الكولسترول «الجيد»… مفيد لك؟

شكك بحث أخير في فوائد الأدوية التي ترفع نسبة الكولسترول الجيد،
إلا أن الخبراء والأطباء ما زالوا يوصون بالخطوات التي يتخذها الإنسان في حياته اليومية ليعزز هذا الكولسترول. للتمتع بحياة صحية والحفاظ على قدرتك الجسدية والجنسية لا بد من اتباع النصائح التالية.

لا داعي لنذكّرك بضرورة خفض معدل الكولسترول السيئ إن كنت تعاني من ارتفاعه. فهذه الخطوة من أسس حياة القلب الصحية السليمة. فالكولسترول السيئ يساهم في تراكم اللويحات التي تسد الشرايين. في المقابل، يشجعنا الأطباء على زيادة نسبة الكولسترول الجيد. ويعود ذلك إلى أن مَن يملكون معدلات مرتفعة من الكولسترول الجيد يكونون أقل عرضة لمرض القلب.
لكن اشكالية الكولسترول الجيد هذه ازدادت تعقيداً بعد الاكتشافات التي توصلت إليها دراسة أخيرة أجرتها جامعة هارفارد. راجع الباحثون في هذه الدراسة البيانات الصحية لأكثر من 116 ألف شخص يملكون ميلاً جينياً لإنتاج كميات أعلى من المعتاد من الكولسترول الجيد. فاستغربوا حين لاحظوا أن هذه المجموعة ليست أقل عرضة لمرض القلب بنسبة 13%، كما هو متوقع. ولا شك في أن هذا الاكتشاف يقوّض المنطق وراء وصف أدوية تعزز نسبة الكولسترول الجيد في الجسم.
الدكتور سيكار كاثيريزان أحد أبرز الباحثين في هذه الدراسة وبروفسور مساعد في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لكلية الطب في هارفارد، يذكر في هذا المجال: «تشير نتائج الدراسة إلى أننا لا نستطيع الافتراض أن خطر الإصابة بمرض القلب سيتراجع فقط لأن المريض يتناول دواء يرفع معدل الكولسترول الجيد».
لكن الأمر الجيد أن نمط الحياة الذي يحافظ على صحة القلب ويرفع معدل الكولسترول الجيد ويخفض الكولسترول السيئ ما زال الأنسب. إليك ما تعنيه هذه الاكتشافات العلمية الجديدة بالنسبة إلى كل منا.
أهميته

يعتقد الخبراء والباحثون أن الكولسترول الجيد صحي لأنه ينقل الدهون من الشرايين إلى الكبد للتخلص منها أو إعادة تدويرها. فمن يتمتعون بمعدلات كولسترول جيد تفوق 60 مليغراماً في الديسيلتر يكونون أقل عرضة لمرض القلب. لذلك بدا من المنطقي أن يفترض الأطباء والعلماء أن تعزيز الكولسترول الجيد عمداً يساهم في خفض المخاطر القلبية، شأنه في ذلك شأن خفض الكولسترول السيئ.
اختبر عدد من التجارب السريرية أدوية جديدة لرفع الكولسترول الجيد، إلا أن النتائج لا تزال مخيبة حتى اليوم. يمكن حالياً اللجوء إلى عدد من الأدوية لرفع الكولسترول الجيد. لكن الفائدة الحقيقية لهذه الخطوة لا تزال مبهمة، خصوصاً عند مقارنتها مع الفوائد الواضحة لخفض الكولسترول السيئ باستخدام أدوية ستاتين.
يشكّل الكولسترول السيئ تراكمات دهنية (لويحات) في الشرايين التاجية، ما قد يؤدي إلى نوبة قلبية. أما الكولسترول الجيد، فيزيل الكولسترول السيئ من الدم وينقله إلى الكبد للتخلص منه أو إعادة تدويره.

أدوية ترفع الكولسترول الجيد

للأدوية تأثيرات جانبية محتملة، فضلاً عن أنها ليست مجانية. لذلك عندما يزعزع بحث ما فائدة الدواء، يعيد الأطباء النظر في استخدامه. يوضح الدكتور كاثيريزان: «علينا وقف وصف أدوية هدفها الوحيد زيادة الكولسترول الجيد في الجسم إلى أن نتأكد بشكل قاطع أنها تخفض حقاً خطر الإصابة بنوبة قلبية».
فيما يسعى الأطباء إلى التأكد من أن رفع الكولسترول الجيد بواسطة الأدوية طريقة مبررة، عليك ألا تهمل هذا النوع من الكولسترول. فإن كان منخفضاً، عليك اتخاذ الخطوات المعتادة لرفعه، مثل تكثيف ممارسة الرياضة، الإقلاع عن التدخين، خسارة الوزن، وتناول أطباق غنية بالخضار. ولا شك في أن رفع الكولسترول الجيد باتباع نمط حياة صحي سيعود عليك بالفوائد.
الدكتور إريك ب. ريم عضو في الفريق الكبير الذي أجرى الدراسة وبروفسور مساعد في كلية الطب في جامعة هارفارد، يقول في هذا الشأن: «يُعتبر الكولسترول الجيد مؤشراً جيداً إلى الاستراتيجيات الناجحة للوقاية من الأمراض».
ولا بد من الإشارة في هذا الصدد أن النظرة الطبية إلى الكولسترول السيئ لم تتبدل، فقد يزيد ارتفاعه خطر الإصابة بنوبة قلبية، في حين يساهم انخفاضه في الحد من هذا الخطر. فكلما انخفض معدل الكولسترول السيئ بنحو 40 مليغراماً ديسيلتر، تراجع خطر الموت نتيجة مرض القلب بنسبة 19%.
لا يزال حلم تعزيز الكولسترول الجيد حيًّا، فيخوض فريق من الباحثين تجربة سريرية كبيرة في هذا الشأن. ولكن إلى أن تظهر نتائجها، يبقى استهداف الكولسترول السيئ الوسيلة الفضلى للحد من خطر مرض القلب.

أهمية الغذاء

غالباً ما تهتم النساء برشاقتهن أما الرجال فلا يعير معظمهم جسدهم الاهتمام الكافي، علماً أن هذا الاهتمام ينعكس إيجاباً على الصحة من النواحي كافة، لا سيما أن الاهتمام بالغذاء وتناول الجيد منه يساهم في خفض مستوى الكولسترول السيئ. تأكد أن على الرجل أيضاً إيلاء جسده الاهتمام اللازم وتعلم كيف تحدّ المأكولات التي «تخفض الكولسترول»، مثل دقيق الشوفان، من الكولسترول السيئ، وكم يجب أن نتناول منها لنخفض معدل الكولسترول السيئ في الدم.
تشكل الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة جزءاً من نمط غذاء يحمي القلب. ومن فوائد تناول مأكولات مماثلة أنها تقلل من التهامك الأطعمة المعالجة والغنية بالدهون، التي تزيد من خطر الإصابة بمرض القلب وبعض أنواع السرطان. علاوة على ذلك، تمتاز هذه الأطعمة الصحية بغناها بالألياف.
من المعروف أن الألياف تساهم في ضبط الكولسترول السيئ. فقد أظهرت الدراسات أن الألياف الذوابة (التي تتوافر في دقيق الشوفان، لسان الحمل، والبكتين مثلاً) تستطيع بمفردها خفض الكولسترول السيئ في حالة مَن يعانون ارتفاعاً في معدل الكولسترول السيئ.
ولكن كم من الشوفان والحبوب يجب أن يتناول الرجل ليحصل على الفوائد المرجوة؟ تعمّق باحثون من جامعة هارفارد في 67 دراسة تناولت أليافاً ذوابة واستخلصوا أن ثلاثة غرامات يومياً كافية لتخفض الكولسترول السيئ بمعدّل 5 مليغرامات/ديسيلتر. على سبيل المثال، إن كان معدل الكولسترول السيئ في دمك متوسطاً (120-150 مليغرماً/ديسيلتر)، فقد يتراجع بنحو 3% إلى 4%، ما قد يخفض خطر الإصابة بمرض القلب بالنسبة ذاتها,
يتوافر غرام من الألياف الذوابة في كل تفاحة، نصف كوب من الجزر أو البروكولي المطهويين، شرحتين من الخبز المعد من الحبوب الكاملة، أو حصة من دقيق الشوفان. ربما تعتقد أنها أطعمة «أنثوية» أكثر منها «ذكورية»، لكن لا شك في أن النتيجة ستكون جيدة في حالة أي رجل يسعى إلى تناول طعام صحي. إلا أن انخفاض الكولسترول السيئ لن يكون كافياً على الأرجح لتحلّ هذه الأطعمة محل الأدوية في حالة مَن يسعى إلى حفض معدل الكولسترول السيئ بنحو 50 إلى 60 مليغرماً/ديسيلتر، خصوصاً مَن يعانون داء السكري أو مرض القلب.

سبل تعزيز الكولسترول الجيد

– تكثيف التمارين الرياضية: يُعتبر تكثيف التمارين الرياضية الوسيلة الفضلى لتعزيز الكولسترول الجيد. وتذكر أن التمارين، وإن لم تكن مكثفة، تبقى مفيدة.

– خسارة الوزن: إن كنت تعاني زيادة في الوزن، يمكن لخسارة 5% إلى 10% من وزنك الحالي أن ترفع نسبة الكولسترول الجيد في الدم، فضلاً عن خفض ضغط الدم والسكر في الدم.

– تجنب الدهون المهدرجة: يزيد الامتناع عن هذه الدهون الاصطناعية (تكثر في السمن وكثير من الأطعمة المخبوزة والمأكولات السريعة المقلية) الكولسترول الجيد. كذلك يساهم ذلك في خفض الكولسترول السيئ.

– الحدّ من تناول النشويات المعالجة: استبدل النشويات المعالجة (مثل الخبز الأبيض) بحبوب كاملة. كذلك من المفيد أن تزيد من البروتين الخالي من الدهون في غذائك.

– الإقلاع عن التدخين: يرفع الإقلاع عن التدخين معدل الكولسترول الجيد ويحسن صحتك من نواحٍ كثيرة.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..