السياسة علم و فن

السياسة علمٌ و فن

أضحت أسعار الصحف ترتفع بوتيرة عالية و عندها أتوقف عن شرائها و لكن بعد حين من الزمان أرجع إلي شرائها مرة في الاسبوع و ربما مرة في الشهر، حتي تصبح قيمتها أقل من قيمة خبز اليوم لبيت صغير و بما أنني أشتري خبزاً أقل من قيمة الصحيفة، فما زلتُ عن الشراء مُحجماً! ولكن رغم هذه السياسة التي أتبع ،إلا أنني أحياناً أشتري وحين أري صفحات كاملة يهيمن عليها كاتب واحد أشعر بأسي غير شديد ! من هذه الصفحات ما يخطها د.الشفيع خضر تحت العنوان الذي تخذته عنواناً لهذا الكتاب و أُخري لدكتور نبيل أديب.فهي في تقديري ألزمُ للمجلات المختصة وليس الصحف اليومية. تقدير قد لا يصح و لكن تحسمه إستطلاعات للرأي، علي كل صحيفة أن تلجأ إليه إن أرادت التجويد.
رغبتُ اليوم في الرجوع لصحيفة التيار للحصول علي بريد أحد الكتاب و واجهتني صفحة د. الشفيع التي لم أقرأها و هي بتاريخ 30مايو. و عكفتُ علي قراءتها بالطريقة الناقدة وهي طريقة لم يذكرها الكاتب أمير تاج السر فيما عدد من طرقٍ للقراءة ويجئ هذا المقال بطريقة في الكتابة أطلقتُ عليها “الكتابة بالأهداف” وما زلتُ أبشر بها لعلها تجد رواجاً!
جاءت نهاية مقال د. الشفيع لتؤكد سبب إحجامي عن قراءتها حيث يكتب…”بدءاً إن محاولة تغيير المجتمع من خلال محاكاة التاريخ و تقليد الرموز ، أمر سخيف. لا يمكن تكرار خبرات الدول الأخري أو الظروف التاريخية السابقة، الأساس هو تحليل الصيرورات و دروس التاريخ و أن نفهم بأن ” الخبز و السلام” إن لم يكن متصلاً مع ما يشعر به الناس، هو محض تكرارعلي شكل مهزلة لانتصار تراجيدي من الماضي” إنتهي حديث بابلو إكليسياس”. بابلو إكليسياس الذي إستشهد به د. الشفيع شاب من مواليد عام 1978 !فتأملوا و أنظروا إلي من حولكم من الشباب في ذات العمر ! سأعود إلي تلك المقولة لاحقاً.
وعلي كل حال فهو أي بابلو إكليسياس يستحضر مقولة لسياسي معروف وهو لينين “الحبز و السلام” وهي أمور تشغلني و تشغل بقية الناس ! لذلك عُدتُ لأكتب عن علم السياسة و فنونها! لأري بُعد الشفيع و قربه منها أو بعدي و قربي منها و من علومها و فنونها !
أبدأ حديث السياسة بمآلاتها الخبيثة إذا ما خبثت و الحميدة إذا ما حمدت و أجادت .و بالطبع يخبث الرجال و النساء و يحمدوا أو يحمدن وهم المؤتمنون علي أمور السياسة و فنونها وهم من يقودون رسنها – ففي أعقاب فشلهم تأتي الحروب و النزوح و الهجرة و ربما الجوع و المسغبة و التعاسة مع الأمراض ،البطالة و الفقر و إنفصام عن الواقع و الكل يقول” مافيش فايدة ، مافيش فايدة” مثلما هو حالنا الآن !
حديث السياسة لهو حديث الأزل ! فهي علمٌ و هي فنٌ و لها أشراط إن غابت لا يتيسرالنجاح و لا يثمر العلم و لا يجود الفن !
من أشراط نجاح السياسة و إستوائها التعليم، التعليم الديمقراطي و الجيد حيث يمكن أن يولد الكم الكيف ! فنعثر بذلك علي النوابغ و أصحاب القدرات الذين يحدثون التغيير في المجتمع ! تعليم يزرع القيم و يحضُ علي العمل لا الفلسفة الخواء ! و ليحسن التعلم تلزمنا عقول تعقله ? عقول شجاعة، تجمع الناس في أحزاب منتجة و نقابات أو جمعيات فاعلة مع نواد و مجالس .”إذ العمل بغير علم لا يكون و العلم بغير عمل جنون” هكذا تحدث الامام الغزالي .و تلزم العمل ممارسة جيدة و نماذج في المثابرة و الاخلاص.مثالاً يرسم الناس علي هديه و يسيرون. ولا حاجة لمزيد للتأكيد علي خطل بابلو و خطل د.الشفيع -إذ أمورنا كلها تقليد ! تقليد في الزي و في التعليم و في العلاج و بروتوكلاته في الحركة و النقل في الاعلام و الصحافة و في الكتابة و في كل شئ ! علينا أن نقلد الأفضل !
أما الفنون فعديدة أيضاً- منها المسرح و السينما و الغناء مع الشعر و الانشاد ،الرسم و الكاريكاتير، اللوحة الجميلة المسكرة و المهدئة ! وكل ضرب من الفنون يحتاج لكراسات، كاريكاتير واحد قد يصنع ثورة و يحرك شعباً.تغريدة واحدة علي الانترنيت قد تحدث فرقاً!
أما العلوم فهي لاتحصي- التاريخ مع الجغرافيا و اللغات مع الاجتماع و علم النفس ، الرياضيات علم الغباء و ليس علم الأغبياء كما أخطأ إبننا جلال و أضاع بذلك عاماً بكتابته علي ورقة إمتحانها “الرياضيات علم الأغبياء” كان جلال يجهل أمور ذلك العلم ورغم تركه لورقة الاجابة في العام التالي نظيفة ،إلا أن حصيلته كانت صفرا كبيراً ومن عجب فقد ولج باب جامعة الخرطوم ! ليتخرج في الآداب !!
هكذا فهمتُ السياسة و أعود إلي نهاية صفحة د. الشفيع و حديث الشاب الاسباني بابلو بأن تغيير المجتمع من خلال محاكاة التاريخ أمر معلوم- فنحن كما ذكرت نحاكي تجارب الشعوب الأخري ? حتي في طريق الثورة و أنظروا للربيع العربي عندما هبت نسائمه ! حتماً سيمر ببلادنا و يغشاها ، إذ النسيم مهلٌ لا يخبُ ! أما تقليد الرموز فهو أمرٌ معروف -توثقه حكمة الشعب ” الناس علي دين ملوكها” مع رهدهم يزهد الناس و مع بطشهعم يبطش الناس ! فيما يتوافق و قانون للطبيعة لا يخيب ” لكل فعل رد فعل مساوِ له و مضاد في الاتجاه” أما “تحليل الصيرورات” فلا أدري عنه كبير شئ و لكن يهمني ” الخبز و السلام ” عنما تصبح قيمة الصحيفة أقل من قيمة الخبز ? عندها سأقدم علي السياسة.
مع الأمل أن تُقدم الصحف علي التنافس في التجويد و إستقراء الرأي و في تدريب الصحفيين.

إسماعيل آدم محمد زين
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..