إشراقات مريم الصادق.. كظم الغيظ والتسامح

لا شك أن بعضاً من الناس تعب من التسكع في محطات العنف اللفظي الذي أصبح لافتة مرفوعة في العديد من الخلافات، في ظل التوتر الذي يعيشه أهل السودان بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية والمعيشية والمسؤوليات الاجتماعية، ولا غرابة في أن هذا العنف يمضي بقوة ليجرف أحلى ما لدينا من الكلام، ولا غرابة لأن قادة الإنقاذ قدموا نماذج للسودانيين في استخدام العنف اللفظي وهم يهاجمون الخصوم، ولسان حالهم كأنه يقول: لا شيء يجمع بيننا سوى البغضاء والكره..و(العقيد يونس) نموذجاً.. للأسف انتقل هذا الداء إلى غيرهم، وصار عند بعض الناس داءً مزمناً، وفي التعامل مع هؤلاء مهما تحصنت من داء العنف اللفظي يدفعوك دفعاً للإصابة – مؤقتاً – بهذا الفيروس الخطير الذي تبدأ أعراضه بموجة الغضب يصعب عليك الإمساك بعبارات العنف اللفظي التي تتطاير كالشرر وتحرق النفوس، في تلك اللحظة لا ترى شيئاً سوى المثل الذي يجرك جراً لهذا الداء( من يُقطع دموريتك، تُشرط حريرو)..وتستمر المعركة تقطيع وتشريط.
لا مغالطة..في أن وسائل التواصل الاجتماعي محتقنة بالعنف اللفظي إلى درجة كبيرة، وتارة تجد أنك أقحمت نفسك في هذا السلوك، في محاولات للدفاع عن نفسك أو أصدقاء وصديقات. وكم أغرقَنا العنف اللفظي في بحر تتلاطم أمواجه وتبعدنا عن مرسى الإنسانية.
قطعاً الواقع السوداني بأوضاعه السيئة التي تمضي نحو الأسوأ؛ يلعب دوراً كبيراً في تفشي ثقافة العنف؛ لأننا – ببساطة – نخطئ ونوجه غضبنا من النظام وسياساته الفاشلة نحو بعضنا البعض، ونحن مشحونون بالغضب من عجزنا على تغيير النظام، ومن الإحباط من أحزابنا السياسية، ومن هواننا على الحكومة، ونحن مهمومون بمشاكلنا اليومية وقائمة المطالب الأسرية في دولة فاشلة وعاجزة عن تقديم الخدمات الأساسية لشعبها الذي يعاني من أزمة الصحة والتعليم والكهرباء والماء، حتى لحظات الكوارث الطبيعية يتوارى النظام ليتحمل أصحاب المبادرات الإنسانية مسؤولية الوقوف مع ضحايا السيول والفيضانات كمجموعة (نفير)، ورد الجميل، وغيرهما، وفي المستشفيات تجد شباباً وشابات (شارع الحوادث) هذه نماذج للعمل الإنساني الذي خرج من رحم القيم السودانية النبيلة، وينبغي لذات القيم السودانية أن تحركنا نحو صف الغاضبين من الواقع، لنغادر جميعاً محطة الانهزام لمواجهة من يستحق أن نغضب ونثورعليه ، لأنه القاسم المشترك في سنة العنف اللفظي وغيره..
لاشك في أن الاستمرار في ثقافة العنف اللفظي سيحرق ماتبقى من الصلات الجميلة بيننا كشعب، ومجتمع نسيجه الاجتماعي تعرض لضربة قوية من علو صوت الجهوية والقبيلة، العنف في ظل هذه الظروف يجعل علاقتنا تنتظر الهبوب لتأخذها، إذاً هناك ضرورة لتغيير المشهد الذي يزعجنا جميعاً، والأولوية التعافي من ثقافة العنف اللفظي تجاه بعضنا، لأنه يعمينا. لحسن الطالع لدينا إشراقات ونماذج تعطي الأمل، والمثال الحي موقف دكتورة مريم الصادق المهدي؛ نائب رئيس حزب الأمة يشكل إحدى هذه الإشراقات؛ حينما أمسكت عن الرد على الأستاذ ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية بشأن قضية من يمثل الآلية الأفريقية، ورفضت الإدلاء بتصريحات مبنية على ردة الفعل، وكررت ذات النموذج مع الطيب مصطفى حينما كتب عموداً عبر فيه عن دهشته لموقف الدكتور في عدم الرد على ياسر عرمان والأكثر دهشة أنها امتدحته، فتسلحت الدكتورة مريم بالآيات القرآنية والحكم الإنسانية النبيلة التي تعزز ثقافة الحلم والعفو والتسامح للرد على الطيب مصطفى في إحدى قروبات الواتساب.. حقيقة تحمل دكتورة مريم لكمية الإساءات التي تلقتها؛ جديرة بأن تدفعها بالرد عليها بعنف لفظي أشد إيلاماً، ولكنها سمت بنفسها فوق الصغائر، وتجاوزت سفاسف الأمور؛ لأنها نظرت إلى ماهو أعمق من المهاترات السياسية، نظرت إلى الوطن الكبير وإلى ما يجمع شمل السودانيين أكثر مما يفرق بينهم. بل تدخلت عبر إحدى قروبات الواتساب لإيقاف المساجلات التي احتدت بين ناشر صحيفة (الصيحة) الطيب مصطفى من جهة، وناشر صحيفة (اليوم التالي) مزمل ابو القاسم، ورئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال، والكاتب الطاهر ساتي من جهة أخرى. مذكرة بقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾..تمنيت لو أملك القليل من قدرتها على كظم الغيظ وتحمل الأذى.. موقف دكتورة مريم المشرق؛ ليته يدفعنا لمغادرة محطة العنف اللفظي والمهاترات للتركيز في قضيتنا(التغيير) الذي ينتظرنا من أجل أجيال مقبلة.
عذراً لكل من استفزني بعنف لفظي وجاريته بطريقته..نحن بشر مواقفنا قابلة للمراجعة.
اللهم يا رحمن يارحيم اجعلنا مِمّن قلت فيهم{وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (80)}.
التيار

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بعض الكلام كبعض الشجر
    جميل القوام شحيح الثمر.

    وخير الكلام قليل الحروف
    كثير القطوف بليغ الأثر.

    وفرز النفوس كفرز الصخور
    ففيها النفيس وفيها الحجر.

    و أنت أيضاً لو لم يكن فيك خير ، لما ميزت أهل الخير ، و لما دعوت الناس له ، و هو بلا شك أقوى سلام لهزم الشر و إنتصار الحق ، نسأل الله أن يطهر وطننا من دنس الإنقاذ و توابعه.

  2. الاستاذة غزالي
    بنحبك لأنك صحافيه ممتازه و قويه بس لو سمحتي انت ما محتاجه تشكر لينا الراكوبه في الخريف. مريم بتع ماذا؟؟؟؟؟

  3. ف.غزالى مقالك جيد يدعو للتأمل وإعمال قيم التسامح في حياتنا..ودون ذكر الأسماء طبعا…استوقفتنى وكالعادة عبارة (القيم السودانية النبيلة) ونطرح سؤالا حولها هل هى موجودة بالفعل باعتبارنا مجتمعا إنسانيا كغيرنا من المجتمعات، أم هي قيم ننفرد بها دون غيرنا؟ فالناظر إلي مجتمعنا يرى مايشيب له الولدان من فظاعته .أرجوك استاذتى الكريمة ألا تسبغوا علي مجتمعنا صفات ليست موجودة في غالب الأحوال، لأن الإقرار بالعيوب كفيل بالعلاج بينما الهروب منهالا يعين عليه.
    أما العنف اللفظى فهو يسبق دائما العنف الجسمانى بشتى صنوفه، وهو ليس وليد اللحظة الراهنة بل تغوص جذوره مع تاريخ مجتمعاتنا وفي كل شبر من السودان، وتتجلى أوضح صوره في عنف الأنظمةالسياسية المتعاقبة علي حكم البلاد، وكذلك الإقتتال القبلى ومسبباته.

  4. فتسلحت الدكتورة مريم بالآيات القرآنية والحكم الإنسانية النبيلة التي تعزز ثقافة الحلم والعفو والتسامح للرد على الطيب مصطفى في إحدى قروبات الواتساب.. حقيقة تحمل دكتورة مريم لكمية الإساءات التي تلقتها؛ جديرة بأن تدفعها بالرد عليها بعنف لفظي أشد إيلاماً، ولكنها سمت بنفسها فوق الصغائر، وتجاوزت سفاسف الأمور؛ لأنها نظرت إلى ماهو أعمق من المهاترات السياسية، نظرت إلى الوطن الكبير وإلى ما يجمع شمل السودانيين أكثر مما يفرق بينهم. بل تدخلت عبر إحدى قروبات الواتساب لإيقاف المساجلات التي احتدت بين ناشر صحيفة (الصيحة) الطيب مصطفى من جهة، وناشر صحيفة (اليوم التالي) مزمل ابو القاسم، ورئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال، والكاتب الطاهر ساتي من جهة أخرى”

    مقالك على هذا الرابط http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-70446.htm
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    تحياتي الأستاذة/ فاطمة غزالي،،، ما ذكرتيه بالأقتباس أعلاه من تحريض يقوم به سدنة ورؤوساء تحرير صحف نظام الأقلية الحاكمة في الخرطوم عبر قروبات الواتساب لمريم الصادق المهدي تحريضا وأستعداءا على القائد ياسر عرمان، الذي من المفترض أنه حليفها في “نداء السودان” والذي لم يتجنى على مريم في شيء سوى أنه ولتقديرات سياسية بحتة رفض طلب حزبها بتعينها منسقة ل” نداء السودان” لدى الآلية الأفريقية رفيعة المستوى للوساطة بين حكومة الخرطوم وتحالف الجبهة الثورية المسلحة بأديس أبابا، يوحي بأمور لجد خطيرة ويطعن في مصداقية التحالفات القائمة والتي تنشأ بين القوى السودانية المعارضة لنظام الأقلية الحاكم في الخرطوم ومنها التالي:-

    1- أن نوايا حزب الأمة وقادته الصادق المهدي وأبنته مريم الصادق أتجاه ثوار الجبهة الثورية في “نداء السودان” غير صادقة، وأن الصادق المهدي وأبنته مريم لديهم تحالفات سرية مع نظام المشير البشير وسدنة وسائل إعلامه التي من أولى مهامها تشويه المعارضة التي يمثلها القائد ياسر عرمان…

    2- ما ذكرتيه بعالية يعزز شوك مؤيدي تحالف الجبهة الثورية، الذين ظلوا يناهضون قادتهم برفض أي تحالفات مع حزب الأمة، لكون هذا الحزب جزءا من نظام المشير البشير وأن أثنان من أبناء الصادق المهدي وأخوان مريم (عبد الرحمن وبشرى) موجودن داخل النظام ويشغلون مناصب سياسية وأمنية رفيعة فيه…

    3- مريم الصادق وبصفتها نائباً لحزب الأمة، ومطلعة على أسرار تحالف “نداء السودان” تتمتع بعلاقات تواصل حميمية عبر قروبات واتساب حصرية مع سدنة ومؤيدي نظام المشير وبالضرورة أعداء هذا التحالف … هذا لجد أمر خطير للغاية ويشكك في مصداقية حزب الأمة وقادته ويكشف نواياهم الحقيقية من فرض أنفسهم على المعارضة المسلحة بغرض أختراقها وإفشاء أسرارها لمخابرات نظام المشير البشير وصولا لتدميرها وفض عقد تحالفاتها…

    4- ما ذكرتيه بعالية، يخول الحق وكل الحق لقادة الجبهة الثورية وكبير مفاوضيها القائد ياسر عرمان برفض تسمية أشخاص مشكوك في نواياهم في مناصب حساسة بـ “نداء السودان” كمنصب الرئيس مثلما يلهث الصادق المهدي ومن خلفه ميديا الأنقاذ أو منسق لدي الآلية الأفريقية رفيعة المستوى كما إقامة مريم الصادق وأنصارها من سدنة صحافة الأنقاذ الدنيا ولم تقعدوها…

  5. همسة حب
    لو تعلمين كم أحبك
    وكم أغار عليكي

    اغار عليكي
    من احلامى
    من لهفتى واشتياقى
    ومن خفقات قلبى

    اغار عليكي
    من لحظة صمت بيننا
    قد تبعدك بافكارك عنى

    أغارعليك
    من لفتة نداء
    قد تبعد عينيك عن عيونى

    أغار عليكي
    من كل كلمة تقوليها
    إذا لم أكون انا
    حروفها و ابجديتها

    أغار عليكي
    من اصابع الناس
    إذا إلتقت بأصابعك
    في سلام عابر

    أغار عليكي
    من فكرة
    تخطر ببالك
    من حلم
    لا أكون انا فيه

    أغار عليكي
    لأني احبك

    وأحبك

    وأحبك
    ========
    لو أن حبك
    لو أنَّ حبَّكِ كانْ
    في القلبِ عاديَّا
    لمَلَلْتُهُ مِن كَثرةِ التَّكرارْ
    لكنَّ أجملَ ما رأيتُ بِحبِّنا
    هذا الجنونُ ، وكثرةُ الأخطارْ
    حينًا يُغرِّدُ
    في وَداعةِ طِفلةٍ
    حينًا نراهُ
    كمارِدٍ جبَّارْ
    لا يَستريحُ ولا يُريحُ فدائمًا
    شمسٌ تلوحُ وخَلفَها أمطارْ
    حينًا يجيءُ مُدمِّرًا فَيضانُهُ
    ويجيءُ مُنحسِرًا بِلا أعذارْ
    لا تعجَبي ..
    هذا التَّقلُّبُ مِن صَميمِ طِباعِهِ
    إنَّ الجنونَ طبيعةُ الأنهارْ
    مادُمتِ قد أحببتِ يا مَحبوبتي
    فتَعلَّمي أن تلعبي بالنارْ
    فالحبُّ أحيانًا يُطيلُ حياتَنا
    ونراهُ حينًا يَقصِفُ الأعما

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..