الأنظار تتجه إلى بوش «آخر» لخوض سباق الرئاسة لعام 2016

الآن، بعد إغلاق حملات باراك أوباما وميت رومني مقارها في شيكاغو وبوسطن، يتحول انتباه العالم السياسي إلى جناح إداري وراء الساحات المعمدة بمجمع فنادق بيلتمور هنا في فلوريدا. يعتبر هذا الجناح، الموقع الذي يدير منه جيب بوش، الحاكم السابق لولاية فلوريدا، شركته الاستشارية، ومؤسسته التعليمية، وفي الوقت الراهن، عملية صنع القرار المبكرة جدا استعدادا لاحتمال خوضه معركة الرئاسة في عام 2016.

حينما عرج الرئيس الأسبق بيل كلينتون بهذا المكان أثناء مشاركته في الحملة الانتخابية للرئيس أوباما، تكهن بنوايا بوش مع أنا نافارو، الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية وصديقة بوش. لم يكن موضوعا تافها بالنسبة لكلينتون، بالنظر إلى احتمال أن تسعى زوجته، هيلاري، للترشح عن الحزب الديمقراطي. وحينما عقد السيناتور ماركو روبيو من فلوريدا اجتماعا هنا لمناقشة مستقبله السياسي الأسبوع الماضي، خيم موضوع تفكير بوش في الترشح للرئاسة على الغرفة. قرار بوش، 59 عاما، بالسعي للترشح عن الحزب الجمهوري من شأنه بالتأكيد أن يقوض خطط روبيو، 41 عاما، للقيام بالخطوة نفسها أو أن يشعل عداوة جديدة داخل الحزب.

ينقل أصدقاء لبوش عنه أنه يقيِّم الاعتبارات المالية والأسرية؛ بين الأعوام الكثيرة التي قضاها في منصبه وهبوط حجم ثروته، على حد قولهم، وأنه أخذ يعمل بكد من أجل استعادتها، إضافة إلى الموقع المعقد داخل الحزب الجمهوري لاسم بوش. ولدى سؤاله هذا الأسبوع عما إذا كان والده سيخوض السباق الانتخابي، صرح جيب بوش الابن لشبكة «سي إن إن» قائلا: «آمل بالتأكيد في ذلك».

وعلى الرغم من ذلك، لم يتحدد بعد ما إذا كان سيخوض المنافسة أم لا. وقال آل كارديناس، رئيس الاتحاد الأميركي المحافظ وصديق ومستشار بوش منذ فترة طويلة: «فلننتظر ونر ما ستؤول إليه الأمور. الموضوع ما زال يحيره، بالنظر إلى حجم ما سيتشاركه مع الدولة».

عقب هزيمة ميت رومني على يد ائتلاف ديمقراطي قام على الدعم الساحق من ذوي الأصول اللاتينية وغيرها من الجماعات السكانية سريعة النمو، يبحث كثير من الجمهوريين عن مرشح يمكنه أن يساعد في جعل الحزب أكثر شمولية من دون التخلي عن المبادئ المحافظة، ولا أحد أصبح مثار تكهنات في هذه المرحلة أكثر من بوش.

بالنسبة لأنصاره، يبدو بوش رجل المرحلة. ولدت زوجته كولومبا وترعرعت في المكسيك. وهو يتحدث الإسبانية ويفضل إصلاح نظام الهجرة بطريقة من شأنها أن تمهد طريقا لمنح مواطنة لمن هم مقيمون بالفعل في الدولة بشكل غير قانوني، ولكنهم خلاف ذلك ملتزمون بالقانون.

يؤيد بوش اختيار المدرسة وفرض معايير أداء أكثر صرامة، مما يجعله في موقف المعارضة المباشرة لاتحادات المعلمين، ولكن يضعه في تحالف مع ذوي النفوذ الجمهوريين مثل «كوتش براذرز» وروبرت ميردوخ. يحظى مشروع بوش التعليمي، «مؤسسة التميز في التعليم»، بدعم من متبرعين رئيسيين من الحزب، مثل والتون فاميلي، ومدير صندوق التحوط، بول سينغر، كما أنه اجتذب دعما من مؤسستي «بلومبيرغ» و«غيتس».

يعارض بوش الإجهاض، كما أنه معارض لزيادة الضرائب بدرجة تفوق أخاه، الرئيس جورج بوش الابن، في فترتي رئاسته. وعلى الرغم من ذلك، فإنه رفض التوقيع على الالتماس المعارض للضرائب الذي تقدم به الناشط المحافظ، غروفر نوركويست، الذي ساهم في قيادة الثورة ضد والده، عندما نقض الرئيس بوش وعده الممثل في «عدم فرض ضرائب جديدة» أثناء فترتي توليه الرئاسة.

يمكنه أيضا الاستفادة مما ينظر إليه بعض الجمهوريين على أنه صورة متواضعة لحنين بوش إلى الماضي، الذي يتجلى في مقطع فيديو عرض في المؤتمر الوطني الجمهوري حول والده، 88 عاما، الذي يصارع نوعا من أنواع داء باركنسون، وفي حالة صحية متدهورة.

يعتمد أي مستقبل سياسي لجيب بوش على ما إذا كان ذلك المسار الأكثر ودا كافيا لتعويض المشاعر السيئة تجاه اسم الأسرة بعد فترة رئاسة جورج بوش الابن، الذي ما زال يتعرض لانتقادات من قبل كثير من المحافظين، بسبب حزم الإنقاذ وتوسيع حجم الحكومة. غير أن المناشدات الموجهة لجيب بوش بدخول الساحة بصورة أكبر تمثل تبريرا من نوع ما. فقد كان يتم تجاهل تأييد أسرته منذ أمد بعيد لقيام حزب جمهوري أوسع نطاقا و«أكثر ودا»، وفي النهاية، تم رفض الفكرة من قبل المحافظين الشعبويين الذين فرضوا سيطرتهم على الحزب بعد انتخاب أوباما.

بدأ خلاف جورج بوش الابن مع اليمين الشعبوي في منتصف فترة رئاسته الثانية بسبب دعمه لطريق نحو منح المواطنة لبعض المهاجرين غير الشرعيين، الذي يصفه نشطاء من القاعدة الشعبية بأنه خطة عفو. وقد فشلت دعوته لسن تشريع خاص بالهجرة. وفي هذا العام، حتى قبيل يوم الانتخابات، حذر جيب بوش مما وصفه بأسلوب الحزب «الغبي» في التعامل مع الهجرة غير الشرعية. (حصل أوباما على 71 في المائة من أصوات ذوي الأصول اللاتينية، بحسب مقابلات أجريت مع الناخبين).

تصاعدت المطالبات الموجهة لبوش باتخاذ خطوة منذ أن أخبر رومني المتبرعين بأن أوباما فاز بالانتخابات بمنح «هدايا» ممثلة في مزايا حكومية للناخبين ذوي الأصول اللاتينية، والأميركيين ذوي الأصول الأفريقية والشباب.

بعد انتظار دوره بعد أخيه، لا يعلق بوش، الذي رفض إجراء مقابلة معه لجمع معلومات لهذا المقال، بشكل علني على نتيجة الانتخابات. لكنه طمأن أصدقاءه إلى أنه سيتخذ خطوة في ظل صراع الدولة من جديد حول كيفية مواجهة الهجرة غير الشرعية. وعلاوة على ذلك، فقد شارك في تأليف كتاب يحمل عنوان: «حروب الهجرة: صياغة حل أميركي» المنتظر نشره في الربيع.

تضم اعتباراته السياسية المعقدة السؤال حول ما إذا كانت الدولة ستنظر في انتخاب شخص آخر من أسرة بوش. وتساءل هالي باربور، الحاكم السابق لولاية مسيسبي ورئيس الحزب الجمهوري، أثناء مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي في لاس فيغاس، حيث كان يحضر الاجتماع السنوي لجمعية المحافظين الجمهوريين: «متى تعتقد أن جون كوينسي آدمز كان قادرا على تجاهل حقيقة عدم تمتع والده بشعبية؟». كما قال سكوت ووكر، حاكم ولاية ويسكونسن، الذي قد أسدى إليه بوش النصيحة، إن اسم بوش يعتمد على سجله في فلوريدا وعمله السياسي المستمر.

قال ووكر في مقابلة أجريت معه: «المفارقة هي أن الفرصة التي يملكها تعتمد بدرجة أكبر على اسمه الأول، وعلى ما حققه في فلوريدا أكثر من اعتمادها على اسمه الأخير».

وعلى الرغم من ذلك، يقول أصدقاء بوش إن اسمه الأخير ليس بالمشكلة الكبرى. فبعيدا عن الأمور المالية، يقولون إنه مدرك للتأثير الذي يمكن أن يحدثه خوضه السباق الانتخابي على أسرته، ولا سيما المطامح السياسية لأبنائه. يعتبر جيب بوش الابن، 29 عاما، مؤسسا للجنة نشاط سياسي تحمل اسم «سان باك»، التي تشكلت للترويج للمرشحين السياسيين ذوي الأصول اللاتينية المحافظين وتوظيفهم. تقدم جورج بي بوش، 36 عاما، بأوراقه في تكساس استعدادا لحملة ترشح لمنصب مفوض أراضٍ. وبعد أيام قليلة من يوم الانتخابات، كان جورج بي بوش في دالاس لحضور حدث لجمع تبرعات لمؤسسة محو أمية للأسر، وهي مؤسسة دشنتها جدته باربرا بوش.

وبعد قراءة مقطع من روايتها «It?s Classified» كجزء من البرنامج، خاطبت نيكول والاس، مديرة الاتصالات في البيت الأبيض في عهد جورج بوش الابن، جميع الشباب الحاضرين من أسرة بوش. وبعد نتائج الانتخابات، قالت: «إنني أعتمد عليكم جميعا». وهناك، بين الجماهير المهللة، كانت تقف السيدة الأولى السابقة.

* خدمة «نيويورك تايمز»
الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..