الخرطوم..واشنطن (لابريدك لا بحمل بلاك)!!ا

الخرطوم..واشنطن(لابريدك لابحمل بلاك)!!
حسن بركية
[email protected]

ظلت الحكومة السودانية منذ سنوات تلهث وراء تطبيع العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية وتحت مظلة وعود التطبيع أقدمت علي تقديم تنازلات مختلفة للجانب الامريكي وكانت المحصلة في كل التنازلات (صفرا كبيرا) لتعود الحكومة في لحظات الخيبة وفقدان الأمل و ترفع شعارات مستلفة من مراحل سابقة مثل (أمريكا روسيا قد دنا عذابها) ولكنها سرعان ما تتناسي هذا الحنين المصطنع إلي تلك الأيام وتمني النفس بعلاقات سلسة مع أمريكا.
وتبدو مواقف الحكومة السودانية تجاه أمريكا غريبة ومتناقضة فهي تعترف في مرات كثيرة بأهمية ومكانة الولايات المتحدة وضرورة تحسين العلاقة معها ثم تعود وتقول أنها لاتحتاج إلي أمريكا(لابنحاف من العصا ولاطمعانين في الجذرة).وهنا يكمن التناقض وغياب الرؤية الاستراتيجية في هذ الملف،قبل سنوات وعندما كان وزيرا للخارجية قال الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل في ورشة عن مستقبل العلاقات السودانية الأمريكية بمركز دراسات الشرق الأوسط”العداء مع الولايات المتحدة الأمريكية ألحق بالسودان الكثير من الأذي والضرر البليغ.ثم اسماعيل وقال قبل أيام أثناء مخاطبته مؤتمر قضايا التعليم بمدينة دنقلا حاضرة الولاية الشمالية(وقال لسنا طامعين في الجزرة ولانخاف العصا) الولايات المتحدة حاولت بشتى السبل لي ذراع البلاد من خلال العقوبات التي استهدفت كافة المجالات و السودان غير مكترث للمنح والهبات الأمريكية وان الحصار لن يزيدنا إلا إقبالاً على العمل ).
العلاقة بين الحكومة السودانية(المؤتمرالوطني) والولايات المتحدة الأمريكية مربكة ومحيرة لكثير من المراقبين الظاهر فيها يختلف عن الباطن فهي أحيانا علاقة مصالح مشتركة وحب متبادل وغير معلن وفي بعض الأحيان حب من طرف واحد, الأول يقدم عربون الحب والصداقة والثاني يتمنع ويمارس الدلال والعجرفة.. لم تحظ حكومة الإنقاذ (المؤتمر الوطني) منذ استيلائها على السلطة بانقلاب عسكري في يونيو/ حزيران 1989م بشهر عسل مع حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة، بل ورثت جفوة ومقاطعة بدأت منذ أواخر عهد الرئيس نميري حتى حكومة الصادق المهدي الديمقراطية (1986-89). فحكومة المهدي لم تحقق ما توقعته منها الإدارة الأمريكية بإلغاء قوانين الشريعة الإسلامية التي سنها نميري في 1983م ولم تصل إلى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية.
. يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية :الحكومة السودانية رغم تعطشها لعلاقة سلسة مع الولايات المتحدة تسقط في دهاليز عدم قواعد اللعبة الدولية وتتعاون مع أمريكا إلي أبعد في المجال الأمني ولكنها تقدم نفسها بصورة سيئة إلي صانع القرار الأمريكي ببعض التصرفات الغير لائقة في عرف العلاقات الدولية مثل بعض التصريحات الشاذة لقيادات تجهل تماما معترك العلاقات الدبلوماسية.ويري الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال افريقيا عمر مهاجر أن الحكومة السودانية تسعي لعلاقة متزنة ومتوازية مع المكانة الدولية لأمريكا وعلاقة ترتبط بالمصالح المشتركة والمتبادلة أما الولايات المتحدة الأمريكية فلا تريد سوي فرض علاقة من طرف واحد من منطلق فرض مبدأ الوصاية والإذعان لشروط العلاقة من طرف واحد وتصر علي فرض ماتريده وتنتظر من الطرف السوداني الموافقة والرضوخ للطلب الأمريكي دون شروط .

المد والجذر الذي ظل يلازم العلاقة بين البلدين أربك الكثير من المراقبين وجاءت القراءات مختلفة ومتباينة حول النوايا والأهداف الأمريكية تجاه السودان وخاصة أن الحوارت السرية والتعاون الإستخباراتي مع الCIA لم تسهم في دفع خطوات التطبيع إلي الأمام ويقال أن واشنطن أدمنت التنازلات السودانية دون مقابل وتمضي في طريق تفكيك النظام بطريقة سلمية عبر الضغوط وإتفاقيات السلام الجزئية(نيفاشا-أبوجا-الشرق- الدوحة الخ)ولكن هناك من يعتقد أن النظام الحالي هو الخيار المفضل لأمريكا فالنظام المواجه بالمحكمة الجنائية والمحاصر دوليا يسهل إبتزازه لخدمة المصالح الأمريكية.
ويري عدد من الخبراء أن الحظر الأمريكي علي السودان ألحق أضرار بالغة بالاقتصاد السوداني وأوقف نمو كثير من القطاعات في الاقتصاد السوداني وبل ساهم في تدمير وإفشال كثير من المشاريع الاقتصادية ولذلك أبدت قيادات اقتصادية بارزة ترحيبها بالرفع الجزئي عن الحظر الامريكي الذي تمثل في إلغاء الحظر علي بنك الخرطوم وقال وزير المالية السوداني الاسبق سيد علي زكي ان رفع الحظر عن البنك هو “خطوة ايجابية سيستفيد منها البنك والمتعاملون معه والمغتربون والسودانيون المقيمون في الولايات المتحدة الى جانب صناديق التمويل الاقليمية والدولية ومنظمات الامم المحدة في تعاملاتها المصرفية -وكان المدير العام لبنك الخرطوم قد ذكر بعض المزايا والايجابيات التي سوف تترتب علي قرار رفع الحظر علي البنك(رفع اسم البنك من قائمة الحظر له مردود ايجابي على البنك وعلى سلامة الجهاز المصرفي السوداني بالاضافة الى انه سيفتح مجالات اكبر لاستقطاب الاستثمار الاجنبي المباشر واعطاء طمأنينة اكبر للمستثمرين بوجود احد اكبر البنوك السودانية خارج قائمة الحظر مع امكانية اجراء البنك لعمليات خارجية على نطاق اكبر متنوع).

وكان محافظ بنك السودان محمد خير الزبير من ضمن الذين أبدو إرتياحهم بالرفع الجزئي للحظر الامريكي ، ودعا إلى رفع الحظر الكامل المفروض على السودان منذ العام 1997م.
وتشير الكثير من المواقف والتحركات السودانية إلي إدراك أهمية العلاقة مع دولة كبري كالولايات المتحدة رغم تصريحات بعض قادة النظام في أثناء القاءات والخطب الحماسية والتي يقفز فيها القيادي فوق الواقع ويرسم صورة غير واقعية للإقتصاد السوداني الذي يعاني من أثار الحصار الأمريكي في كل المستويات ? وكانت وسائل الاعلام قد أبرزت قبل فترة حديث مدير الطيران المدني محمد عبد العزيزالذي أبلغ,المبعوث الاميركي السابق للسودان سكوت غرايشن ,حتمية الغاء الحظر المفروض على السودان باعتباره معيقا للتقدم الفني و الاقتصادي لنظم الملاحة وشركات النقل الجوي , بجانب ارتباطه المباشر بسلامة ارواح وممتلكات الناس.
وفي الأسبوع المنصرم عاد الحديث عن العقوبات الأمريكية علي السودان إلي واجهة الأحداث بعد تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلي السودان برينستون ليمان الذي رهن رفع العقوبات بإنسحاب القوات الحكومية من أبيي وأثارت تلك التصريحات حفيظة الحكومة السودانية التي عادت لغة الرفض والزهد في الجذرة الأمريكية وقالت الخارجية السودانية أنها لن تعمل علي إلحاق الضرر المصلحة الوطنية والأمن القومي السوداني- والعلاقة الجيدة مع دولة كبري كالولايات المتحدة تحقق المصلحة الوطنية وتبعد أخطار كثيرة عن الامن القومي السوداني هذا بمنطق السياسة و ليس بنهج تصدير الثورة وتضخيم الذات!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..