الجنرال الأخطبوط

انتهت قصة الجنرال (الاخطبوط) الفريق طه عثمان الحسين بمثل ما انتهت قصة الشاعر المرهف حسين بازرعة فكلاهما تلاشت احلامه فلم يرتقي بازرعة الي عرش سلمي وينال ودها ودلها لكنه صنع منها قصة وحقيقة كما لم يكمل الجنرال الاخطبوط مشروعه السلطوي المتمدد في مفاصل الدولة قبل ان يترجل عبر سيناريو درامي مثير شغل الراي العام السوداني وحتي الاقليمي لان حلمه كان وهما كبيرا وسلطانه كان خديعة .
مضي الفريق طه الي السفح بعد ان قذفت به “القمة” وهي التي عاجلته بضربة مباغتة انهت كل حلمه وسلطانه وجبروته عبر حكاية لم تروي تفاصيلها بعد , لكن تبقي هناك حزمة من التساؤلات الحائرة والشفرات التي تحتاج الي تفكيك التي خلفتها هذه “الدراما السياسية” .. هل كان فعلا الفريق طه رجل دوله يستمد قوته وسلطانه من سلطة الدولة وارادتها ودستورها ؟ ام كانت الدولة هي التي تستمد قوتها وسلطتها من هذا الجنرال الاخطبوط ؟ بمعني ان الجنرال طه هل كان فعلا يصنع قانونه بنفسه فكرة وتنفيذا وجزاءا ؟ وحينما يذهب الرجل الاخطبوط بالضرورة ان تصاب الحكومة بالرهق “والصدمة” وهي تحاول ان تتعافي من موروثات هذا الاخطبوط من تجارب وقرارات وسلوكيات ومفاسد وقد تحتاج الحكومة ايضا الي ارادة قوية وهي تتعقب كل البؤر وكل من ربطته بهذا الجنرال تجارب ومشاريع وقرارات .
لم يكن طه مجرد موظف دولة في مكتب رئاسي فحسب ولكنه كان يمارس ادوارا ومهاما خارج نطاق الوظيفة لكن لا يبدو انه كان يؤمن بحدود وسقوفات الوظيفة خاصة اذا كانت هذه الوظيفة داخل اسوار القصر ولهذا توسعت دائرة فعله وتاثيره الي نطاقات اخري جعلته وكانه المفوض بلا سقف لا يلجمه قانون ولا اخلاق فكثر حجم ضحاياه بمثل ما اتسعت مجموعة المنتفعين من سلطانه “الكيري ” .
وعلي كل فان الذين كانوا يرقبون نشاط الجنرال طه وتحركاته “الماكوكية” ربما انشغلوا كثيرا في عملية بحث مستمر عن تلك العبقرية التي يمتلكها هذا الاخطبوط وعن كفاءته ومؤهلاته وتجاربه وفكره كانوا ولازالوا يبحثون عن كل تلك المعايير التي تبرر سطوع نجمه وحراكه الطاغي في المشهد السوداني العام لكنهم لم يجدوا شيئا فلم يجد هؤلاء الباحثين عن الحقيقة سوي تبريرا واحدا هو ان كل هذا السيناريو يعكس حقيقة عجزنا وفشلنا التاريخي في سبيل بناء دولة مؤسسات وقانون ونجاحنا بامتياز في انتاج دولة اشخاص وجنرالات اخطبوطية .
الاموال التائهة ..!
ان كان ديوان الزكاة في بلادنا فعلا كما يتهمه عدد من نواب البرلمان لا يعطي اموال الزكاة لمستحقيها او بالاحري يقسمها بمنهج معوج ليس فيه عدالة السماء ولا رشد الحاكمين فان رقعة الفقراء والمحتاجين في السودان سوف تتمدد لتشمل مستحقين جدد , وبائسين ومشردين جدد فاموال الزكاة كما يقول عنها هؤلاء النواب في مداولاتهم الاسبوع الماضي اموال تائهة تؤخذ من الاغنياء ثم تتوه في مسارات اخري دون ان تصل الي من عناهم الله في شرعه وكتابه المبين .
تحدث هؤلاء البرلمانيين حول عدد من المنقصات والاختلالات الادارية والمهنية التي تستحق المراجعة والتقويم والضبط ثم المحاسبة فيما يخص هذه الاموال والدعم الاجتماعي ومشروعات الزواج الجماعي وغيرها من الاموال السائبة التي تخرج من خزينة الدولة هكذا كما وكيفا بلا حسيب ولا رقيب , وقد تعطي علي اساس العلاقات الشخصية في مخالفة صريحة لمنهج توزيع اموال الزكاة .
هذه الاتهامات التي صوبها نواب البرلمان في وجه المعنيين بامر الزكاة والدعم الاجتماعي تحتاج الي مزيد من الشواهد والادلة لاثبات حقيقتها حينها ستجد الجهات المسوؤلة عن هذه القضية مطالبة بتقديم مرافعاتها التي تثبت عكس ما يعتقده هؤلاء النواب , ولكن وعلي كل حال فان الدولة مطالبة باضفاء قدر من الشفافية والوضوح واعمال معايير العدالة في توزيع اموال الزكاة لمستحقيها والا لماذا تمتلي ازقة وشوارع الخرطوم ومساجدها بالمشردين والمتسولين والجوعي وان كانت الحكومة عبر ديوان زكاتها ومؤسساتها الاجتماعية الاخري غير قادرة علي علي ان تصل الي كل محتاج او كل من لا يملك قوت يومه فاننا نرشدها بان تجري عملية توظيف او تفعليل للجان الشعبية بكافة احياء السودان خصوصا انها بلا عمل وبلا فعل وتوجيهها للقيام بعمليات رصد واحصاء كل الفقراء والمحتاجين واليتامي وغيرهم من (مصارف الزكاة) بكل حي علي ان ترفع كشوفات هؤلاء المحتاجين للزكاة بعد دراستها عبر منظومة بحث اجتماعي , ويبدو ان كثير من الاصناف التي تستحق الزكاة هم خارج مظلة الدعم ربما لقصور في اليات البحث عن هؤلاء ولهذا تذهب الكثير من اموال الزكاة لمن لا يحتاجونها وهنا تبرز مسوؤلية ودور البرلمان للرقابة علي اموال الزكاة .
كابوس الرسوم الدراسية ..!
تحاول الاسر السودانية بعموم مناطق السودان في هذه الايام ان تتهيأ لاستقبال عام دراسي جديد لابنائها عام دراسي يحملها كثير من الاتعاب والاثقال والميزانيات المالية لان التعليم لم يعد في بلادنا رسالة ولا تربية بقدر ما انه تطور وتقدم كثيرا كونه بات تجارة وصناعة تدر لاصحاب المدارس اموال ضخمة وليس في ذلك عجب ولا ضير فالحكومة تراجعت الي دائرة اللافعل واللااهتمام بقضية التعليم فانفرط العقد واطلت الفوضي باطنابها وانتعش سوق المدارس الخاصة .
تلك هي احدي موحيات المشهد التعليمي في بلادنا مشهد رمي بكل مسالبه وقساوته علي قطاع كبير من الاسر السودانية في وقت تضاعفت فيه ميزانيات التعليم بكل اسرة نتيجة للرسوم التي لا يضبطها قانون .
مطلع يوليو المقبل ستعلن كل اسرة سودانية “حالة طواري” داخلية بموجبها سيتم تجميد كل بنود الصرف الاخري علي ان يوجه الصرف كليا كبند مفتوح لتغطية احتياجات والتزامات العملية التعليمية من رسوم دراسية وترحيل ووجبات وملابس وادوات مدرسية وربما اجلاس اضافة التي الدعم المالي اليومي , وهكذا تتسع قاعدة الهواجس والتوجس والحيرة داخل كل اسرة سودانية حتي الاسر التي تصنف بانها ميسورة الحال فما بال تلك التي توصل نهارها بليلها بحثا عن لقمة عيش وجرعة ماء ودواء , انه الكابوس بعينه والذي يطل علينا مع مقدم كل عام دراسي جديد .
وحتي نتبين حقيقة هذا الكابوس حرصنا علي استجلاء امر الرسوم الدراسية من اصحاب الشان فتوفرت لنا افادة رسمية من الاستاذ بلة دفع الله رئيس قطاع التعليم الخاص بمحلية امدرمان حيث اكد انهم في المحلية لا يسمحون باي زيادة في الرسوم الدراسية مشيرا في الخصوص الي قرار صادر من السيد وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم يمنع هذه الزيادات الا بمقدار 20% وبعد كل ثلاثة سنوات وقال انهم حريصين علي الالتزام بهذا القانون ومتابعة تنفيذه عبر مشرفين رسميين وعبر طواف مستمر وان ابوابهم مفتوحة لتلقي اي شكاوي في هذه القضية ومعالجتها فورا , وحتي لا تكون هذه الافادات للاستهلاك الاعلامي فقط فاننا ننتظر .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اولا نحترم كلام الأستاذ بلة الا أننا ما قاله ليس صحيح وليس هناك رقابة على المدارس الخاصة من حيث زيادة الرسوم سنويا وهذا حاصل في حل ان لم تكن كل المدارس تزيد الرسوم سنويا ومع العلم بأن بعض هذه المدارس مستواها منتدي جدا وهذا بخلاف الرسوم الأخرى مثل رسوم المناسك والاحتفالات والرحلات التي تقام لا لي شيئ سوى جمع الأموال ولا ما حدث في برنامج العمل الصيفي والدوريات التي أصبحت اجبارية دون تقديم شيئ ملموس سوى جمع الأموال من إدارات المدارس الخاص

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..