لك الله يا زول..!ا

– لن ينتهي عام 2010 نهاية طبيعية إذا استمر الاحتقان السياسي في السودان على هذه الوتيرة، هذا ليس بحديث عرافة أو قارئة الفنجان غير أنها بركات سندريلا السياسة الأمريكية (كوندوليزا رايس) التي خططت للولادة الجديدة للشرق الأوسط الجديد، وباركت هذا المخاض الذي سوف يغير وجه الشرق الأوسط وخصوصا السودان الذين قبل القائمون عليه ما ستفضي إليه عملية الاستفتاء في التاسع من كانون الثاني القادم الذي أقرته معاهدة (نيفاشا) بين الأغلبية المسلمة في الشمال والأقلية المسيحية (تشكل 17 في المئة من الجنوبيين) الحاكمة في الجنوب، لتحديد مصير الوطن السوداني من حيث الوحدة أو الانفصال، رغم أن تلك الأمور حسمت سلفا بالانفصال فوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ترى بأن الاستفتاء يعد قنبلة موقوتة (والانفصال قادم لا محالة) ما لم تحدث معجزة.

قبل قرن من الزمن رسمت أول خارطة للوطن السوداني من قبل وزارة الدفاع البريطانية، فكانت حدود السودان شمالا تبعد خمسة كيلومترات عن مدينة أسوان المصرية. وجنوبا حتى بحيرة (مهقي) في جمهورية الكونغو، فتم قضم تلك الخريطة رويدا، رويدا وتعديل تلك الحدود وفقد السودان بعض أراضيه لصالح مصر وليبيا وأثيوبيا وكينيا فظهر السودان الذي نعرفه.

بعد الاستفتاء، لن يعود السودان كما توارثته الأجيال وطناً واحداً، فدوله الجنوب القادمة مساحتها تقارب ربع مساحة السودان؛ أي نحو (600.000 كم مربع) وبذلك تصبح منابع النيل تحت سيطرة الجنوب، وسوف تفقد الخرطوم حدودها مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطي، هذا إن بقي الشمال قائما وموحدا في ضوء أن القوى الدولية تطمح إلى نشوء دول سودانية أخرى، أولها في دارفور حيث يوجد ثالث أكبر مخزون من اليورانيوم في العالم ورابع أكبر مخزون من النحاس ودولة أخرى في منطقه أبيي حيث بحيرات النفط، ودولة أخرى في جبال النوبة والنيل الأزرق وكردفان وولاية البحر الأحمر.

الانفصال أصبح واقعا وليس بحاجة للاستفتاء، فلقد صرح نائب رئيس الجمهورية السودانية (سلفاكير) بأنه سوف يصوت للانفصال لأن تجربة الخمس السنوات الماضية لم تجعل خيار الوحدة جاذبا. وقبل أيام اختار الجنوبيون نشيدهم الوطني، ومن قبل اختاروا علمهم وخارطة بلادهم، وتم فتح أكثر من 17 مكتب تمثيلي للدولة الجنوبية (سفارة) في الخارج لمنح تأشيرات دخول لجنوب السودان وتم إصدار جوازات سفر جنوبية، وقامت الحكومة الجنوبية بعقد اتفاقيات دوليه دون الرجوع للحكومة المركزية، وتم إيقاف التعليم بالمناهج الدراسية السودانية، ناهيك عن إيقاف استخدام اللغة العربية في المرافق العامة واستبدال الإنجليزية بها.

الأصابع الغربية والمطامع الإسرائيلية في ذلك الانفصال واضحة، بدليل السدود التي قامت "إسرائيل" بتمويلها في كل من كينيا أوغندا وأثيوبيا، وبدليل تصريحات رئيس بعثة حكومة جنوب السودان في واشنطن «ايزاكيل لول جاتكوث» الذي أكد أن الجنوب سيقيم علاقات مباشرة مع "إسرائيل" بعد الانفصال!!

المصالح الغربية وخصوصا الأمريكية واضحة، وتتمثل في النفط ووقف التمدد الصيني في المنطقة، حيث إن 90 في المئة من نفط الجنوب الذي يصدر حاليا إلى الصين، فتشير بعض الدراسات إلى أن واشنطن تقدم دعما ماليا سنويا يقدر بمليار دولار للجنوب السوداني لإنشاء البنية التحتية وتدريب رجال الأمن وتشكيل جيش جنوبي قادر على تأمين منابع النفط.

الجنوبيون قرروا سلفا -دون استفتاء- رغبتهم في الانفصال رغم النتائج الوخيمة عليهم أولا، نتيجة عدم تحديد الحدود التي تمتد قرابة ألفي كيلومتر في أكثر مناطق السودان تعددية من حيث القبائل والتقسيمات العرقية، وجلها من القبائل العربية التي تحاشى الجيش الجنوبي مواجهتها عسكرياً في السابق.

إضافه إلى أن الدولة الجديدة ليس لها منافذ بحرية لتصدير النفط واعتمادها على عائدات النفط بنسبة 95 بالمئة، وأغلب المحاصيل الزراعية والغذائية تصل إليها من الشمال، إضافه إلى وجود نحو مليوني لاجئ جنوبي في الشمال وهم من أبناء قبائل النوير والشلك والأشولي والزاندى والفرتيت والباريا واللاتوكا والمورلي، وهم الأعداء التقليديون للحركة الجنوبية التي يسيطر عليها أبناء قبيلة الدينكا، وهذا الأمر ربما يخلق -مستقبلا- حالة من عدم الاستقرار في الدولة العتيدة.

ولن آتي بجديد إن قلت إن الدولة الجديدة جاءت ثمرة من ثمار سوء الإدارة والتوزيع غير العادل للثروات والخدمات وغياب الدولة، والأخطر من ذلك أنها جاءت نتيجة لجهود التنصير المستمرة من أكثر من قرن من الزمن في الجنوب، والتي حولت أتباع الديانات الوثنية إلى نخبة مسيطرة تسعى إلى أن ينال الزنوج من أبناء جنوب السودان الحرية من أبناء الشمال الذين استعبدوهم، وكانوا وسطاء في المتاجرة بهم، ومتاجرين بهم في أسواق النخاسة.

** الزول هو الشخص السوداني، فقد جاء في "لسان العرب" و"المعجم الوسيط" أن "زول" تعني الشجاع والفطن، فيما معنى "زول" في اللهجة العربية السودانية "شخص"، إلا أن كلمة شخص أوسع دلالة من كلمة زول.

ايوب الغنيمات
السبيل

تعليق واحد

  1. ولن آتي بجديد إن قلت إن الدولة الجديدة جاءت ثمرة من ثمار سوء الإدارة والتوزيع غير العادل للثروات والخدمات وغياب الدولة، والأخطر من ذلك أنها جاءت نتيجة لجهود التنصير المستمرة من أكثر من قرن من الزمن في الجنوب، والتي حولت أتباع الديانات الوثنية إلى نخبة مسيطرة تسعى إلى أن ينال الزنوج من أبناء جنوب السودان الحرية من أبناء الشمال الذين استعبدوهم، وكانوا وسطاء في المتاجرة بهم، ومتاجرين بهم في أسواق النخاسة./// بل اتيت بالمخبى الذي يدس الشماليون رؤوسهم لا اقول في الرمال وانما تحت عمائمهم حينما يرفع العربي (عقاله) الشماغ عند البعض ذلك يعني انه امام مقتص او يريد احقاق وحينما تنزع عمامة السوداني فهذا يعني انك كشفت سوءته فقد كشفت مستورا ابا الغنيمات احكي قصة لا يعرفها الا القليلون عن جون قرنق كان معه زميل دراسة من اهل الجنوب حينما كان مبتعثا في الولايات المتحدة من قبل (ح )النميري رحمه الله طلب هذا الصديق ان يحضر معه زوجته عند عودته من الاجازة تبسم قرنق وقال (( اهلك ديك تفتكر حيرسلوا بنتهم معاي ))) وبالفعل تملص والد الزوجة وقد سافرت الزوجة الي امريكا بعد اسبوع من وصول قرنق الي صاحبه اهلنا في الشمال يعتقدون انهم سادة يعني اولاد ناس والباقين لمامة ليس معروف لهم اصل ولكن الحقيقة ان القبائل النيلية وبالاخص قبائل ( الدنيكا والنوير والشلك هم اعرق القبائل ) في السودان كله وهي القبائل التي احتفظت على مدي التاريخ بارثهم وتاريخهم واذا حدث ان اهينوا في اادميتهم كان بسبب الجهل الذي اطبقه عليه اناس كان همهم تربية اناس جهلة لاستخدامهم كوقود لحروباتهم انهم الذين يطالبون لهم بالانفصال ليذيدوهم جهلا ولاستخدامهم لمحاربة المسلمين فقط ليكونوا وقود اتمنى من النخب الا ينخدعوا مرة اخرى وان كان بعض اهل الشمال انخدعوا في اتخاذ ابناء الجنوب مطية ليكونو سادة فاؤلئك غيبهم الموت وقد نشا جيل جديد يعرف ان الكل اصبح في ميزان واحد فقد ولى تلك النظرة الدونية اسالوا ذلك السلطان منكم الذي صاهر بنت الشمال من قبيلة الدناقلة يعني مصاهرين من الشمال مش رافضين مجرد ذهاب ذوات الشلوخ السته مع جنوبي الي زوجها ابا الغنيمات اثار امرا لم يجرؤ عليه افذاذ السودان خجلا نعم كنا نقول لكل جنوبي او حتى شمالي اسود داكن البشرة عبد مع ان العبيد كانوا في زمن بيض مفارقهم كابا لؤلؤة وصهيب الرومي وكل من سبي في اغارات الجاهلية بغاة ظالمين وما ظلمنا ولكنا سنبدا ظالمين وزوجة سيف ذي يزن كانت سبية ولا ننسي سيدة النساء هاجر ومارية القبطية وبنت حاتم الطاي ثم لا ننسى مارتن لوثر كنج مع حفظ المقامات واحترامها

  2. رغم انه ليس سودانيا, فقد لخص الكاتب كل مشكلة الجنوب في مقال مقتضب و بليغ. من المدهش انه فهم المشكل السوداني بكل هذه الشفافية و العمق!

  3. بالنسبة للحدود مع الدول هي فقط ثلاث دول لن تكون جارة للسودان الشمالي (كينيا ,يوغندا و الكونغو)

  4. و نهدي لأبو كوج ما كتبناه في مكان آخر : حدثنا جدي عن حكيم الزمان (ورعان بن عبد المتين) أنه قال : لعلي لن يمتد بي العمر لأشهد العصر الملعون . سألناه : و ما هو العصر الملعون ؟ أجاب : عصر بني كوز . سألناه : و من هم بني كوز ؟ أجاب : جماعة يملأون الدنيا جوراً و ظلماً . قلنا صفهم لنا يا عبد المتين . قال : تجدهم نهاراً يحدثون عن الزهد و الورع حتى تسيل دموعهم على لحاهم و أهم شعاراتهم هي الحفاظ على الشرع و أنها (لله لا للسلطة و لا للجاه) . قلنا : و نعم القوم . قال : و لكنهم ما أن يتوارون عنكم حتى يهرولوا نحو (اللغف) و (اللبع) و النهب . قلنا : يا لله ، صفهم لنا حتى نحذرهم . قال ورعان : يعتلون سنام السلطة و هم حفاة عراة برقاب مسلولة ثم بعد حين من اللبع و اللغف تمتد كروشهم أمامهم و تتضخم رقابهم و يتطاولون في البنيان و يستوردون أفخم العربات و بإعفاءات جمركية ثم يتخيرون الحسان فينكحون مثنى و ثلاث و رباع و حتى عشرمية ( بالتطليق ثم النكاح) . قلنا : زدنا وصفاً . قال : يحتكرون الوظائف حتى لا يجد أناءكم ملجأ من العطالة و يحيلونكم للصالح العام لزوم التمكين حتى تجوعوا و يحتكرون السوق و الشركات و الجيش و البوليس و القضاء … فلا تجد من ينصفك منهم فهم يعملون بالحكمة القائلة : زيتنا في بيتنا أو بالحكمة الأخرى : وراك وراك ، محل تقبّل تلقانا هناك … قلنا : يا للهول يا شيخنا . قال : لعلكم لم تعرفوا ما هو الهول الأفظع بعد ؟ قلنا : و ما هو ؟ قال : سيقتلون مليونين من الأبرياء في الجنوب بدعوى الجهاد و سيقولون أن القرود و السحب تقتلوا الكفار معهم ، الكفار الذين ستفوح من جثثهم الروائح النتنة أما جثث المجاهدين فتفوح منها روائح المسك و العنبر مما سيكرّه أهل الجنوب حتى ينفصلون ، و سيقتلون ثلاثمائة ألف من أهل دارفور و لكنهم سيعترفون بعشرة ألف فقط … أما بيوت الأشباح … قاطعناه : و ما بيوت الأشباح ؟ قال : هي بيوت لا حول و لا قوة منها ، و الأدهى أنهم يطلقون النار على أي مظاهرة سلمية ، سيفعلونها في أمري و كجبار و بورسودان و كل المظاهرات السلمية في الخرطوم و غيرها بل حتى على الأطفال في العيلفون في معسكرات المجندين . قلنا : يا مولانا و كيف نميزهم ؟ قال : كثيرون منهم لهم لحى كلحى تيوس عبد الجليل . قلنا و من هو عبد الجليل ؟ قال : من ماسحي جوخ بني كوز الذين تكاثرت تيوسهم و بالأمارة هو أحد حواري الفاطر ديمة . قلنا فماذا نفعل إن أدركنا ذلك الزمن الملعون ؟ قال : عليكم بالجبهة العريضة و أن تتفلوا يساركم عقب كل صلاة و تقولوا (تفو) .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..