الإستبداد طبقات كثيفة بعضها فوق بعض

الإستبداد طبقات كثيفة بعضها فوق بعض
مؤيد شريف
[email protected]
بثت إحدى القنوات الفضائية الإخبارية مشهداً مصورا لشابٍ تونسي يُحاولجاهداً إنتزاع مُلصق إعلاني ضخم للرئيس المخلوع زين الدين بن على . وفيكل مرة ينجح الشاب التونسي بصعوبة في إنتزاع المُلصق الإعلاني الضخم ،يُفاجئ بظهور مُلصق أخر للرئيس المخلوع من أسفل الملصق المنزوع !وكما يُجاهد الشاب لنزع كل أثر لمُلصقات صور الرئيس المخلوع ، تُجاهدالثورات اليوم لطمس أثار الأنظمة المُتساقطة ، بعد أن تأكد لها أن سنواتالإستبداد الطويلة خلّفت طبقات كثيفة من أشبكة المصالح بعضها فوق بعض ،وليس من الهين ، كما بدا بداية للكثيريين ، إزالة أثار الأنظمةالإستبدادية بمجرد تنحي أو خلع رأس الهرم من النظام.وجماعات المصالح المُتصلة بالأنظمة المخلوعة ، لاتزال تتوفر لها قنواتالنفوذ والتأثير على المشهد ، كما ولا يجب الإستهانة بقدرتها المُكتسبةعلى إخفاء الأصول المالية الضخمة التى تحصلت عليها بغطاء من السلطةالسياسية ، وبالإحتكار المُنظم بالقانون والمسنود بالتشريع ، وكلها أسبابللقوة ، قد تُمكنها من إستعادة التواجد والنفوذ من خلال عناوين جديدةوأجسام سياسية مُخادعة .من واقع إستطالة سنوات عهد الحكم الإنقاذي في السودان ، وتثبُت شبكاتالمصالح السياسية والإقتصادية فيه ، بل وإدماجها في جسم سياسي مُسيطربأدوات الدولة “المؤتمر الوطني” ، مُستأثرة بخيرات البلاد عهداً طويلا ،ومُتحكمة في حركة المال والإقتصاد على نحوٍ كامل وواضح ولا يحتاج لكثيرإستدلال ، فإننا موعودون بصراع طويل ، وعملٍ مُرهق ، وكر وفر في الطريقلإستعادة الدولة الوطنية ودولة القانون بعد أن عملوا زمناً طويلا علىإبدال مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية بخلايا حزبية مليشيوية ،درج سلوكها على تغلييب مصلحة الحزب والجماعة الأضيق المُستأثرة على مصالحالبلاد وشعوبها الأوسع .لا معنى للثورة على القديم ، إن لم يأت المولود الجديد مفارقاً جذرياللقديم في الإسلوب والإهداف النهائية ، فللإستبداد وجوه كثيرة ، وقدرةحذقة على التلون ، وخلع الجلد وإبداله جلدا آخر ، أبهى لونا غير أنه أشدقبحا في المضمون . والوعيُ المُشاع ، هو وحده ، وليس غيره ، صمام أمانيحول دون الإنتكاس إلى الوراء ، وتضييع تضحيات الجمهرة ودماءها المبذولة.إرتكازاً على ما تقدم : الثورة ليست فعلاً وقتيا ، يخبو أواره بمجردالسقوط الشكلي ، أو التنحي المُؤكد لرأس النظام . إنما هي وعيٌ مُتصل ،غير منقطع ، محروسٌ بالقدرة على الإحتشاد ، وصناعة الجمهرة ، تحسباًلأذرع الانظمة الطويلة ، وصيانة للمستقبل على الوجه الأكمل برضاء منالشعب وتفويضه ، وحفظا لدماء الشهداء ومن بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيلالمستقبل الأفضل لنا ولاطفالنا من الاجيال الجديدة.
أجراس الحرية
يعني حنقعد العمر كلو نطارد في الجرزان
:mad: