أخبار السودان

دلالة اختيار “بابا” من أمريكا اللاتينية

سكاي نيوز عربية
يعتقد كثيرون أن انتخاب كارول فويتيلا الكاردينال البولندي المغمور آنذاك بابا الفاتيكان عام 1978 ليصبح يوحنا بولس الثاني، كان أول لبنة في دك منظومة دول أوروبا الشرقية، انطلاقا من بولندا بالذات وصولاً إلى الاتحاد السوفياتي، التي تفتت بعد نحو 10 أعوام من ذلك التاريخ.

انطلاقا من إضرابات العمال في ميناء غدانسك في بولندا ومن دعم حركة “تضامن”، كانت الكنيسة الكاثوليكية تحارب حينها ما كانت تعده عدوها الخارجي الأول: الشيوعية.

المفارقة الكبرى اليوم أن المهام التي تنتظر البابا فرانسيس، أول بابا للكنيسة من أميركا اللاتينية، انقلبت رأساً على عقب: فالعدو الخارجي الذي تجب محاربته أصبح “داخلياً”، يبدأ بالفساد والصراع على السلطة ولا ينتهي باتهامات التحرش الجنسي.

أما مهام التفتيت والهدم فتحولت إلى ضرورة البناء والإصلاح للكنيسة من الداخل.

بابا الكاثوليك.. رأس الكنيسة ملك مطلق الصلاحيات، وهو رئيس دولة ذات سيادة لها أجهزة حكم بيروقراطية وإدارية وسياسية تتجمع فيها السلطة وهي ما تعرف باسم “لا كوريا رومانا” La Curia Romana، نسبة إلى مدينة روما وعلى رأسها أمين سر الدولة يعينه البابا بطبيعة الحال.

أظهرت الوثائق التي سربها باولو غابريلي كبير خدم بنيديكتوس السادس عشر، حجم الصراع بين مراكز القوى داخل دولة الفاتيكان على الثالوث الدنيوي: المال والسلطة والجنس. وهو ما دفع البابا المتنحي إلى تشكيل لجنة من 3 كرادلة للتحقيق وسلمته تقريرها الذي لم يرغب في الإطلاع عليه بل تركه لخلفه خورخي ماريو برغوليو.

منذ لحظة انتخابه، أرسل برغوليو إشارات بدت واضحة المغزى وترسخت في اليوم الثاني، فالاسم الذي اختاره يحمل دلالات متعدة.

فرانسيس القديس كان خادم الفقراء ولم يحمل اسمه أي من الباباوات المائتين وخمسة وستين. عند إطلالته الأولى ليلة انتخابه قال إنهم أتوا به من آخر الدنيا، في إشارة الى بلده البعيد، طالباً من المحتشدين في ساحة القديس بطرس أن يصلوا من أجله.

صبيحة اليوم التالي، غادر الفاتيكان للصلاة في كنيسة في العاصمة الإيطالية في سيارة عادية دون حراسة ثم عرج على الفندق الذي كان ينزل فيه قبل الخلوة الانتخابية لأخذ حقيبته ودفع فاتورته!

يبقى السؤال ماذا يعني انتخاب بابا للكاثوليك من أميركا اللاتينية؟

برغوليو قالها بنفسه “لقد اتوا بي من مكان بعيد” ليس للدلالة على بعد الأرجنتين عن روما ولكن أيضاً بعده التام عن مراكز السلطة في روما، الأمر الذي سيعطيه، بلا شك، حرية الحركة في عملية الإصلاح التي يتمناها.

تعاني الكنيسة الكاثوليكية في أميركا اللاتينية من نزف حقيقي في عدد أتباعها الذين يتوجهون إلى كنائس أخرى أكثر حركية وتشاركية، خاصة مع ازدياد وطأة الأزمة الاقتصادية في العالم. ولا شك أن البابا فرانسيس سيكون الأقدر على الالتفات لمشاكل تلك القارة التي يعرف شعابها جيداً.

تجمع جميع السير الذاتية التي كتبت عن الكاردينال برغوليو على ولعه بالرقصة الأرجنتينية الأشهر “التانغو” التي تحتاج إلى اثنين لرقصها!
بانتظار الغد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..