محاكمة آل مبارك

محاكمة آل مبارك..

حسن نافعة

لم يكن نظام الحكم الذى أسقطته ثورة 25 يناير فى مصر تقليدياً بأى معنى، وإنما كان نظاما شديد الخصوصية، اختلط فيه الخاص بالعام، وتداخلت فيه شؤون الأسرة مع شؤون الدولة والمجتمع، وتاهت منه الحدود والكوابح، بل غابت عنه القيم والمعايير، فلم يكن الرئيس المخلوع مجرد حاكم فرد، ظهرت لديه ميول استبدادية جعلته يتمسك بالسلطة ويحرص على البقاء فيها «إلى آخر نَفَس فى حياته» وإنما جسّد حالةً أقرب ما تكون إلى الحالة المرضية التى تسترعى الانتباه.

ربما يتذكر كثيرون حجم الذهول الذى انتاب الرجل حين اختاره الرئيس السادات نائبا له عام 1975، حيث لم يتجاوز أقصى طموحاته فى ذلك الوقت الرغبة فى الحصول على منصب سفير مصر لدى بريطانيا، أو هكذا كان يأمل، على الأقل، أن تكون المكافأة على دوره كقائد لسلاح الطيران فى حرب أكتوبر.

وعندما اغتيل الرئيس السادات لبس الرجل ثوب الوعظ والإرشاد وراح يحدّث الشعب عن «الكفن الذى ليس له جيوب» وعن نيته فى عدم الاحتفاظ بمنصب رئيس الدولة لأكثر من «فترة رئاسية واحدة أو فترتين على أكثر تقدير»، غير أنه تمكن من خداع الجميع. فقد نسى الرجل كل شىء عن الكفن ولم يعد يفكر سوى فى الجيوب التى راح يكدسها بالمال، ثم طالت الفترات الرئاسية إلى خمس ولايات كاملة، وهو يردد هل من مزيد، وراح يخترع حكاية الضربة الأولى ليضفى على طول بقائه شرعية لا يستحقها.

الأهم من ذلك، أنه لم يكتف بالسعى لإشباع نهمه للمال وتعطشه للسلطة، وإنما أصر فى الوقت نفسه على نقل السلطة لأحد أبنائه من بعده، بل تحويل عائلته الصغيرة إلى عائلة مالكة، ليس لها من هَمٍّ سوى القيام بنهب جمهورية كبيرة وفقيرة.

لم يشعر مبارك بأى نوع من تأنيب الضمير حين راح يقوّض أسس النظام الجمهورى، ويوزع الأدوار على أسرته الملكية: علاء لإشباع طموحاته فى دنيا المال والأعمال، وجمال لإشباع طموحاته فى الخلافة، وسوزان لتلعب دور الملكة الأم من خلال احتكارها شؤون المجتمع المدنى، الذى أصبح ميدانا محجوزا لها. ولأن حب المال كان هو القاسم المشترك الأعظم بين هؤلاء جميعا، لم يكن غريبا أن يتمكن آل مبارك من تكديس المليارات التى امتصوها من دم شعب مصر الفقير.

ما يؤلمنى أشد الألم هنا أن يذهب الرجل – وهو ابن المؤسسة العسكرية المصرية والمقاتل فى صفوفها – فى طمعه فى المال وحبه للسلطة إلى حد خيانة الأمانة، ويقبل ببيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس، ليحصل هو وأسرته وأصدقاؤه على عمولات مجزية، غير أن لكل شىء نهاية، وكان لابد أن يسقط مع الساقطين!

ليس هذا وقت شماتة، لكنه وقت الحساب بامتياز.. نعم، أضم صوتى إلى صوت كل هؤلاء الذين يريدون للثورة أن تحافظ على طهارتها ونقائها، وأن تسمو فوق أى نزعات انتقامية، غير أننى لا أستطيع أن أفهم لِمَ كل هذا الحرص على تدليل الرئيس وأسرته والتحايل على القانون! وإذا كان لى أن أتفهم دوافع الرغبة فى محاكمة الرئيس وأسرته أمام قاضيهم الطبيعى وعدم اللجوء إلى محاكم استثنائية، فإننى أعتقد أنه من الضرورى جدا لمصلحة الثورة وحرصا على مستقبلها، أن يعامل الرئيس وأفراد أسرته كمواطنين عاديين دون أى زيادة أو نقصان.

نعم.. مصر الثورة ليست فى حاجة إلى محاكم استثنائية ولا إلى تغذية شهوات الانتقام، لكن من حق شعب مصر أن يسترد أمواله المنهوبة بسرعة، وأن يضع كل الذين خانوا أمانته وراء القضبان. ولأن الجرائم التى ارتكبها مبارك وأسرته فى حق الوطن وأمنه أكبر وأفدح بكثير من كل ما ارتكبه من سرقات، فإننى أرفض مقايضة الأموال المنهوبة مقابل إسقاط تهمة الخيانة العظمى وتعريض أمن الوطن للخطر عنه.

ولأن استرداد الأموال المنهوبة وإنزال العقوبة العادلة أمران ضروريان ولازمان فى هذه المرحلة، يتعين العمل على تحقيقهما معا من خلال محاكمة خاصة وسريعة، تتوافر لها ضمانات العدالة فى الوقت نفسه، فالمحاكمة أمام القاضى الطبيعى لا تحول دون تشكيل محكمة خاصة سريعة يحدد لها إطار زمنى.

المصري اليوم

تعليق واحد

  1. ما لى والراكوبة ومقالة لحسن نافعه فهذا الرجل الخسيس هو من ضمن المئات المخفيين التابعين لجماعة الاخوان المسلمين وحكاية (رجال ونساء) مخفيون تكتيك اهتدت اليها الجماعات الاسلامية فى السنوات الاخير ذلك بتجنيهم لعدد من النساء والرجال والذين (ليس لهم فى التور ولا فى العجين) كما يقول الاخوان المصريون لخدمة أهداف تحددها لهم الجماعة كل حسب موقعه وهم منتشرون فى أجهزة الاعلام بصفة خاصة لما لهذه الاجهزة من تأثير،وفى الحالة السودانية يظهر ذلك بجلاء (احمد البلال الطيب،صلاح ادريس،) وغيرهم كثيرون ومرصودون- والمطلوب من الشخص المخفى ان يمارس كل الانشطة التى تدعى الجماعة بأنها لاتحبذها ولا تؤيدها،ويجوز له للتمويه ارتياد (الكبريهات وحتى الاندايات ) طالما الامر متعلق (بإحياء قيم الاسلام السمحة)- ويبدو ان الجماعة وكمكافة له لخدماته الجليلة التى قدمها عبر اجهزة الاعلام وفى قناة الجزيرة بصفة خاصة وفى اوساط اساتذة الجامعات والطلبه كانت قد وعدت نافعة بمساعدته بترشيحه لرئاسة الجمهورية وكان قد اعلن عن ذلك ولكن يبدو ان الجماعة تراجعت لان نافعة غير اسلامى اصلا وعمله (كمغفل نافع) لا يأهله لهذا المنصب الخطير والاهم من هذا كله (أن جحا اولى بلحم توروا) كما يقول المثل –واحسبو كم بين ظهرانينا من مغلين نافعين (ولا–نجيب الكالكليتريا مارشال!!)-

  2. الراكوبة موقع سودانى خالص

    اذا لماذا يتم فيه نشر مقالات لكتاب غير سودانيين يكتبون فى مواضيع غير سودانية

    وهذا الامر اصبح يتكرر كثيرا

    لماذا ؟؟؟؟

    هل تقرأون لكتاب غير سودانيين فى مواقع هؤلاء الناس؟؟؟

    هل يذكرنا هؤلاء الا بالاستهتار والاستحقار والاستعلاء؟؟؟

    يا ناس فكونا من العرب ديل وخلونا نشوف مصالحنا بعيد عنهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..