(السودان الإفتراضي و ثالثة الأثافي)

هل يكفي أن نحتقب الوطن ، و نحن نغادره غسراً ؟؟…
أليست الغسرية حجة باطلة في تعليل أحقية التنصل عن الوفاء بواجب
الإسهام في حمايته و الذود عن حرمه ؟؟…
ماذا يفيد الوطن و شعبه المغبون الراسف تحت نير العبودية و أصفادها ، بينما معظم عقوله المستنيرة و كوادره الكفؤة ، تخطفتها المهاجر و مواطن الإغتراب ؟…
هل النضال عن بعد له فاعلية ، من يكافح وهو يكتوي بظلمة الزنانزين و يتلقى التنكيل بشتى أشكال و ألوان آلة التعذيب في بيوت الأشباح ؟..
ماذا يجدي مقال هنا و آخر هناك ، يشتم السلطة الغاشمة ويعري مسالبها و يفضح مخازيها و يدمغ مفاسدها ، و هم في طغيانهم يعمهون !!!…. و لسان حالهم يهمس لقرنائهم دعونا نمتص غضبهم حتى يكفوا عن التفكير في إزاحتنا !!!…
هل لا زال للكلمة صداها ؟؟؟….
ألم يكن لمحمول الكلمة وقع الرصاصة
في صدر الغريم الباطش ؟؟؟….
ماذا حدث ؟؟؟!!…
كل شئ إستحال الى ضده !!…
مفردات الحياة ، فقدت دلالاتها ؛؛؛؛
القيم و الأعراف و الأخلاق الحميدة و المثل العليا ، شرعت في الهبوط الإضطراري من مراتب السمو و الرفعة ، الى الحضيض و الدرك الأسفل !!؟… ماذا فعلوا بأجيالنا الحالية و ماذا سيفعلون بالأخرى الطالعة ؟؟!…. كيف نعيد شبابنا الى السراط المستقيم و نوجههم الى جادة الصواب !!؟؟… هل من الميسور إنتشالهم من هذه الوهدة !!؟…. و إعادة تشكيل و صياغة شخوصهم مجدداً ، لتنقيتهم من الأدران و الأوشاب التي علقت بهم و طمست المعالم العريقة للشعب السوداني …..
أين المُثل العليا و شارات الأخاء و الود القديم و الصلات الوثيقة و
آصرة القربى و الرحم الآخذة في التقهقر ، بل الإنهيار التام !!!…
المحو و البهاتة و الإقصاء ، السمة الغالبة التي تصدرت واجهة السودان التي كانت مشرقة و مضيئة !!؟….
لم يعد للسوداني ما يعتز به ؟؟…
كل شئ جميل طُمس و صار عديم المعنى و الجدوى !!؟…
الحلم ، الخيال ، الإشراق ، مفردات تناءت عن الواقع المعيش !!؟….
صار السوداني خيال مآتة !!!….
فقد مجمل رصيده من المروءة و الشهامة و العطاء و الهاشمية و إغاثة الملهوف !!!…
طغت المصلحة !!!…
أصبح كل شئ يُوضع في ميزان المصلحة ؛؛؛
و إذا لم تُرجح كفتها ، فلا شئ يهم ؟؟…
هكذا صار حالنا !!!…..
صورة مزرية ، مخزية ، تدعو للرثاء ؛؛؛
هل من مجير ؟….
من يجيرنا ؟؟….
* * *
مؤخراً إقتنينا جهاز b Maax tv
و أصبح من بين قنوات العالم التي يمكن مشاهدتها ، بعض القنوات السودانية مثل النيل الأزرق و الشروق و السودان القومية
و لعل من يشاهد هذه القنوات دون أن تكون لديه خلفية مسبقة عن الأوضاع الحالية القائمة في السودان ، يتبادر الى ذهنه ، أن هذا البلد المسمى السودان ، كأنه دولة لا تنتمي الى العالم الثالث بصلة ، بل ربما تجاوزت دول العالم الثاني و تمضي قدماً صوب الدول العظمى !!؟….
ما هذا الهراء ؟…
بل ، ما هذا الخطل ؟….
الى متى يستمر هذا الضلال و التضليل و الإضلال ؟….
هل هناك من يصدق الصور الملونة البراقة و الخادعة !!؟….
أليس للصورة الأثر البالع في النفس البشرية ؟….
و لأن الجاثمين على صدورنا أدركوا مؤخراً أن سحر الصورة أكثر فعالية من العزف على وتر الدين ، فقرروا أن يحقنونه بالعزف على وتر الصورة !!!….
و عولوا كثيراً على هذه القصدية !!؟….
* * *
إدمان التحديق صوب القنوات السودانية أصابني بالإنفصام
كيف يستوي منطقاً أن تقرن بين هذا و ذاك ؟؟…
لنرى ماذا هناك ؟؟….
دعنا نشاهد مثلاً قناة الشروق
ثمة ما يثير الذهول
كل شئ يبرق
مقدمات النشرات و البرامج كلهن ، لونهن فاقع البياض
و كذلك الرجال يكاد الدم يفط من بين خدودهم !!؟…. و غالباً ما ينتقون الُمضافين من أمثالهم !!؟….
و ما يبثونه من أخبار يُؤكد على إستتباب الأمن و إزدهار النمو الإقتصادي و أن رفع الدعم عن الوقود لا يٌوثر على طبقة الفقراء بل المقصود به الأغنياء و علية القوم ، و ليس سواد الناس !!؟…
و علاج إرتفاع السلع تمت مكافحته من خلال مواقع البيع المنخفض ، و الجيش دحر المتمردين ، و دارفور مستقرة !!؟… و الحياة في السودان سهلة و ميسورة و فرص العمل وفيرة بدليل أن أرهاط من البشر يتدفقون نحو السودان !!!…
و كل شئ تمام ؛؛؛؛
و إذا ضغطنا على زر الرموت كُنْتُرور و تحولنا الى قناة النيل الأزرق ، فسنرى العجب العُجاب ( الناس عندها قروش كُتار و بتشتري ) ، كأن هؤلاء الناس الشعب كله و ليسوا فئة واحد في المئة فقط ..
و الإنتخابات قائمة في ميعادها و ستكون حرة و نزيهة و الحشاش يملأ شبكته !!؟..
إذن ما جدوى الحوار ، إذا كانوا سيعودون مرة أخرى بوجوههم الكالحة و الزائفة معاً !!؟….
و لعل من ثالثة الأثافي ، ما تفدمه هذه القناة في بعض برامجها من إسفاف ، يلغي عقول المشاهدين !!؟…
قبل عدة أسابيع شهدت برنامجاً يتحدث عن مشكلة الخدامات في بيوت الأسر الكبيرة
تخيلوا معي ( الشعب السوداني حُلت جميع أوجاعه و معضلاته و لم يبق له من مشكلة سوى علاج مسالب الخادمات التي تعكر صفو الأسر الكريمة !!؟…) و مقدمة البرنامج حينما شعرت بغرابة
الموضوع المطروح للنقاش و بعده عن واقع حياة الناس ، أرادت أن تخفف شيئاً ما عن عدم تقبل المشاهدين لمثل هذا اللغو ، فحكت نكتة الطفل الذي سأل أمه هل الخادمة بتطير لما سمع أباه يقول لها يا عصفورة ، فردت الأم لا ما بتطير لكن الليلة بتطيرها !!؟…
* * *
هناك صورة صادمة ، يُؤكدها الواقع بكل تفاصيله المريرة و إذاعة دبنقا و الراكوبة و سودانيز أون لاين و العديد من قنوات النشر الورقية و الإلكترونية و القنوات الفضائية و إذاعات FM
هذا هو واقع السودان البشع و الممزق بفعل خطايا السلطة و جرائمها التي فاقت ما فعله بشار بشعبه و وصل فسادها الى درجة تخريب الصحة و التعليم ؛؛؛؛
لم يبق للشعب السوداني شيئاً سوى البكاء على الأطلال !!!؟؟….
أما ما تبثه قنوات النظام عن الوطن ، فهو سودان إفتراضي ، لا وجود له على خارطة أفريقيا !!؟….
ألا يصيبنا هذا الفرق الشاسع و الحاد بين الواقع الملموس و الآخر الإفتراضي بالفصام !!؟…..

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..