كواليس اللحظات الأخيرة في لقاءات البشير وسلفاكير..الغضب سيد الموقف في ملف أبيي،وتفاصيل تجاوز الميل 14

أديس أبابا:

تشهد اللقاءات بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت الجارية منذ مساء الأحد الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا تطورات دراماتيكية،فتشهد توتراً أحياناً،وحميمية أحياناً أخرى،حتى يعتقد الوسطاء والمراقبون الدوليون أنها اقتربت من اللحظات السعيدة.
وقد أنهك تعقيد القضايا التي كانت على طاولة البشير وسلفاكير في القصر الرئاسي القديم للامبراطور هيلاسي،ثم مقر اقامتهما في فنق شيراتون، الوسيط الأفريقي،رئيس جنوب أفريقا السابق ثابو مبيكي ومساعديه رئيسي نيجريا الأسبق عبد السلام أبوبكر وبورندي الأسبق بيير بويويا،بجانب سكرتاريتهم.
اللقاء الخامس بين البشير وسلفاكير ليل الثلاثاء أحدث اختراقا لافتا في شأن النقطة المستعصية وهي الميل 14 التي عطلت ملف الترتيبات الأمنية منذ جولة المفاوضات السابقة،واستكمل الاتفاق حوله رئيسا الوفدين المفاوضين إدريس عبد القادر وباقان اموم اللذين سهرا حتى فجر أمس وراء أبواب موصدة والناس نيام.
ارتفع سقف التفاؤل صباح أمس عقب بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية قال إن رئيسي السودان وجنوب السودان باتا أقرب من أي وقت مضى من التوقيع على اتفاق بين الجانبين ينهي بعضاً من جوانب النزاع والقضايا العالقة بين الجارتين.
وأضاف البيان أن مؤتمراً صحفياً عاماً من المقررأن يعقد بين البشير وسلفاكير للإعلان عن النتيجة النهائية للمفاوضات،وحدد الوسطاء الثانية بعد الظهر للتوقيع على الاتفاق الاطاري والوثائق المتفق عليها،ثم عزز التفاؤل حديث مسؤول الاعلام في فريق الوساطة الافريقية الذي حدد للصحفيين القاعة المحددة في أسفل الفندق لاستضافة مراسم التوقيع.

لكن طال انتظار الصحفيين والمبعوثين الدوليين الذين كانوا يرابطون في كافتريا وبهو الفندق،المكتظين بوفدي التفاوض من الحكومة و»الحركة الشعبية – قطاع الشمال» من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق،ولم يكن يبدد ملل المنتظرين سوى أكواب الشاي والقهوة ودخان سيجار القلقين منهم.
وفي الرابعة ظهرا دخل الرئيسان في لقائهما السادس الذي امتد نحو ثلاث ساعات في حضور ثابو مبيكي ومساعديه والدرديري محمد أحمد ودينق ألور ،وكان اللقاء مكرسا لملف أبيي وكان المنتظر مناقشة الوضع الانتقالي في المنطقة وإرجاء الوضع النهائي المتصل بمستقبل المنطقة.
وفي شأن الوضع الانتقالي بأبيي جرى توافق على تنفيذ اتفاق وقع في يونيو من العام الماضي بتشكيل اربعة أجهزة تنفيذية انتقالية تشمل لجنة عليا من البلدين،وادارة تنفيذية مشتركة وبرلمانا محليا،ولجنة مشتركة للمراقبة،كما أقرا استمرار انتشار 4200 من القوات الإثيوبية لحفظ الأمن في المنطقة .
المعلومات التي تسربت من لقاء البشير وسلفاكير كشفت أن دينق ألور أثار قضايا متصلة بالوضع النهائي لأبيي ،وطلب اصدار قانون استفتاء مشترك يصادق عليه برلمانا الدولتين،لكن البشير رفض ذلك بشدة باعتبار أن أبيي حسب حدود 1956 لا تزال جزءا من السودان وانها تتبع حاليا للرئاسة،وبالتالي فإن قانون الاستفتاء سيصدر من السودان،وأقر الوسطاء ذلك وتم تجاوز المطب الأول.
ثم برز في اللقاء مطب جديد عندما تبنى دينق ألور مقترح ثابو مبيكي حول رئاسة مفوضية الاستفتاء بأن يكون رئيس المفوضية من الاتحاد الافريقي وهو ما يخالف بروتوكول أبيي بأن يكون أعضاء المفوضية الخمسة من الطرفين،فغضب البشير من هذا الطرح ،ورفضه بشكل كلي ،وكذلك تباعدت مواقف الطرفين في شأن تحديد موعد الاستفتاء حيث يرى الجنوب تحديده منذ الآن بينما يرى السودان أن ذلك من اختصاص المفوضية بعد تشكيلها.
مطبات أبيي عطلت اتفاق البشير وسلفاكير فاقترح دينق ألور الذي كان حاضراً في اللقاء إحالة الملف إلى الإتحاد الأفريقي للبت فيه،وانفض اللقاء دون حلول،وبدأت تحركات الوسطاء الذين كانوا يتهيأون لاتفاق وبدأوا الإعداد للعرس في «الزهرة الجديدة».
ثابو مبيكي انحاز الى موقف الجنوب متمسكا بمقترحه حول رئاسة مفوضية الاستفتاء،باعتباره حلا وسطا ،وبدا غاضبا على رفض السودان ذلك،ولوح هو ايضا بنقل ملف أبيي الى الاتحاد الافريقي في حال فشل الطرفين في التوصل الى حل توافقي.
وكشف مسؤول في فريق الوساطة الأفريقية لـ «الصحافة» أن الطرفين مختلفان في شأن الوضع النهائي لتحديد مستقبل أبيي،موضحا ان القيادة الجنوبية متمسكة بإجراء استفتاء حسب بروتوكول المنطقة الذي كان جزءا من اتفاق السلام بين الخرطوم وجوبا،بينما ترى القيادة السودانية ان الاستفتاء «وصفة حرب»،اذ أن نتيجته سترفضها قبيلة المسيرية في حال صارت المنطقة تابعة للجنوب، وفي حال صارت تابعة الى السودان فلن تقبلها قبيلة دينكا نقوك مما يعني دخول المنطقة في حرب قبلية،وأن الأفضل التفكير في حل سياسي يرتضيه الجانبان يجنب الحرب التي يمكن أن ينجر إليها البلدان.
مخاوف أبناء منطقة ابيي في حكومة الجنوب وخصوصا دينق ألور ومسؤول الملف لوكا بيونق غير راضين عن توقيع اتفاق بين السودان والجنوب وإرجاء حسم الوضع النهائي لمنطقة أبيي،اذ يعتقدون أن الجنوب بعد توقيعه الاتفاق في شأن الملفات العالقة الأخرى،لم يعد لديه أوراق ضغط لتسريع تحديد مستقبل المنطقة.
وخطط الوسطاء لتوقيع اتفاق اطاري بجانب ثماني وثائق ترتبط بفك الارتباط بين السودان وجنوب السودان،ما يفتح الباب أمام ضخ نفط الجنوب عبر الشمال،وإنشاء منطقة عازلة بينهما،وفتح حدودهما المغلقة،لكنهما اتفقا على إرجاء حسم الوضع النهائي في منطقة أبيي المتنازع عليها.
وكان مقرراً أن يوقع البشير وسلفاكير على الاتفاق الاطاري الذي يلخص ثماني وثائق سيوقعها رئيسا وفديهما المفاوضين ادريس عبد القادر وباقان اموم.
وتشمل الوثائق الترتيبات الامنية وترسيم الحدود،والشؤون الاقتصادية والنفط والتجارة،والحريات الاربع (التنقل – التملك -العمل- الاقامة)، ،والوضع الانتقالي في أبيي.وستنفذ الاتفاقيات بعد المصادقة عليها من برلماني الدولتين.
وعلمت «الصحافة» أن البشير وسلفاكير تجاوزا العقبة الرئيسية في اتفاق الترتيبات الامنية المتصلة بالمنطقة العازلة بينهما،بجعل كل منطقة الميل 14 ،وعمقها نحو 23 كيلومترا منطقة عازلة ،بخلاف الشريط العازل في بقية الحدود الذي يبلغ عمقه 10 كيلومترات على جانبي حدود الدولتين.
وحسب الاتفاق سينسحب الجيش الجنوبي من ست مناطق يسيطر عليها،وكذلك سينسحب الجيش السوداني خارج المنطقة، التي ستدار عبر النظام القبلي الذي ظل سائدا منذ العام 1924 بين قبيلتي الرزيقات في دارفور ودينكا ملوال في بحر الغزال.
وعن ترسيم الحدود اتفق الطرفان على ترسيم حدودهما المتفق عليها «80 في المئة» بوضع أعمدة خرصانية لتحديدها،وأقرا مرجعية يستند عليها فريق من خبراء الإتحاد الافريقي لمساعدة الجانبين في تسوية الخلاف على خمس مناطق متنازع عليها هي حفرة النحاس،والميل 14،وكاكا التجارية،والمقينص،وجودة،وتمثل هذه المناطق 20 في المئة من الحدود التي تمتد أكثر من ألفي كيلومترا.
وأفاد مسؤول أفريقي أن الساعات الأخيرة من المحادثات بين البشير وسلفاكير قبل اتفاقهما حول التريبات الامنية،شهدت تجاذبات ولغة خشنة،منها عندما غضب البشير من رفض سلفاكير سحب قواته من منطقة الميل 14 وتمسكه بـ 10 كيلومترا،فرد عليه « خلينا لكم الجنوب كله وانتم ترفضون الانسحاب من كيلومترات».
وعن معالجة الأزمة بين الخرطوم و «الحركة الشعبية- الشمال» بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ،تم الاتفاق بين السودان والوساطة الأفريقية على استمرار المحادثات بين الجانبين في مسار منفصل،وطالبت الخرطوم، جوبا بفك ارتباطها السياسي والعسكري مع المتمردين.
قضية المنطقتين ستظل مجمدة الى حين معالجة القضايا بين السودان والجنوب،ويرى الجانبان أن تحسن العلاقات بين البلدين سينعكس إيجابا،وسيعجل بتفاهم يعبد الطريق أمام تسوية سياسية بين الحكومة و»الحركة الشعبية -قطاع الشمال»، وبالطبع فأي اتفاق بين الخرطوم وجوبا إن لم يكن خصما على قطاع الشمال،فإنه سيشكل ضغطا عليه ويسحب منه «كروت» مهمة،ويضعف من موقفه التفاوضي.

الصحافة

تعليق واحد

  1. أنا حقا مثل الصورة في هذا المنصب. دون قراءة آخر يمكنك أن تتعلم الكثير لفترة أطول. ووجه الذين ذلك؟

  2. نعمل ان يكون اخر الاتفاقيات مع حكومة الكيزان في الميزان وينعم الشعبين بالسلام لاتنازل عن حقوقكم ايها الشعب الجنوبي

  3. سبحان الله مصير مليون ميل مربع يحدده رجل واحد مجرم مطلوب للعدالة لا يجيد سوى الرقيص اعدم رفاقه في السلاح في العشر الاواخر من رمضان دون محاكمة حبا في السلطة -ارضاءا للشيطان –
    واضح من حرر شهادة فصل الجنوب لا يحمل خير لاهلنا المسيرية في ابيي – فلا ادري ماذا هم فاعلون

  4. يا البشير السودان كان جسما متكاملا وأنت بترت جزأ كبير ا منه, فقط لتنجعص براحة أنت و أهلك وشلتك الفاسدة تنهبوا و تتنعموا, والآن حاتل ليك أيام تحاجج فى الكارثة الاتسببتة فيها, الكارثة التى من المستحيل أن تحل دون ملابسات كارثية أيضا, التاريخ لن يرحمك و لعنة الاجيال ستلاحقك حتى تقبر.

  5. مفاوضي دولة الجنوب يظهروا المسكنة مما يحدوا بالوساطة الميل إلي موقفهم وهذا يظهر في مواقف ثابو مبيكي فهو يطرح حلول تتبنى مواقف دولة الجنوب مما اضطر وفد السودان إلي إبداء تضجره من الحلول المطروحة , وخاصة أن المجتمع الدولي له مواقف مسبقة ضد حكومة السودان بسبب جرائمها التي ارتكبتها ضد مواطينيها فهي متهمة مسبقاً. ولكن جراء هذا الميل العظيم من الوساطة وعدم حيادها ، أين دور مصر ؟ لماذا لا تكون طرفاً في الوساطة وهي الدولة الأفريقية والجارة للسودان ولها ثقلها في محيطها الافريقي أم أن كل همها هو مكاوشة المشاريع الزراعية والاستثمارات في الثروة الحيوانية فقط .؟ والله هؤلاء ـ أعني حكامنا ـ ورطونا حتى اتمحنا ما ندري عدونا من صديقنا , وكما قيل : يقضى على المرء أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بحسنٍ .

  6. The truth is we left all the North for you and you still arguing about the boarders and Abyei? It sad that the North is standing useless infront of an idiot called Albasheir. Sign of the time what else can one say

  7. مافى اى اتفاق فى استمرار لوضع اللا حرب وتهريب مزيد من اموال البترول ان الوضع لا يرضى شعب الخرطوم وشعب جوبا المستفيد الكيزان والكمروت

  8. انا شخصيا لو عُرضت على مشكلة أبيى لكنت قد قررت الآتى :-
    (1)تلك المنطقة متمازجة متلاحمه بطبيعتها الطبيعية بين عدة من القبائل السودانية (قبل الانفصال وحتى الآن )
    (2)من الخطاء الاكبر ان نعتبر هذه المنطقة تتبع لدولة الشمال او لدولة الجنوب بعد الانفصال (بصرف النظر عن امكانية كل جهة للسيطرة عليها سواء بالطرق العسكريةاو خلافه .
    (3)من الصعب بل من المستحيل اعتبار منطقة أبيئ دوله مستقلة قائمة بذاتها .
    (4)اعتبار المنطقة “منطقة مفتوحة بين الدولتين”
    (أ) تجارة مفتوحة بين الدولتين
    (ب)رعى ” يحق لاصحاب تلك المنطقة الرعى والاقامة الموسمية داخل الدولتين ,وعدم التعرض لهم .
    (ج)تمليك اهالى تلك المنطقة بمستندات رسميه (حسب اتفاق الدولتين ).
    (د)اى امور اخرى تتفق فيها الدولتين ,لصالح المنطقة واهاليها .
    (5) تشكيل اداري من الدولتين بنسبة 60 الى 40 فى المائة بالتناوب كل عام لمدة 4 سنوات تحت رقابة الامم المتحدة ,دون تحديد لنسبة معينه من اهالى المنطقة.
    (6)تصرف اى عائدات انتاجية فى المنطقة على المنطقة نفسهاوبنياتها التحتية.
    (7)بعد 4 أعوام يكون التناوب الادارى كل عامان بنفس النسب السابقة
    (8)اعتبار الرعاة الرحل عبر تلك المنطقةمقيمين بها .
    (9)وضع تشريعات خاصه قانونيه للمنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..