حسن مكى وإنعدام الوطنية

فى حديثه لصحيفة (المستقة ) قارن الدكتور حسن مكى بين المهدية والإستعمار الإنجليزى حيث ذكر أن ما قدمه كتنشر للسودان لم يقدمه المهدى فى إشارة إلى مشروع الجزيرة والسكة حديد والخدمة المدنية وبعض البنى التحتية ولم نأت هنا لمقارعة الحجة بالحجة وذلك لسببين فالأول أن هناك اقلام تناولت كلام حسن مكى من هذه الزاوية وثانياً لأن مثل هكذا كلام قد صدر من بنى جلدتنا بيولوجياً ولا أظن فكرياً أو سياسياً فلا تنفع مقارعته بالحجة الدامغة والداحضة لحديثه بل بالمنطق الذى سيفحمه ويبين أين موقفه من الوطنية والحجة والمنطق ليست سيان بأى حال من الأحوال .

كنت أستنكر ألفاظ مثل العهر السياسى وغيرها وأنفر منها ولكن كتابات بعض المفكرين والمثقفين بينت لى أن الذين يتناولون بعض القضايا الفكرية والسياسية بمنظور غريب ومواقفهم السياسية فى ذلك تجعل أدنى وصف يمكن أن يوصفون به هو كلمة (عاهر سياسى ) ولنبين ذلك من زاوية أكثر إضاءة فإن الإستعمار قبل المهدية وبعدها قد ساعده اناس من بنى جلدتنا ووقفوا معه ودعموه ففى عرف الدول يسمى ذلك خيانة عظمى فما بالك بمن يتبناه المستعمر وهو كذلك يعتبر أن المستعمر هو الأب الحنون وولى نعمته رغم أن المستعمر مجرد مغتصب وهو بالطبع أب غير شرعى فأى وصف يمكن أن تصف به هؤلاء غير اللقطاء سياسياً وفكرياً لأنهم فكرياً وسياسياً جاءوا من أب غير شرعى وهؤلاء حتماً لهم ذرية ظلت تمارس نفس الدور الذى مارسه آباءهم وأجدادهم ونحن نعرف أن من بين الدم والفرث يمكن أن يخرج لبناً سائقاً شرابه وهذه سنن كونية ( يخرج الحى من الميت ) ولكن أيضاً يمكن أن يكون هناك منتوج آخر وهو الغائط فى أبرز تعفناته ولذلك سمى براز وللأسف كان حظ حسن مكى أن يكون المنتج الأخير (قلوط وراثى ).

كنا فى زمن غابر فى المدرسة المتوسطة فى كنانة وكنانة كما هو معلوم تجمع كل أهل السودان وكل مشاربهم من سحنات وثقافات مختلفة وأذكر فى حصة التاريخ أن الاستاذ كان يتحدث عن تاريخ المهدية فإذا بالفصل كله يدوى بتكبيرة ( الله أكبر ولله الحمد ) وكانت روح الحماس والإنفعال والإفتخار الشديد بتاريخهم يملأ نفوسهم ويشعل فيهم جذوة الوطنية بالرغم أن هؤلاء لم يكونوا أبناء أنصار كلهم بل أغلبهم لم يكونوا أبناء أنصار ولا علاقة لهم بالأنصارية وأنا أعرفهم جميعاً ولكن الروح الوطنية التى بثتها فيهم المهدية جعلتهم متوحدين فى الإنفعال الحقيقى الذى لا يشوبه كذب ولا نفاق ولا أحد يجبرهم على ذلك ولكن حسن مكى لا يعرف معنى هذا .

نقول لحسن مكى أن الذى يغتصب أرضك ويذل أبناء هذه الأرض وأحد الأبناء راض عن ذلك مقابل بعض الهدايا والملابس فأقل ما يوصف به هو( ديوث سياسى ) وأن الذى يرضى بالمغتصب لأرضه وهى أمه بلا شك ثم يحاول أن يجد له الحجة والمشروعية فى إغتصابه هذا مثلك تماماً فأقل ما يوصف به هو ( ديوث فكرى ) . هل ما قدمه المستعمر من خدمات يجعلنا نشيد باستعماره لنا وباغتصابه ارضنا ؟!!
دعنى أيها القارئ أتنحى جانباً بل سأنأى ألى ركن قصى لأشكر الدكتور حسن مكى بأن ألهمنى أن أكون صاحب الملكية الفكرية لهذا المصطلح ولتكون أنت أول من يتقلد ذلك اللقب ( ديوث فكرى ) بامتياز.

درج الإسلاميون أن يسلبوا الوطنيين وطنيتهم ويجعلون من أفعالهم الوطنية مجرد ضياع زمن فقد قالوا أن خروج الإنجليز من السودان كان بضغط أمريكى على بريطانيا وليس بجهد أبنائه الذين ضحوا بكل شئ فى سبيل حرية الشعب فقد جردوا الامام عبد الرحمن من كل فعل قام به فى سبيل الاستقلال وجردوا السيد اسماعيل الازهرى كذلك من إجتهاداته حتى نال السودان إستقلاله وجردوا محمد إبراهيم دبكة لحظة وقوفه فى البرلمان حيث أعلن الإستقلال من داخل البرلمان , فليس غريباً على حسن مكى أن يعتبر المهدى مجرد عابث بتاريخنا الوطنى .

إن الاقلام التى تناولت المهدية بالقدح سوا كانت من الاسلاميين أو العلمانيين الذين يريدون أن ينفثوا بعض عقدهم النفسية من التكوين الثقافى والمجتمعى الذى جاءوا منه والذين تمنوا أن يولدو فى بيئة اخرى غير هذه البيئة المتخلفة حسب مفهومهم بدعوى التنوير والإستنارة لهو أمر يدعو إلى السخرية بل هم أصبحوا مثيرون للشفقة فإن كلمة إستنارة نفسها أصبحت عبارة عن دجل فكرى فالدجل ليس فى الدين فقط بل فى الفكر هناك دجل يمارسه هؤلاء وكذلك الثقافة

ومن يك ذا فم مر مريض ** يجد مراً به الماء الذلالا
……..
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ** وينكر الفم طعم الماء من سقم
فإننا نقول لكل هؤلاء واولائك

لو كان الإمام محمد أحمد المهدى فى البيئة المصرية لكان أبو الهول مجرد ظل لتمثاله ولكتبت ملايين الكتب المبشرة به ولكان المخرجون المصريون يتبارون فى أنتاج مسلسلاته والأفلام التى تتناول سيرته .
لو كان الإمام المهدى فى أمريكا لكان مارتن لوثر كنج مجرد حرف فى هامش سيرته ولكانت أغلب أفلام هوليود تتحدث عن سيرته وبطولاته ولكانت صورته بديلاً لصورة جورج واشنطون فى عملة الدولار.
لو كان الامام المهدى فى جنوب أفريقيا لكان نيلسون مانديلا مجرد تلميذ فى حضرته .
لو كان الامام المهدى فى اوربا لعلقت أوربا صوره فى كل المؤسسات الحكومية .
لو كان الامام المهدى فى الاتحاد السوفيتى لكان كارل ماركوس مجرد طاه فى مطبخه ولعزف له بيتر إليتش شايكوفسكى مقطوعة بحيرة البجع .
ولكن قدر المهدى أن يكون فى بيئة عندها مثل يقول ( فنان الحى لا يطرب ) فلم يسعدهم ما فعل ولم يحرك فيهم أى نخوة بل قدحوا فى سيرته وجحدوا فضله

قد كانت له الشمس ظئراً فى أكلته ** بل ما تجلى لها الا أحايينا

حماد صالح

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رغم قسوة، الكاتب علي الدكتور حسن مكي الا انه يمتلك قذرة عالية علي التعبير ورغم فظاعة يعض الالغاظ الا ان للمقال نكهته
    اتحقتنا

  2. حسن مكى محبط و منكسر نفسيا بعد فشل مشروعهم الحضارى و لذلك اتوقع منه اى حاجة الجماعة بيقوا يشوتوا ضفارى من دون تحديد الجهة

  3. أخي حماد بعد الشكر والتحية علي مقالك الضافي ينبغي علينا أن لا نرجو خيرا من حفدة الأستعماريين التركي والانجليزي فلهم أن يقولوا ما يشاءون بلسان أولياء نعمتهم المستعمرين وستبقي الحقائق ناصعة رغم محاولات طمسها فليمت هولاء بغيظهم فال(مهدية شهدت لها اعداؤها (أولياء نعم هولاء ) قبل أصدقائها

  4. انه العار بأم عينه
    و الرد عليه يأتى من الامام عبدالقادر ود حبوبه وهو يرد على تبجح القاضى الانجليزى بجلبهم المدنيه و التقدم فكان الرد و مع المدنية و التقدم جلبتم لنا الموت و الهلاك

  5. لقد كان المقال جردة تاريخية بسيطة استخدم فيها الكاتب مثال حي من طلاب مدرسة كنانة و اني اعتقد لو ان مدرس التاريخ ذلك طرح قوله علي الشعب السوداني باغلبيته لهتف الله اكبر (القديمة) لانه شعب لم يتشكك في تاريخه رغم امثال حسن مكي .
    وهدف الكيزان واضح في تاريخ السودان سواء في المهدية او في غيرها من تاريخ ما قبل المهدية هم يريدون ان يقنعوا الشعب بان تاريخ السودان يبدأ من حيث اتو…الم يقل الترابي انه مفجر ثورة اكتوبر بخطبته في جامعة الخرطوم اثر حضورة من فرنسا و كأنه يريد ان يقول ان الثورة قامت لتلك الخطبة العصماء من ذلك الفتي المتفرنس وهو يضحك اكثر مما يتكلم…

  6. اقتباس :” ونحن نعرف أن من بين الدم والفرث يمكن أن يخرج لبناً سائقاً شرابه وهذه سنن كونية ( يخرج الحى من الميت ) ولكن أيضاً يمكن أن يكون هناك منتوج آخر وهو الغائط فى أبرز تعفناته ولذلك سمى براز وللأسف كان حظ حسن مكى أن يكون المنتج الأخير (قلوط وراثى ).”
    التعليق : هذا مستوى الكتابة و النقد بالحجة الذي بشر به الكاتب في بداية مقاله و لا حول و لا قوة الا بالله.

    تعليقي على المقال :
    الثورة المهدية واحدة من اعظم الثورات في العصر الحديث و قد اعترف بها الاعداء قبل الاصدقاء.

    الدولة المهدية من ناحية اخرى ، دولة الخليفة عبدالله التعايشي، دولة عنصرية دموية داعشية بأمتياز. أما من حاربها و عاون جيش كتشنر من القبائل النيلية قد عانوا ما عانوا من بطش المهدية و الامثلة كثيرة و مذبحة البطاحين و مجزرة المتمة خير أمثلة و الامثلة كثيرة و لا حصر لها.

    محاولة الكاتب دمغ من عاونوا جيش الاحتلال بالخيانة العظمى متجاوزا كل الظروف التي ادت الى نهاية الدولة المهدية تظهر (بضم التاء و كسر الهاء) عنصرية الكاتب و محاولته للتمييز بين فئات الشعب السوداني مستحضرا أرث مهدية عبدالله ود تورشين.

    أما بالنسبة للاستقلال ، فليس لأسماعيل الازهري و لا لمحمد ابراهيم دبكة اي فضل غير اعلانه. فحق تقرير المصير منح للسودانيين مقابل مشاركتهم في الحرب العالمية الثانية ، اي لقوة دفاع السودان. دماء جنود قوة دفاع السودان و بسالتهم هي من اجبر الانجليز على منح السودانيين حق تقرير المصير.

  7. رغم قسوة، الكاتب علي الدكتور حسن مكي الا انه يمتلك قذرة عالية علي التعبير ورغم فظاعة يعض الالغاظ الا ان للمقال نكهته
    اتحقتنا

  8. حسن مكى محبط و منكسر نفسيا بعد فشل مشروعهم الحضارى و لذلك اتوقع منه اى حاجة الجماعة بيقوا يشوتوا ضفارى من دون تحديد الجهة

  9. أخي حماد بعد الشكر والتحية علي مقالك الضافي ينبغي علينا أن لا نرجو خيرا من حفدة الأستعماريين التركي والانجليزي فلهم أن يقولوا ما يشاءون بلسان أولياء نعمتهم المستعمرين وستبقي الحقائق ناصعة رغم محاولات طمسها فليمت هولاء بغيظهم فال(مهدية شهدت لها اعداؤها (أولياء نعم هولاء ) قبل أصدقائها

  10. انه العار بأم عينه
    و الرد عليه يأتى من الامام عبدالقادر ود حبوبه وهو يرد على تبجح القاضى الانجليزى بجلبهم المدنيه و التقدم فكان الرد و مع المدنية و التقدم جلبتم لنا الموت و الهلاك

  11. لقد كان المقال جردة تاريخية بسيطة استخدم فيها الكاتب مثال حي من طلاب مدرسة كنانة و اني اعتقد لو ان مدرس التاريخ ذلك طرح قوله علي الشعب السوداني باغلبيته لهتف الله اكبر (القديمة) لانه شعب لم يتشكك في تاريخه رغم امثال حسن مكي .
    وهدف الكيزان واضح في تاريخ السودان سواء في المهدية او في غيرها من تاريخ ما قبل المهدية هم يريدون ان يقنعوا الشعب بان تاريخ السودان يبدأ من حيث اتو…الم يقل الترابي انه مفجر ثورة اكتوبر بخطبته في جامعة الخرطوم اثر حضورة من فرنسا و كأنه يريد ان يقول ان الثورة قامت لتلك الخطبة العصماء من ذلك الفتي المتفرنس وهو يضحك اكثر مما يتكلم…

  12. اقتباس :” ونحن نعرف أن من بين الدم والفرث يمكن أن يخرج لبناً سائقاً شرابه وهذه سنن كونية ( يخرج الحى من الميت ) ولكن أيضاً يمكن أن يكون هناك منتوج آخر وهو الغائط فى أبرز تعفناته ولذلك سمى براز وللأسف كان حظ حسن مكى أن يكون المنتج الأخير (قلوط وراثى ).”
    التعليق : هذا مستوى الكتابة و النقد بالحجة الذي بشر به الكاتب في بداية مقاله و لا حول و لا قوة الا بالله.

    تعليقي على المقال :
    الثورة المهدية واحدة من اعظم الثورات في العصر الحديث و قد اعترف بها الاعداء قبل الاصدقاء.

    الدولة المهدية من ناحية اخرى ، دولة الخليفة عبدالله التعايشي، دولة عنصرية دموية داعشية بأمتياز. أما من حاربها و عاون جيش كتشنر من القبائل النيلية قد عانوا ما عانوا من بطش المهدية و الامثلة كثيرة و مذبحة البطاحين و مجزرة المتمة خير أمثلة و الامثلة كثيرة و لا حصر لها.

    محاولة الكاتب دمغ من عاونوا جيش الاحتلال بالخيانة العظمى متجاوزا كل الظروف التي ادت الى نهاية الدولة المهدية تظهر (بضم التاء و كسر الهاء) عنصرية الكاتب و محاولته للتمييز بين فئات الشعب السوداني مستحضرا أرث مهدية عبدالله ود تورشين.

    أما بالنسبة للاستقلال ، فليس لأسماعيل الازهري و لا لمحمد ابراهيم دبكة اي فضل غير اعلانه. فحق تقرير المصير منح للسودانيين مقابل مشاركتهم في الحرب العالمية الثانية ، اي لقوة دفاع السودان. دماء جنود قوة دفاع السودان و بسالتهم هي من اجبر الانجليز على منح السودانيين حق تقرير المصير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..