هل أنتِ بحاجة إلى تصوير الثدي بالأشعة السينية؟

مرة في السنة، نخضع الثدي لهذا العذاب المعتاد من خلال عملية الدس والضغط المعروفة بتصوير الثدي بالأشعة السينية. علينا أن نتحمل هذه العملية عن طيب خاطر لأننا نعرف، أو على الأقل نأمل، في أنها ستكشف إصابتنا بسرطان الثدي في وقت مبكر بما يكفي لعلاجه وإنقاذ حياتنا.
قبل أن تخضعي مجددًا لتصوير الثدي بالأشعة، اعرفي إيجابيات هذا الفحص المثير للجدل وسلبياته.

مع أن الأبحاث استنتجت أن تصوير الثدي بالأشعة السينية يقلل فعلاً خطر الموت بسرطان الثدي على المدى الطويل، إنما قد تؤدي هذه الفحوصات إلى نتائج إيجابية كاذبة، بالتالي اختبارات أو علاجات لا لزوم لها. بالنظر إلى المخاطر والمنافع، هل من المجدي الخضوع لتصوير الثدي بالأشعة السينية بشكل روتيني؟
بالنسبة إلى النساء اللواتي تعدى سنهن الخمسين، يفضّل أن يخضعن لتصوير الثدي بالأشعة السينية، بحسب باربرا سميث، مديرة برنامج الثدي في مستشفى ماساتشوستس العام وأستاذة مساعدة في قسم الجراحة في كلية الطب في جامعة هارفارد. تقول سميث: «النساء اللواتي يذهبن ضحية سرطان الثدي لم يخضعن لتصوير الثدي بالأشعة السينية. إذا كنت تنتظرين نموه بما يكفي لتشعري به عن طريق اللمس، فقد تتعرضين لخطر الوفاة بنسبة أكبر».
تدعم الدراسات الأخيرة قيمة الخضوع لتصوير الثدي بالأشعة السينية بشكل منتظم.
شكلت دراسة سويدية نشرت في مجلة «الأشعة» (2011) أطول تجربة حول تصوير الثدي بالأشعة السينية للكشف عن سرطان الثدي، وأول من تتبع نتائجه على معدل وفيات سرطان الثدي، فبعد متابعة أكثر من 133 ألف امرأة، تتراوح أعمارهن بين 40 و74 عامًا، على مدى ما يقارب 30 عامًا، لاحظ الباحثون أن النساء اللواتي خضعن لتصوير الثدي هن أقل عرضة للوفاة بسبب سرطان الثدي بنسبة 30 في المئة مقارنة بالنساء اللواتي لم يخضعن لهذه العملية.
يقول الباحثون إن غالبية الوفيات التي تم تفاديها كانت طويلة الأجل، بعد أول عشر سنوات من المتابعة. وقد سمحت متابعة النساء على مدى ثلاثة عقود للباحثين بدراسة الآثار المترتبة على تشخيص تصوير الثدي بالأشعة السينية في إبطاء نمو سرطان الثدي.
من جهة أخرى، لاحظت دراسة أجريت في هولندا، أن 755 امرأة من اللواتي لقين حتفهن من جراء مرض سرطان الثدي هن من أصل أكثر من 3700 أمرأة تمت متابعتهن. كانت النساء في التاسعة والأربعين من عمرهن أو أكثر، عندما تم تشخيصهن أو فحصهن. وتشير النتائج المنشورة في دورية «وباء السرطان، مؤشراته الحيوية والوقاية منه» إلى أن تصوير الثدي بالأشعة السينية قد يخفض احتمالات الوفاة بسرطان الثدي بمقدار النصف تقريبًا، مع ذلك أثارت بحوث غيرها علامات تحذير من هذا الاختبار.
حذر وقلق

استنتجت دراسة نرويجية أجراها باحثون في كلية هارفارد للصحة العامة في عام 2010 أن لتصوير الثدي بالأشعة السينية فائدة منقذة للحياة مع أنها ليست بأهمية كبيرة. فقد درس الباحثون بيانات حوالى 40 ألف امرأة شاركن في البرنامج النرويجي للكشف عن سرطان الثدي، ولاحظوا أن تصوير الثدي بالأشعة السينية خفض معدل الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي بنسبة 10 في المئة فقط لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 50 و69 عامًا. وكان الانخفاض أقل بين النساء فوق السبعين عامًا، إذ لم يتعد 8 في المئة. لكن أشارت الدراسة التي نشرت أخيرًا إلى العثور لدى 6 إلى 10 من كل 2500 امرأة من اللواتي تم فحصهن على أورام، وتمت معالجتها من غير أن تصبح مهددة للحياة.
لاحظ تحليل أجري في عام 2011، في إطار سبع دراسات حول تصوير الثدي بالأشعة السينية، انخفاضاً بنسبة 15 في المئة في معدّل الوفيات بين النساء اللواتي تم فحصهن بالمقارنة مع اللواتي لم يخضعن للفحص، لكن النساء اللواتي أجرين تصوير الثدي بالأشعة السينية كن أكثر عرضة بنسبة 30 في المئة للخضوع لاختبارات أو لعلاجات لا لزوم لها بسبب نتائج إيجابية كاذبة. عموماً، وجدت الدراسة أن تصوير الثدي بالأشعة السينية يمدد حياة امرأة واحدة فقط من كل ألفي امرأة، في حين أنه أدى إلى اختبارات وعلاجات غير ضرورية لدى 10 من تلك النساء.
مع ذلك، تقول الدكتورة سميث إن النتائج الإيجابية الكاذبة تمثل خطرًا مع أي اختبار طبي هدفه الكشف عن المرض في وقت مبكر. «اذا انتظرتِ ليصبح الورم ضخمًا وواضحًا، فلن تحصلي على نتيجة ايجابية كاذبة، لكن سيتعيّن عليك الانتظار طويلاً حتى ينتشر السرطان». وتضيف أنه بسبب ابتعاد الجراحين عن إجراء خزعات مفتوحة لصالح إجراءات أقل جورًا مثل خزعات أساسية بالإبرة، فإن نسبة المخاطر التي تنطوي عليها تنخفض حتى لو كنت في حاجة إلى إجراء مزيد من الاختبارات.
عندما تناقشين طبيبك حول احتمال تصوير الثدي بالأشعة السينية والخضوع لفحوصات، يجب أن تأخذي في الاعتبار المخاطر المتعلقة بسرطان الثدي، والتي تشمل:
? عمرك. يصيب سرطان الثدي الأكثر عدوانية النساء في سن 55 وأكثر.
? جيناتك. ينتقل حتى 10 في المئة من سرطانات الثدي بالوراثة،
والحالات الأكثر شيوعًا تنتقل من خلال الطفرات في الجينتين BRCA1 وBRCA2.
? تاريخ عائلتك. يزيد خطر إصابتك بسرطان الثدي في حال إصابة الأم، أو الأخت، أو الابنة.
? تاريخ مرضك بالسرطان. إذا كنت مصابة بسرطان في ثدي واحد، فأنت معرضة ثلاث إلى أربع مرات أكثر لتطويره مجددًا في الثدي نفسه أو في الثدي الآخر.
? كثافة الثدي. كلما زادت كثافة الثدي عند المرأة أصبحت أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وقد يكون من الصعب الكشف عنه فوراً من خلال تصوير الثدي.
? استخدام العلاج الهرموني. اتباع العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث يزيد احتمال الإصابة بسرطان الثدي.

هل تقدمين عليه أم تمتنعين عنه؟

على رغم أن تصوير الثدي بالأشعة السينية قد يكشف سرطان الثدي في وقت مبكر، إلا أنه ليس مضمونًا أنه ينقذ حياتك. يمكن للفحص ألا يكشف عما يصل إلى 20 في المئة من الأورام، لا سيما إذا كان ثديك كثيفًا جدًا. أو يمكن أن يكشف عن سرطان غير موجود، فيجعلك تخضعين لفحوصات بالموجات فوق الصوتية أو إجراء خزعة في حين أنك لست في حاجة إليها. أخيرًا، يعرضك تصوير الثدي بالأشعة السينية لكميات صغيرة من الإشعاع (مع أن خطر الإصابة بالسرطان من جراء صور الأشعة لا يكاد يذكر).
قد تكونين، على غرار نساء كثيرات، على استعداد لقبول هذه المخاطر في مقابل الحصول على فرصة أن يكشف الفحص سرطان الثدي في وقت مبكر، عندما يكون أكثر قابلية للعلاج، وقبل الانتشار. توافق المنظمات الصحية الرائدة على ذلك، إليك توصياتها بناء على الأدلة المتاحة:
? ينصح المعهد الوطني للسرطان النساء في سن الأربعين وما فوق بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية كل سنة أو سنتين.
? توصي الجمعية الأميركية لسرطان الثدي بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية سنويًا ابتداءً من سن الأربعين وما دامت المرأة في صحة جيدة.
? توصي فرقة مهمة الخدمات الوقائية للولايات المتحدة بتصوير الثدي بالأشعة السينية مرة كل سنتين للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 50 و74 عامًا، لكنها تؤكد عدم وجود أدلة كافية لتوصي بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية بشكل منتظم لدى النساء اللواتي يبلغ سنهن 75 عامًا وما فوق.
لأن نسبة التواتر والفئات العمرية المتعلقة بالفحص تختلف من منظمة إلى أخرى، يصعب معرفة أي توصية يجب اتباعها. توافق الدكتورة سميث على المبادئ التوجيهية لجمعية السرطان الأميركية، وتنصح المريضات في سن الأربعين وما فوق بأن يخضعن سنويًا لتصوير الثدي بالأشعة السينية.
هل يجب التوقف عن تصوير الثدي بالأشعة السينية بعد سن الـ 75 عامًا، كما توصي فرقة مهمة الخدمات الوقائية للولايات المتحدة؟ بحسب الدكتورة سميث، «خطر الإصابة بسرطان الثدي يرتفع كل سنة ما دامت المرأة على قيد الحياة، والقول بأن التوقف عن الفحص عند سن الـ75، عندما يبلغ متوسط عمر المرأة المتوقع 85 عاماً، لا معنى له بالنسبة إلي».
ما دامت المرأة بصحة جيدة بما يكفي لتحمل استئصال الورم تحت التخدير الموضعي، تنصح الدكتورة سميث بالخضوع لتصوير الثدي بالأشعة السينية سنويًا في سن الـ 70 عامًا وما فوق.
على رغم حجم الجدال حول تصوير الثدي بالأشعة السينية، ما زال الهدف المرجو من هذا الفحص الكشف عن الأورام في وقت مبكر. تقول الدكتورة سميث: «سرطان الثدي شائع جدًا، وتسهل العلاجات إذا كانت الأورام صغيرة».
تقنيات تصوير الثدي تتطور، فأحدث الفحوصات، مثل تصوير الثدي الجزيئي وتصوير الثدي الرقمي (صورة ثلاثية الأبعاد للثدي)، قد تحسن قريبًا دقة تشخيص سرطان الثدي، وتقلل من خطر النتائج الإيجابية الكاذبة.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..