متى تأكل دآبة الأرض منسأة الإنقاذ فيقع النظام الميت ؟ خازوق فك الإرتباط ؟ كيف أصبح مفهوم فك الإرتباط جحر الضب الذي يلبد بداخله الشيطان ؟

الحلقة الثانية ( 2- 3 )

ثروت قاسم

1- اتفاقية الإحتقان الشامل ؟

الإحتقان الحالي بين دولتي السودان ، وفي داخل دولة السودان منتوج من منتوجات اتفاقية السلام الشامل ، التي صارت اتفاقية الإحتقان الشامل .
فبالإضافة الى كونها اتفاقية ثنائية وجزئية ، فأنها كرست للإحتقان الحالي لأن معظم بنودها وبرتوكولاتها بل موادها وكلماتها كانت حمالة أوجه ، وبالتالي مخابئ للشيطان .

تفور اتفاقية السلام الشامل بالصيغ الفضفاضة ، التي لا تعني شيئاً ملموساً ، كالمشورة الشعبية وبروتوكول أبيي ، من بين بنود أخرى أكثر غموضا .

كان ينبغي أن تكون الإتفاقية وبرتوكولاتها واضحة لا تحوي لبسا !
ولكن عندما يكون كل بند ، بل كل كلمة ملتبسة ، وقابلة لأي تفسير، فإن ذلك يقود الى الجحيم الحالي ، وليس إلى الجنة التي صارت حلم ليلة صيف .

الورجغة الحالية في تفعيل بروتوكولات أديس أبابا ، والتعثر في المفاوضات بين دولتي السودان ، بل حوار الطرشان بينهما ، وفي المحصلة انهيار المفاوضات يوم الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 ، وإعادة لعبة الكراسي مع موسيقى أكثر صخبا يوم الأحد 13 يناير 2013 … هذا المسلسل المكسيكي بلا نهاية مرده للفهم الملتبس لطرفي الصراع لفكرة ( فك الإرتباط ) بين الحركة الشعبية الجنوبية وبين مكونات تحالف كاودا ، وبالأخص الحركة الشعبية الشمالية .

دعنا نلقي نظرة فاحصة لمفهوم ( فك الإرتباط ) اللعين ، حمال الأوجه ، وحيث يلبد الشيطان .

2- فك الإرتباط ؟

( فك الإرتباط ) بين الحركة الشعبية الجنوبية من جانب ومكونات تحالف كاودا ، وبالأخص الحركة الشعبية الشمالية ، من الجانب الآخر ، يحاكي قصة الفيل مع زمرة العميان .

يضع الأعمى الأول يده على جسم الفيل ، فيتصور الفيل جدارا شاهقا . يضع الأعمى الثاني يده على خرطوم الفيل ، فيتصور الفيل ماسورة ضخمة . يضع الأعمى الثالث يده على سن الفيل ، فيتصوره كتلة من العاج ؛ وهكذا دواليك !

الفيل واحد ، ولكن العميان مختلفين ؟

كل طرف من أطراف المعادلة الثلاثية ( دولتا السودان والعراب الأمريكي ) يفهم ويفسر مفهوم ( فك الإرتباط ) على مزاجه ، بل مصالحه ، ويقدم أسبابه !

? نظام البشير يتذاكى ويفسر ( فك الإرتباط ) بالإجراءات الآتية :

+ تقوم الحركة الشعبية الجنوبية بنزع سلاح وتسريح قوات الفرقة التاسعة ( النيل الأزرق ) والعاشرة ( جنوب كردفان ) التابعة للحركة الشعبية الشمالية ؛

+ تقوم الحركة الشعبية الجنوبية بتحويل قوات الحركة الشعبية الشمالية الى لاجئين سياسيين ، وتستضيفهم في معسكرات لجوء في دولة جنوب السودان ، حتى الوصول الى اتفاق سياسي ، مقبول لجميع الأطراف .

? دولة جنوب السودان تفسر مفهوم ( فك الإرتباط ) على أنه :

+ الإعلان على روؤس الأشهاد بقبول ( فك الإرتباط ) ، والتوكيد اللفظي على تفعيله على الأرض .

+ الطلب من حركات دارفور الحاملة السلاح مغادرة جنوب السودان ، مع الإحتفاظ بعلاقات حسنة مع هذه الحركات ، لإستخدامها ككرت ضغط على نظام البشير ، عند الحاجة ، وفي حالة لم يلتزم نظام البشير بتفعيل بروتوكولات أديس أبابا .

+ الإستمرار في الدعم التسليحي العسكري لقوات الحركة الشعبية الشمالية خلسة ، حتى تصل الحركة الشعبية الشمالية الى اتفاق سياسي مع نظام البشير ، وحتى يتم تفعيل بروتوكولات أديس أبابا الثمانية بين دولتي السودان ، حسب مزاج دولة جنوب السودان .

? العراب الأمريكي يفسر مفهوم ( فك الأرتباط ) بالإجراءات الآتية :

+ اقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح ، بعمق عشرة كيلومتر على طرفي الحدود بين دولتي السودان ( منطقة بعرض 20 كيلومتر وطول حوالي 2 ألف كيلومتر ، ومساحة 40 ألف كيلومتر مربع ) ، تفصل بين دولتي السودان .

+ مراقبة هذه المنطقة

( no man land )

بواسطة قوات دولية ، لضمان عدم دعم دولتي السودان للمتمردين من الدولة الأخرى ، وعدم اجتياز المتمردين لهذه المنطقة العازلة !

تبقى كل دولة مع متمرديها داخل حدودها ، وخارج المنطقة الفاصلة بين الدولتين .

+ يستمر وجود هذه المنطقة العازلة والمراقبة دوليا ، حتى يتم الوصول الى اتفاق سياسي مقبول لدولتي السودان ومتمرديهما ، وحتى يتم تفعيل بروتوكولات أديس أبابا ، بموافقة الطرفين !

+ تضغط إدارة اوباما على الرئيس سلفاكير بعدم تقديم أي دعم عسكري أو خلافه لمكونات تحالف كاودا ، وبالأخص للحركة الشعبية الشمالية .

3- تيار الخرطوم وتيارات جوبا المتدابرة ؟

+ في الخرطوم تيار واحد ، هو تيار هوبز … هوبز فيلسوف انجليزي أبتدع نظرية ( لأ اخلاق في السياسة ) !

تيار هوبز في الخرطوم يعمل بنظرية حافة الهاوية . يصر علي مواقفه المتشددة حتي الوصول الي حافية الهاوية ( رؤية العصا الأمريكية ) . وبعدها يقلب هوبة ، ويغير مواقفه 180 درجة ، ويقبل صاغرأ ، بما كان يرفضه في عنجهية وأقسام مغلظة ، وطلاقات مثلثة ؟

+ هنالك تياران في جوبا يختلفان في تفسير ( فك الإتباط ) . كل تيار يحاول اقناع الرئيس سلفاكير باعتماد موقفه ، لمصلحة دولة جنوب السودان .
+ يدعو التيار الأول للإستجابة للضغوط الأمريكية ، وفك الإرتباط مع مكونات تحالف كاودا حسب المفهوم الأمريكي لفكرة ( فك الإرتباط ) ، المذكور أعلاه .

يدعو هذا التيار المكيافيلي لعدم اللعب بالنار ، والتركيز بدلا من ذلك ، على بدء ضخ البترول في الأنابيب ، وعقد شراكة استراتيجية بين الحركة الشعبية الجنوبية والمؤتمر الوطني الحاكم في الشمال ، كاستمرار وامتداد لإتفاقية السلام الشامل ؟

حسب هذا التيار ، فإن المصالح العليا لدولة جنوب السودان تحتم معاملة مكونات تحالف كاودا ، كما تمت :

* معاملة التجمع الوطني الديمقراطي في مشاكوس ( 2000) ونيفاشا ( 2005 ) وعقد اتفاقية السلام الشامل الجزئية والثنائية ،
* وكما تمت معاملة تحالف جوبا ( 2010 ) في سبيل الوصول الى اتفاقات ثنائية وجزئية مع المؤتمر الوطني ، يضمن بها عقد الإستفتاء في مواعيده وفي سلاسة وهدوء ،

* وكما تمت معاملة شمالي الحركة ( 2011 ) بما يضمن مصالح دولة الجنوب الوليدة .

* دفع مدون جنوبي حياته دفاعا عن هذا المفهوم المكيافيلي ( لفك الإرتباط ) ، وعدم اللعب بالنار ! إذ تم اغتياله بواسطة عناصر من التيار الثاني المتشدد ؟

+ يدعو التيار الثاني لعدم الوقوع ، مرة أخرى ، في شراك المؤتمر الوطني الذي لا يحفظ العهود ولا يحترم المواثيق ولا يفعل الإتفاقيات .

يؤمن هذا التيار بأن نظام البشير يتكئ على منسأة مهترئة ، بدأت تقضمها دابة الارض ( الإحتجاجات والمظاهرات ) ، والتي سوف تسقط قريبا ، ويسقط معها نظام البشير !

نعم … نظام البشير آيل للسقوط في أي لحظة ، خصوصا والضائقة الإقتصادية سوف تزداد سوءا يوما بعد يوم ، وحماته ومنسوبيه قد بدأوا في التخطيط للإطاحة به ، كما رشح من اشاعات بخصوص ثلاثة محاولات انقلابية من عناصر انقاذية على السكين خلال الشهرين المنصرمين !

يدعو هذا التيار للإستمرار في عملية عض الأصابع ، حتى يصرخ نظام البشير ، وينبرش ويبصم بالعشرة على مطالب دولة جنوب السودان .

يصر الشباب المتحمس وقادة جيش الحركة الشعبية الجنوبية ، في هذا التيار ، على عدم فك الإرتباط ( حسب المفهوم الأمريكي ) مع زملائهم في جيش الحركة الشعبية الشمالية ، الذين قاتلوا معهم منذ عام 1983 ، وباستمرار ؟ بل يطالبون بتكثيف وزيادة دعمهم ، عسكريا ولوجستيا ودبلوماسيا ، لجميع مكونات تحالف كاودا ، وليس فقط للحركة الشعبية الشمالية ، حتى الإطاحة بنظام البشير المتهالك .

صوت هذا التيار هو العالي في جوبا حاليا .

قرر الرئيس سلفاكير الوقوف في المنطقة الوسطي ، وعلى مسافة واحدة بين التيارين المتدابرين . ولهذا فقد اقترح وساطة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الشمالية ، للوصول الى اتفاق سياسي بينهما ، حسب المشورة الشعبية ( حمالة الأوجه ؟ ) في اتفاقية السلام الشامل . ولكن رفض نظام البشير وساطة الرئيس سلفاكير ، وأصر على تفعيل مفهومه لفكرة ( فك الإرتباط ) ، المذكورة أعلاه !
وصل القوم في جوبا الى طريق مسدود ؟

لأي من التيارين تكون الغلبة في المحصلة ؟

هل يقول الرئيس سلفاكير باي باي لمكونات تحالف كاودا ، أم هل يستمر في دعمها ، وإن كان بالمغتغت ؟
موعدنا الصبح لنعرف !

أوليس الصبح بقريب ؟

ولكن ربما نكون قد عرفنا قبل الصبح ؟

إذ يظهر أن الغلبة هذه المرة كانت للتيار المتشدد الثاني .

فقد نقلت وكالة رويترز من أديس أبابا ( الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 ) أن وفد الجنوب قد تحفظ على تفاصيل وفاقية ، اقترحها مبيكي ، مرتبطة بمفهوم ( فك الإرتباط ) ، والمنطقة العازلة منزوعة السلاح .

اعتبر مبيكي أن تحفظ الجنوب سيمثل عقبة في طريق المفاوضات، وربما قاد لتعميق الإحتقان بين دولتي السودان ؟
نظام البشير يحاكي الديك المذبوح الذي يفرفر فرفرة الموت ؟ فتحيط به المشاكل الخانقة من كل الجهات ، وفي داخل بيته ، بل في عقر داره .

وربما تذكر نظام البشير هجليج ، وما أدراك ما هجليج ؟

وعلي ذكري هجليج ، ربما افتعل نظام البشير حربا مع دولة الجنوب حول الرقيبات في ولاية شرق دارفور ، أو حول الميل 14 في ولاية جنوب دارفور ، أو حول أبيي في ولاية جنوب كردفان ؟ لن يعدم نظام البشير سببأ ، فقنابل أتفاقية السلام الشامل الموقوتة علي قفل من يشيل ؟

في يأسه وتخبطه وانعدام الخيارات وأبواب الخروج أمامه ، ربما افتعل نظام البشير حربا مع دولة الجنوب ، لكي يصرف نظر الشعب السوداني عن التفكير في الإطاحة به ، ويلتف حوله في حربه ضد العدو الخارجي كما في حكاية هجليج ؟

لا يستبعد مبيكي هكذا سيناريو ، ولكنه استدرك قائلأ بأنه بصدد مناقشة التحفظ الجنوبي على مفهوم ( فك الإرتباط ) مع الرئيس سلفاكير والسفير ليمان لتجاوز هذه العقبة الكوؤد ، وعدم الوقوع في حفرة الحرب ، التي ربما جر القوم اليها نظام البشير بعد أن تأكل دآبة الأرض منسأته ، فيقع في حفرة الحرب جارا معه دولة الجنوب ؟

ولكن وبعد حديث اربعة عيون بين السفير ليمان والفريق عبدالرحيم في اديس ابابا ، رجع الفريق عبدالرحيم الي الخرطوم حيث أعلن ( الأربعاء 19 ديسمبر 2012 ) بأن غلوطية ( فك الأرتباط ) قد تم حلها ، وأن المفاوضات لم تنهار كما صرح بذلك القائد باقان ( اديس ابابا – يوم الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 ) ، وأن كل شئ تمام التمام ؟

أي الرجلين نصدق وقد صرح كل منهما بتصريحات متدابرة بفارق زمني يقل عن 12 ساعة ؟

إذن موعدنا الصبح ؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حكومة الشمال دائما متسرعة فى الفرح وفى الكره – خد عند حضورهم من أديس / وتصريحات مسئوليها متفائلة بينما تصريحات حكومة الجنوب وآضحة و صريحة لا مكان فيها للتلاعب بالعواطف .

  2. افتعال او اشعال حرب مع الجنوب هي الحل الاقرب و الامثل لنظام الانقاذ للتغضية علي الازمة الاقتصادية و تذمر الشعبي و اخراج الجيش من المدن و بالذات الخرطوم و اعلان حالة الطوارئ عامة في كل البلاد و بذلك يمكن تكميم الافواه التي اصلا مكممة و فرض مزيد من الضرائب و الاتوات علي شعب جائع و فقير ومقهور — و المعضلة الرئيسية ان هذه الحرب تحتاج الي وقود بشري لتحريكها و لا يوجد من لدية رغبة في خوض قتال من اجل الانقاذ لا في الجيش و لا في المليشيات الحكومة — كذلك الصرف علي الحرب مكلف خاصة بعد تدمير مصنع الذخيرة ( اليرموك )— والسيناريو الاقرب قتال الكيزان بعضهم لبعض بين الاصلاحيين الجدد و الحرس القديم و هذه نهاية الانقاذ كما تقول النبؤة .

  3. الله اكبر
    التمرد العميل يلفظ انفاسه الاخيره
    لا مفاوضات لا محادثات لا ونسات لا وهمات

    دق بس جلد بس هرس بس

    التمرد سرطان اضر بالجنوب و الشمال

    و الان الجنوب بااااااااااااااااااع العملاء السمو نفسهم
    ثوريه
    دولار في سلاح في مخ في قلب في جهاد في تاني شنو
    المافي
    نواعم الحركه الثوريه متنقله بين الفنادق الاوربيه و الامريكيه لا يقوا علي القتال و الثبات

    باعو نفسهم و تكلموا باسم ناس هم اساسا ما منهم

    لكن دنت لحظه الحسم و البكاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..