جدل في الهند بعد منع النساء من دخول الأضرحة

أثار منع السيدات مؤخرا من دخول أضرحة الأولياء المسلمين في عاصمة الهند التجارية مومباي ضجة كبيرة، ليس فقط بين السيدات والنشطاء في مجال حقوق الإنسان، بل أيضا بين المسلمين في الهند. وجاء القرار بمنع السيدات من زيارة أهم الأضرحة في مومباي، ومنها ضريح الحاج علي ومخدوم ماهيمي. وجاء في بيان لرضوان ميرشانت، أحد أعضاء مجلس أمناء ضريح حاجي علي دركاه، الذي يتولى إدارة شؤون الضريح: «زيارة النساء للضريح مخالفة للشريعة، لذا منعناهن من دخول ضريح دركاه».

يعد الضريح، الذي يقع على صخور على بعد 500 ياردة داخل بحر العرب قبالة ساحل جنوب وسط مومباي وبني في القرن الخامس عشر، من أكثر المواقع الأثرية تميزا في مومباي. ويضم الضريح العميق مقبرة بير حاجي علي شاه بخاري، ويزوره أسبوعيا أكثر من 200 ألف زائر من المسلمين وغير المسلمين. ويفد إلى الضريح الشحاذون مثلما يفد إليه نجوم السينما الهندية والمشاهير في مجالات أخرى للدعاء في الضريح في الهند التي تتسم بالتنوع الثقافي. وذكر الموقع الإلكتروني للضريح: «يأتي الناس من كل أنحاء العالم لزيارة الضريح أيا كانت مكانتهم أو عقيدتهم أو دينهم، ويصلون من أجل تحقق أمانيهم بفضل بركات الولي. البعض يدعو من أجل الحصول على الثروة، بينما يدعو البعض الآخر من أجل التمتع بالصحة أو الأطفال أو الزواج، إلى آخره. وتتحقق أمانيهم في كل الأوقات».

وفي الوقت الذي تمثل فيه النساء 60 في المائة من الزائرين، يسعى كل الرجال والنساء للتقرب من الضريح والصلاة والدعاء حتى تتحقق أمانيهم.

يوضح رضوان ميرشانت، أحد أعضاء مجلس الأمناء ومحامي جنايات، قائلا: «طبقا للشريعة أصدر علماء الدين فتوى بعدم جواز اقتراب النساء من أي ضريح، ونحن ننفذ الفتوى. إذا لم ننفذ ذلك فسنكون مخالفين للشريعة. كذلك لا يمكن الرجوع عن هذا الحظر. في الوقت الذي تمنع فيه السيدات من دخول الضريح، يمكنهن ترديد دعواتهن وتقديم ألبسة الصلاة والورود. كل ما نطلبه من أخواتنا هو عدم دخول الضريح».

وقال سهيل خاندواني، أحد الأعضاء التنفيذيين في الضريح: «نحن لسنا أعداء للمرأة، نحن فقط نقبل ما يطلبه الكثير من كبار علماء الدين منذ فترة طويلة. إن الأضرحة مبانٍ تضم مقابر لأولياء، والشريعة تمنع السيدات من زيارة المقابر».

في الوقت الذي تستند فيه لجان الضريح إلى الشريعة كمبرر لأفعالها، يصف علماء ونشطاء تلك الخطوة بإهانة للوجه العصري للإسلام. وصدم الكثير من العلماء من هذه القراءة الخاطئة والتأويل غير السليم للشريعة. ويوضح عالم الدين المسلم، أصغر علي: «لم يُشِر القرآن إلى أي شيء يتعلق بزيارة الأضرحة. إنهم يزعمون أن هذا أمر بموجب الشريعة لأنه يعتقد أن النبي (ص) طلب من سيدات عدم زيارة أضرحة. وهذا الأمر مشكوك فيه، لذا يجب في هذه الحالة أن نتبع القرآن الذي لم يأتِ على ذكر أي شيء في هذا السياق».

ويشير علماء دين آخرون إلى وقائع حدثت في فجر الإسلام عندما كانت النساء يزرن المقابر، فقد زارت ابنة النبي (ص) السيدة فاطمة الزهراء قبر والدها. ويتساءل علي: «هل تريد لجان الضريح أن تخبرنا أن البنات لا ينبغي عليهن زيارة قبور آبائهن؟». ويضيف أن هناك فرقا بين زيارة قبر لشخص عادي، وقبر لولي من أولياء الله. ويوضح أن الناس لا تزور أضرحة الأولياء كنوع من التعبد، بل كتقدير لكونهم من أولياء الله.

قادت مجموعة من النساء الأعضاء في منظمة «أندولان بهارتيا ماهيلا مسلم»، التي تعمل على تنمية الكوادر النسائية، الاحتجاج ضد هذه الخطوة. وقالت نورجيهان صافيا نياز، إحدى مؤسِّسات المنظمة: «إن الطريقة التي يميز بها رجال الدين المسلمون بين الرجال والنساء لا تضر فقط بالنساء، بل أيضا بالإسلام. لقد منح الدين الإسلامي النساء حقوقهن كاملة، لكن رجال الدين، من أصحاب التفسيرات الخاطئة للنصوص والشريعة، انتزعوها منهن».

وقال أحد أعضاء مجلس أمناء الضريح لنياز إن هذا القرار اتخذ بعد أن لاحظت السلطات أن السيدات اللاتي زرن الضريح العام الماضي لم يكن يرتدين ملابس لائقة. وأكدت نياز: «حسنا، اصلبوا وعذبوا النساء جميعا حتى يدفعوا ثمن عدم ارتداء زائرة واحدة ثيابا (ملائمة). وإذا كانت هذه السيدة قد دخلت الضريح فهذا تقصير من السلطات في تطبيق قانون خاص بالملابس المناسبة».

وتدفع نياز حاليا باتجاه إلغاء هذا الحظر، لكنها حتى هذه اللحظة لم يحالفها الحظ. ولم تسفر اجتماعاتها عن نتيجة مع وزير الأقليات في ولاية مهاراشترا، محمد عارف نسيم خان، ورئيس لجنة الأقليات في الولاية، مناف حكيم. وترفض الحكومة الدخول في هذا الجدال، ورفض عارف نسيم خان التدخل في الأمر واصفا إياه بـ«الديني» المحض. ويقول: «رجال الإفتاء ورجال الدين هم فقط من بيدهم اتخاذ القرار في هذا الشأن».

وقالت هوما خان التي تعمل معلمة: «لقد كنت أزور الضريح منذ طفولتي بضع مرات كل عام. أحب أن أجلس إلى جوار القبر وألمسه وأدعو. لا يسمح لي منذ عدة أشهر بالاقتراب من القبر. أشعر بعدم الراحة والحزن لأنني لا أستطيع الاقتراب منه بعد الآن». وأضافت: «يمكن للرجل الاقتراب من القبر، لكنني لا أستطيع لأنني امرأة! هذا غير عادل».

ويقول الدكتور سييد لياكات حسين مويني، من أحفاد الولي الشهير الخواجة معين الدين شستي في أجمير، إن الإسلام لا يفرق بين البشر على أساس الجنس أو النوع أو العقيدة. وأوضح قائلا: «في أجمير يسمح للرجال والنساء بزيارة الضريح منذ قرون». والأضرحة، على عكس المساجد، لا علاقة لها بالدين، حيث يزورها عدد كبير من غير المسلمين، ويخشى الكثيرون من أن يمتد هذا الحظر المفروض على زيارة النساء ليشمل غير المسلمين.

تتعارض الحجج، التي يسوقها هؤلاء الذين يدعمون قرار أضرحة مومباي من أن الشريعة تمنع الرجال والنساء من ممارسة الشعائر معا، مع أسس الحج التي يؤدي فيها مئات وآلاف النساء والرجال الشعائر معا ومنها الطواف حول الكعبة. وهناك أمر صريح بسفور الوجه عند الإحرام. الرجال والنساء سواء أمام الله. وتنطبق قاعدة الملابس الملائمة الإسلامية على الرجال والنساء على حد سواء. والآيات القرآنية واضحة. إذا سمح للرجال بالطلاق، فيحق للسيدات الحصول على الخلع. خلال حياة النبي محمد (ص) كانت النساء يدخلن المساجد ويسألن النبي (ص) عن أي شيء في القرآن. لقد كان سؤال زوجته أم سلمة هو سبب نزول الوحي بسورة النساء، التي تعد ثاني أطول سورة في القرآن، والتي تفسر الحقوق والمسؤوليات وتحدد كرامة المرأة. وتجذب هذه الأضرحة الباحثين عن السكينة والراحة بعيدا عن الحزن والأسى. يطلب المؤمنون «شفاعة» الأولياء. ويقول المعلق الهندوسي، فيروز أشرف، المقيم في مومباي: «كثيرا ما تلجأ السيدات اللاتي يعانين من مشكلات عاطفية إلى ضريح دركاه بحثا عن السلوى. سيبدو هذا الحظر بالنسبة إليهم رفضا إلهيا». ويقول فريد باتاتوالا من المنتدى الإسلامي: «ينبغي أن تتم معارضة هذا القرار بكل طريقة ممكنة. إن منع السيدات من دخول الضريح محض تحيز كريه ضد النساء، وعلى المجتمع أن يراه كامتداد لنفوذ طالبان في الهند».

وقالت زنات علي، أستاذ الدراسات الإسلامية في سانت خافيير كوليدج، في مومباي، إن الإسلام يؤكد على حقوق كل من الرجل والمرأة. وأوضحت قائلة: «إنه تفسير للإسلام كاره للمرأة. إنهم يجعلون الإسلام وكأنه ضد المرأة، في حين أعطى النبي محمد (ص) النساء كل الحقوق. لا ينبغي أن يتم سحق الحقوق المعنوية للمرأة».

وعلى الصعيد السياسي، أدان كل من الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، ديغفيجاي سينغ، والمتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا، مختار عباس نيكفي، قرار منع النساء من زيارة الضريح وحث كل «الليبراليين» على التصدي له. مع ذلك أكثر ما يثير القلق في هذا القرار هو إصرار أعضاء مجلس الأمناء على تطبيق القانون في كل الأضرحة في الهند.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي رسوله محمد صلي الله عليه واله وسلم .. حسبنا الله ونعم الوكيل ما هذا الجهل والضلال والقران والسنه بين ايدينا ؟؟ قال تعالي ( والذين اتخذو من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الي الله زلفي ..) وقال تعالي ( افحسب الذين كفرو ان يتخذو عبادي من دوني اولياء انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا..) وقال تعالي ( قل من رب السموات والارض قل الله قل افتخذتم من دونه اولياء لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا…) وقال تعالي ( مثل الذين اتخذو من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانو يعلمون ).. وارجعو الي تفسير قوله تعالي في اول حصول الشرك في العالم في قوم نوح قال تعالي ( ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ..) قال بن عباس هذه اسماء خمسه رجال صالحين لما ماتو عكفو علي قبورهم وصورو لهم هذه التماثيل وسموها باسمائهم .. فما اشبه اليوم بالبارحه
    وقد جاء الاسلام ليخرج الناس من عبادة العباد ( الاولياء ) الي عبادة رب العباد .. واختم بحديث النبي صلي الله عليه وسلم ووصيته لابن عباس رضي الله عنهما ( اذا سالت فاسال الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامه لو اجتمعت علي ان ينفعوك بشئ لا ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ولو ان الامة اجتمعت علي ان يضروك بشئ لا يضروك الا بشئ قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف) رواه الترمزي وصححه ..
    واخيرا اسال الله لنا ولجميع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها الهداية والتوفيق والالتزام بما جاءنا به النبي صلي الله عليه وسلم والابتعاد عن البدع والخرافات وطرق الزيغ

  2. الاخ احمد جزاك الله الله خيرا ويبارك لك في عمرك ورقك كنت لاتي بادلة من القران ولكنك كفيت ووفيت

    وصلي الله علي سيدنا محمد خير خلق الله

  3. أحزننى الخبر والله، فالعام الماضى زرت مسجد وضريح الحاج على فى مومباي برفقة أسرتى وكنا فى غاية السعادة – فالضريح معلم سياحى رائع ودهشتى زادت حين رأيت أن الزوار من أصحاب الحاجات لا يقتصرون على المسلمين فقط فقط رأيت بأم عينى هندوسيا يقف فى خشوع وكذلك مسيحى كان الصليب متدليا من رقبته والله على ما أقول شهيد.

    أيمان أهل مومباى بالحاج على وبركاته تحتاج لدراسة وبحث معمق فالرجل ذو تأثير على الهنود بجميع دياناتهم وأطيافهم وهذا شئ مذهل، كما كان الهندوسى غاندى ملهما للهنود جميعا (والإثنان يجمعان الشعب الهندى معا فى بلاد يجد التعصب الدينى والمذهبى مساحات واسعة للنمو.

    أستغرب أحد الأخوة العرب فى الفندق عندما ذكرت له بأن برنامجي اليوم سيشمل زيارة ضريح الحاج على فرد على بقوله (ياأخى مالك والطرارين) والطرارين هم الشحاذين من كل حدب وصوب الذين يتجمعون فى الممشى الضيق جدا بعرض متر ونصف وطول أقل من 50 متر بقليل والذى يقود للجزيرة التى بها المسجد والضريح وأمواج بحر العرب تضربها فى عنف وينزل الماء عليك وعندما تصل للضريح تقطر ملابسك بالمياه فى مشهد فريد ونادر.
    طوال الطريق من الفندق للضريح والمسجد ظل سائق التاكسى الهندى يتحفنى بقصص وحكابات عن الحاج على وكراماته وحكاه لى عن قصة حياة الحاج على يختلف تماما عن المكتوب فى الكتيبات السياحية.
    أتمنى ان يتم إلغاء القرار فضريح الحاج على ليس مجرد ضريح وأنما موقع للتسامح والمحبة فحياته كان كذلك وذكراه يجب أن تستمر على نفس المهد، رحم الله الحاج على.

  4. هؤلاء ليسوا الا كومة من الجهلاء والمنافقين لو كان هذا الدعي الجاهل والذي هو اجهل من قملة ويدعي تطبيق الشريعة لعلم ان بناء الاضرحة نفسه بدعة وليس جائزا ولعلم ان بناء القبور نفسه غير جائز غايتو ان يخيل لي انو المسلمين الموجودين في شرق اسيا وجنوب اسيا كلهم جهلاء ولا يفقهون من الدين شيئا بس قاعدين في البدع والخرافات والاساطير والتطرف الاعمي لاافكار لاتمت حتي للدين بصلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..