الـحـب مـتـخـيـلاً

أشياء كثيرة تفقد بريقها بمرور الأعوام، فمشكلة كبيرة أو حادثة عندما تتذكرها بعد مضي 10 أعوام على حدوثها لن يكون لها ذات الوقع في ذاتك وربما تمحى تلقائياً من ذاكرتك، والملابس التي كنت مهووساً بها هذا العام ستفقد ألقها بعد فترة وستتبرع بها أو تلقيها في القمامة، لكن هناك كنوز لا تموت، في غرفتي ، لدي صندوق صغير أحتفظ فيه بأغلى ما أملك في حياتي وبأجمل ذكرياتي، لا تتعبوا أنفسكم في الخيال فهو ممتلئ بالورق والرسائل الخاصة جداً فقط وقليل من الصور وساعة وعدد قليل من الهدايا لا أذكر من أعطاني إياها، تحدثت عن صندوقي لأني كدت اليوم أن أرتكب فعل السرقة، وكانت لتكون أغرب سرقة في التاريخ، كدت أسرق الطيب.

ولأني فشلت بسبب الجبن لا غيره قررت أن أكتب هذه الرسالة المتخيلة لذاك الرجل المجهول. ترهقني عيناه، واسعة وعميقة وكأن أمواج بحر تسكنها، وأنا سفني ستغرق أن حاولت الإبحار فيها، ليست العينان وحدها من تجذب الشخص نحو الأعمق، بل تلك النظرة التي تخترقك ، نظرة يسكنها الحياء والخجل والقوة، نظرة تحكي تاريخ من الألم والآمال والريبة.

يقول نزار قباني ” لم أعرف منه سوى يده .. قالت عيناه ولم يقل .. رجل يمنحني شعلته .. ما أطيب رائحة الرجل .. يده تتحدث دون فم .. كحوار الشمع المشتعل .. وعروق زرق نافرة .. ضيعها الليل فلم تصل .. راقبت نحول أصابعه .. ودرست تعابير يديه .. أتعلق فيه واتبعه .. وأغوص بريش جناحيه .. أأحب يداً لا أعرفها .. ماذا يربطني بيديه” . كنت محظوظة حين راقبت يديه عن قرب وهو جالس بجواري يقلب في الأوراق .. أرتكبت عيني فعل السرقة أخيراً .. راقبت يده النحيلة والشعر الخفيف يغطيها ، وكأن الدنيا أثلجت فجاةً ونحن في لهيب الصيف وتخيلتني أقول له غطني .. دثرني، دثرني.

رجل بلا رائحة .. أفي هذه الدنيا ما هو أجمل من ذلك .. فخيالك هو من يعطيه الرائحة ، فمرة أجده ممتلئ برائحة الغابات الإستوائية والعرق يتصبب ويغطي ملابسه ، ومرة ثانية كرائحة البقدونس يجعل كل شئ جميلاً وطيباً ، مثله تماماً ، فالطيب الحسن للطيب الحسن، وذات مرة وجدته كالقرنفل يعدل المزاج ويسليه، في المرة الأخيرة كانت رائحة الصحراء وظلامها، ألكم أن تتخيلوا ليل الصحراء .. حيث تجتمع النجوم والقمر والأفلاك .. اجتمعت كلها فوق رأسه .. وكدت أنهض من مقعدي وأمسك نجمة أخبئها في حقيبتي .. كدت أسرق القمر من فوق رأسه.

هذا الرجل يعلمك ما المرح في الحياة، لكن حبه مرهق، ما أجمل الإرهاق في الحب. حدث في بدايات معرفتي به أن لسعني، وكأن عقب سيجارة شوى جلدي. رجل لا تحتاج المرأة أن تبحث فيه عن سؤال : من هو؟ إلا في لحظات الوداع والنهايات الجامدة. يكفي أن تراه ولن تطرح الأسئلة، ستقولين سيدتي ذات يوم أريده كما هو.. اريد هذا الغموض.. هذا الطريق. أتراه سيكرهني ذات يوم؟؟.. يا ريته يفعل، أحب أن أجرب احساس الكراهية معه، سيكون فصلاً جديداً في حبي له، سيكرهني ذات يوم وسأحبه أكثر .. وأكثر.

سأقابله ذات يوم في مدينتنا، لربما كان قريباً مني وأنا لا أعرف، لربما سأراه ذات يوم، عندها سأركض وأهمس له في أذنه بحبي. يا ريتني سرقت قلمه لأضعه في صندوقي، يا ريتني سرقت كتابه، حذاؤه، ورقة مكتوبة بخط يده، يا ريتني سرقته كله.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مروة انت ليست بمروة…
    وهذا البوح العميق…وهذا النحيب الصامت .. كالنزيف الداخلى…
    احيانا يرسم الخيال ذكرى صغيره تكبر مع هجير صحراء العصر التى تبست عروق الرومناسية فيها..
    مع الايقاع السريع ..مع ابتذال ..اغنيات تقتل القريحة((الحب كبتو كب))
    يا بتى هذا زمن زمن الجنونن والهستريا…دستو يا الحبشى…
    ضربوا الناس فى نصف الرأس..تراهم سكارى وما هم بسكارى سياط الحال غليظ

  2. مروة انت ليست بمروة…
    وهذا البوح العميق…وهذا النحيب الصامت .. كالنزيف الداخلى…
    احيانا يرسم الخيال ذكرى صغيره تكبر مع هجير صحراء العصر التى تبست عروق الرومناسية فيها..
    مع الايقاع السريع ..مع ابتذال ..اغنيات تقتل القريحة((الحب كبتو كب))
    يا بتى هذا زمن زمن الجنونن والهستريا…دستو يا الحبشى…
    ضربوا الناس فى نصف الرأس..تراهم سكارى وما هم بسكارى سياط الحال غليظ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..