فزورة السكر

بشفافية

فزورة السكر

حيدر المكاشفي

من الاحاجي السودانية «حجوة أم ضبيبينة»، هذه الأحجية الشهيرة معروفة العنوان مجهولة النص والمتن للكثيرين، ربما قليلٌ فقط هم من يعرفون تفاصيل الحكاية التي لا يختلف العارفين بها والجاهلين لها على أنها بلا نهاية وليست مثل كثير من الاحاجي الشعبية التي تنتهي بالخاتمة الكلاسيكية التقليدية «وعاشوا في تبات ونبات وخلّفوا صبيان وبنات»، ولهذا درج السودانيون على نعت كل ما هو لولبي وزئبقي وحلزوني لا يعرفون له رأس من قعر بأنه مثل «حجوة أم ضبيبينة» التي لا تنتهي، ولكن يبدو الآن أن سلعة السكر بارتفاع سعرها المتكرر وغير المبرر بصورة راتبة في مثل هذا الوقت من كل عام في طريقها لأن تصبح مثل أم ضبيبينة فزورة بلا نهاية ولا حل وغير معروفة النص، كيف زاد سعر السكر ولماذا زاد ومن يقف وراء الزيادة، الكل يقول ليس هناك سبب أو مبرر لا عالمي ولا اقليمي ولا محلي لهذه الزيادة، المصانع ووزارة الصناعة والغرفة والتجار والشركات والشركاء، كلهم نفوا وكل واحدٍ منهم إنتبذ مكاناً قصياً من الأزمة وأخلى طرفه منها، فمن يا ترى كان السبب وما هو المبرر، هل هو جان مريد ينشط في مثل هذا الوقت من كل عام، ام هو كارتيل من بني الانسان لا يدركه بصر وتقصر عن أن تطوله أية سلطة، إنه أمر محيّر بكل المقاييس ومن أي جهة نظرت إليه، سلعة يزيد سعرها لا عن ندرة بحسب معادلة العرض والطلب، ولا عن زيادة في الاسعار العالمية ولا عن زيادة في تكلفة الانتاج المحلي ولا عن زيادة في الرسوم والضرائب، فكيف إذن يزيد سعرها ويعجز الجميع عن معرفة هذا السر الباتع إن لم يكن وراءها كما أسلفنا، شيطان لا تراه العين أو كارتيل لا تطوله السلطات…
الآن وفي مثل هذا الوقت من كل عام تبدأ أسعار السكر في الارتفاع المضطرد هكذا فجأة، وهذا ما حدث الآن حين حان الأوان ليبلغ سعر الجوال اليوم «061» جنيهاً ولا يدري أحد كم سيكون غداً ما دام سعره يصعد بمزاج من يصعد به ويهبط بارادته وبتكييفه وعلى «كيفو» أيضاً، وكالعادة تبدأ تصريحات كل الاطراف ذات الصلة بالسلعة في التصاعد والكل ينكر «الشينة» ويتبرأ منها ويبقى المستهلك هو الوحيد الضائع بين صعود الاسعار وتصاعد التصريحات…
لقد قلنا من قبل ونكرر اليوم مع «كامل إحترامنا وتقديرنا» لسياسات التحرير التي أضحت قدراً لا فكاك منه، أن التحرير لا يعني أن «تدور الاسعار على حِلّ شعرها» أو أن «تنحل» الاسواق من كل ضابط أو رابط فـ «تعير» كما شاءت ليضع كل صاحب سلعة السعر الذي يروق له بلا منطق أو مبرر و«الما عاجبو يحلق حواجبو»، صحيح أن الدولة في أزمنة التحرير لا تمارس التسعير، ولكن الأصح أن ذلك ليس سبباً يجعلها تُخلي الاسواق للمضاربين والمحتكرين لدرجة تغريهم بانشاء أسواق داخلها «للمواسير» كما رأينا في الفاشر وغيرها، فعلى الدولة واجب الترتيب والتنظيم ومحاربة الاحتكار وما إليها من أنشطة طفيلية لا يقرها دين ولا أي شرعة دنيوية وحسبي هنا أن أشير فقط لما قاله بحسم رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم لاعضاء غرفة بلاده التجارية حين إجتمع بهم مؤخراً مستنكراً عليهم زيادات الاسعار غير المبررة «لقد رخينا لكم الحبل لتثوبوا إلى رشدكم وتراجعوا أنفسكم وتعودوا إلى معدلات معقولة من الارباح لكنكم تماديتم في غيكم والهبتم ظهور المواطنين بسياط الغلاء وهذا ما لن نسمح به من الآن فصاعداً» ثم أمهل الغرفة أسبوعاً لتوفيق أوضاع الاسعار قبل أن تتدخل الدولة بقرار حاسم..
ينصر دينك يا شيخ ولا أسكت الله لك حساً علَّ جماعتنا هنا يحسون…

الصحافة

تعليق واحد

  1. من واقع الحال منذ اعلان سياسات التحرير يبدو ان السلطات لا تفرق بين التحرير و الفوضي او تتعمد ذلك حتي تترك المجال لمنسوبيها بفعل ما يحلو من احتكار و سيطرة علي الاسواق. حتي في امريكا ام الحرية الاقتصادية الدولة لها دور رقابي صارم ضد الاحتكار و العبث في الاسواق. و كل الدول التي رايناها تطبق سياسات التحرير تقوم الدولة بدور اساسي في الرقابة و الضبط و لا تترك الحبل علي الغارب كما يحدث عندنا. دولة فاشلة بكل المقاييس تلك التي تترك الجشع ينهش اجساد مواطنيها و يمتص دماءهم بدعوي التحرير الاقتصادي و لا تملك الية للرقابة و المتابعة و منع الاحتكار بل ليس حتي في نيتها ذلك و تكتفي بمشاهدة استغلال مواطنيها!

  2. الناس دي قايلين عندنا قنابير و لا شنو .
    سعر السكر من الشركات الحكومية معلوم – و التجار بتنافسوا في البيع يعني كلوا واحد ربحو محدود عشان يبيع بسرعة . و لوا ذاد تاجر علي زميله جنيه واحد الزبائن سوف يتحولون لابو جنيه تحت . هكذا قانون السوق الحر .
    يعني الشغلة لعبة قردية وضحك علي الدقون .
    وكل يوم يتطلع واحد علي اجهزة الاعلام يقول الزيادة غير منطقية والسكر متوفر .
    يا ناس احترموا عقول الناس .

  3. الحكومة وسياساتها الفاشله هي السبب الرئيسي في طحن المسحوقين وغلاء الاسعار
    سعر جوال السكر 50 ك عالميا 12$
    فلو سمحت الدوله باستيراد السكر لكان الحال غير الحال
    ولا افهم لماذا تحمي الدوله سلعه تكلفة انتاجها محليا عاليه . علما بان المهرب من السكر من دول الجوار يباع بمبلغ 64ج
    ;( :D ;( ;( ;(

  4. والله ياود المكاشفى استغرب حد الغرابة لمن تقول الدولة والدولة غائبة نهائى وراعى الضان
    فى الخلاء يعلم ذلك .. الدولة فى حالة توهان . امريكا .. ليبيا .. دارفور .. الانفصال .. قصة الهروب ..
    الجنائية .. اللصوص والقتل نهارا فى العاصمة .. الفساد فى كل المرافق .. اما امثال الشيخ حمد
    هذا مانفتقده . وازيدك معلومة حصة الجزيرة من السكر يتحكم فيها شخص واحد من سنين
    والقانون لايطيله مهما فعل .. ولك الله ياوطنى العزيز ماتستاهل ان يكون الاقزام من يديرون
    شؤونك ..

  5. الأستاذ/ المكاشفي ،، بعد السلام و التحية

    حسب رأي أن الحكومة هي السبب المباشر في موضوع الزيادة لسلعة السكر لأن التجار الذين يتعاملون في هذه السلعة هم ناس منظمين في حزب الحكومة و كل الأرباح من تلك الزيادة تذهب للحكومة أو الحزب و هذا يحدث لسلعة السكر دائماً لأنها سلعة تحقق أرباح كبيرة وسريعة و بعد أن تؤدي الزيادة غرضها تتدخل الحكومة و تعود الأسعار لحالتها الطبيعية و هكذا كل عام.
    و أنا متأكد يا أستاذ بأنك لو قمت بالتحقق من هذا الكلام لوجدته صحيحاً مئة بالمئة.

    مع شكري و تقديري.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..