الرجل الرمادي ..!!

رسم الوزير السابق ابتسامة وهو يشد على كف خليفته الشاب.. فيما تحاشى الوزير الجديد النظر إلى عين ولي نعمته السابق.. الكاميرات كانت تتسابق في توثيق اللحظة التاريخية.. قبيل يوم واحد لم يكن بوسع أي من المراقبين أن يتوقع حدوث هذا التغيير الكبير.. الوزير عبد المعطي ظل في منصبه ستة عشر عاماً.. تغيرت وزارات وتبدل وزراء وعبد المعطي مثل جبل البركل صامد..المفاجأة الثانية أن خليفته لم يكن سوى مدير مكتبه لفترة طويلة قبل أن تتم ترقيته مؤخراً لمنصب نائب الوكيل.. أنها السياسة وكل شيء وارد في عالم السياسة.

تحركت العربة الكامري السوداء وجلس الوزير الجديد على المقعد الخلفي لأول مرة ..هنا للأشياء طعم مختلف.. الزجاج المظلل يجعلك ترى الآخرين بأقل من احجامهم الطبيعية..اعترف الطيب أحمد الأحول لنفسه ان أحلامه لم تصل للوزارة أبداً..كان همه فقط أن يكون مؤثراً.. الطريق الى ذلك يمر عبر كسب ثقة رؤسائك في العمل .. مشكلته أن رئيسه في العمل ومنذ اليوم الأول كان الوزير عبد المعطي .

يذكر اللقاء الأول جيدا قبل خمسة عشر عاماً. كان خريجاً تعيساً يبحث عن وظيفة حكومية..جاء الى (بيت العزابة ) الكائن في امتداد ناصر متأخرًا ..وجد أبواب الشقة الصغيرة مغلقة ..جلس في كافتريا مزدحمة حتى أغلقت أبوابها عند الواحدة صباحا .. طفق يبحث عن حل.. قطع الشارع الفاصل الى ضاحية الرياض..أفضل مكان يقضي ليلته سيكون احد المساجد الفاخرة..حينما ادخل قدمه اليمنى وجد المسجد يضج بالحركة على غير العادة..بعد قليل أدرك ان هنالك قيام ليل في المسجد تنظمه أمانة الدعاء والتضرع.. في حلقة التلاوة التقى لأول مرة بالوزير عبد المعطي الطاهر .. بدا الوزير متواضعاً وبسيطاً على غير ما تعكس وسائل الإعلام .. كلما لحن الوزير في التلاوة كان الطيب خريج الجامعة الإسلامية يصححه..بعد انتهاء الجلسة كان الوزير يشد على أيادي الشاب مبدياً إعجابه .

منذ تلك الليلة بات الطيب حريصاً على أداء صلاة الصبح ومصاحبة الوزير في حلقة التلاوة.. بعيد انقضاء الصلاة كان الطيب يهرول ليحضر حذاء الوزير.. كلما احتج الوزير كان الطيب يبرر فعلته للتربية الصوفية ويقول للوزير يا سعادتك نحنا أولاد شيوخ..انتهت علاقة المسجد بتعيين الطيب في مكتب الوزير.. لم تكن هنالك وظيفة محددة غير أنه كان يمسك بهاتف الوزير الخلوي..بانت أولى قدراته في تمييز أصحاب المقام الذين يحق لهم الحديث مع الوزير .. زملاء العمل كانوا (يتريقون) على الموظف الجديد واسموه حامل تلفون الوزير.

صار الطيب يقفز بسرعة من موظف (لايص ) الى سكرتير الوزير ثم نائب المدير التنفيذي ثم الى مدير تنفيذي كامل الدسم..كان يدرك أن قاعدة الرضاء على عمله يجب أن تنبع من البيت.. بين الزوجة والأولاد يتشكل رأي السيد الوزير في من حوله.. كان إذا حدث عطب في أحد الأحواض بمنزل الوزير يأتي بنفسه على رأس فريق الصيانة.. من الحوض الصغير يطوف على المطبخ ثم يستمع لمدام الوزير وهى تشكو إهمال الجنينة .. حلول ناجزة وسريعة.. أول ترقية استثنائية نالها الطيب كانت بناءً على اقتراح من زوجة الوزير.

ذات يوم لمح ابنة أخت الوزير أثناء انتظاره امام البيت الوزاري.. لم تكن جميلة ولكنها ستيسر له الحركة باعتباره ابن الأسرة .. لم تكن المهمة صعبة بعد أن فاتح زوجة الوزير.. انتهت المباحثات من وراء ظهر الوزير .. يوم عقد القران أصر الطيب ان يكون الوزير وكيلا عنه..بعد تلك المصاهرة اقترح عليه الوزير ان يرحل الى إدارة أخرى.. منصب المدير التنفيذي بات أقل من مقامه الجديد.. لم يفرح الطيب بنقله الى إدارة البحوث والتدريب ..استفاد من موقعه الجديد ونال بعثة دراسية لنيل الماجستير في ماليزيا.. بعد عامين عاد نائباً للوكيل.

قبيل التعديل الوزاري الأخير مضي الطيب إلى المسجد الذي يصلي فيه رئيس الوزراء.. عقب التلاوة سلم الريس ملف مخالفات الوزير.. طلب منه قراءته بتمهل مع الوضع في الحسبان انه صهر الوزير..خفض بصره نحو الأرض ( سعادتك علمتونا أن مباديء الثورة يجب ان تتحقق مهما كانت التضحيات.).. بعد ثلاثة أيام حدث التعديل الوزاري .. خرج عبد المعطي ودخل الطيب وما زالت التغطية مستمرة.

الصيحة

تعليق واحد

  1. تربية الكيزان كلها كده با ابنى …. وكلهم لو لقو فرصه للدهنسه بيتدهنسو ويكسرو الصخر ذاتو موش التلج بس …هههههه معفنين .

  2. تربية الكيزان كلها كده با ابنى …. وكلهم لو لقو فرصه للدهنسه بيتدهنسو ويكسرو الصخر ذاتو موش التلج بس …هههههه معفنين .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..