محمود الذي عرفت

د. منصور خالد

عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول : (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.

العنوان الذي إخترت للحديث: “محمود محمد طه الذي عرفت” فيه مجالٌ للتوسعة بدلاً عن الحصار والتضييق. و الهدف من الحديث ليس هو شرح او تشريح أفكار الاستاذ، وانما هو القاء اضاءة كاشفة عن تنوع معارفه، وجديته في االإقبال علي القضايا العامة، ثم صدقه مع نفسه في القول و العمل. ولئن سأل سائل: كيف عَرفَتُ الأستاذ، ولماذا حَرَصتُ على معرفته، أجيبُ انني عرفت ذلك المفكر الفهامه أولاً كما ينبغي أن يُعرف المفكرون. المفكر يعرفه الناس من قراءة ما كتب والتملي فيما كتب. والمفكر تشدُ الناسَ اليه نجاعةُ الفكر، وفصاحةُ الأسلوب، وبدائعُ التفسير، ثم البلاغة في تصريف المعاني. كثيرٌ من الذين تصدوا لأفكار الراحل إبتنوا معرفتهم لأفكاره على السماع لم يروموا من ذلك غير غرض واحد هو التشهير. ومن بين أولئك طائفةٌ من المتربصين سارعت إلى قراءةِ ما بين السطور، قبل قراءة السطور، ناهيك عن التمعن فيها، ومن ثَم ذهبت تلك الطائفة إلى إختراص المعاني التي يريدون عبر تلك القراءة الزائفة حتى يُقَدروا عليها الأحكام بالظن، وبعضُ الظن إثم.

سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.

فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة “وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم”. حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل الليبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.

هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.

هو سياسي حمله جَدْب البيئة السياسية إلى أن يُرَوي بفكره عَزازَ ارضها. وكان له في ذلك قول يعود الي عهد مؤتمر الخريجين عندما قال في السفر الأول : “أول ما يؤخذ علي الحركة الوطنية انصرافها التام عن المذهبية التي تحدد الغاية وترسم الطريقة التي تحقيقها”. ذلك رأي عاد إليه بعد إنتفاضة إكتوبر 1964م فوصفها بأنها فترة إكتملت فيها مرحلة العاطفة السامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير لكن لم تملك بعد فكرة التغيير. من ذلك نستجلي أن الأستاذ كان لا يرى مستقبلاً لأي تطور سياسي إلا أن إهتدى العمل السياسي بفكرة ورؤية. وفي هذا المجال أقبل الاستاذُ على الكتابة في كل ضروب السياسةُ: السياسةُ الحكمية، والسياسة الإجتماعية، والسياسة الثقافية، اي ذهب الي معالجة كل قضايا الناس الحيوية والحياتية وذلك هو لب السياسة. كان ذلك في وقت لم يتجاوز فيه أهل السياسة التفاصح والتداهي بما ليس فيهم، بحيث أصبحت الفصاحة ? والتي هي ليست مرادفاً للبلاغة ? هدفاً في حد ذاتها.

لمحمودٍ المجدد، إن ابتغينا التفصيل، رأي في الإسلام، هو ان “الإسلام محاصر في سياج دوغماطي مغلق”، وذلك تعبير نقتبسه من المفكر الاسلامي الجزائري محمد اركون. ولا سبيل في رأي محمود لفك مغاليق ذلك السياج الا بقراءة جديدة للإسلام وفق فكرة إبتدعها تقوم على التمييز بين فقه الإصول وفقه الفروع، بين آيات الإصول التي تعبر عن القيم الرفيعة والمبادئ الأساسة التي ما جاء الأسلام إلا لتحقيقها، وبين تلك التي لا تكون فيها التكاليف إلا بوسع الناس على تحملها. وعبر كل ما قرأت للأستاذ المجدد لم أقرأ ما يشي بإنكاره لصلاحية الفقه الموروث في زمانه ومكانه، وإنما إرتأى أن ذلك الفقه والقيم المعيارية الملحقة به لا يصلحان لزمان الناس هذا، لما بين الزمنين من فجوة معرفية وقيمية ومعيارية. فهذا زمان تحكمه عهود دولية حول حقوق الإنسان، وتضبط الحكم فيه والعلاقات بين الأمم على إمتداد العالم مواثيق إرتضتها الدول ولم تنكرها واحدة منها وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المواثيق والعهود فرضت واجبات لا تملك دولة التخلي عنها بدعوى خصوصياتها الثقافية.

أزاء ذلك التناقض الظاهري بين الدين والقيم المعيارية الجديدة إنقسم المسلمون إلى فرق. فريق يقول أن لا مكان للدين في الحياة، ولهذا فالدين غيرُ ذي موضوع بالنسبة للحياة، أو لمنظومة السلوك الدولي الجديدة. وفريق ثانٍ يرى في كل ما إبتدعته الإنسانية بِدعاً ضِليله، وكل ضلالة للنار. بعض من هؤلاء تصاعد في زماننا هذا بتلك الفكرة المدمرة الى تفريق العالم إلى فسطاطين: فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان. وفريق ثالث لا يريد أن يستقيل عن دينه، كما لا يقدر على الإنعزال عن العالم فيلجأ إلى تخريجات مستنبطة من المفاهيم والأحكام الدينية الموروثة، وهي تخريجات تؤكد ولا تنفي دعاوي الذين يقولون بعدم صلاحية الدين للعصر لما في مطاوي تلك التخريجات من تناقض داخلي. و في هذا، هم اما مفكرون قاصرون، أو أدعياء منافقون.

محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

جاء في الحديث “أن للدين صوى(benchmarks) ومنارات كمنار الطريق”، وعن تلك الصوى كان محمود يبحث. بسبب من ذلك انكر تقديس الاحكام التي لم تعد صالحة لزماننا، وأن صلحت كشريعة لمن قبلنا. انكر أيضاً على المعاصرين من حماة ذلك الفكر المتيبس الدور الوسائطي الذي إفترضوه لأنفسهم بين الأنسان وربه. ذلك كهنوت لا يعرفه الإسلام، بل نعيذ الإسلام منه بذاته وبأسمائه. فكل مسلم في رأي الأستاذ رجل دين. كما ليس في الإسلام وظيفة يطلق عليها وظيفة رجل الدين. ودوننا العراقي أبو حنيفة، وهو من أبرع الأئمة في إستخراج الأحكام الفقهية، كان تاجر خز لم يلهه الإجتهاد عن مهنته.

في عودته للإصول لم ينحُ طه للتجريد وإنما تقفى كل القضايا الحياتية التي شغلت، أو ينبغي أن تشغل، الناس، وعلى رأسهم قياداتهم السياسية. ففي السياسة الحكمية كتب محمود في عام 1955م عن الفيدرالية كأصلح المناهج لنظام الحكم في السودان، في الوقت الذي كان غيرُه يصفُ الفيدراليةَ بأنها ذريعةٌ إستعمارية لتفتيت وحدة السودان وكأنا بهؤلاء لم يكونوا يعرفون كيف وحدتْ الفيدراليةُ دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والبرازيل، والمانيا. وفي السياسةِ الإجتماعية تناول قضيةَ المرأة في وقت لم يكن فيه للمرأةِ مكانٌ إلا أن تكون مستردفةً وراء الرجل حتى بالمعنى الحسي للكلمة، إذ كان بعضُ الرجال يومذاك يستنكف أن تجلس زوجته إلى جواره في السيارة. ما فتئ بعض من هؤلاء ينادي بقوامةِ الرجل على المرأة مهما كان مستوى علمِها ودينِها وخلقها، ولا ضير عندهم إن كانت المرأة هي العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل مرتين، أو الكاتبة البريعة إيملي برونتي، أو شهيدة الحرية بنازير بوتو. كما لا ضيرعندهم ان كان الرجل هو أي فحل جلف ليس له من علم او خلق يتحفل به أمام المرأة التي يطمع في الولاية عليها. هذه النظرة التي تجعل من المرأة ضديداً للرجل نسبها الأستاذ، بحق، إلى الجهل ولهذا كتب: “المرأة ليست عدوة الرجل، الجهل عدوهما، معاً”. لذلك فإن موقف الإستاذ الشهيد من قضية المرأة كان من أعظم فتوحاته الفكرية في الحقل الإجتماعي. وكان الأستاذ ينظر للمرأة كإنسان ينبغي الإنتصاف لحقه، أين كان. ويروي لي الراحل الحبيب الدكتور خليل عثمان، وكان قد صَحبَ الأستاذَ في محبسه، كيف أن الأستاذ ظل يُتابعُ إنتخابات الرئاسة الأمريكية: رونالد ريقان وجورج بوش ضد والتر مونديل وجيرالدين فيرارو، ويجاهر بتمنياته لفيرارو بالإنتصار. سأله خليل: ما الذي تَعرفُ عن هذه السيدة حتى تؤيدَها؟ قال الاستاذ: “أنا لا اعرفُها البتة لكني اتمنى لها الإنتصار لأن إنتصارَ المرأةِ في أمريكا لإحتلال موقعٍ كهذا هو إنتصار للمرأة في كل مكان”. ولعل محموداً قد فطن إلى أن في تحرير المراة تحريراً للمجتمع، وأن في صلاحها صلاحاً للأسرة، فالمرأةُ هي الإنسان كما قال الـروائي الألمــاني المعـروف تومـاس مــــان: “الرجـال هـم الرجـال ولكــــن المـرأةَ هي الإنسـان” (Men are men but woman is man).

كان للأستاذ أيضاً رأي في الحرب والسلام ذهب به إلى جَذر المشكل بعقود من الزمان قبل ان نعترف بذلك في إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م . في تلك الإتفاقية إعترف طرفاها بجذور المشكلة التي ظلت كل القوى السياسية الشمالية تعوص على نفسها الإمور برفضها. بدلاً عن الإعتراف بجذر مشكلة الجنوب إستمرأت تلك القوى البحث عن مشاجب خارجية تُعلق عليها أسباب الخيبة. قال الطرفان في ديباجة بروتوكول ماشكوس: “, وإذ يدركان أن النزاع في السودان هو أطول نزاع في افريقيا، وأنه قد سبب خسائر مريعة في الأرواح، ودمر البنى التحتية للبلاد، وأهدر الموارد الإقتصادية، وتسبب في معاناة لم يسبق لها مثيل، ولا سيما فيما يتعلق بشعب جنوب السودان، وشعوراً منهما بأوجه الظلم والتباين التاريخية في التنمية بين مختلف المناطق في السودان”. في ذلك إعتراف منا بأن لمشكل الجنوب إسباباً متجذرة في الداخل. وحقاً، حين كان السودانُ كلهُ يتلظى بنيرانِ الحرب، كان بعضٌ من أهله لا يُخفي فرحتَه بما حقق من إنتصار وهمي. في ذات الوقت ما انفك الأستاذُ ينظر إلى الصورة المتكاملة ولا يتوه في تفاصيلها، أو يهرب إلى الإمام من واقعها الكالح. كان كلما تباهى المنتصرون بقولهم: “لقد قضينا على مائة من الخوارج وأستشهد منا خمسة”، يعقب بالقول: “أما نحن فنقول أن السودان فقد مائة وخمسة من رجاله”.

بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريخ: “وللشمال مشكلة أيضاً”. بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:”مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان”. هذا طرف من قضايا السياسة التي أهَمَت الأستاذ في حين صمت عنها السياسيون اما عجزأً أولا مبالاة. أدهي من ذلك أن اللهاثَ وراءَ السلطة يومذاك كان هو الشغلُ الشاغل لسادة الحكم، دون أي إجتراء من جانبهم على مواجهة النفس ونقد الذات، بل دون أن يقولوا مرة واحدة لمن ولوهم السلطة أو حملوهم الى سدتها، ما الذي يريدون أن يفعلوا بتلك السلطة من أجل قضايا الناس.

وإن كانت نظرةُ الاستاذ الشهيد للمدينة الفاضلة التي قَدرَها وأحب أن يصير إليها السودانُ نظرةً شمولية تكاملية، إلا أنه قَدَر أيضاً ان السودانَ جزءٌ من عالم لا يستطيع السودانُ الإنفكاكَ عنه، كما هو جزء من حضارة إنسانية لا سبيل له للإنخلاع عنها. في ذلك لم يذهبْ مذهبَ الذين يدعون للإنخلاع عن الحضارة المعاصرة بدعوى تناقضها أو تباينها مع خصوصية ثقافية مدعاة، أو نقاء عرقي مزعوم. فهؤلاء مع كل مزاعمهم بفساد تلك الحضارة وجَحدهم لكسبها ومنجزاتها الإنسانية ظلوا يلتهمون نتاجها في المسكن والملبس والمشرب والتواصل والترحال، أي يعيشون كمستهلكي حضارة لا منتجين لها.

شهيد الفكر كان يرمي ببصره بعيدأ ويقول أن الحضارة المعاصرة، حضارة القرن العشرين بلغت نهايات النضج. وان البشرية المعاصرة مجتمع كوكبي إن أصيب جزء منه تداعت لمرضه بقية الأجزاء. هذه النظرة التي جاء بها الأستاذ الشهيد في السبعينات سبقت ما تواصينا عليه بعد عَقد من الزمان في لجنة دولية كان لي شرف المشاركة في رئاستها: اللجنة الدولية للبيئة والتنمية. خرجت تلك اللجنة على الناس بتقرير اصبح هو الميثاق الدولي للبيئة في قمة الارض بريو دي جانيرو. جوهر ذلك الميثاق هو وحدة كوكبِ الأرض بحيثُ ينبغي على كلِ فردٍ في المعمورة ان يفكر عولميا ويعمل محلياً. ثم جاء من بعد فيضان العولمة بخيره وشره، وإنداحت معه الحدود بين البلاد. ولعلني لا اريد أن أتقفى أثر المفكرين المسطحين الذين يحاولون إيجاد نسب لكل فكرة حضارية جديدة، أو ظاهرة علمية مستحدثة بتجارب الدولة الإسلامية وبالقرآن الكريم، ناهيك عن ربطها بأفكار مجتهد معاصر، لا سيما وقد جاء زمان أطل علينا فيه نفر من المتفيقهين الذين لم يستح واحدٌ منهم من أن يفتعل لتخليق النعجة دوللي بالإستنساخ ذِكراً في الكتاب الكريم. كل ما أريد قولَه هو ان الشهيدَ المفكر كان يعالجُ إمور بلاده في محيط كوكبي أرحب لا نملك إلا ان نعيش فيه، ونتفاعل معه، ونؤثر عليه، ونتأثر به، في حين كان غيره لا يبصرون حتى ما تحت أقدامهم بدليل عجزهم عن معالجة أدنى مشاكل الحكم والحياة.

هذه النظرة الكلية لقضايا الإنسان في السودان كانت بارزة أيضاً في ما كتب الأستاذ عن الإقتصاد. من ذلك رسالته حول الضائقة الإقتصادية (1981م). وأمثال تلك الضائقة يتخذها دوماً معارضو الحكم تكأة لتخذيله، أو ذريعة لحمله على الفشل. يفعلون ذلك دون أدنى إهتمام لما لتلك الضائقة من أثر على الوطن والمواطن. في تناوله لتلك الضائقة (والتي نستعرضها كنموذج) تناول الأستاذ البعد الأخلاقي للأزمة: مسئولية الدولة ومسئولية الأفراد؛ الريف والمدينة وأثر إنهيار الإقتصاد الريفي على إنهيار المجتمع الحضري؛ البعد الخارجي: التجارة الدولية، الديون؛ البيئة الطبيعية، الكوارث مثل الجفاف والتصحر. هذه النظرة الموضوعية العلمية لقضايا الناس هي التي يترجاها المواطن من قادته ومفكريه إن كانوا حقاً جادين في تدارس أي أمر ذي بال حتى يصلح حاله وأمره. والا حق قول أبي العلاء بأن الحكم ومذاهبه عند أولئك ليس هو الا وسيلة لجلب الدنيا لسادة الحكم.

إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا إلى الرؤساء

تساءلت ذات مرة عن ما الذي يحول دون هذا المفكر، طالما أهّمَته السياسة، أن ينشئ حزباً سياسياً يتصارع عبره مع الآخرين على الحكم حتى يترجم أفكاره تلك إلى واقع. قال: “غايتنا ليست الحكم هي وإنما خلق المسلم الصالح المتكامل، وبصلاح الناس يصلح المجتمع”. وحقاً لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، وحقاً ايضاً أن لاسراة إذا تسيد الجهل على الناس.

قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً ? وذلك هو بيت القصيد – أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.
بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه. هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء “وذلك هو دين القيَّمة”. ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله “الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله، وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)”. هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه:
انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل
انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل
أنا من تقول له الحروفُ الغامضات
أكتُب تكن
إقرأ تَجِد
وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد
ضداك في المعنى
وباطنُك الشفيف هو القصيد

فللأستاذ، إذن، رؤية سوية للإنسان المثال لا إفراط فيها ولاتفريط، وإن كان هو في خاصة نفسه قد غالى، بمعاييرنا، في قمع نفسه حتى عن اللَمَم وتوافه الملذات . روى لي الدكتور الراحل خليل عثمان إبان محاياته للأستاذ وهما في الحبس إلحَافه على الشهيد أن يتناولَ معه كوباً من الشاي فتأبى الأستاذ، ثم رضخ لإلحاف خليل. وفي اليوم التالي كرر خليلٌ الدعوةَ له وهو يذكره بأنه تناول الشايَ البارحة دون أن يلحقَ به ضُر. قال الأستاذ: “لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة”.

قلت ان في مسلك الأستاذ نسكاً وتصوفاً، يستعيد للذاكرة قول الإمام الغزالي في الأحياء حول الزهد: “هو أن تأتي الدنيا للإنسان راغمة صفوا عفوا وهو قادر على التنعيم بها من غير نقصان جاه، وقبح إسم، فيتركها خوفاً من أن يأنس بها فيكون آنسا بغير الله، محبأ لما سواء، ويكون شركاً لما سواه، فيحب الله غيره” لهذا سألته عن رأيه في متصوفة السودان، ولماذا يصب جام غضبه على الإسلاميين المحدثين لا على المتصوفة؟ ذلك سؤال قصدت به الإستفزاز الفكري، لا سيما ورأيي في علماء السودان ومتصوفته رأي إيجابي إذ عشت في رحابهم، وتعلمت إصول ديني من أشياخهم، قال الأستاذ: “المتصوفة والعلماء هم الذين قربوا الإسلام إلى نفوس اهل السودان بالحسنى، وحببوه إليها بتقوى الله ولهفة المظلوم، ولم يتخذ غالبهم الدين طريقاً للدنيا”. أما الطائفيون الذين إتخذوا الدين معبراً للسياسية والمحدثون ممن ينصب أنفسهم دعاة للإسلام فقد أساءوا إلى الإسلام من جانبين: أولاً إحتكار الحقيقة حول الدين بالرغم من سوء فهمهم له؛ وثانياً تبغيض الناس فيه بسبب من الغلواء في الاحكام، لهذا فان مسعاه، كما قال، هو إستنقاذ الاسلام من هؤلاء. هذا الموقف هو ما ظل الأستاذ ثابتاً عليه في كل ما كتب عن الطائفية السياسية، وكان متسامحاً فيما كتب، بمعنى أن الإصرار على الحوار الفكري، لا إغتيال الشخصية وإلغاء الآخر، هو قمة التسامح. ورغم إختلافه مع الطائفيين والإخوان المسلمين والشيوعيين دعا عند المصالحة الوطنية في عهد نميري (أغسطس 1977م) إلى خلق منابر فكربة تتصارع فيها كل هذه القوى السياسية واسماها بأسمائها: لم يستثن منها واحداً. وكان يومها يتمنى أن يُملأ الفراغ السياسي بالفكر. أما الآخرون الذين تداعوا إلى تلك المصالحة فلم يروا لها إلا وجهاً واحداً هو المشاركة في الحكم عبر إئتلاف حزبي أو حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية.

وعوداً على بدء في موضوع مَنسِك الأستاذِ نقول أن نسكه كان ذا طبيعة خاصة به، كان رجلاً من غمار الناس يمارس كل عوائدهم: ياكل الطعام، ويمشي في الاسواق، ويعود المريض، ويواسي الجريح ، ويعزي في الميت، كما لم يك يحسب نفسه منذوراً للبتولة كالمسيح أو أحبار الكنيسة إذ تزوج وانجب كبقية الخلق. لم يذهب أيضاً مذهب المتصوفة في إقصاء المعارف الدنيوية من حياتهم لأنها تلهيهم عن القربى، أي اقتراب السالك من ربه. فجُل المتصوفة لم يبتغوا من قراءة القرآن وتفسيره إستنباط أحكام فقهية أو عقائد كلامية، بل كانوا يريدون بها خلاصاً شخصياً بتعميق تجربتهم الروحية. بخلاف ذلك، إنغمس الأستاذ حتى أخمص قدميه في المعارف الدنيوية يحاور وينتقد، ويقبل ويرفض. ولم يكن إقترابه من التوحيد من وجهة حلولية شأن كل المتصوفة، بل محاولة فلسفية منه للحصول على معارف واقعية تهدي الإنسان في الحياة الدنيا؛ أي أنه “رأي سبيل الرشد فأتخذه سبيلاً”. كما كان سبيله للآخرة هو الإقدام على الفروض والواجبات إقبال رجل يغشى قلبه الوجل من مخافة الله :”إذا ذكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً” (الأنفال،2). كما كان يدرك أن وراء أداء الشعائر مغزى روحي عميق غير المعنى الظاهري، فتماماً كما أن ليس للصائم من صيامه غير الجوع والعطش، ليس، في حال البعض، للمصلي من صلاته غير القيام والقعود. الدين عند هؤلاء هو حوار أبدي بين الإنسان وخالقه في الليل والنهار حتى يتحقق لهم المقام المحمود: “ومن الليل تتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً” (الإسراء 79).

ثم جاءت نهاية شهيد الفكر كنهايات أضراب له واشباه من المفكرين الذين قدموا ارواحهم قرابين في محاريب الفكر، كانت نهايتهم على يد طغاة كحال الأستاذ الشهيد وتوماس مور، أو غوغاء كحال سقراط وغاندي. هؤلاء جميعاً لا ذنب لهم غير المجاهدة حتى يصبح الإنسان إنساناً. فمن قبل محمود ذهب سقراط ضحية إتهامه بتلويث عقول الإثينيين ولكنه، رغم إلحاح إفلاطون وزينوفون عليه كي يهرب – وكانوا يعدون للأمر عدته – رفض ذل الهرب من الموت. ذلك مشهد وصفه شوقي فابدع في الوصف:

سقراط أعطى الكأس وهي مليئة شفتي محب يشتهي التقبيلا
عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا

أما غاندي الذي لم يعرف للعنف سبيلا فقد مات مغدوراً على يد متطرف هندوكي. بُغضُ غاندي للعنف وحبُه للناس حملاه على أن يقول:”هناك أهداف كثر أنا على إستعداد للموت في سبيل تحقيقها، غير أني لا ارى هدفاً واحداً يمكن أن يدفعني إلى قتل إنسان”. نقل نبأ رحيل غاندي لأهل الهند جواهر لال نهرو وهو يقول:”لقد إنطفأ النور من حولنا، فالظلام يعم كل مكان.” ثم إستدرك قائلاً:”ما كان لي أن أقول هذا. أنتم لن ترونه بعد اليوم، إلا أنه سيبقى بين ظهرانيكم”.

توماس مور، رجل كل الفصـــول، آثر الصـمت عندما قضــي هنري الثامن بإعدامه لرفضه التوقيع على القانون الذي يجعل من هنري رئيساً للكنيسة (Act of supremacy). وعندمىا أقتيد إلى المشــــنقة رفض أن ينبس ببنت شـــــــفه لقاضيه وجــلاده عــدا كلماته الاخـيرة التي صـمت بعــدها: “لا يحق لبشــــر زائل أن يكون رئيســــاً للروحــانية: “No temporal man may be head of spirituality”. ذلك كان موقف الأستاذ الشهيد، إذ ما أبلغ صمته وأجمل سمته أمام المشنقة، فالجلاد وقضاة النار لم يبتغوا من الدعوة لإستتابته إلا كسر نخوته. ومن الحمق ان يظن ظان أن رجلاً تمرس بالشدائد، وصهرته المحن، وعرف الحق، سيفعل آخر الليالي ما لم يفعله في صباه. الشهيد ذو مِرة، وذو الِمرة لا ينكسر أمام الخطوب.

في تلك الايام الحوالك عشت في لندن مع إخوة لي اغلبهم ممن عرف الاستاذ الشهيد من خلال ما كتب: الراحل حسن محمد علي بليل الإقتصادي المعروف، والراحل ابوبكر البشير الوقيع الإداري النابه، والأستاذ التجاني الكارب، ثم الراحل رفيق محمود، الدكتور خليل عثمان. بليل والكارب لم يكونا يبكيان على رجل ، بل كان بكاؤهما على موت ضمير. قالا سوياً:”هذا هو اليوم الوحيد الذي تمنينا فيه ان لا نكون سودانيين”. ما تركنا يومذاك باباً في عواصم العالم الا وطرقناه حتى يُرَد الطاغية عن غيه. ثم ادلهم الظلام وذهب محمود كما يتوقع المرء أن يذهب، مرفوع الرأس كالرواسي الشامخات.

أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.

تعليق واحد

  1. لك الشكر ..
    كفيت ووفيت الرجل حقة وانصفته ..
    فى رأى المتواضع ان من قتل الاستاذ محمود محمد طه هم الاسلاميين وعلى رأسهم الترابى وسرق جل افكارة المستنيرة ..من خلال اطلاعى على كتب واقوال الاستاذ وصلت للأتى :
    ان الاستاذ قتل طلماً لانه السودانى الوحيد الذى يحمل رؤية فكرية .لكن الجبهة الاسلامية سعت لأستعطاف الناس بأسم الدين ،.
    من اراد معرفة الحقيقية للاستاذ عليه بمراجعة كتبة وكل محاضراته فى موقع الفكرة ..
    انه بحق رجل والرجال قلائل له الرحمة بقدر ما افاد.
    علم التيار الاسلامى(الكيزان. “أ” و “ب”) ان الافكار التى ينادى بها محمود تهزمهم وان الجمهوريين اول من ادخل اركان النقاش فى الجامعات واكثر الاحزاب انذاك حشداًللطلاب (تابع اليوتيوب )الاستاذ دالى ))..
    اما النساء الجمهوريات حتى الان مشهود لهم بالحشمة والوقار وحب الدين ولم ارى اخوه صادقة الا فى المجتمع الجمهوري … اتمنى من الشباب المستنيرين القرأة قبل الحكم على الانسان…
    اما الكيزان ناس هى لله نساءهم عاهرات بمعنى الكلمة،،وشبابهم مشمهود لهم بفعلة القوم الذين جعل الله اعالها اسافلها (ياخرطوم جوطى وجوطى لن يحكمنا الشيخ ال……) كتبها الصحفى الذى يعمل فى بيت المكتوب فيه ؟؟وشهد شاهد من اهلها ..
    كبار الاسلاميين الان عيالاتية (غلامابية)،فاهمنى .؟؟؟. ولا بأذن فى مالطا .؟؟
    شوفو الان اى وزير عندو ناس المراسم كم..؟؟ واشكالهم واعمارهم كم.؟؟
    الناس فى الجامعات بيعرفوهم اى زول داير يحمى نفسو ويعوض عن انهزامو ببقى كوز ،، بعدين بعد يبقى وزير ولا والى بيشتاق لانو (ركوب العجلة مابتنسى )..
    مانتكلم فى الناس المشو الجنوب يجاهدو فى سبيل الله وبلقوهم نايمين اتنن فى النامسوية والناموسية بتتحرك براها .دا زمان زمن الجنوب والحرب .
    لمن سموهم ديل ناس الناموسية معروفيين الان البقى شعبى بقى والبقى وطنى بقى ..؟؟.ديل الموجودين على قيد الحياة ..
    سئل الترابى عن ان الاستاذ الجامعى (….)الذى يمارس به البتخسف الارض ..اجاب انها :روح طيبة فى جسد خبيث ..
    نمازج اسحق احمد فضل الله ( المفكر المحبوب عبدالسلام سامية احمد محمد .؟؟هل تصدق انهم غير متزوجين حتى الان.,؟؟ اسحق بى فصاحتو وشغال فى اكثر من جريدةوقروشو بالكوم لكن مامتزوج ..؟؟قول لى القسمة كمان .؟؟
    اخوات نسيبة معروفات بالكرم ..جرب (تمد كورتك مابتمرق فاضى )..
    لك الرحمة والمغفرة المفكر الاستاذ الجليل محمود محمد طه..
    ابزع….

  2. كلما اقرا لمنصور خالد احس بعقدة الاجنبى مسيطرة على دواخله حتى النخاع وكذلك الشوفونية الكتابية

  3. صدقوني عندما علّقت قبل الآن على مقالات كُتِبت في هذا الرجل كنت اجهل كثيرا مما كان يفكر فيه هذا الأب الروحي الذي أتى في غير زمانه ولكن اليوم بعد قراءة هذا المقال من مفكر وعلّامة آخر أوفى الرجل حقه وقام بتنويرنا بأشياء كثيرة كنا نجهلها عن شهيد الفكر محمود محمد طه له الرحمة وسيظل دمه في رقاب الذين غدروا به إلا لشيء في نفوسهم البغيضة.

  4. السلام عليك يا محمود ، محمود الخصال ، السلام عليك يا روحا شفافة زاهدة ، السلام عليك يا أيها الصادق العابد الزاهد ، السلام عليك أيها الشجاع الأبي ، السلام عليك كلما تشرق الشمس ، السلام عليك في الخالدين ، و ليخسأ عبيد الشهوة ، عبيد البطن و الفرج …

  5. السلام عليك يااعظم الرجال السلام عليك من قلوبنا وانك في الفردوس الاعلى باذن العلي القدير وتبقى اعمالك بيننا الى يوم الدين

  6. اللهم ارحم محمودا واسكنة فسيح جناتك
    ليتنا نلتفت لكتابات هذا المفكر الذى حلل ازماتنا بنظراته المستقبلية مااحوجنا اليه

  7. يخرب بيتك !!! والله يا عود العشر لقد أفسدت علي بهجة هذا المقال الراقي الشفيف بكلامك الدراب ولغتك ال…….!! عليكم الله يا شباب العاوز يعلق يقرأ المقال وما بين سطور المقال وبعدين يعلق في مستوى يقارب لأسلوب ولغة المقال !! ويا عود العشر كلامك ده ممكن تكتبو في مقالات أخرى على سبيل المثال (كيم كرديشان حامل من طليقها ) (وأحلام تنال لقب الوحش) … الخ

  8. كان محمود في سرعان الناس أي أسبقهم . ألغيرة وألحسد من أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.أكيد طرف ألسوط ضربك يا مرشد ألجماعة شوف عمايلك وصلت السودان إلي أين حروب دمار موت بجملة ألتراب والرماد في خشمك

  9. عندما كنت فى المرحلة المتوسطة كان استاذ التربية الاسلامية (ولا داعى لذكر اسمة فلرجل بين يدى الله) يطلب منا ان لانقراء للاستاذ محمود محمد طه( يا اولاد ما تقرو كتب محمود محمد طه) وانا صغير كنت لاادرى من هو ولا عن ماذا يكتب. سبحان الله.

  10. كلما اقرا او اسمع عن الاستاذ محمود اتاسف عليه. وعلى نفسى وعلى كثيرين لم يعرفوا الفكر الجمهورى على حقيقته الا متاخرا ……..الشكر للكثيرين الذين كتبوا عنه والشكر اجزله ل د منصور الذى اوفى

  11. و ما أنت إلا منصور و ما أدراك ما منصور. هذا الظلام الكثيف يتراكم منذ قبض الشهيد و لا زال و ما كان للملك الضليل ليقول ما قال

  12. قد يختلف المرء مع د.منصور في أمور كثيرة ذات علاقة بالإقتصاد والسياسة والديمقراطية وحرية الفكر وقد يختلف المرء-أيضا- مع الشهيد محمود ولكن والحق يقال فإن الدكتور منصور قد أنصف الرجل بإسلوبه المميز والمتعمق وقد حالفه التوفيق في عرض طرائق الشهيد في التفكير وإضاءة بعض جوانب شخصيته مما يزيل كثيرا من اللبس حول شخصية هذا المفكر مما حاول أن يلصقه به أخوان الشيطان القتلة اللذين لايملكون لا فكرا ولا أخلاقا ويسؤهم إمتلاك الآخرين للفكر وأدواته لأنه يعريهم مما يدعون ولا يملكون فالتحية للرجلين الدكتور والشهيد.

  13. اين منصور خالد افتقدناه كثيرا فهذا زمان المفكرين……….
    محمود محمد طه رجل مفكر نجله ونحترمه………….
    اللذين شنقوه لم يشنقوا فكره ……………..

  14. لله درك يا دكتور منصور ،،، أنصفت الرجل بالمنطق الرصين و الوصف المبين ،، حقا إنّ من البيان لسحرا ،، حينما يكتب منصور أستشعر تفاهة كثير مما يكتبه أدعياء المعرفة في هذه الأيام ، عندما يتحرك يراع هذا الفهامه الجهبذ و الأديب الأريب ، تتناثر الدرر ، درر الثقافة ، الادب ، السياسة .. الخ . ما كتبه د. منصور خالد في حق الشهيد محمود محمد طه منذ العام 1985 وحتى اليوم يصلح لأنّ يكون نموذجاً يدرّس في فن الكتابة .. يخس على بلد لم تنزل أمثال محمود محمد طه ومنصور خالد منازلهم .

  15. من المؤسف أن من قتلوه باسم الدين هم أبعد ما يكونون عن الدين ما هم إلا شرذمة من المنافقين الضالين المضلين اللاهثين وراء الدنيا والسلطان وجمع المال كما أثبت الواقع في آخر الزمان .لله درك يا شهيد الفكر محمود .

  16. التحية والتقدير للأستاذ الكبير د. منصور خالد وكتاباته الشيقة المليئة بالمفرادات الرفيعة ،،، بس بالبلدي كده عاوز أسأل الأستاذ( وهو كان من رموز سلطة ذلك الزمان ) ما كان دورك يا أستاذ في ردع الظلم ووقف السلطان عن ما إرتكبه من حماقات ؟؟؟؟؟

  17. حين يكتب د. منصور ،أحس بضآلتى
    وحين أقرأ للأستاذ ،أحس بتفاهتى وضمور عقلى
    وحين كنت أستمع للأستاذ دالى ، أعرف أنى فارغ
    بعدت الرؤوس وقتل المفكر وهاجرت القيم…وتحكمت فينا الدناءة والبذاءة والفساد

  18. لله درك يادكتور لقد أنصفت الشهيد وأعطيته حقه فإن كان الشهيد محمود فأنت منصور علي الباطل وأدعياء الدين والسياسة إتخذوا الدين مطية للدنيا وحكموا بإسم الدين ليسرقوا الحقوق والاموال
    يتمسحون بمسوح الدين والدين بريء منهم ويفهمونه فهم القاصر الذي يري نفسه أنه ظل الله في ارضه
    وغيره رعية تطيع وتسمع وجل همها أن تأكل وتهلل وتكبر بإسم الحكام وليس لهذه الرعيه حق التفكير وتنزيل الدين علي واقعهم المعاصر بفهم معاصر وأن فهم الدين لا يورث وأن حق التفكير والتأمل في معاني النصوص وفهما من خلال واقعنا المعاش في القرن الواحد والعشرين يجب أن يكون مشروعا ومسموحا به لكل مقتدر ومدرك لفهم النصوص برؤية عصريه. لكن أمثال الانقاذيين علي مر العصور والدهور يرون الفكر كفر صراح وذلك لمداركهم القاصره وفهمهم القاصر والمتدني لا يرون في النصوص إلا القتل والجلد واكل اموال الناس بالباطل بإسم الزكاة ولا يفهمون مقاصد التشريع وتأخذهم العزة بالاثم. شكرا لك دكتور وأنت الصاق فينا حديثا.

  19. هل كان محمود شجاعاً ودافع عن فكره؟ نعم
    هل كان رجلاً مفكراً؟ نعم
    هل كانت له أفكار سياسية سابقة لزمنها؟ نعم
    هل يمنع هذا من أنه قد أخرج أقوال أو آراء غير صحيحة؟ لا لايمنع

    لا اعتقد انك ستفهم قصدي، ولكننا نناقش بعض أقوال وآراء محمود التي تعتبر كفرية (الاقوال أو الآراء)، وأنا شخصياً لا أكفره ولا أكفر أحداً ينطق بالشهادة لأنني لست أهلاً لذلك ولا دخل لي به، وقد ذهب محمود الى ربه وهو أدرى به وبنواياه ولن ينفعه أو يضره رأيي أو رأيك. و بالنسبة لأقواله فلا حرج من نقاشها ونقدها فهي ليست قرآناً وعليك كمؤمن بها ان تأتي بحجتك إن كنت فعلاً تعلم عما تتحدث.

    وأرجو أن تفهم الفرق بين أن تقول هذا قول كفري وأن تقول هذا شخص كافر!!

    محمود يقول بأن الصلاة التي نعرفها هي مجرد صلاة تقليد وأن صلاة “الأصالة” التي لا ركوع فيها ولا سجود هي لمن يصل الى المراتب العليا (مثله) رغم أنه لا أحد من الصحابة قبله قد وصل لهذه المرتبة بل ولا الرسول صلى الله عليه وسلم، فما رأيك بهذا؟!! ويقول محمود أن الله هو الإنسان الكامل، فما رأيك بهذا؟!! وغيره الكثير.

  20. الاجتهاد فى الدين يحتاج لفهم اللغة العربية لانها الاداة الاساسية لفهم الدين- اما محمود محمد طه فكان ضعيفا فى اللغة العربية وقد ابرز الشيخ عبد الجبار المبارك الكثير من الاخطاء اللغوية التى وقع فيها محمود ومثال على ذلك كان يخلط بين فهمه للربوبية والربانية فى كتاباته لذلك كان محمود يتحاشى اى مناظرة مع عبد الجبار المبارك اللغوى الضليع المعروف

  21. انا ود الحاجة صاحب هذا الاسم
    نريد من د. منصور ان يكتب عن محمود كما عرف محمود نفسه بانه اتى بمنهج غريب لتحريف الدين الاسلامي و تقسيمه اعتباطا الى شريعة غير قابلة للتطبيق و عقيدة معتمدة على مدرسة ابن عربي الكفرية المنحرفة
    اقتباس :بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريخ: “وللشمال مشكلة أيضاً”. بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:”مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان”.

    تعليق: لم اكن اتوقع من رجل مثل د. منصور ان يكتب كلاما منمقا مثل هذا و لكنه خالي من اي معنى ذا قيمة او فكرة جليلة , فالطفل الصغير كان يدرك ان مشكلة الجنوب جزء من مشاكل السودان ,فمشكلة الجنوب لم تبدأ مع جون قرنق بل سبقته , بل حتى جذور مشكلة دارفور كانت معروفة لدى الكثيرين منذ النصف الثاني من السبيعينات ففشل انقلاب حسن حسين فهم الكثير انه كان بسبب ان الرجل من غرب السودان و لو كان قائد الانقلاب من اهل الشنالية للقي التاييد من ضباط الجيش الكبار و لنجح

  22. السلام عليك يا محمود ، محمود الخصال ، السلام عليك يا روحا شفافة زاهدة ، السلام عليك يا أيها الصادق العابد الزاهد ، السلام عليك أيها الشجاع الأبي ، السلام عليك كلما تشرق الشمس ، السلام عليك في الخالدين ، و ليخسأ عبيد الشهوة ، عبيد البطن و الفرج …

    #559827 [كاره الظلم]

  23. قال الكاتب : محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

    تعليق :هذا القول يدل على ان كاتبنا لا يخلو من امرين :
    1, اما انه لم يقرأ افكار محمود عن الشريعة الاسلامية و و صفه اياها بانها ال تصلح لهذا العصر من دون برهان أو
    2. أنه يحمل نفس الفكر و في هذه الحالة ليكن شجاعا و يفصح عن نفسه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..