في الثلاثية….بؤس الحاضر(2)

حيدر إبراهيم علي
أبدأ المقال الثاني من الثلاثية بإعادة المقطع الأخير من المقال الأول،بقصد التذكير واستمرار التسسل :
من تناقضات التاريخ السوداني تزامن قيام مؤتمر الخريجين1938 وهم الذين آلوا علي انفسهم هزيمة الطائفية والرجعية الدينية،مع تحالف الطائفية والخريجين.ويصف(سامي سالم)ببراعة هذا التحول:-“…كانت لحظة الهروب من مؤتمر الخريجين الي أحضان الطائفية هي اللحظة التي وقّع فيها المثقف السوداني ضك إنهياره،وقد تكلل مشروع الهرب بالخيبة التي لا زالت مستمرة الآثار،إنها اللحظة التي قطعت الطريق علي المشروع العلماني في الحياة السودانية وفتحت الباب أمام النفوذ الديني الذي تسترت به الطائفية”.(مجلة الدستور اللندنية،25/9/1989ص47).
ومع بحث الخريجين عن الشعبية والجماهيرية،سلكوا الطريق السهل،وهو الاستيلاء أو الاحتيال علي الجماهير الجاهزة التي سيطرت عليها الطائفية واعتقلت عقولها واحتكرت حركتها وفق الإشارة.ولكن النتيجة كانت كسب الطائفية للإثنين:الخريجين والجماهير،وتجييرهما لخدمة مصالحها.ومع بحث الخريجين عن دعم القيادات الدينية،بدأت بوادر الانتهازية السياسية ولعبة المناورات(والمكايدات-حسب لغة الترابي)،وتغيير المواقف مثل تغيير الاحذية.وصارت اللامبدئية هي المبدأ الوحيد في السياسة السودانية،وصارت كلمة سياسي في القاموس السوداني مطابقة أو مرادفة للكذب والتحايل والاستهبال.
وعندما يقول رجل الشارع العادي:فلان دا سياسي!يقصد أنه غير صادق وقادر علي تمرير أشياء غير مقنعة دون أن يثير الريبة أو الشك.وكذا اكتسبت السياسة في السودان-مبكرا- سمعة سيئة، مما جعلها تتميز بالانقسامية والإنشطارية والخلافات غير المبدئية والعجز عن العمل الجماعي.ودشن الخريجون الخلافات في انتخابات اللجنة الستينية ،حين تنافس الفيليون والشوقيون،ولم يرتكز الخلاف علي أي مبادئ محددة أو مواقف مميزة.ويلاحظ(مدثر عبدالرحيم) هذا الوضع:-” ليس هناك أي دليل علي أن أي فريق من الفريقين الذي أسفر عنهما الإنشقاق كان له أي برنامج سياسي معين،أو أن الإنشقاق كان في الأساس علي أي شئ أكثر من تصادم بين شخصيات أدي تفاقمه الي فشل لجنة العشرة”.(الإمبريالية والقومية في السودان،1971:106).
كان ميلاد الأحزاب من أحشاء هذا الكيان المتخلف والمتنافر والذي تخلي بناته عن أهم مبادئهم:محاربة الطائفية.وقد مهدوا للطائفية بكل رجعيتها وتقليديتها أن تكون الحاضن لظاهرة حديثة هي الأحزاب.وخرج لاحقا من هذا التعميم أحزاب صغيرة شكلتها القوى الجديدة المعارضة للطائفية وشبه الإقطاع.ولكنها ظلت محدودة الجماهيرية حتي اليوم،وذلك لأن الكتلة الضخمة من الخريجين الإنتهازيين وقفت مع الطائفة المحتضرة،وظلت تنفخ فيها الحياة كلما حان أجلها.وتشكلت الاحزاب التقليدية من صراع انتخابات الخريجين العقيمة.وفي منتصف الاربعينيات44-1945 بدأ ظهور حزب الأمة،الاتحاديين،الأشقاء،الأحرار،وحدة وادي النيل،وغيرها.وكانت العضوية مجرد تجمع فضفاض لكتلة من أشخاص أو مجموعات يجذبها أحد شعارين: الاتحاد مع مصر(وحدة وادي النيل)أو السودان للسودانيين(الاستقلال التام).وكانت بداية الشعاراتية في السياسة السودانية علي حساب الفكر أو الايديولوجية. فهذه ليست ايديولوجية بل مجرد شعارات يمكن الوصول إليها بسبل متعددة.ولكن لازمت السياسة السودانية حتي اليوم،مثل:المشروع الحضاري،نهج الصحوة،الجمهورية الإسلامية،الوسطية،الأجندة الوطنية..الخ.
ودخلت الاحزاب السياسية الكبيرة الفضاء السياسي دون أن تشغل نفسها بالأفكار والبرامج السياسية والديموقراطية الداخلية والتثقيف السياسي ،واعتمدت هذه الاحزاب في وجودها علي الولاء الطائفي الأعمي وتقديس الزعامات التي استغلت الكاريزمية الدينية(البركة).يضاف إلي ذلك الإمتيازات الاقتصادية والتسهيلات التي كفلتها الإدارة البريطانية للسيدين المهدي والميرغني ورجال دين آخرين،وشيوخ القبائل المرتبطين بالطائفية.
اصيب كثيرون من الخريجين بالإحباط واختفوا من الحياة العامة رغم أنهم كانوا من الرواد والمبادرين أمثال أحمد خير.وتعاون مع نظام (عبود)نكاية في رفاقهم السابقين.ولكن المهم،هو أن الساحة خلت للإنتهازيين ومتوسطي القدرات.وهذا ما حدا حتي بشاعر المؤتمر نفسه(علي نور)أن ينظم قصيدته الشهيرة التي جاري فيها الشاعر العراقي(معروف الرصافي)التي يقول فيها بمرارة وسخط:-
كل امرئ يحتل في السودان غير مكانه
فالناس اكفاء شجاع الرأي مثل جبانه
والعلم ليس براجح بالجهل في ميزانه
والفضل ليس مكارم الاخلاق من عنوانه
والمرء ليس باصغريه قلبه ولسانه
بل باكتمال ريائه وروائه ودهانه
وطن لو أن الحر لا يصبو الي اوطانه
ما كان لي شأن بذلته ورفعة شأنه
*********
كانت نخبة الحركة الوطنية التي جاءت بالاستقلال،محظوظة تماما فقد جاء الإستقلال بسهولة.وساعد في ذلك،الصراع بين دولتيّ الحكم الثنائي،فقد تصور كل طرف أن الإستقلال سيصب في النهاية في خدمة مصالحها.وبني هذا الاحتمال علي مطالب الإتحاديين والاستقلاليين.هذا وقد سرّع قيام الثورة المصرية عام1952 من عملية تقرير المصير،كما تحمست مصر بعد فوز الحزب( الوطني الاتحادي) الموالي لها في انتخابات1953.وكان استقلال(المفاوضين)أكثر منه استقلال(المكافحين)أو (المقاتلين)مقارنة بثورة المليون شهيد في الجزائر.رغم أن نخبة الشهداء هناك خانت دمائهم وغرقت بدورها في الفساد.ولكن ما يأتي بسهولة يفرط فيه بسهولة ايضا.ورغم أن الرئيس إسماعيل الأزهري إفتخر بأنه أتي بإستقلال مثل صحن الصيني لا شق ولا طق؛إلا أنه جعله ناقصا حين رفع شعار تحرير لا تعمير.إذ يفترض أن يبدأ التعمير لحماية الإستقلال فور رفع الدولة الجديدة.وقد كان( الأزهري) يعتقد أن عدم الدخول في احلاف أو توقيع إتفاقيات ثنائية هو الهدف الرئيسي للإستقلال ويكفي لإقناع الشعب بالحرية.
تظهر بدايات الحكومة الوطنية الأولي أن السودان المستقل سار في طريق خاطئ ولم يستطع الخروج منه حتي اليوم.فقد كان الحس الديمقراطي ضعيفا،وفي نفس الوقت لم يلتفت للتنمية.والدليل علي الفهم القاصر للديمقراطية تمسك الحكومة الوطنية بالقوانين المقيدة للحريات.فقد شهد البرلمان صراعا طويلا حول المواد 105 و107(أ)و(د) أو قانون الجمعيات غير المشروعة.وكانت تلك المواد تحاكم من”إثارة الكراهية ضد حكومة السودان”ويدخل في ذلك أي نقد للحكومة أو أعضائها.كما التدخل الحزبي في الخدمة المدنية بدأ مبكرا.وكمثال:-” انتدب متولي عيد عقب قيام حكومة الازهري للعمل برئاسة مجلس الوزراء ثم نقل الي قسم الاحصاء.وكان هذا التصرف اول المعالم علي تغلغل الروح الحزبية في الجهاز الحكومي.عين محمود الفكي مديرا للاذاعة وهو احد كبار الاشقاء ومن رجال الازهري.(يحي محمد عبدالقادر:شخصيات من السودان،ص348).
كان تمرد الفرقة الاستوائية في أغسطس1955 هو أول التحديات الخاصة بمشكلة جنوب السودان.وقد كشفت حوادث الجنوب عن فداحة تقصير الحكام في إدارة الدولة الناشئة لإمور البلاد.وكان من الممكن تفادي هذه الأزمة المأساوية لو امتلكت الحكومة ي قدر من الحكمة وحسن التقدير.(راجع تقرير حوادث الجنوب عن لجنة قطران،صادر عن مركز الدراسات السودانية).كما أضاعت حكومة الأزهري أن تجعل من هذه الكارثة فرصة لفتح هذا الملف ومناقشته بشفافية من خلال مؤتمر شامل يضم كل الأطراف ويناقش كل القضايا.ولم ينعقد مثل هذا المؤتمر إلا بعد عشر سنوات أي مؤتمر المائدة المستديرة في عام1965 بعد ثورة أكتوبر1964.
كانت حادثة جودة من المشكلات المبكرة التي واجهت الحكومة الوطنية،وكشفت بدورها عن قصور الحكام الوطنيين وأجهزة دولتهم.فقد اعتقلت السلطات 281 من مزراعي مشروع جودة الزراعي،ووضعوهم في إحدي حجرات مباني الجيش في كوستي،فاستشهد منهم190 مزارعا بالإختناق.وتحت ضغط الرأي العام،اعتقل 13من رجال البوليس بكوستي واوقفوا عن العمل لتقديمهم للمحاكمة..وقد سيّر العمال والمحامون والمزارعون في العاصمة والاقاليم مظاهرات احتجاج،واضربت الصحف عن الصدور،وأعلن العمال الحداد علي شهداء المزارعين.(صحيفة الميدان21/3/1956).وهؤلاء الضحايا هم الذين (صلاح أحمد إبراهيم)قصيدته المعنونة:” عشرون دستة”؛والتي يقول فيها:
لو أنهم …
حزمة جرجير يعد كي يباع،
لخدم الافرنج في المدينة الكبيرة،
ماسلخت بشرتهم أشعة الظهيرة
وبان فيها الاصفرار والذبول
بل وضعوا بحذر في الظل في حصيرة
وبللت شفاههم رشاشة صغيرة
وقبلت خدودهم رطوبة الأنداء والبهجة النضيرة….
لو أنهم.. فراخ تصنع من أوراكها الحساء
لنزلاء (الفندق الكبير)
لوضعوا في قفص لايمنع الهواء وقدم الحب لهم والماء
*******
رغم أن الحزب الوطني الإتحادي لم يكن راديكاليا(جذريا)أو يساريا،إلا أن الطائفية لم تكن ترضى بغير الولاء والطاعة التاميين.فقد بدأت عناصر من الختمية في محاربة حكومة الأزهري،واسقطتها في تصويت ثقة بعد شهر من تشكيلها.وجاء أول تعديل وزاري مبكرا في نوفمبر1954 وخرج ميرغني حمزة وخلف الله خالد وأحمد جلي.ويكتب(خضر حمد)في مذكراته:” ولم يكن السبب معروفا تماما(…)وكونوا حزبا جديدا تحت إسم :حزب الإستقلال الجمهوري،ولم ينضم لهم النواب الذين طالبوا بذلك،وسموا أنفسهم في الخفاء نواب الختمية يساندون عبدالله خليل وهم في الوقت داخل الحزب الوطني الإتحادي!”(1980:191).وللقارئ أن يتصور العبث والاستهتار الذي دشنت به السياسة السودانية ميلادها.وأخيرا،تم لقاء السيدين رغم كل الإختلافات والمرارات،فقد كان الهدف هو اسقاط حكومة الأزهري بالفعل أبعد الأزهري،وتشكلت حكومة عبدالله خليل في يوليو1956 والتي كانت الحكومة الوطنية الرابعة في وقت قياسي.
وتصل مهزلة ديموقراطية الحكم الوطني ذروتها؛فقد قام حزب الأمة بواسطة رئيس وزرائه عبدالله خليل،بتسليم السلطة للجيش بقيادة الفؤيق إبراهيم عبود.وهذه سلوك سياسي شاذ لم تعرفه أي ديمقراطية ناشئة في العالم.ففي يوم 17 نوفمبر1958 كان من المتوقع افتتاح البرلمان،ولكن انطلقت شائعات تقول بإحتمال سحب الثقة من حكومة عبدالله خليل.ولكنه استبق الاحداث وقام بإنقلاب علي نفسه.ومن الغريب أن الأحزاب سارعت في تأييد الإنقلاب،فقد أصدر السيد عبدالرحمن المهدي بيانا أذاعه السيد عبدالرحمن علي طه وزير الحكومات المحلية في حكومة عبدالله خليل.(صحيفة النيل21/11/1958).وكان السيد علي الميرغني قد أصدر بيانا في نفس يوم الإنقلاب،جاء فيه:-” لقد تقبلنا نبأ تسلم جيش السودان بقيادة صباطه العاملين زمام السلطة في بلادنا.وأننا نأمل أن تتضافر الجهود وتخلص النوايا لنحقيق الطمأنينة في النفوس وتوطيد الأمن والاستقرار في ربوع البلاد”.وقد برر(عبدالله خليل) الإنقلاب بقوله:-“الاستقلال في ذاته ليس بغاية ولكن وسيلة فعّالة لإسعاد الشعب.الساسة من قادة الإحزاب السودانية التي تعاقبت وشاركت في الحكم،قد فشلوا،حكومة تلو الأخري ولم تنجح واحدة من تلك الحكومات الأربع التي تعاقبت علي الحكم منذ الاستقلال حتي الآن.لذلك تطلعتم جميعا في الأشهر الأخيرة إلي المنقذ الذي يحمي الإستقلال ويحقق للمواطنين المكاسب المرجوة وها هو اليوم قد أتي الفرج إذ تقدم رجال الجيش السوداني تصاعدت المعارضة ضد الحكم الدكتاتوري،وكان ميزان القوى قد مال لصالح الختمية داخل المجلس العسكري.فقد تم إبعاد اللواء احمد عبدالوهاب المحسوب علي حزب الأمة،ودخول الاميرالاي عبد الرحيم شنان ومحيي الدين أحمد عبدالله، المحسوبين علي الختمية.ويبدو أن حزب الأمة أو عبدالله خليل،كانا يتوقعان أن يرد العسكر السلطة لهم بعد القيام ببعض الترتيبات التي تقلص دور معارضي الحزب.ولكن استفرد العسكر بالسلطة، هنا نشط حزب الأمة في المعارضة.ووقف الختمية مع نظام(عبود)ورفعوا ما عرف بمذكرة كرام المواطنين ضد المعارضة في 9/12/1960.فقد هاجموا الأحزاب المعارضة مشيدين بانجازات النظام العسكري.
تعرضت الديمقراطية خلال حقبة ما بعد الإستقلال لاختبارات لم توفق في استجاباتها.فقد عرفت هذه الفترة محاكمة الردّة الأولي ضد الاستاذ محمود محمد طه.وكان الفشل الأكبر قرار حل الحزب الشيوعي، فقد طرد نواب منتخبون نوابا منتخبين مثلهم من قبل الشعب. ثم دخلت البلاد في الحلقة الشيطانية:ديموقراطية،إنقلاب،إنتفاضة،ديموقراطية وهكذا.وفي حقيقة الأمر،مارس السودان نظما برلمانية ولكن ليست ديموقراطية وهناك فرق كبير.لأن وجود برلمان منتخب ،حتي ولو كانت إنتخابات نزيهة،لا يعني توفر الحريات الأساسية الأخري ،مثل:حرية العقيدة والرأي.ففي الديموقراطيات الحقيقية لا يمكن أن يحاكم أي شخص بما يسمي الردّة أو يحل حزب بتهمة الإلحاد أو إساءة أحد اعضائه لبيت النبي.لم تصبح الديموقراطية جزءا من الثقافة السودانية أي لها انعكاساتها علي السلوك والحياة اليومية،وتربية الأطفال والتعامل مع المرأة،وفي الأسرة والمدرسة.فقد بقيت الديموقراطية علي المستوي الأداتي فقط أي وسيلة أو أداة للتبادل السلمي للسلطة من خلال انتخابات لا تقوم علي تنافس البرامج في مجتمع تصل نسبة أميته الأبجدية الي 70% ومازالت العلاقات القبلية والعشائرية هي السائدة.ويمكن القول بأن البلاد لم تعش ديموقراطية حقيقية لذلك كان التفريط في النظم البرلمانية سهلا.
تعمدت التاريخية لأن الشباب حرم من دراسة تاريخ بلاده،فقد خلت المناهج التعليمية من التاريخ والجغرافيا،ليدرسوا “نحن والكون”.هناك مسؤولية علينا في الحديث عن التاريخ لو أردنا اسنشراف المستقبل.
رغم العمر المديد لم انجوا من معرفة جديد أيها الاستاذ الرائع والمثقف المستنير كثر هم المثقفين في بلادي وقلة منهم التزموا رسالة التنوير في هذا البلد .. هذا ما ينقصنا في السودان برنامج التنوير وانتشال الشباب القادم من براثن التجهيل المتعمد وعلى مدار ثلاثة وعشرين عام زاد فيها التعتيم واهدار حق التفكير والقراءة الحرة رغم محدودية المتلقي في الصحفة ولكن أتمنى ان تجد هذه ثلاث مقالات ما ينقلها للشباب في اماكنهم ليقرواء ويتعلموا يفكوا طلاسم كثيرة في الحياة السودانية ويعرفوا من أين اتى كل هذا الانهيار لهذا البلد؟ مشكوراً ايها الاستاذ المنار ولا عدمناك.. وكما كانت مقالات تشخيصية ارجوا ان يعقبها مقالات تستشرف الحلول وتضع المبادئ العامة للحلول المشكلة ويجتهد كل واحد منا في هذا الاطار .. هذا امر رائع وتفاعل اروع.
الديمقراطية لا تنزل من السماء وانما تنبت من الأرض:
1. قبل أن ندرس طلابنا تاريخ الديمقراطية السودانية (11 سنة من أصل 56 سنة) علينا أن ندرسهم كيف تطورت الديمقراطية في الغرب وخاصة نظام ويستمنيستر البريطاني الذي أخذناه بعد الاستقلال. هل نزل النظام البرلماني هناك من السماء فجأة أم تطور على مر مئات السنين ؟؟؟ النظام البرلماني بشكله الحالي تجربة فريدة وخاصة بالانجليز.. وقد تطورت عبر درب طويل ووعر من خلال الصراع الشرس بين الملك والبرلمان تم حل البرلمان فيها عدة مرات بل وشهدت اعدامات ودماء أحيانًا !!! وحتى الآن هناك مؤسسات دالة على هذا الارث التاريخي كمجلس اللوردات(بالوراثة وليس الانتخاب) وعدم وجود دستور مكتوب في بريطانيا وانما مجرد تقاليد وسوابق دستورية وكذلك الاحتفاظ بالملكة ككيان سيادي بروتكولي بلا سلطات !!!
3. الديمقراطية الرئاسية الفرنسية جاءت بعد الثورة الفرنسية 1789.. حيث أنشأت الجمعية التأسيسية لاعداد الدستور وحيث نشأ مضصطلحا (يمين) و( يسار) فالذين جلسوا على اليمين كانوا يؤيدون بقاء الملكية في حين الذين جلسوا على اليسار كانوا يريدون زوال الملك نهائياًَ .. ولك أن تتخيل كيف تغير المعنى عبر الزمن !!! تعثرت التجربة الفرنسية بعد ذلك وجاءت انقلابات وسالت دماء كثيرة وجاء نابليون فحكم بالحديد والنار ..وهكذا تجد عند الفرنسيين تعدد الجمهوريات (الجمهورية الأولى والثانية وحتى الخامسةالتى أنشأها ديقول بعد الحرب العالمية الثانية !!!
4. الديمقراطية الأمريكية كذلك مرت بتجارب مريرة وقطعت درباً طويلاً ووعرا منذ الأباء المؤسسين بعد الاستقلال من بريطانيا في 4 يوليو 1776 ( مثلاً موضوع الرق والعبودية والحرب الأهلية التى راح ضحيتها الرئيس ابراهام يلنكولن 1865 )!!!
5. الشعب السوداني لن يصحوا ذات صباح جميل ليجد الديمقراطية وقد ترسخت وتعمقت في مجتمعه وثقافنه .. فالمشوار طويل ووعر وليس مفروشاً بالورود, ولكننا سنمشيه خطى مثل كل شعوب الأرض التى لا تنفك تتطلب الحرية – وحتى المجتمعات العريقة في الديمقراطية لا زالت تطلب المزيد من الحرية فالحرية طريق طويل وسرمدي وليس له نهاية !!!
6. الكلام عن الديمقراطية وتحليل (الطائفية) السودانية بهذه الطريقة (لا تاريخي) بمعنى أنه يضعها في السماء.. ولا يحتسب الظروف التاريخية المتعلقة بالمحتمع السوداني وما فيه من أمية وقبلية وعشائرية!!
7. باختصار المجتمع السوداني فيه أمية وقبلية وطوائف دينية وأسر دينية ولن تستطيع التجربة السياسية السودانية تجاوز هذه المكونات (بحرق المراحل) ولكن من خلال التطور المستمر والطبيعي ومن خلال الجدل الطبيعي أيضاً.. المجتمع السوداني ليس حجراً ساكناً ولكنه متطور باستمرار (برلمان 54 كان معظمه أمييين في حين كان برلمان 86 معظمه جامعيين ) !!!
8. السبب الذي جعل قادة مؤتمر الخريجين يحتمون بالأنصار والختمية هو سبب (تاريخاني بحت) وهو ذاته الذي جعل الأخوان المسلمين يهرعون الى الجزيرة أبا في العام 70 هرباً من بطش نميري الذي لا يرحم …وهو ذاته السبب الموضوعي والتاريخي الذي جعل المجموعات الشبابية يلجأون الى مسجد دونوباوي في الانتفاضة الأخيرة ضد الانقاذ ( دع عنك كلام “أبو” .. فقد جاء متأخراً ولم يؤثر.. وقد لعب المسجد دوراً محورياً في الانتفاضة الأخيرة لا مجال لانكارها )!!!
9. د. حيدر رغم أنه مفكر عميق وأستاذ تاريخ رائع.. ولكنه أحياناً يقع في فخ التحليل السطحي (اللاتاريخي) للظواهر السياسية والاجتماعية وهذا عيب كبير لا يليق يه !!!
الهدم الحقيقي للسودان يا اخي لم يكن في عهد الاحزاب والطائفية الاولي . وانما الهدم الحقيقي والدمار والتحطيم والاحباط كان في عهد مابسمي بحكومة الانقاذ
شكرا بادكتور, والله دائما بنتعلم من مقالاتك المهمة
لكن ارجو انو واحد يقول لى ناس الفيليون والشوقيون ديل مقصود بيهم شنو؟ واختلافهم كان فى شنو؟ لانو واضح انهم مهمين شديد, واللجنة الستينية بتاعة الخريجين دى بردو شنو؟ ومهمتها شنو؟
المهم كلام سامي سالم المفتبس من الدستور كلام مهم وانا بتفق معاو وقلنا الكلام دا كثير لكن نحن الشباب ديل مافى زول بسمعنا
الاحزاب الفاشلة سبب البلاوى والحل فى تحالف الشباب والقوى الديمقراطية لتقديم بديل يتجاوز هذه الاصنام عبر ثورة اجتماعية تحقق العدالة وتحترم مكونات شعوب السودان
ارجو الاجابة على الاسئلة بالله يادكتور ولا اى زول عارف
مع الشكر والاحترام للجميع
نتعالوا نشيل عليها الفاتحة ونتخارج
الله يلعن اللكان السبب فى تحجيم نهضة هذه البلاد وتقدمها ومن اكبر دواعى تخلف هذه البلاد هم السياسيون وافتكر ان الانقاذ بمشروعها الحضارى الغير عادل قسمت البلاد الى شعب وطوائف واحزاب وقبائل متحاربة فيما بينها وضد الحكومة.
الشكر والتقدير لدكتور حيدر ابراهيم على وهو يعكس لنا جانبا هاما من الحياة السياسية فى السودان وبحق فهو مقال تحليلى وموضوعى من درجة ممتاز ، السؤال المطروح الان يتعلق بكيفية ترسيخ ثقافة الديمقراطية التى افتقدناها سابقا ومازلنا نفتقدها اليوم وغدا فى ظل سيادة العقلية السياسية التى تقوم على الفهلوة والاستغلال للبسطاء من هذا الشعب ، سؤالى لدكتور حيدر عن الاليات والوسائل التى تمكن من بناء وترسيخ مفهوم الديمقراطية الحقيقية وليس ديمقراطية الفهلوة والبركة وفى ذلك اتمنى ان يقوم بتخصيص مقال لوحده يوضح فيه وسائل واساليب بناء الديمقراطية فقد تسنح الظروف القادمة بتطبيق هذا الامر عقب زوال هذا الكابوس الكيزانى ، هذا جانب اما الجانب الاخر والذى اتمنى من الدكتور حيدر تسليط الضو عليه ولو بتخصيص مقال موجز عن العلاقة التاريخية بين الطائفية وجماعات الاسلام السياسى واثر ذلك على الحياة السياسية فى السودان ، اكرر الشكر والتقدير لدكتور حيدر
كل مقالات د. حيدر رائعه جداً و فى الصميم و لكن كنت أتمنى ان يتناول د. حيدر بشئ من التفصيل أيدلوجية القوات المسلحه السودانيه( إن كان لديها فعلاً أيدلوجيه) و لماذا تحيد عن دورها الطبيعى المتمثل فى حماية تراب الوطن و لماذا ترضى أن تكون مطيةً للأحزاب الطائفية توجهها حيث تشاء !! و بعد هذا الفشل الذريع لقواتنا المسلحه فى معظم الميادين فى عهد الطغمة التى تحكم الآن، هل فعلاً السودان محتاج لقوات مسلحه !!!؟ فى المستقبل القريب بعد زوال كابوس الإنقاذ بإذن الله، أقول صادقاً أنا مع الرأى القائل بإستئجار مرتزقة (البلاك ووتر ) لحماية حدود البلد بدلاً عن قوات مسلحه يسهل ركوبها بواسطة الأحزاب الطائفيه متى أرادت ذلك و عندما ترغب فى تصفية حساباتها مع بعضها فتقوم هذه القوات المسلحه بعمل إنقلاب و يكون المواطن السودانى هو الضحيه و نرجع تااااانى و نقول منعول أبوكى بلد يقدِلوا فيك الكيزان و الفاسدين!!
شكرا ليك يادكتور وياريتك تواصل في هذا السرد التاريخي فنحن جيل الانقاذ كما نسمى ضحايا قلة الاهتمام بالتاريخ والفكر والثقافة ولكن منا من رفض هذا الفشل ويسعى لبناء وطن ديموقراطي …أرجو منك سرد للتاريخ مع ذكر أسامي للكتب التي تحتوي على التاريخ السوداني القريب كما تفعل دوما…. ودمتم لنا.
ان حالتي الركوع والسجود، التي ظل عليها علم مثل -حاتم السر مرشح رئاسة الجمهورية،الاتحادي،عليها عاكفاً..!!.. يلخص كل ماساة وازمات ومعاناة وعلل وامراض وخنوع وخشوع واستسلام من نسميهم تجاوزا بالمثقفين .
يا اخ حيدر الكارثة هى تسليم عبد الله خليل السلطة للجيش لانها خلت الجيش يتدخل فى السياسة فيما بعد ولم تؤسس لابعاد الجيش بصرامة من العمل السياسى والانقلابات وان يخضع للقيادة المدنية مثل الهند!!!انا لا اقول ان الاحزاب او الديمقراطية كانت سليمة مية فى المية وكان لها اخطائها لكن اذا لم يسلم عبد الله خليل السلطة للجيش كانت الديمقراطية صححت نفسها وبقت ثقافة شعب وكانت ظهرت قيادات جدية واحزاب جديدة!!!كوارث الحكومات العسكرية اكبر وافظع من كوارث الديمقراطية ودى اصلا ما بيتغالطوا فيها اتنين!!!!! السودانيين اصلا ما عندهم صبر على الديمقراطية عايزين فى سنتين او تلاتة ان نصير مثل بريطانيا وهذا محض خيال لازم نمارس الديمقراطية ونقوم ونقع وفى ظل الصحافة الحرة والمستقلة كان من الممكن ان نصحح ونقوم الديمقراطية!! وما تنسى الاجواء العربية المعفنة ناس الانقلابات القومية والاشتراكية والبعثية واخيرا الاسلاموية!!!!
لله درك يادكتور فكم انت رائع بكتاباتك التى تمس مواطن الآلم العميق … فالديمقراطية ممارسة وسلوك قبل ان تكون وسيلة لتداول السلطة .. الديمقراطية مثل الهواء الذى نتنفسه اذا لم تتجذر فينا وفى اعماقنا فحتما لن نستيع المحافظة عليها .. فلايمكن ان نسمى الفترات البسيطة التى جاء فيها من يحكمنا بانتخابات لا يمكن تسميتها بالفترات الديمقراطية وانما كان يمكن ان تكون اساس لديمقراطية رائعة فى بلد اهم مايميزها هو التعدد .. وللكن للاسف فان الاحزاب التى اتت بها صناديق الاقتراع واتتها الفرصة للتغيير لم تنتهزها لمصلحة الوطن وانما استغلت مجيئها للسلطة لتصفية حسابات قديمة او لمصلحة حزبية ضيقة كما حدث مع الصادق المهدى حينما طالب بتعويضات آل المهدى ابان فترة حكمه الثانية بعد انتفاضة ابريل …
مما اتاح الفرصة للعسكر للانقضاض وكانوا يجدون المبرر اللازم لفعلتهم ويجدون التاييد من الشعب البسيط الساذج الذى لم يفهم بعد معنى الديمقراطية ..
عبدالله خليل اخطاء عندما سلم السلطة للجيش اليوم لا يوجد جيش عشان يستلم السلطة لان الكيزان سرحوا الجيش الغير موالي لهم وجاءوا باهل التمكين منحن جيش بنعرف من هم الن الموجودين ديل كلهم مؤتمر وطني وملايش وجنجويد
هل يوجد بالسودان أحزاب بمعني كلمة حزب ؟؟؟ الحزب كما هو معروف للمستنيرين والشباب الثائر هو تنظيم ديمقراطي تحكمه لائحة تنظيمية وله برنامج وطني لتطوير الوطن موضوع من لفيف من المتخصصين علماء اقتصاد ، سياسة ، قانون ، صناعة، زراعة، تعليم الخ وهذا البرنامج يكتب وينشر ويروج له ليقرأه الجميع ومن يقتنع به يلتحق بالحزب ويناضل ليتم تطبيق برنامجه الوطني ؟؟؟ ويسيير اعمال هذا الحزب مجلس منتخب وله رئيس منتخب ونائب له منتخب وهذا الرئيس له مدة محددة ويمكن انتقاده وتوجيهه وأقالته في أي وقت تري فيه الأغلبية ذلك ؟؟؟ كما يمكن إقالة أي عضو من أعضاء المجلس أو الحزب في حالة عدم رضاء الأغلبية عن تصرفاته التي لا تتماشي مع لائحة الحزب او اي تصرفات مشينة تضر بسمعة الحزب ؟؟؟ وهذا بأختصار وعجالة تعريف الحزب ؟؟؟ وأن كنت مخطيء في هذا التعريف فأرجو تصحيحي ؟؟؟ اما ان نسمي الأسر الطائفية التي تتاجر بالدين ولمة الفتة أحزاب فهذا هراء ؟؟؟ وخطأ جسيم يقع فيه الكثيرين والحقيقة دائماً ما تكون مرة ويصعب بلعها؟؟؟ كما ان الذين رسخت في ذهنم أكذوبة في الصغر من الصعب تكذيبها في الكبر ؟؟؟ كيف يمكن تسمية تنظيم أسري طائفي رئيسه أبدي ؟ ويتوارس رئاسته احد كبار الأسرة ومن المستحيل ان يكون من غير الأسرة ؟؟؟ وهو أبدي لا يقال ومؤله لا يخطيء او ينتقد أو يوجه أو يصحح وتنفذ أوامره بالأشارة ؟؟؟ وكل من يعترضه او ينتقده أو لم يركع له لبوس يده لهو قليل أدب خارج عن الملة ويبعد فوراً من قطيع الجهلة المغيبين دينياً ويحرم من الفتة باللحمة المطعمة بمرقة ماجي ؟؟؟ وهذا الجهل هو سبب تخلف السودان وتزيله لجميع دول العالم في كل المجالات الا في الفساد فنحن الأوائل بجدارة ؟؟؟ أما الأحزاب الصغيرة والجبهات المنتشرة بكثرة في الخرطوم بمسميات عدة لا حصر لها فهي ضعيفة العددية ومنغلقة علي نفسها في الخرطوم ومعظمها نشأ بعفوية وتحكمه العواطف وأختزل في شخص واحد يحمل شهادات علمية مميزة أو أحد وجهاء العاصمة ؟؟؟ هنالك بالخرطوم أكثر من 84 حزب مسجل وأكثر من هذا العدد غير مسجل؟؟؟ وأعتقد ان معظمهم أحزاب وطنية تدعوا لرفعة السودان؟؟؟ إلا ان بعضهم له اسماء نشاذ لا تجد قبولاً في السودان مثل حزب البعث العربي الذي من اسمه نشعر بأنه تكوين عنصري يستبعد القبائل الغير عربية بالسودان وما أكثرهم ؟؟؟ والحزب الناصري الذي من أسمه نشعر بانه يؤله بطل وطني مصري قد لا يعرفه السودانيين في الغرب والشرق ؟؟؟ ولما لا يكون مسمي بأسم بطل سوداني حتي يجد بعض القبول ؟؟ ولكن الأحزاب لا تتشكل تحت اسم فرد وأنما تحت برنامج وطني ؟؟؟ ويا ويل حكومة الأنقاذ الكيزان القتلة مغتصبي الرجال والإناث قاتلهم الله لو اتحدت هذه الأحزاب الصغيرة وكونت حزب ديمقراطي كبير جماهيري مؤسس وقوي له برنامج وطني مدروس يجمع كل الشباب الثائر؟؟؟ وأعتقد ان ذلك حلم جميل قد يصعب تحقيقه في الوقت الحاضر ؟؟؟ دعونا نحلم ونبدأ فقد يتحقق هذا الحلم بعد عدة سنوات إن شاء الله ؟؟؟ فيا شباب السودان وتجمعاته وجبهاته وأحزابه اتحدوا ؟ اتحدوا ؟ اتحدوا ؟ فالأتحاد قوة مخيفة لوباء الكيزان وسيكون سبب فنائهم انشاء الله ؟؟