مرة واحد شايقي

كانت ليلة أول أمس الخميس؛ أميز ليالي خيمة الصحفيين الرمضانية وأكثرها حضوراً وأشدها نقاشاً …وربما مع بعض الحدة. كان الموضوع المطروح للنقاش هو الفرق الكوميدية والنكات القبلية، وتم بمبادرة من الأستاذ عمر عشاري الذي يقود حملة منذ أكثر من عامين ضد النكات القبلية التي يعتبرها مهدداً لوحدة النسيج الاجتماعي السوداني بما تحمله من تنميط لبعض المجموعات القبلية وربما تحقير لها. وجلس في مقابله الأستاذ علي حسين مؤسس فرقة همبريب للكوميديا مدافعاً عن هذه الفِرق.
لم نكن نتوقع أن الموضوع بهذه السخونة وأن يكون هناك حشد وحشد مقابل، لكن هذا ما حدث، فقد حضرت أجيال من مؤسسي وأعضاء الفرق الكوميدية على اختلاف طرق أدائها، طارق الأمين وعوض شكسبير، محمد موسى، فخري، وأعضاء من الهيلاهوب وتيراب وهمبريب، وأعداد من مناصريهم. بالمقابل كان هناك أعداد من ناشطي وناشطات السوشيال ميديا الذين ظلوا يقودون حملات ضد النكات القبلية وضد تنميط المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة.
قدم عمر عشاري مرافعة قوية ولم يكن هذا غريباً عليه، فهو يعمل على هذا الموضوع منذ فترة وقد جود عمله وفكرته بشكل مميز، واستطاع حصر عدد من النماذج التي تؤيد فكرته، بالإضافة لنماذج أخرى لما يمكن تسميته بالكوميديا النظيفة. وقال ببساطة إن النكات القبلية تقوم بتنميط الأشخاص والقبائل في صور ذهنية معينة، غالباً ما تكون سالبة، ترسخ في أذهان الناس بطول الوقت وكثرة الطرق عليها. كما تحمل هذه النكات أحياناً تحقيراً للمرأة وتحريضاً عليها، أو على الأقل تعايشاً وقبولاً للعنف ضدها.
كان رد الكوميدي علي حسين مرافعة طويلة عن دور الفرق الكوميدية وما تقوم به من عمل لنشر الفرح في المجتمع السوداني والترويح عنه في مواجهة جيوش الهموم التي تحاصره. وقدم نماذج عديدة لأعمال كوميدية نفذها أعضاء من هذه الفرق على الهواء، خلت من النكات القبلية. كما تحدث عدد من نجوم هذه الفرق مدافعين عن أنفسهم وطرق أدائهم. لكن تلخصت كل مرافعاتهم في مسألة حسن النية وعدم القصد بالإساءة لأي مجموعة أو قبيلة سودانية.
ولم يخلُ الجو من توتر؛ حين اعتبر بعضهم أن المنتدى أعد أساساً ليكون مقصلة لهذا الفرق، ولهذا اتسمت ردودهم بالعنف اللفظي أحياناً. حدث هذا خاصة بعد أن ربط بعض المعقِّبين بين ظهور هذه الفرق وبين الجو السياسي العام الذي يحيط بالبلد واعتبروهم نتاجاً لهذه البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية.
كان المنتدى تمريناً جيداً على الحوار وإثارة القضايا المهمة للنقاش، وقد انتقل مباشرة لوسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث لا زالت الحوارات تدور، ولعل أفضل ما قرأت هو ضرورة التوقف عن إثارة الأمر في صورة المواجهة بين: مع وضد، والانتقال لمحاولة العمل المشترك بين كل الأطراف. ليست القضية في النوايا، لا أحد يعلم النوايا ويملك حق محاكمة الناس بناءً عليها، لكن في النتائح المترتبة على الفعل، وأظن أن أي نظرة موضوعية لمسألة النكات القبلية ستقول إنها تحدث أضراراً اجتماعية كبيرة، وأنها فعل ضار يجب الوعي بآثاره والتوقف عنه.

التيار

تعليق واحد

  1. صحيح ان نكات القبائل بالاضافة لكونها غير حضارية وتكرس لمفهوم القبلية وهناك البعض ممن يخرجها من اطار المزحة ويحيلها الى ازمة اجتماعية لكن مع كل ذلك فان الخطر الاكبر ليس منها بل هو من نكات المساطيل والتى انتشرت انتشار النار فى الهشيم فى الفرق الكوميدية وفى مواقع التواصل الاجتماعى بل حتى بعض كتاب الاعمدة الصحفية اخذوا يستعينون بها احيانا.ان المخاطر الناجمة عن نكات المساطيل لا تخفى على احد فهى اولا اعلان مجانى للتعاطى ولتجارة المخدرات وتصوير كذوب بان المسطول هو شخص خفيف الدم وبتاع نكتة بينما فى الواقع المسطول هو شخص انطواءى شارد عديم التركيز فى اتجاهه ليفقد عقله.ان الواجب ان يصدر قانون يعاقب كل من ينشر نكتة مساطيل فى اجهزة الاعلام.اعتقد ايقاف نكات المساطيل اسبق بالاحقية فى المناقشة من نكات القبائل وذلك لخطورته الاشد تدميرا .

  2. نكات محمد موسي هي اكثر تفكيكا للمجتمع وخاصة توسيع الفرق بين القروي والمدني وعمل عقد نفسية للطلاب في الجامعات وحصر الناس كل حسب مستواهو والبيئة التي اتي منها واظنه مكلف بواسطة المشروع الحضاري والمسخ اليهودي لمجتمعنا ولا نعلم هل هو يدري ام لايدري

  3. اعتقد ان هذا الموضوع من المواضيع التي أصبحت طاهرة لها سلبيات و كبيرة و قد تكون وصلت الى مرحلة الحالة المرضية في المجتمع السودانى و التي قد تأثر في
    النسيج المجتمعى و القبلى و من ثم قد يصل تأثيرها على الاسرة ، وانا شخصيا أتمنى ان يصدر قانون يمنع هذا النوع من التنكيت ذو الطابع القبلى و طبعا هو وفد الينا من جارتنا الشمالية مصر حيث اننا كسودانين و أيضا الصعايدة مادة لهدا
    النوع من النكات التي تستصقر الصعايدة أيضا كأشخاص على انهم منخفضى الذكاء ..!!

  4. حقيقة هذا الامر ليس وليد السودان او البيئة السياسية فمثلا نحن درسنا خارج السودان و كان الانجليز يطلقون النكات على الاسكتلنديين و اذا ذهبت مصر فالنكات على الصعايدة هى اكثر غذارة و مع ان جمال عبدالناصر و للسادات و اغلب الحكام العسكر القيادى من الصعايدة فالمسألة العصبية هى متفتتا اصلا من اعمال الحكم و سياسة المؤتمر الوطنى و التنكيل بالزملاء بعد المفاصلة و لا دخل للكوميديا فيها

  5. ينبغي الاقرار بأن النكات ذات الطابع العنصري لها الدور الأكبر في تكسير النسيج الاجتماعي الرخو أصلا و الذي بفعل فاعل معلوم لنا مجهول لبعضنا بداعي التغافل هو من أسهم و بإصرار على فصم عراه واغتياله والا ماذا نسمي السؤال عن القبيلة في كل تمظهرات الدولة و نوافذها لماذا اذا اردت تقديم بلاغ بمظلمة ضد باغ اسائل عن انتمائي القبلي و حتي الحقل الصحي فهو سقيم بهذا الداء العضال اما عن الوظيفة فهو بقصد به التمييز السلبي و الايجابي و احسرتاه على وطني الذي رجع بمفاهيمه إلى آلاف السنوات الضوئية
    التنميط المفاهيمي ضد القبيلة اللون (اخطرها ) قد يترتب عليه القتل (الاثنين و الثلاثاء الاسودين ) كمثال المرأة و غيرها نهى عنها ديننا الذي و للاسف يحتكره بعضنا و لا يريدون أن يفهموا منه الا فقه الرقيق
    اللهم هيء لنا أمر رشد تصلح به امر ديننا و دنيانا

  6. لا أرتاح أبداً للنكات القبلية التي يتم تداولها في بعض صفحات الفيسبوك وأغلب قروبات الواتساب .. وأسارع بحذفها فوراً قبل قراءتها ..
    ,ومن المؤسف أن هذه النكات قد انتشرت في المجتمع السوداني انتشاراً كبيراً وراجت رواجاً عظيماً في السنوات الأخيرة ، ربما كنوع من التنفيس من الإحباط الذي تعيشه أغلب فئات المجتمع .. وللأسف كذلك أن بعض هذه النكات لا يكون الهدف منها مجرد الضحك البريء بل تهدف أحياناً إلى التفشي من قبائل بعينها والحط من قدرها ومحاولة وضعها في صورة نمطية تمتهن حقوقها الإنسانية والاجتماعية.

    في السابق ، كانت دول الجوار تنظر إلى السودان كبلد متمدن، لا يُسأل فيه أحد عن قبيلته ، ثم أتى علينا حين من الدهر أصبحت الدولة نفسها تصر على سؤال مواطنيها عن قبائلهم عند استخراج هوياتهم (الرقم الوطني على سبيل المثال) وتفتح قنواتها الإعلامية وتلفزيوناتها الرسمية لمن ينهش في جسد الأمة بنكاته الممجوجة ، ويمارس هوايته في تمزيق النسيج الاجتماعي ، ويعيد البلاد إلى عصور القبلية والجهوية ..
    ..
    فإذا كانت للدولة أهدافها في تكريس التشرذم بين أبناء الوطن الواحد فلماذا نساهم نحن في ذلك بتدوير هذه النكات ؟ لماذا أصبحنا شعباً يضحك من نفسه ، بل مجموعة شعوب تسخر من نفسها وتصف ذاتها بكل قبيح وذميم ؟؟.. شعوب تتندر على بعضها استعلاء وتكبراً ؟؟
    أما يكفينا التمزق والتشرذم والحروب المشتعلة في أطراف البلاد بسبب هذه القبلية والجهوية والعنصرية ؟؟
    لماذا لا نحيي صفات الكرم والامانة والشجاعة فينا ؟؟
    لماذا أصبحنا نحن إما بخلاء أو حمقى أو متهورين أو سذج أو أغبياء أو مستهترين بالدين وشعائره ؟؟
    متى تكبر عقولنا لكي تعي أن هذه النكات السخيفة تساهم في إثارة النعرات القبلية بين أبناء الوطن الواحد وتعمق أزماته وجراحه ؟
    متى نعي أن هذه النكات وترسباتها كانت واحدة من الأسباب التي أدت إلى انفصال الجنوب ، وقد تساهم في انفصال أجزاء أخرى من الوطن إن لم نتصدى لها بالوعي والحزم اللازمين؟
    ؟؟
    لقد غرست هذه النكات في أذهان الجبل الناشئ ذي الثقافة المحدودة أن السوداني إما بخيل أو أحمق أو مستهتر بدينه وشعائره وعباداته .. واصطنعت عداوات غير حقيقية بين الشوايقة والجعليين على سبيل المثال.. بل غرست هذه المفاهيم المغلوطة في أذهان الكبار أيضاً .. كنت ذات مرة – هنا في الرياض – في طريقي الى صلاة الجمعة في مسجد بعيد ، وكان الجو شديد الحرارة .. رأيت مجموعة من الأشخاص في طريقهم إلى المسجد (ثلاثة باكستانيين والرابع سوداني) .. توقفت وأركبتهم معي ابتغاء الأجر.
    ركب الآسيويون الثلاثة في المقعد الخلفي بينما اختار السوداني أن يجلس بجواري وبمجرد أن لفحه هواء المكيف مدد رجليه إلى الآخر وسألني: من وين في السودان يا اللخو ؟؟
    تضايقت جداً من السؤال ، فنحن في الغربة كلنا سودانيون ، أو من المفترض أن نكون كذلك .. لذلك فقد صمت طويلاً وانشغلت عن السؤال بالتركيز على الطريق أمامي ، قبل أن أجيبه قائلاً:
    – من الشمالية.
    – وين في الشمالية؟
    – من حلفا
    – حلفا ياتا ؟ القديمة ولا الجديدة؟
    – القديمة
    – لكن شكلك ما حلفاوي ؟ بترطن؟
    – لا .. نحن أساساً من منطقة الدبة .. بديرية ..
    فقال : قالوا الشايقي لما يكون عايز يزوغ من قبيلتو بيقول أنا بديري دهمشي..
    ..
    هكذا وبدون مقدمات ودون سابق معرفة بيني وبينه .. يقول مثل هذا الكلام وهو في طريقه الى صلاة الجمعة ..
    ..
    سئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله ..
    ما حكم النكتة إذا تم تسمية بلد معين أو قبيلة معينة كقولنا كان هناك رجل من قبيلة كذا فعل كذا وكذا على سبيل السخرية ؟
    فأجاب: هذه غيبة لكل أفراد القبيلة وكلهم غرماؤك يوم القيامة ويقتصون منك عند الله في يوم عظيم يقتص الله فيه للبهائم من بعضها فكيف بالبشر الأسوياء المكلفين !!!
    ويزداد الامر سوءا إن كانت النكتة ضد قومية أو جنسية معينة فعندها يزيد غرماؤك يوم القيامة .. أنت في ذلك اليوم تحتاج الحسنة الواحدة فكيف ستواجه هؤلاء الغرماء جميعا يوم القيامة ؟..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..