النكبة والصمود والدعم المفقود

النكبة والصمود والدعم المفقود

سامي محمد الأسطل
باحث من قطاع غزة
[email protected]

أشاعت الأنظمة العربية البائدة وأجهزة خوفها إشاعات خبيثة بطرق ذكية و ألصقتها وسحبتها على كل أفراد شعبنا الصامد كان تقول: باع الفلسطينيون أرضهم، خونة، اخبروا عن تواجد الجيوش، موشومين، ………………الخ ربما كانت هذه الإشاعات لكفر هزيمتهم، أو للتيئيس من القدرة على صد العدوان، أو ضمن منظومة أمنية وإعلامية لحساب الأجندات الأمريكية والإسرائيلية.
في المقابل كان لدى الشعوب العربية القبول من عظم الآلة الإعلامية، أو للنيل الشخصي وتصفية حسابات فردية، وقد وجد الفلسطينيون أنفسهم في حالة من الدفاع عن النفس ودفع الشبهات لكن الجرح كان مفتوحا بوجود هذه الأنظمة فقد وصل الحال برأس الهرم حسني مبارك القول: ” راتب الفرد عندهم بعشرة من مصر” هذا الذي يمتلك مليارات الدولارات ويعتبر من أثرياء العالم بينما ملايين مواطنيه يسكنون الأرصفة والمراكب على النيل الخالد، ما الذي كان يرمي إليه هذا الرئيس السابق من مهاتراته هذه على الإعلام، هل هو ضرب من التحول نحو الصراع الطبقي لان تهمة الخيانة قديمة، وغير لائقة من كبير المتعاونيين مع إسرائيل وأحلافها.
بالرغم من ذلك فان الصمود الذي اتصف به هذا الشعب الأعزل لا يمكن أن تراه على بقعة أخرى من العالم، هذا نموذج ليس فريدا بل مألوفا وطبيعيا يقف الطفل فارس عودة أمام احدث وأثقل دبابة في العالم يقف دون ظهر، ولا حسابات وتوازنات إستراتيجية ، أو تكتيكات ، يقف ولا يملك إلا حقه فقط، وشعوب محبة وأخرى محبوسة في أوطانها ثم يأمر احد الجنرالات بقتله مثل عشرات الآلاف من الشهداء الأطهر من جميعا، ترخص الروح من أجل هذه المقدسات، لأجل إفشال المشروع الأمريكي في المنطقة، لم يرفع هذا الشعب الراية البيضاء يوما.
في هذا اليوم طوى الشعب الفلسطيني ثلاث وستون عاما على المصطلح التاريخي النكبة التي صمد فيها صمود الأسطورة، نكبتنا هذه مازالت كبيرة بكل المقاييس: شتات العائلات في قارات العالم، نزع حق تقرير المصير، ضياع الوطن، مجازر، مذابح، سجون جماعية.
ضمن قرار التقسيم 27/11/1947م دخلت الجيوش العربية فلسطين تحت القيادة العسكرية البريطانية بقيادة كلوب باشا، لقد كانت مهمة الجيوش العربية الحفاظ على حدود قرار التقسيم، لكن هذا الهدف البريطاني لم تحافظ عليه هذه الجيوش بل سلمت الأردن مدينة اللد والرملة والنقب بأكمله لتقوم اسرائيل على 78% بدلا من التقسيم.
جربنا الحكومات والأنظمة العربية في الحروب الفولكلورية المتواصلة 1948، 1956، 1967، 1973، الهجمات الكلامية المارقة ، والتصريحات النارية، وقد ساءت سمعتها ، لكن الآن دور هذه الشعوب التي عرفت الطريق، إن المحاولات الجدية التي يبذلها الطلائعيون للتوجه بالملايين إلى الحدود تؤكد على التوأمة بل الجسد الواحد للشعب العربي الواحد، لطريق الوحدة، طريق النصر فلسطين.
هذه الأوضاع هيأت لانتفاضة شعبية كانت شرارتها قد انبعثت من قيام شاحنة إسرائيلية بصدم سيارتين تقلان عمالاً فلسطينيين أدى إلى استشهاد أربعة مواطنين فاندلع اللهيب في كل قطاع غزة والضفة الغربية, قام وزير الخارجية الأمريكي “جيمس بيكر” بعدة جولات أدت إلى اتفاق على عقد مؤتمر مدريد للسلام في 30/10/1991 ضم إسرائيل, سوريا, لبنان, الأردن ومعها فلسطين بوفد واحد.
ثم أعلن عن صدور وثيقة اتفاقية أوسلو بعد توقيعها في واشنطن بتاريخ 13/9/1993 ثم توالت الاتفاقيات من اتفاقية واشنطن 1995 إلى مذكرة واي ريفير 1998 إلى أن وصل الأمر إلى الجمود السياسي المفضي إلى انتفاضة 2000م بعد فشل مؤتمر قمة كامب ديفيد, وزيارة شارون إلى المسجد الاقصى.
شهدت الانتفاضة الثانية أحداث مثل العمليات الاستشهادية، ردا على الانتهاكات الاسرائيلية وردت إسرائيل ببناء الجدار الفاصل، الاستيطان، الحرب، الحصار، المذابح، العقاب الجماعي.
بعد التطورات الأخيرة في العالم العربي, سقوط واهتزاز بعض الأنظمة المحيطة هل سنحصل على الدولة و الاستقلال الحقيقي؟! هل سنشاهد الشعوب تلعب دورها تجاه القضية الفلسطينية؟ هل فعلاً نسعى من أجل الاستقلال على الأقل على المستوى الداخلي؟!
سوف نستقل إذا حققنا المساواة, الكرامة, حرية الرأي, حرية الأحزاب, العدل الاجتماعي, عدم التمييز إن أقمنا هذه القيم وحققناها وأعلينا من شأن الفرد وحقوقه سيكون الاستقلال, والعودة, والمقدسات, والرفاه, والمكانة بين الأمم المتقدمة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..