الشرفاء فى السجون…واللصوص فى القصور!!

عندما يحكم المجرمون البلد ويتصدر المشهد اللصوص والقتلة، تصبح قضبان السجن هي الوسيلة الناجعة للفصل بين من هم شرفاء ومن هم لصوص ومفسدين…!!
لم يصبني خبر إحالة الشيخ يوسف الى المحاكمة مؤخرا بأي دهشة خصوصا أن الإحالة جاءت على خلفية خطبتة الشهيرة التى ألقاها فى صلاة عيد الفطر المنصرم بالساحة الكبرى بمدينة الجنينة فى غرب دارفور، والذى دعا فيه الناس جميعا حاكمين ومحكومين إلى تقوى الله في آداء واجباتهم اتجاه ربهم، ووطنهم ومجتمعهم الخ،…وختم حديثه مناشدا السلطات الحكومية وعلى رأسها رئيس الجمهورية بتجريد السلاح من الأيادي غير الأمينة وذكر منها على سبيل المثال قوات الدعم السريع، مسميا إياهم بقوات (الفساد السريع) وأن السلاح الذى يحملونه أمر غير شرعي وغير مقبول، قائلا: “يجب ترك السلاح فقط فى أيادي آمنة كقوات الشرطة والجيش وغيرهما من القوات النظامية المتعارف عليها”، لم أتفاجأ لأن ما حدث للشيخ يوسف ببساطة سببه هذه الخطبة الجريئة والمثيرة وكان أمرا بديهيا ومتوقعا من نظام أدمن الاستبداد والفساد، خصوصا وأن الشيخ وجه سهامه صوب أكبر تنظيم للمليشيات العصابية فى السودان حاليا وهى قوات (الجري السريع) أحد أكثر التنظيمات غير القانونية تَغَنُّجاً وفوضى فى البلاد، ولأنها تحظي برعاية وإهتمام خاص من (عمر البشير) رئيس حكومة العصبة نفسه!!

فكل رأي حر وقلم حر في سوداننا الحبيسة من الطبيعي أن يلاقي مصير شيخنا يوسف، بل أصبح ذلك بمثابة فاتورة يدفعها أصحاب المواقف والمبادئ من شرفاء هذا الوطن في ظل نظام رفع شعار السجن لمن عصي والموت لمن خالف والإغلاق لكل الافواه التى تسير في ركب الرافضين، وما إمتلاء الزنازين بالناشطين السياسيين والحقوقين والاعلامين وسجناء الرأي سواء بالاحكام أو بغير أحكام، وإغلاق الصحف والجرايد، وملاحقة أجهزة الأمن للمواطنين وإختطافهم، والإغتيالات السياسية الغامضة، وإلقاء القبض بدون أمر من النيابة أو حتى محضر إعتقال…الخ، ما هي إلا أدلة واضحة علي تحقيق هذه الشعارات علي أرض الواقع!!

والخطير في الأمر هو حالة الإرهاب السياسي الذي يحاول حكومة العصابات فرضه بكل ما أوتي من قوة علي شعبنا المقهور حتى يتسنى له أن يفرض علي الجميع إرادته الفاسدة فتارة يحيل المدنيين من القيادات الاجتماعية والحركات الطلابية المناهضة لسياساته إلى محاكم سياسية ويصادر حقوقهم بالرغم من رفض كل مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان لذلك، وتارة أخرى يستخدم العصا الغليظة والتعذيب في مسالخ جهاز الأمن بمنطقة ((كوبر)) وما جاورها فى الخرطوم بحري، ذلك حتى تسود روح الفزع والرعب بين البسطاء!!

إنه مخطط خبيث يستهدف تمهيد الوطن لاستقبال سيناريو شيطاني لتداول السلطة علي الطريقة التوريثية يضمنوا من خلاله أن يرفع الجميع راية التسليم والإنصياع لما يريدون، متناسين أن هذا الشعب ومثقفيه كانوا دائما وأبدا صخرة كؤود في طريق كل الطغاة علي مدار تاريخ وطننا الحبيب!!
والمتابع للأحداث السياسية في السودان يخلص إلى أن الآونة الأخيرة شهدت اعتداءات مستمرة من قبل النظام علي كل رموز العمل السياسي من مختلف التيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبصفة أخص الاعتداء على المواطنين العزل فى جبال النوبة، قصف الآمنين فى (هيبان)، وفى دارفور مناطق (جبل مرة، مولي، أم تجوك، وآزرني)، وابعد من ذلك ذهب النظام الى فرض حصارا حديديا علي كل من إستطاع أن يمتلك أرضية شعبية في الشارع السوداني سواء أفراد أو جماعات!!

وان كان الجميع يري أن ما نشهده الآن من استبداد سلطوي وفساد سياسي واقتصادي واجتماعي ما هو إلا صورة مظلمة لواقع أليم إلا أنني أرى أنه بداية النهاية لنظام فقد بكل مقاييس التاريخ أهليته للاستمرار في الحكم، وأنه بات يسطر بحروف الظلم والقهر نهاية حقبة ستلعنها الأجيال الحالية والقادمة، إنها ظلمة الفجر التي من بعدها ينطلق النهار!!
فالصورة في السودان اليوم مقلوبة بالكامل حتى التكبير لله استخدم كوسيلة لتبرير الجريمة وصار القتل قصاص والسرقة غنائم والتهجير فرض بحكم الجهاد، لهذا لا مقاييس الان في السودان ولا حلول قبل أن يعود كل شيء الى مكانه، أما من يتوقع عودة الدولة والاستقرار في ظل هذه الظروف فهو ليس واهم فقط هـو بحاجة الى طبيب نفسي يخرجه من عالم الخيال الى عالم الواقع!!

في النهاية سوف يحاسب الشعب كل هولاء المجرمين أنا متأكد من هذا، فلا يمكن لدولة الباطل هذه أن تستمر كثيراً، لأن العدالة الالهية تفرض أن تعود الأمور الى مجرياتها حتما حتى تستمر الحياة، ولا يمكن أن تتحول الحرية الى سجن والحق الى باطل والشرفاء الى مسجونين…وبالطبع لن يكون موقف الشرفاء من أبناء وطننا مهما اشتدت عليهم الضغوط من تلك الأهداف الخبيثة إلا كموقف يوسف عليه السلام عندما أعلن للجميع موقفه بكل قوة، وسجله القرآن بحروف من نور (ربي السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه).

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خرجنا للانتخابات و عندما رجعنا سالنا جدى وين مشيتو قلنا ليهو الانتخابات رد علينا (ايدكم مدلدلات لا عكاز لا سكين يا اولادى العكاز من الكلب و السكين للسلب) وكان ىقصد بالسلب الذائح التى تنحر للمسؤلين الكبار حين زيارة قرية ما
    و ما احوجنا للعكاز بعد ان تكاثرت الكلاب

  2. في النهاية سوف يحاسب الشعب كل هولاء المجرمين أنا متأكد من هذا، فلا يمكن لدولة الباطل هذه أن تستمر كثيراً،
    كلامك في الصميم يا استاذ
    وعدا نعود حتما نعود

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..