسار وخاصة النخبة الشيوعية, حتى قال عنهم الصادق المهدي أن الأخوان المسلمين في السودان يكنون حباً خفياً للشيوعيين السودانيين وهذه ملا حظة عميقة. فهم قلدوهم حتى في السلبيات بدافع التفوق عليهم بأسلحتهم.. ومن الذين يتمكن منهم حب الشيوعيين أو عقدتهم ان شئت, حسين خوجلي !!!

    3. فكريأ, غازي وصحبه أولاد الترابي و يقتاتون من مصطلحات الترابي وليس لهم شيئا من أنفسهم ذا بال.. وتعاني محاولاتهم التجديدية من نفس اشكالات محاولات الترابي التى سبق أن كتبنا عنها !!!

    4. غازي أيضاً نموذج للاشكلات الكثيرة المرتبطة بعلاقة المثقف بالسلطة . والأخطر عنده هو ايمانه بالعنف وخاصة عنف الدولة فقد كرركثيراً أنه يؤمن بعنف الدولة (راجع مقال في الرأي العام, كتبه غازي عن لقاء جمعه بالطيب صالح حيث عاب عليهم الطيب صالح العنف فقال غازي أن الدولة لا بد أن تكون عنيفة).

    5. كلامه عن أن الغرب نال مانال بالعنف وحده فيه اختزال كبير وقراءة ذاتية فالغرب نال أكثر ما نال بالعلم وديمقراطية الحكم بينما تخلف المسلمون بسبب الفقر العلمي والاستبداد السياسي !!!

    6. قال ان قرنق كان يريد الوحدة على (مقاسه), وما لم يقله هو أن كيزان السودان كانوا يريدون الانفصال أو الوحدة على (مقاسهم) أيضاً.. وهذا هو الذي أودى بوحدة السودان فكلا الحركة الشعبية والحركة الاسلاموية (أدلجوا) موضوع لا يتحمل الأدلجة وهو الوحدة الوطنية.. وربما كان قرنق أكثر منطقية منهم, لأن طرحه يقوم على مظالم فحين ينطلقون هم من رغبة جامحة في السيطرة والتكويش واختطاف مفهوم الشريعة والاسلام, التى لا تتعدى عندهم (الحدود) (البنوك الاسلاموية).. وقد اتضح بعد الربيع العربي أن اسلامويي المنطقة قد تجاوزوا هذين العنصرين الضيقين للغاية وهما ما افشل تجربة اسلامويي السودان وحعل غازي ينصحهما بالاعتبار من تجربة السودان الكارثية !!!!

    7. المحير في السودان أن رجل الشارع المسلم العادي فهمه متقدم جداً ومتحضر جداً.. قياساً بفهم النخبة الاسلاموية المتحجر وقد كان غازي صادقاً في وصف النخبة بالأنانية والذاتية وتعليب المصلحة الشخصية.. وطبعاً تعتبر دراسة منصور خالد عن النخبة وادمان الفشل هى الأوسع في هذا المجال !!!

    8. أعجبني قوله أن المفردات ?كائنات حية? وأن الكلمات لها حقوق مثل حقوق الانسان, ولغازي حس لغوي وتعبيري ممتاز !!!!!!!

  8. فعلاً بهذا الحوار ثبتت مقولة ان كثيرين من جماعة الإنقاذ ناعمي الملمس إذا تحسستهموكلامهم ينقط عسل ولكن في دواخلهم الغدر والخيانة والمكر والعنصرية والجهوية والتعالي وكل موبقات الدنيا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..