البؤساء لا يحبهم الناس

بعد طول غياب وانا المم ماتبقى من ذكريات والدي الذي كان زبال الحي قفازته ومقشةً اخذت من الزمن ماتبقى من قذارته وبرغم ما كان (أبي فقيراً ) بقدر ماكانت عزة نفسة وصدقه وأمانته عنوان حياته..
ولكن ماذا نفعل في زمان إنهارات فيه الأخلاق و أصبح الشخص ينظر إلى من دونه نظرة إستحقار..
والدي.. الذي ظل معتكف في منزله لا يخرج الإ لعمله خشيت إحتكاكه بأحد الجيران المتغطرسين ولأن ذلك الجار كان يطمح بأخذ الأرض الصغيرة التي يوجد بها مسكننا ظل يمارس أقسى انواع الوجع ليخرجنا من الحي الذي ولدنا فيه ..
سنوات ونحن على ذلك الحال إما التنازل عن قطعة الأرض التي لا تتعدى حدودها أمتار او يبقى الحال كما هو عليه وعلى المتضرر الرحيل لأن القضاء لا يحكم بتفاهات ليس لها أي وجود كلما ذهبنا للقضاء تكاتف رجال الحي على والدي فكان الضرر أكبر فكان أسلوب التعامل مجرد خارج عن صياغ الأدب والأخلاق والقيم الإنسانية …
والدي الرجل الصبور الذي يحمل المقشة ويمضى سائحاً في ملكوت الرحمن.. يسعى في الأرض طالباً للرزق متوكل على الله جعلني أشعر أنني أملك العالم بحكمته وصبره..
مرت سنوات والزمن أخذ مني والدي، حَمدالله الجار موت والدي ليرجع من جديد للسعي وراء الأرض لشراءها كي يزرعها وتكون مكملةً لمنزله المهيب مجرد كماليات يقدرها هو بالمال و أقدرها أنا بدماء والدي التي إمتزجت بطينها ولا ملايين الدولارات تجعلني اتخلى عنها ابداً …
فلم أسير في نهج والد طظي بل كنت أدرس وأعمل طوال الوقت وأول مافعلته بعد تخرجي هو أن أستفيد من قطعة الأرض والتي تركها لي والدي حتى جعلتها هي مستقبلي المهني .. كان مشروع تخرجي هو أن حولت تلك الارض الصغيرة التي لاتتعدى الكيلومترات إلى أول أرض تنتج الطاقة الشمسية في المنطقة برمتها…
ومن هذا المشروع تحولت حياتي تماماً ودرّ لي المشروع مبالغ طائلة وأصبحت من أوائل الأشخاص الذين استفادوا من الطاقة الشمسية وتحويلها الى طاقة كهربائية يستفيد منها الجميع و أولهم الجار المتغطرس الذي كان سبب من أسباب نجاحي …بنيت من تكبره سُلم اصعده لأنجح

البؤساء لا يحبهم الناس، ولكن ثمة أناس آخرين يحملون أسمائهم عنوان نجاح وسعادة .. والدي الرجل الذي أهلكه المرض وهو يمسح ويكنس وينظف ولا أحد يشكره هو نفسة والدي الذي جرعني الصبر ترياق مضاد لمصاعب الحياة… الى أن وصلت الى هذا المركز المرموق في الحياة…
إنتهى

هويدا حسين أحمد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..