السباق الى الموت

من حاملة الطائرات التي بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى منطقة جنوب شرق آسيا لاستعراض العضلات وتحذير كوريا الشمالية من تجاربها النووية الى التحدي الصارخ والعناد الاستفزازي للرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون بمواصلة تجارب إطلاق صواريخه البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية عاش العالم حالة من الرعب من اندلاع حرب كونية ثالثة سيما بعد تدمير صواريخ التوما هوك الأمريكية قاعدة الشعيرات السورية على مرأى ومسمع الرئيس الروسي بوتين فضلا عن القنبلة الجديدة (أم القنابل ) ذات الدمار الشامل التي استهدفت موقعا للقاعدة في كهوف أفغانستان وحولته الى أنقاض .
ولكن يبدو إن الزعمين اتجها للتهدئة لاحقا بديلا من المواجهة في منطقة حساسة متوترة أصلا إلا إن تقريرا لصحيفة Daily Mail الانجليزية كشف صورة كارثية عن ما يعرف بسباق التسلح ..دراسة مخيفة لا تقبل التأويل تتحدث عن أرقام فلكية لملايين من البشر ومليارات من الدولارات.. تقول الدراسة المنقولة عن الموقع العالمي لرصد القوة النارية إن الولايات المتحدة تخصص 600 مليار دولار سنويا لوزارة الدفاع لتغطية احتياجات 145,215,000 جندي متصدرة المركز الأول في الترتيب كأقوى قوة عسكرية في الكون تليها في المركز الثاني الصين بميزانية تبلغ 161 مليار فيما تحتل روسيا المركز الثالث ب 45 مليار دولار. تواجه هذه الصورة المرعبة في الضفة الأخرى من النهر وليس بعيدا عنها صورا إنسانية أكثر قتامة تتمثل في كوارث إنسانية لمجاعات وحروب أهلية وموجات نزوح جماعي لبشر يرزحون تحت خط الفقر وهائمون على وجوههم بحثا عن ملاذات آمنة وهروبا من أمراض فتاكة..آخر تقرير لمنظمة اليونيسيف يقول إن 29 مليون طفل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها يواجهون خطر الموت جوعا في وقت حفيت فيه منظمات الإغاثة وهي تتسول الدول الكبرى لجمع الفتات.. أنه عالم يعج بالمفارقات والتناقضات .
. ولكن يبدو إن كل هذا لا يكفي إذ إن الإدارة الأمريكية الجديدة وتحت قيادة الرئيس ترامب قررت زيادة الإنفاق العسكري بزيادة 54 مليار دولار بحجة تدمير داعش ومسحها من الوجود بزيادة عدد الأساطيل الحربية فضلا عن إنتاج المزيد من طائرات F35 المقاتلة لدعم القوة الجوية ..بالطبع فإن زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 10% سيأتي خصما على مشاريع الإسكان والتنمية البشرية وحماية البيئة فضلا عن العشرات من البرامج والمشاريع الفيدرالية ..التقرير الخطير يكشف بأن معايير المقارنة بين 106 دولة تستند على 50 عاملا تضع في الاعتبار حجم القوة العسكرية وعدد الآليات والأسلحة ومرونة خطوط الإمداد .
بجانب الميزانية الضخمة المخصصة لأسلحة الموت تتحدث الدراسة عن الترسانة العسكرية فتقول إن الولايات المتحدة تمتلك قوة ضاربة تتكون من 19 حاملة طائرات مقاتلة ومروحيات بجانب 5884 دبابة و13762 طائرة فضلا عن امتلاكها 415 قطعة بحرية يعمل فيها 1,400,000 عنصر من قوات المارينز .أما روسيا فتمتلك حاملة طائرات واحدة هي الادميرال كورتسوف كما تمتلك 20.215 دبابة و3,794 طائرة و352 قطعة بحرية مع قوة مقاتلة في الخطوط الأمامية يبلغ عددها 766,055 عنصر ولكن الخبراء الروس يعملون حاليا لبناء أكبر حاملة طائرات في العالم للتنافس مع الولايات المتحدة ..الصين تمتلك أيضا حاملة طائرات واحدة هي ليانونج وتملك 6,457 دبابة و2,955 طائرة و714 قطعة بحرية يعمل فيها 2,335,000 عنصر .أما بريطانيا التي تحتل المركز السادس فتمتلك قوة مدربة تعمل في الخطوط الأمامية ويقدر عددها ب 150 ألف جندي كما تمتلك حاملة طائرات واحدة و249 دبابة و 856 طائرة وقوة بحرية تقدر ب67 ألف عنصر ..ميزانية دفاعها تقدر ب 45 مليار دولار إلا إن رئيسة الوزراء الجديدة ماي تريزا أعلنت زيادة ميزانيتها العسكري بنسبة 2% سنويا كما أعلنت بدأ العمل في إنتاج حاملتين جديدة هما كوين اليزابيث وبرينس اوف ويلز وتقدر قيمتهما ب 18,3 مليار دولار.
كوريا الشمالية التي تصب مزيدا من الزيت على نار التوتر يوميا بسبب تجاربها النووية لا تملك حاملة طائرات واحدة ولكن يقدر عدد جنودها ب 13 مليون عنصر منهم 700 ألف قوة خاصة تعمل في المواقع الأمامية كما تمتلك 5025 دبابة و944 طائرة فضلا عن 967 قطعة بحرية ولكن رغم زعمها بأنها تمتلك اكبر أسطول للغواصات فهي ليست فعالة إذ إن مدى قوة نيرانها لا يتجاوز أربعة أميال مقارنة بالأمريكية التي يبلغ مداها 150 ميلا .
السؤال هنا هل ما يعرف بتوازن الرعب النووي لازال يشكل رادعا للمغامرين ..هل العالم الآن أكثر حرصا على السلام عن ما سبق . هل خروج انجلترا من الاتحاد الأوروبي والنجاحات التي حققتها زعيم المعارضة اليمينية ذات التوجهات العنصرية مارين لو بان في الانتخابات الفرنسية رغم هزيمتها والمواقف المتشددة للرئيس ترامب هو بداية عصر من العزلة إيذانا بميلاد عالم جديد من الاستقطاب بوصلته كما قال بوش الابن ذات مرة من ليس معنا فهو ضدنا ؟

بقلم حسن ابوزينب عمر- الرياض
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..