هكذا حسم الاستاذ جدل الجبر والاختيار (2)

نواصل ردود الاستاذ محمود على الدكتور مصطفى محمود حول مسألة الجبر والاختيار .من (الناحية العلمية ) يقول الاستاذ ( والدكتور رجل ، عالم ولعل الامر الذى يتميز به كتابه هذا ، وجميع ما انتهى الينا مما يكتب ، ان ثقافته العلمية واسعة ، ومرتبه ، غير أنه لا يخلص لها ولا يلتزمها دائما ولعله ، فى هذا الكتاب بعينه ، كان يشعر بتنازع ولاء بين العلم ، والدين .. وهو ، لما كان غير مجود للتوحيد ، فقد ظلت ، فى عقله ، مناطق منفصلة ، للفلسفة ، وللعلم ، وللدين ,, ولم تظفر هذه المعارف الغزيرة بفرصة جيدة لتنصهر فى بوتقة التوحيد حتى تظهر فى كل متناسق ، متماسك ، يكون به صاحبها مفكرا متماسكا ، له فى كل قضية رأى عتيد ، لا يضطرب ، ولا يلتوى .. انظر الى هذا الاضطراب الفكرى !! هو يقول فى صفحة 27 : ( ومن النظرة المبدئية للعالم بما فيه من أرض وسماوات ونجوم وكواكب ترى أنه يقوم على سلسلة محكمة من الاسباب والمسببات وأن كل شىء فيه يجرى بنظام محكم .. وأن كان لديك ورقة وقلم فأنك تستطيع أن تحسب بالضبط متى تشرق الشمس ومتى تقرب .. لانها تتحرك حسب قانون .. وكل شىء فى الدنيا يتحرك حسب قانون .. الا الانسان .. فأنه يشعر أنه يمشى على كيفه ) هذا ما قاله الدكتور ، وأنت ، بالطبع ، تشعر بضعف المنطق فى عبارة : (فأنه يشعر) ، من جملة (فأنه يشعر أنه يمشى على كيفه ) فأنها ليست فى المستوى العلمى اللازم ، لان شعوره (انه يمشى على كيفه ) ، قد يكون شعورا وأهما ، وتظل الحقيقة العلمية قائمة من وراء هذا الوهم ، وهى على خلاف ما قرر الدكتور ، ان الانسان لا يشذ من بقية الموجودات ، وأن أوهمه عقله غير ذلك .. والا فليحدثنا الدكتور عن شذوذ الانسان ، وهو يتطور فى أطوار الجنين فى الرحم ، من الحيوان المنوى ، الى البشر السوى فى فترة تسعة اشهر .. ما هو شذوذه فى ذلك عن جنين الارنب ، أو جنين الشاة مثلا ؟ وما هو دوره ، وما هى يده فى هذا الشذوذ ، والاختلاف ؟؟ اليس هو فى الرحم خاضعا ، خضوعا تاما ، لا لبس ، ولا شك فيه ، للارادة الهادية ، الحكيمة ، التى سيرت درارى السماء ، وسددت درارى الارض ؟؟
ومفارقة الدكتور ، ومجافاته للنظرة العلمية ، تظهر بصورة مؤسفة حين تقرأ قوله ( لا شىء يحول بين الانسان وبين أن يضمر شيئا فى نفسه . انه المخلوق الوحيد الذى يملك ناصية أحلامه ، ولكن هذه الحرية البكر الطليقة فى الداخل ما تلبس أن تصطدم بالعالم حينما تحتك به لاول مرة فى لحظة الفعل ) هذا حديث الدكتور .. الا يدلك هذا الحديث على أن الدكتور انما يأخذ الانسا ن على أنه وجد على الصورة المعاصرة من الوهلة الاولى ؟؟ الا ترى أن الدكتور تسى تطور الانسان من بدايات هى ، فى حقيقتها ، نفس عناصر العالم الذى يعيش فيه الان ؟؟
الحقيقة العلمية تقول : ان الانسان لبس فى رحم الحياة أمادا سحيقة قبل أن تكون له ارادة ، وقبل أن تكون له حرية .. ( هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * ان خلقنا الانسان من نطفة ، أمشاج ، نبتليه ، فجعلناه سميعا ، بصيرا * انا هديناه السبيل .. اما شاكرا ، واما كفورا ) النطفة هنا الماء الصاف .. و(نطفة أمشاج ) معناها الماء المخلوط بالطين .. هذه نشأة الانسان فى رحم الحياة وهى نشأة قد استقرقت من عمر الزمان دهرا طويلا ، ولم يكن للانسان فيها ارادة ، ولا حرية ، لانه لم يكن له يومئذ عقل ? عقل يقوم عليه التكليف وهذا هو معنى قوله تعالى ( لم يكن شيئا مذكورا ) وللانسان الان نشأة رحمية ثانية ..هو يتكون فى رحم الام من (نطفة أمشاج ) أيضا ، وهى ، هنا ، ماء الرجل المخلوط ببويضة الانثى ، ويمكث فى هذه النشأة الرحمية نحوا من تسعة اشهر ، يطوى خلالها جميع الصور التى مرت عليه فى النشأة الرحمية الاولى ، اذ يرتفع من دودة منوية ، الى بشر سوى .. وهو ، فى هذا الرحم ، كما كان فى ذاك ، لا ارادة له ، ولا حرية ، وأنما هو خاضع ، تمام الخضوع ، للقانون الازلى القديم ، الذى تخضع له الاحياء ، والاشياء ، والذى قال تعالى عنه : ( افغير دين الله يبغون وله اسلم من فى السماوات ، والارض ، طوعا ، وكرها ، واليه يرجعون ؟؟ ) هو خاضع للارادة الالهية التى لا يعصيها عاصى ولا يشذ عنها شاذ .. هى دائما تطاع ، حتى بالمعصية . الا ترى أن الدكتور قد ذهل عن نظرته العلمية ، واخذ يحدثنا عن الانسان كنتيجة ناجزة ، بل انه ليحدثنا عن الانسان المعاصر ؟؟ اسمعه يقول : ( ان رغبتنا تظل حرة ما دامت كامنة فى الضمير والنية .. فأذا بدأنا التنفيذ اصطدمنا بالقيود .. واول قيد نصطدم به هو جسدنا نفسه الذى يحيط بنا مثل الجاكتة الجبص ويحاصرنا بالضرورات ويطالبنا بالطعام والشراب ليعيش ويستمر ولا نجد مهربا من تلبية هذه المطالب .. فنجرى خلف اللقمة ونلهث خلف الوظيفة ونضيع فى صراع التكسب ونفقد بعض حرينا .. بعضها وليس كلها .. وهو ثمن ضرورى ) انتهى كلام الدكتور من صفحة 29 بل انه لا يحدثنا عن الانسان المعاصر من حيث هو ، وانما عن الانسان المعاصر فى مجتمع بعينه ، هو فى الغالب المجتمع الذى يعيش فيه الدكتور .. والا فما رأيه فى انسان (الاسكيمو)الذى سير بحاجات جسده ، فى منطقة استقرقت حاجات جسده كل وقته حتى أصبح كالحشرات الاقتصادية النملة ، والنحلة ، التى تستقرق حاجاتها كل وقتها ؟؟ فانسان الاسكيمو يعيش فى جدب ، وصقيع ، جعل كل سعيه مستقرقا فى حاجات معدته ، وجسده ، فهو يكدح فى الصيف ليخزن قوته فى شتاء يظل خلاله حبيس كهفه لا يستطيع أن يبرحه ، لظلام الارض ، ولصقيع الجو .. ذلك بأن شتاءه ليل واحد طويل .. هل فقد هذا الانسان بعض حريته ؟؟ أم هل فقدها كلها ؟؟ وما هى حريته ، على كل حال وأين هى ؟؟ أم هل اختار انسان الاسكيمو ان يعيش فى هذه المنطقة العجيبة فكان له ما اختار ؟؟ وما هى حرية من لا يعرف اكثر من حاجات معدته وجسده وأخري !! فأن التخيير يقتضى اتخاذ موقف من موقفين ، على أقل تقدير أو اتخاذ موقف من عدة مواقف .. وأتخاذ هذا الموقف يقتضى الوزن ، والتمييز، وملكة المفاضلة .. وهذه تعتمد على العقل .. فكيف يكون موقف المعتوه ، أو موقف ضعيف العقل بسبب الوراثة لمجيئه من أبوين معتوهين ، أو ناقصى العقل ؟؟ هل هذا مخير ، أم هل هو مسير ؟؟ ان (النظرة العلمية ) تقول : ان الانسان مسير حتى حين يختار.. هو محاط بأختياره .. لا يملك من هذه الاحاطة فكاكا ، ولا انعتاقا .. هو يدخل الحياة ، ولا اختيار له فى الدخول .. ويخرج من الحياة ، ولا اختيار له فى الخروج .. ويعيش ، ما بين الدخول والخروج ، فى بلد ليس له فيه اختيار ، وفى مجتمع ليس له فيه اختيار .. فكيف يكون مالكا لحرية (اختيار) مع كل أولئك .. فان قيل : ان انسان الاسكيمو ، وأن ضعيف العقل ، وكل أحد سواهما ، فى مثل ظروفهما ، مع كل ما يلاقى ، ليس هناك على ضميره الداخلى من سلطان خارجى ، وهو ، من ثم ، يملك حرية النية ، فأن مثل هذا القول انما يكون خلطا بين التسيير والتخيير .. ان التسيير هو أن لا تملك فى اختيار الاسباب الخارجية ما يجعل اختيارك الداخلى حرا .. ومن ذا الذى يقول ان الحجر على حرية القول لا يشكل حجرا على حرية الفكر ؟؟ وأنك حين تكون عائشا فى ظروف خوف على حياتك تكون مالكا لحرية النية ، وحرية الاختيار ؟؟ .. ان مثل هذا القول يكون باطلا بطلانا ظاهرا ، ذلك بأن الرؤية لا تكون واضحة أمام العقل ، فى مثل هذه الظروف ، ومن ثم ، فأن حرية النية تتاثر ، وحرية الاختيار تتأثر ، لان الامور تكون قد تلبثت عليك ، فلا تعرف ماذا تنوى ، ولا ماذا تختار . يجب أن يكون واضحا ، فأنك لا تضمر نية لا تعرفها ، وأنك لا تختار أمرا لا تعرفه .. فأن كنت لا تملك ظروف علمك ، أو جهلك ، من حيث المواهب التى ركزت فيك ، ومقدرتها ، أو عجزها ، عن التعلم ومن حيث الظروف الخارجية التى تجعل التعليم ميسرا لك أو متعذرا عليك ، فأنك ، من ثم ، لا تملك لا حرية النية ، ولا حرية الاختيار .. وانما أنت مسير الى أن تنوى نية ناجزة ، وان تختار اختيارا ناجزا .. ولكنك تتوهم أنهما نيتك ، وأختيارك ، لان التدخل فى أمر حريتك قد كان من اللطف ، ومن حسن التأتى ، بحيث لم يزعجك ، ولم يشعرك أنه يتدخل فى أمورك .. وهذه غفلة سقط فيها أكثر المفكرين .. ومنهم ، مع الاسف الدكتور الفاضل مصطفى محمود ..وهل هناك تقرير هو أبعد من العلم من تقرير الدكتور حين قال : ( لا شىء يحول بين الانسان وبين أن يضمر شيئا فى نفسه .. أنه المخلوق الوحيد الذى يملك ناصية أحلامه ) ؟؟ أى أحلام هذه التى يريد الدكتور ؟؟ فأن كانت أحلام اليقظة ، كما يبدو، فأن الجهل يحول بين الانسان وبين أن يضمر شيئا فى نفسه ، الا شيئا قد أعد له من قبل ، والقى فى نفسه ، وأوهم أنه من عند نفسه .. والانسان لا يملك من الجهل فكاكا ، ولا هو يستطيع أن يعلم ما يريد أن يعلم .. وان كانت أحلام المنام فأن هذه لا تخضع لارادة الانسان ، بل انها لتجىء فى وقت تكون فيه الارادة معطلة تماما ، وهى ، على كل حال ، صور من العقل الباطن ، الموروث فى عمر الانسانية كلها ، ولا أرانى أحتاج لان أقرر أن فردا ، من أفراد الجنس البشرى ، ليس له اختيار فى تكوين العقل الباطن ، الموروث فى عمر الجنس البشرى كله ، والذى يؤثر على صحته ، وعلى اخلاقه ، وعلى فكره ، وعلى ضميره المحجب .. والمشكل حقا فى أمر الدكتور مصطفى هو أن نهجه فى البحث ، والقوة البادية على منطقه ، ومقدرته العلمية الكبيرة ، تجعل باطله يجوز على العقول بسرعة ، ولا يتفطن اليه الا من أوتى بصرا بأصول الفكر الدقيق ونواصل

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. معقول دا كلام الاستاذ محمود محمد طه؟ أم ترجمة له مع أن الأستاذ كان يكتب بالعربية قط! إن الأخطاء اللغوية الموجودة في ه

  2. معقول دا كلام الأستاذ محمود؟ هذه الأخطاء اللغوية لا تشبه كتابات الأستاذ التي قرأنا. ربما سمع كاتب المقال هذا الكلام مسجلا على شريط وقام هو بكتابته، لأن الأخطاء التي حواها لا تجوز على الأستاذ مثل (ثقافته العلمية واسعة ، ومرتبه) و (متى تشرق الشمس ومتى تقرب) و (وهى نشأة قد استقرقت من عمر الزمان دهرا طويلا) و (والنحلة ، التى تستقرق حاجاتها كل وقتها ) و(جعل كل سعيه مستقرقا فى حاجات معدته) و (فأن حرية النية تتاثر ، وحرية الاختيار تتأثر ، لان الامور تكون قد تلبثت عليك) .
    وفي الحقيقة فإن كلام الأستاذ عن الدكتور مصطفى محمود يدل على انبهار الأستاذ بتحليل الدكتور مصطفى محمود أو حتى الغيرة الخفية منه أو الأنفة في اتباع منطقه والرغبة في نسبته إلى نفسه ولكن بطرق ملتوية كما سبق أن قال أحد المعلقين على المقال السابق عن كلام الأستاذ في رأي الدكتور مصطفى : (لحنته يعني)!
    وهنا سأعيد تعليقي السابق على ذات الموضوع في مقال الأستاذ حسين عبد الجليل وسأشرحه في سياق المقال الحالي لاحقاً
    1- (استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الطعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة أو الانتقام (ادراك محدود) فهو يتحرك بإرادته لوحده نحو المصدر أو الهروب منه اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي (كالأسد في الشرك دوماً يريد النجاة ولكنه لا يقدر على ذلك). وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا حتى للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به ما فوق المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه الله فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل كسائر الحيوانات لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال التصرف الإلهي في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يُسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب الله على النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهر ذلك بفعله واكثر من ذلك فانه يستر من استتر. وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت، وإما إثبات فعل الانسان له في ماهو مخير فيه ومن ثم إثبات عدل الخالق بشأن عقابه وثوابه.)
    2- فالمسألة تتوقف على فهمنا لمعنى الجبر أو التسيير والتخيير بعدم حصرها في الأفعال (الحركية أو الميكانيكية) وانما لحرية الإرادة وتخييرها أو تسييرها في تحريك هذه الأفعال. فالأفعال التي تحركها الإرادة الحرة (أو تختار تحريكها مع إمكانها الامتناع عن ذلك واختيار كبتها) فهي أفعال اختيارية هي موضع مساءلة. فالارادة هنا تعني القدرة على تحريك الفعل ولكن هذه القدرة يجب أن تصحبها النية أو القصد إلى تحقيق نتيجة تحريك الفعل. ففي القانون إذا أطلق الشخص النار على شيء ظنه وحشاً مفترساً واتضج أنه شخص عادي عابر فالارادة هنا حرة ومختارة ولكن قصد قتل انسان غير متوفر أي لم يكن مصاحباً لارادة إطلاق النار.
    فبغض النظر عن منطق علم الكلام في مسألة الجبر والاختيار فإن الممارسة الحياتية تبرهن على وجود حرية الارادة واختيارها للأفعال في الواقع المعاش ويعلم أي شخص في قرارة نفسه ذلك ومن ثم حصول الندم اللاحق على الأفعال ومن غير الشعور بحرية الاختيار لما ندم الانسان على فعل فعله وعلق كل شيء على المشيئة التي يتكلم عنها أهل الكلام. وحيث أن حرية الاختيار وتوجيه ثابتة لدى الانسان ثابتة كواقع فعلي معاش فلا دخل للمشيئة الالهية في الأفعال الاختيارية للانسان ببساطة لأن الله استثنى مشيئته هنا وأعطى الحرية للإنسان للفعل أو الامتناع عنه، ولكن بقي علم الله المسبق بما سيختار كل شخص من أفعال قد خيره فيها وهذا يتوافق مع معنى الآية (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) بمعنى أنه أعطاكم ومنحكم المشيئة في اختيار ما خيركم فيه ولكن القدرة على انفاذ هذه المشيئة (أي القدرة على تنفيذ الأفعال) فمن الله تعالى وإن شاء لما مكنكم من انفاذ مشيئاتكم ولذلك فانه لا يحساب ديانة ما حاك بالنفس ولم يظهر للعلن أما ما ظهر ولم يكتمل تحقيقه فيحاسب الشخص على قدر ما ظهر من قدر في تنفيذ إرادته والله أعلم.

  3. معقول دا كلام الاستاذ محمود محمد طه؟ أم ترجمة له مع أن الأستاذ كان يكتب بالعربية قط! إن الأخطاء اللغوية الموجودة في ه

  4. معقول دا كلام الأستاذ محمود؟ هذه الأخطاء اللغوية لا تشبه كتابات الأستاذ التي قرأنا. ربما سمع كاتب المقال هذا الكلام مسجلا على شريط وقام هو بكتابته، لأن الأخطاء التي حواها لا تجوز على الأستاذ مثل (ثقافته العلمية واسعة ، ومرتبه) و (متى تشرق الشمس ومتى تقرب) و (وهى نشأة قد استقرقت من عمر الزمان دهرا طويلا) و (والنحلة ، التى تستقرق حاجاتها كل وقتها ) و(جعل كل سعيه مستقرقا فى حاجات معدته) و (فأن حرية النية تتاثر ، وحرية الاختيار تتأثر ، لان الامور تكون قد تلبثت عليك) .
    وفي الحقيقة فإن كلام الأستاذ عن الدكتور مصطفى محمود يدل على انبهار الأستاذ بتحليل الدكتور مصطفى محمود أو حتى الغيرة الخفية منه أو الأنفة في اتباع منطقه والرغبة في نسبته إلى نفسه ولكن بطرق ملتوية كما سبق أن قال أحد المعلقين على المقال السابق عن كلام الأستاذ في رأي الدكتور مصطفى : (لحنته يعني)!
    وهنا سأعيد تعليقي السابق على ذات الموضوع في مقال الأستاذ حسين عبد الجليل وسأشرحه في سياق المقال الحالي لاحقاً
    1- (استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الطعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة أو الانتقام (ادراك محدود) فهو يتحرك بإرادته لوحده نحو المصدر أو الهروب منه اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي (كالأسد في الشرك دوماً يريد النجاة ولكنه لا يقدر على ذلك). وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا حتى للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به ما فوق المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه الله فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل كسائر الحيوانات لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال التصرف الإلهي في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يُسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب الله على النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهر ذلك بفعله واكثر من ذلك فانه يستر من استتر. وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت، وإما إثبات فعل الانسان له في ماهو مخير فيه ومن ثم إثبات عدل الخالق بشأن عقابه وثوابه.)
    2- فالمسألة تتوقف على فهمنا لمعنى الجبر أو التسيير والتخيير بعدم حصرها في الأفعال (الحركية أو الميكانيكية) وانما لحرية الإرادة وتخييرها أو تسييرها في تحريك هذه الأفعال. فالأفعال التي تحركها الإرادة الحرة (أو تختار تحريكها مع إمكانها الامتناع عن ذلك واختيار كبتها) فهي أفعال اختيارية هي موضع مساءلة. فالارادة هنا تعني القدرة على تحريك الفعل ولكن هذه القدرة يجب أن تصحبها النية أو القصد إلى تحقيق نتيجة تحريك الفعل. ففي القانون إذا أطلق الشخص النار على شيء ظنه وحشاً مفترساً واتضج أنه شخص عادي عابر فالارادة هنا حرة ومختارة ولكن قصد قتل انسان غير متوفر أي لم يكن مصاحباً لارادة إطلاق النار.
    فبغض النظر عن منطق علم الكلام في مسألة الجبر والاختيار فإن الممارسة الحياتية تبرهن على وجود حرية الارادة واختيارها للأفعال في الواقع المعاش ويعلم أي شخص في قرارة نفسه ذلك ومن ثم حصول الندم اللاحق على الأفعال ومن غير الشعور بحرية الاختيار لما ندم الانسان على فعل فعله وعلق كل شيء على المشيئة التي يتكلم عنها أهل الكلام. وحيث أن حرية الاختيار وتوجيه ثابتة لدى الانسان ثابتة كواقع فعلي معاش فلا دخل للمشيئة الالهية في الأفعال الاختيارية للانسان ببساطة لأن الله استثنى مشيئته هنا وأعطى الحرية للإنسان للفعل أو الامتناع عنه، ولكن بقي علم الله المسبق بما سيختار كل شخص من أفعال قد خيره فيها وهذا يتوافق مع معنى الآية (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) بمعنى أنه أعطاكم ومنحكم المشيئة في اختيار ما خيركم فيه ولكن القدرة على انفاذ هذه المشيئة (أي القدرة على تنفيذ الأفعال) فمن الله تعالى وإن شاء لما مكنكم من انفاذ مشيئاتكم ولذلك فانه لا يحساب ديانة ما حاك بالنفس ولم يظهر للعلن أما ما ظهر ولم يكتمل تحقيقه فيحاسب الشخص على قدر ما ظهر من قدر في تنفيذ إرادته والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..