حكاية برلمان وأحزاب ومستقلين

ما أشبه مشاهدة ما يدور في برلمان البلد بسباق المارثون أو رالي السيارات وحيث التنافس أشده في سبيل إجازة قوانين وتمريرها وعلى وجه السرعة والعجلة وكأنما البلاد تشارف على حدث كارثي أو مصيبة تقتضى تمرير الأشياء على الوجه السريع وبعجلة تسابق الزمن, والمبرر.. تنفيذ مخرجات الحوار الوطني!!!…برلمان لا يحاسب وزيراً ولا يسحب عنه الثقة ولا يسقط حكومة كما تفعل برلمانات دول الحكم الرشيد وكذلك بعض دول الخليج !!!…..برلمان فقد هيبته رغم أنف الجميع…برلمان احتفالي وانتقائي وتنفيذي ومحتكر وطويل الأجل والمدى ويبحث نوابه عن الامتيازات والمخصصات والحظوظ ولا يبحثون عن هم المواطن ولا الوطن وهو برلمان يضم في عضويته من يستفز المواطن ويقدح في حقه ويقنن ضده ويسلبه حقه ويجعل من المواطن رصيد لبنك التهميش والمعاناة وبل يتطاول عليه بعض نوابه وبالعبارات الجارحة والأمثلة والتي تنم عن جهل أولئك النواب بواقع المجتمع ومجريات الأمور وحراك المواطن ومعاناته وشقاء وضنك معيشته !!!.
قد نلتمس لبعض النواب الحزبيين ومن يمثلوا أحزابهم تحت تلك القبة كثير من مواقف الخذلان والضعف والانبطاح والمتوافق مع مواقف وفكر وعقيدة أحزابهم وقادتها والذين لا هم لهم إلا الإستزوار والبقاء في السلطة وما يتبعها من المؤسسات على مستوى التنفيذ أو التشريع أو الوظيفة العامة وهم قد جردوا كل شئ من مضمونه إلا مصلحتهم وكسبهم الدنيوي الرخيص والحفاظ على المناصب والغنائم……
ولكن أن يأتي النائب مستقلاً للبرلمان وذلك يعني أنه حينما ترشح وحظي بالفوز من قبل الجماهير كان له برنامج محدد وخطة أو حضور وسط تلك الجماهير وإنها وثقت فيه وحملته الأمانة وتنتظر منه فعلاً وجهداً وإنجاز أو أن هذا الشخص عودها على الإنجازات وخدمتهم من قبل ذلك الترشح وبدون مقابل, ودأب على خدمتهم ورعاية مصالحهم وتطوير واقعهم وأنجز وبحر ماله ومجهوده ما يخدم المواطنين ومنطقتهم ودون أن ينتظر منهم شيئاً!!! ونموذج دكتور خليل عثمان محمود ليس ببعيد وحيث أنه المرشح المستقل و الفائز بجدارة في دائرة الدويم وفي مواجهة منافسين حزبيين تابعين لأحزاب عملاقة في ذلك الوقت وذلك أبان ديمقراطية وانتخابات العام 1986م وفاز كعضواً مستقلاً بالجمعية التأسيسية حينها ودكتور خليل قدم للمنطقة ولكل السودان ما فشلت حكومات بأكملها في تحقيقه عليه رحمة الله…..وكان هذا الترشح على حساب كثير من مصالحه المالية والتجارية والخاصة ولم يكن لينتظر حظوظا أو مآرب , وهو يكفيه من سمعة ومكاسب ما حققه طيلة حياته في داخل وخارج الوطن وقد كان من أميز الشخصيات السودانية والتي تربطه العلاقة الطيبة مع أسرة آل الصباح الحاكمة في الكويت وهي نفس الميزة والتي تمتع بها الشيخ الراحل حسن محمد طنون, وحيث مثلوا كأشخاص ومواطنين سودانيين جسراً قوياً ومحترماً لأهل السودان مع أهل الكويت وحكامه……
ولكننا ومن العجب في برلمان زماننا هذا مشاهدة برلمانيون دخلوا لذلك المبني وبمسمى مستقلين ونواب مستقلين وبل كونوا كتلة لهم عُرفت بالنواب المستقلين ولكن ولقلة حيلتهم وعددهم لم يُسمع لهم صوتاً أو فعلاً ملموساً أو جهداً لإحداث شئ يخدم الجماهير التي أتت بهم وفيهم من نازعته المصالح وإغراءات السلطة ليغير رأيه وموقفه من حين إلى آخر. ولكن ما لم يكن في الحسبان أو يُصدق ما تناقلته بعض الأنباء عن مساعي احد الأحزاب المتبرعمة من الخلية الأم لأحد الأحزاب الكبيرة والمنشطرة عنه بإضافة لاحقة اسمية جديدة له والضعيف في تواجده وقاعدته والمستند في إستقطاباته على النعرات القبلية والجهوية وهو من الأحزاب المتشاركة مع الحكومة وحيث أنه سعى وعن طريق رئيس ذلك الحزب لضم بعض النواب المستقلين لعضويته ولكن جهود رئيس ذلك الحزب وهذه الجوقة من هؤلاء النواب, حالت اللوائح دون تحقيق مرادهم ومسعاهم…و المتابع للواقع السياسي الراهن في البلد و بتحليل هذه الحالة الغريبة والجديدة يجد أنها من الممارسات المستحدثة والتي تنم على خيانة أولئك النواب لجماهيرهم وتخليهم عن استقلاليتهم والتي إنتخبوا على أساسها ومحاولتهم الانضمام لذلك الحزب ومن خلال عضويتهم البرلمانية. والمعروف وكقاعدة عامة ومن باب الأدب والالتزام الأخلاقي والإنساني والسياسي أن كل من يتخلى عن فكر أو يغير قناعاته, يتوجب عليه إلغاء إلتزاماته وتعهداته السابقة ومكاسبه والمرتبطة بما سبق من قناعة….أي يتحلل ويقدم استقالته!!! ومن بعد ذلك فليأتي للبرلمان من بوابة حزبه الجديد ويكون تمثيلاً لقناعات ذلك الحزب….
والأمر الآخر علينا أن نتسآل كيف لرئيس حزب أن يسعى لاستقطاب أعضاء من داخل البرلمان وتكبير كومه وبهذه الطريقة الفجة و الغريبة والانتهازية….على عينك يا تاجر ومخالفاً للوائح والقانون…أو ليس من الواجب محاسبته على هذا الفعل وهذه المحاولة البائسة والتي تنم عن ضعف حزبه وحرصه على مصالح بعينها لا يستطيع تحقيقها بالواقع والدرب العديل وكذلك يدل على جهله باللوائح والقوانين ؟؟؟ ومثل هذه الأحزاب الضعيفة أصلاً يشكل وجودها في واقع الوطن إسهال واستسهال للفعل السياسي وإرادة الجماهير والممارسة السياسية الشريفة والأخلاقية ؟؟؟
مسكين شعب بلادي ومواطنيه حينما تنهش ضباع بشرية في جسده وتستغله أبشع استغلال لتحقيق مصالح لها عبر بوابة الاستقلالية أو الحزبية وعبر بوابة مؤسسات لا تملك أن تعبر عنه حق وحقيقة ولا تستطيع إيجاد الحلول لمشكلاته ودرء بعض من همومه ومصاعب الحياة التي تجابهه وبفعل سياسات رعناء ومصالح ضيقة لا ترقى لهم الشعب والوطن……
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..