أكتوبر 1964: سائرين سائرين في طريق لينين عرجاً ومكاسير

وجدت كثيراً من الناس يزعم أن مظاهرات رفاقنا بعد انقلاب 19 يوليو 1971 تطرفت حتى اعتزل الناس الانقلاب وكانت سبباً في تقويضه. فقد هتف رفاقنا بغير داع: “سايرين سايرين في طريق لينين”. وكان هتافهم عندي “قطعة راس” لانقلاب مفاجئ لم يستعدوا له. وبالطبع تربص بالانقلاب وهو طفل ممن انزعج للانقلاب نفسه قبل شعاراته. فلو هتفنا “عاش الشعب السوداني البطل” لما رحمونا. فلم يعد خافياً من هم الذين أعدوا للانقلاب رباط الخيل وصهوات الطائرات بين مصر وليبيا وشركة لونرو وبلاد أخرى ربما. وقد أهلك الله أكثرهم بأيدي شعبهم. وكفى بالله شهيدا.
ربما لا يدري من استسخف من “نعقوا” منا باسم لينين في 19 يوليو أن السودانيين اتبعوا لينين في يوم من أيامهم الساطعة في 21 أكتوبر 1924. فمتى نفذوا الإضراب السياسي العام وثاروا على نظام الفريق عبود كانوا لينينين أشاوس. فخطة الإضراب السياسي العام التي أطاحت بالديكتاتورية في صلب مفهوم لينين عن الأزمة الثورية. وقد عقد بيننا ولينين في الحلال الثوري أستاذنا عبد الخالق محجوب المعروف بحسن اطلاعه على اللينينية والاستشهاد بنصوصها في سائر كتاباته.
توصل الحزب الشيوعي إلى خطة الإضراب السياسي سبيلاً إلى الإطاحة بنظام الفريق عبود في صيف 1961. ففي تقديره أنه وضح للشعب عزلة النظام ولكنه رغب في بيان بالطريق لإزاحته. فنشر الحزب بياناً في المجلة النظرية للحزب وهي “الشيوعي” (العدد 108، بتاريخ 2 يوليو 1961) بعنوان “تفاقم الأزمة الثورية وتفكك الديكتاتورية”. استعرض الحزب في المقال اتساع الحركة الجماهيرية على ضوء إضراب عمال السكة حديد في يونيو 1961 وتوصل إلى وضوح تفاقم أزمة النظام وإمكانية توجيه الجماهير ضربة قاضية له. وصدر بعد تلك التقديرات السياسة بأسابيع أول بيان للحزب الشيوعي وضع فيه الإضراب السياسي العام كخط الحزب الرئيسي للقضاء على النظام المستبد للفريق عبود. ثم والى الحزب بيان تكتيكه الرئيسي هذا في مجلة الشيوعي (العدد 109) بتاريخ 29 أغسطس 1961. وأردف الحزب هذه الخطة السياسية ببيان الخطة التنظيمية التي سينفذ بطريقها خطة الإضراب السياسي العام.
اتفق للحزب سداد فكرة الإضراب السياسي العام في سياق قراءته لخارطة تفاقم أزمة نظام الفريق عبود. وركن هذه الأزمة في رأي الحزب هو بلوغ الجماهير وضعاً “لا تحتمل فيه العيش تحت ظل النظام الراهن”. وهو ركن قليل الاعتبار إذا لم يتضايف على ركن آخر هو تضعضع النظام سياسياً تضعضعاً بلغ به طور العجز عن الحكم. واقترب الحزب من هذا المعنى بقوله إن النظام ظل هدفاً لنضال ثابت أدى به إلى العزلة حتى من قوى اليمين في الأحزاب السياسية والجيش. فتفاقمت أزمته واتسعت “إلى درجة لم يعد معها قادراً على أن بحكم بهدوء”.
معلوم أن “الأزمة الثورية”، التي رشحت الإضراب السياسي خطة للقضاء على نظام عبود، مفهوم لينيني ذاع في كتاباته ومنها “تهافت الأممية الثانية”. وتقع الأزمة الثورية عنده حين يصير من المستحيل على الطبقات الحاكمة الحفاظ على حكمهم بغير إحداث تبديل ما فيه: حينما تضرب الأزمة، بصورة أو أخرى، وسط الطبقات العليا، أزمة تفضي إلى فجوات وخروق في سياسات تلك الطبقات تنفذ من خلالها وتتفجر غضبة الطبقات المضطهدة. ولتقع الثورة، برأي لينين، لا يكفي أن الجماهير المضطهدة لم تعد تطيق العيش كعهدها. فمن الضروري، إلى جانب ضيق هذه الطبقات بالعيش تحت نير الطبقة ذات السلطان، ان تكون الطبقة السلطانية نفسها قد وهنت ولم تعد هي نفسها قادرة على العيش كعهدها. ووجد أستاذنا عبد الخالق محجوب في مفهوم لينين ما أعانه على تشخيص أزمة نظام عبود الثورية كما رأينا ووالاها بالكي الثوري آخر الدواء.
حين قمنا بثورة أكتوبر 1964 بالدخول في الإضراب السياسي العام كنا “سائرين سائرين في طريق لينين” عرجاً ومكاسير. وسنرى أنها لم تكن المرة الأولى لنا نحن السودانيين في هذه السكة اللينينية الخطرة. فمن رأي المؤرخ ب م هولت، مؤلف كتاب “دولة المهدية”، أن المهدية لينينية وضحاء كما سنرى في كلمة قادمة.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. المهديه كانت داعشيه.
    وما اشبه الليله بالبارحه . البطش باسم الاسلام .كركوك امدرمان .الموصل ام دبيكرات.واهدار البشريه ومقدراتهم.

  2. يا أستاذيّ اخطأ هولت فلماذا تتبعه في خطأه ! أيهما أسبق للوجود الثورة المهدية، ام ثورة لينين ? أقف لو مرة واحدة مع الحق أظنّك لا تستطيع القول ؛ بعكس ما قلته،

  3. الي الاخوة الذين كتبوا عن المهدية بانها داعشية عليهم في المقارنه الا ينسوا عاملا مهما هو عامل الزمن ففي زمان المهدية علي ما فيه من ظلم التركية الا انه من الجانب كانت روح الفكر والعقلانية شبه مغيبه وفتح المهدي كوه في الظلام ليحارب الظلم بالاسلام املا ان يكون هذا طريق الخلاص في وسط ما زال فيه الفكر الاسلامي يتلمس خطاه للنشوق مرة اخري في ظل ظروف معقدة ومحبطه وليس فكر او استنارة لكن ماذا نقول عن داعش في لقرن الواحد وعشرين مع هذه المعلوماتية والعلوم والاستنارة والانفتاح والعولمه قراءة الظروف في ضوء الزمن عامل مهم جدا خشية الظلم وما اكثرة وليس الصادق بفكر جده !!!

  4. لينين دة منو ..
    طيب سؤال دارون قال الانسان كان قرد ومع تطور الزمن بقي انسان سؤال الضنب بتاع القرد وينه ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..