أشواق الأمريكيين..!!

مثلما صُدمت الإنسانية بظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الأكثر دمويةً وإرهاباً، صُدم العالم بفوز دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.. تبدو النتيجة أكثر من طَبيعية، فمثلما استطاع التّنظيم المُثير للجدل أن يَحشد حَوله آلاف وملايين من المُسلمين الذين حرّكتهم أشواقهم لبناء دولة خلافة إسلامية، استطاع ترامب أن يُخاطب ذات الأشواق لدى الأمريكيين ويَحصد ملايين من المُؤيِّدين.. بحسابات الجنون الذي يسود العالم، النتيجة أكثر من طبيعية، ولو لا البغدادي لما صعد ترامب، والآن تتصدّر جماعة كوكلس كلان العنصرية المعروفة المشهد وتحتفي بترامب، وتطرح نفسها أباً روحياً للرئيس الجديد.

منذ البداية كان ترامب يخطف الأضواء ببرنامجه الانتخابي المُثير للجدل، ولشدة ذكائه – رغم أنّ كثيرين يعتبرونه أقلَ ذكاءً – أجبر مُنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون أن تحوِّل برنامجها الانتخابي إلى ردة فعل لما يقوله ترامب، فتحوّل هو إلى نقطة الاهتمام الرئيسية في الانتخابات الأمريكية.

كثيرون، يُحاولون تأكيد أنّ الولايات المتحدة، دولة مُؤسّسات، وأنّ الرئيس لا يحكم إنما يُسيّر الأمور فقط.. صحيحٌ، إنّ الدستور الأمريكي منح الرئيس صلاحيات مَحدودة، لكن بالإمكان أن تتكيّف مع برنامج الرئيس المُنتخب، مثلاً، إن كان فوز ترامب لا يُغيِّر في السياسة الأمريكية، فَلِمَ الاحتجاجات العَنيفة التي عمّت عَدَداً من المُدن الأمريكية، بل، لِمَ العالم كله صُدم بعد إعلان الفوز.. خطر الفترة المُقبلة لا تؤكِّده أو تنفيه تحليلات الصحف العربية التي تتأرجح بين أنّ الولايات المتحدة دولة مؤسّسات أو دولة نظام رئاسي، إنّما الشارع الأمريكي الذي بدا خائفاً بالفعل من صعود ترامب.. وترامب الذي انتخبته قطاعات شَعبية كفرت بالنخبة الأمريكية واقتنعت تماماً بخطابه الشعبوي، هو رئيس من الشارع وبنبض الشارع ما يجعله رئيساً لا يحمل إلاّ التزامات ناخبيه.

أبرز مَا جَاء في برنامج الرئيس المُنتخب، الاتفاق النووي الذي هَدّدَ بنسفه، العلاقات مع المسلمين، وبتحديد أكثر فيما يلي ملف الهجرة، ثم ملف الإرهاب المُتّفق عليه.. نقرأ تصريح المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية عقب فوز ترامب والمنشور في وكالات الأخبار، حيث يقول، مارك تونر: “في حال قرّر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي فإن هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة على سلامة الاتفاق، وشدّد على أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما ترى أنّ من مصلحة الولايات المتحدة التمسك به، وتابع: إن الاتفاق مع إيران ليس مُلزماً من الناحية القانونية”. ويبدو واضحاً أنّ من صلاحيات الرئيس الجديد الإبقاء أو تعديل أو نسف الاتفاق النووي بأكمله.

خلال زيارته إلى الكونغرس، يُشدد الرئيس المنتخب على ملفات، الهجرة والصحة، ويبدو أن ملف الهجرة سوف يتصدّر أولوياته…المُؤكّد أنّ تغييراً لافتاً سوف يحدث، لكن إلى حين الإجابة على السؤال الأهم؛ هل يفي الرئيس المُنتخب بوعوده الانتخابية أم يتراجع عنها ويخسر ناخبيه، وهل هو على استعداد لخسارة ناخبيه؟!.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..