بَيْنَ التـَّرَشُّحِ وإشَاحَةِ الوُجُوْهِ عَنِ الثـَّوَابِتِ

علي تولي

لا أعْلمُ ؛أيُّ أمورٍ يُمْكِنهُم الخَوْضُ فِيهَا دُونَمَا مُدَارَاةٍ أو مُوَارَبَةٍ وَهُمْ يُشِيْحُوْنَ وُجُوهَهُمْ عنِ الثـَّوَابِتِ، والعَالـَمُ كُلـُّه يَعِي أنَّهُ مَا مِنْ بَلدٍ في العَالمِ يَتبَنَّى شَعْبُهُ نَهْجاً دِيمقرَاطيّاً يُمكِنُه أنْ يُسلـِّم بإعادَة رَئيسٍ لهُ لخَوضِ انتخَاباتٍ للمَرَّةِ الثـَّالِثةِ، وإِلاَّ؛ فعَنْ أيَّةِ مُمَارَسَةٍ دِيمقرَاطِيَّةٍ سَنَقومُ بِاقتِرَاعٍ لِمُرَشَّحٍ..؟!! ومَا هُوَ الدَّاعِي لِهذا الترشُّح في ظِلِّ غِيَابِ الثـَّوَابِتِ الدُّسْتورِيَّةِ التي تـُخَوِّلُ المُمَارَسَةَ مَا بَينَ المُرَشَّحِ وَالمُقترِعِ..؟!! وَلعَلَ هُنَاكَ مَنْ أصْبَحَ يُوَارِي سَوْءَةَ مَا كانَ يُؤْمَر بِهِ أوْ جَرِيْرَةَ مَا ظلَّ يَحْمِل النَّاسَ ويَدْفَعَهُمْ إلى القِيَامِ بِهِ في إشَاحَةِ وَجْهِهِ عَنْ بَعْضِ المَزَاعِمِ والأقوَالِ التي تذهَبُ بِهَا رِيَاحُ الإعْلامِ وَتطـُوْفُ بِهَا البَوَادِي والحَضَر؛ فلِننـْظر لِمِثلِ هَذا التـَّصْرِيحِ الذي يَقولُ بِهِ د.غَازِي صَلاحُ الدِّينِ العَتَبَانِيّ: (“المادة 57 مِنَ الدُّسْتـُوْرِ الانتِقالِي تقوْلُ: “يَكُوْنُ أجَلُ ولايَةِ رَئِّيْسِ الجُمْهُوْرِيَّةِ خَمْسَ سَنَوَاتٍ تَبْدَأ مِنْ يَوْمِ تَوَلـِّيْهِ لِمَنْصِبِه وَيَجُوْزُ إعَادَةُ انتِخَابِهِ لِوِلايَةٍ ثانِيَةٍ فَحَسْب).. وتفسر دلالة “فحسب” هنا بما لا يدع مندوحة للشك أنه لا ولاية ثالثة بل حسبه الترشح للمرة الثانية وَكفَى؛أيْ؛أوَ ليْسَ كافِياَ قوْلهُ هَذَا فِي دَلالتِهِ السِّيَاقِيَّةِ التي سَاقَهَا معرفة المعنى إنْ كُنَّا تماماً نَعِي انفِتاحَ السِّياقِ عَلى وُجُوهِ المَعَانِي أو اقتِصَارهُ عليها لِيجيء تفسِير ذلك : يَكفِي أنَّهُ تَرَشـَّح لِفترَتينِ سَابِقتين الأوْلى فِي العَام 2005 وَالثانِيَة فِي العَام 2010 ، ثمَّ يُعَلـِّل د.العَتبَانِي لِلقوْلِ إنَّهُ:) إذَا أجْمَعَ النَّاسُ عَلى أنَّ أمُوْرَ البِلادِ لا تَسْتقِيمُ إلاَّ بِالتـَّجْدِيْدِ لِلرَّئِّيْسِ لِحِكْمَةٍ يَرَوْنَهَا فَعَليْهِم عِندَئِذٍ تَعْدِيْلُ الدُّسْتورِ، أوْ إصْدَارُ دُسْتورٍ جَدِيْدٍ يَسْمِحُ بِتجْدِيدٍ غَيْرِ مُقـَيِّدٍ لِلوِلايَةِ)، وَدَلالةُ سِيَاقِ هَذِهِ العِبَارَاتِ لا يُفـَسِّرُهَا شَيْءٌ غَيْرُ طـُغيَانِ الأهْوَاءِ؛ بل هُوََ كسْبٌ لِلقاعِدَةِ والاحْتِفاظُ بالوَلاءِ الذي يُحْظَى بِهِ الرَّئِّيْسُ وَليْسَ السَّيْر عَلى خَط ٍّ أوْ نَهجٍِ دِيمقراطِيٍّ يَرْتضِيهِ حِزبُهُ تحْتَ مظلةِ دُستورٍ يَخدِمُ الحِزْبَ فحَسْب، وَلعَلَّ د. العَتبَانِي مِنْ مَنْ يُعَوَّلُ عَليهِم فِي التـَّنظِيرِ والتدبير لقيادَةِ الوَطنِي..نَرَاهُ وَقدْ زَادَ بِالقوْلِ( لكنَّ هَذِهِ قضِيَّة سِيَاسِيَّة ذَات تَشَاعِيْبَ يَضِيْقُ المَجَالُ عَنِ الخَوْضِ فِيْهَا(. وَهَذا كـُلـُّهُ يَجُرُّ الخَيْبَاتِ المُتتابِعَةِ التي تـُفَسِّرُ عَدَمَ جُلوْسِ أهْلِ البِلادِ عَلى طاوِلةٍ مِنْ الترَاضِي والتـَّوَافـُقِ.. لِظرُوْفٍ أمْلتهَا الانتِهَازِيَّةُ وَحُبُّ الأثِرَةِ.. وَالاسْتِئثارُ، بَلْ وَحُبُّ التـَّمَلـُّكِ وَإقصَاءِ الآخَرِ عَنْ مُمَارَسَةِ الحَقِّ العَامِّ، وَعَدَم وَضْعِ دُسْتورٍ يَخْدِمُ الشَّعْبَ ويَحْفظ ُ مُقدَّرَاتِهِ التي اسْتخْلفَهُ اللهُ عَليْهَا.. فَهِيَ الأمَانَة ُ يَحْمِلهَا بِأمَانَةٍ..!! أوْ يَسْتِهِيْنُ بِهَا فتصِيْرُ ظلماً و”حُوباً كبيراً”.. ولعَلَّ سِرَّ تعلـُّقِ القاعِدَةِ لِلحِزْبِ الحَاكِمِ برأسِ الدَّوْلةِ وَليْسَ بِغيْرِهِ يَجْعَلُ الكثِيرِينَ فِيْهِ يتمَلمَلـُوْنَ مِنْ أجْلِ خَلقِ صَنيْعَةٍ لهُم يَمْلأ الفَرَاغ َ العَرِيضَ.. وَالوَطنِي يُعَانِي أوَّلَ مَا يُعَانِي غِيَابَ مَنْ (يَسِدّ الفـَرَقَة) وَيَمْلأ الحِيُوْزَاتِ التي سَيَطالهَا القـَفـْرُ والفقرُ التـَّأيِيدِي بِغِيَابِ مَنْ كانَ يَمْلأهَا، وَأحْسَبُ أنـَّهُ سَيُعِيْنَهُمْ وُجُوْدُهُ فِي الاحْتِفاظِ بَمَا لدَيْهِمْ مِنَ السُّلطةِ.

وَلعَلَّ التـَّوَجُّسَ الذي بَاتَ يَعْترِي القاعِدَةَ فِي مَا ألِفُوْهُ مِنْ جَرِّهِمْ وَرَاءَ (الكنكشة) وَغَلبَةِ مَنْ بِيَدِهِ الأمْرُ.. ألاَّ يَدَعَ لِمَنْ هُوَ فِيْ تنظِيمٍ سِوَاهُ حِيْلةً أوْ مُتـَنَفـَّساً مِنَ التـَّأييدِ حتـَّى يَنالَ بِهِ شِيْئاً مِنَ الإرَادَةِ وَالقـُوَّةِ التي تـُخَوِّلهُ القِيَادَة أوِ المُشَارَكَةَ فِي قِيَادَةِ عَجَلةِ تنمِيَةِ هَذَا البَلدِ الذي ندْعُوا لهُ أنْ يَكوْنَ آمِناً مُطمَئِنٌ شَعْبُهُ عَلى خَيْرَاتِهِ

والشَّعْبُ.. قدْ خَبَرَ وَتدَرَّبَ عَلى أنْ يَكونَ رَقِيباً.. لكِنَّهُ فِي السَّنَوَاتِ الأخِيْرَةِ تَاهَ بَيْنَ الشَّكِّ وَاليَقِيْنِ فِي مَن سَيَكوْنُ أمِيناَ عَلى مُقدَّرَاتِهِ، وَقمِيْناً بَمَا يُمْكِنْ أنْ يَسُوْقَ إليْهِ شَيْئاً مِنَ التـَّأييدِ.. وَلعَلَّ عَواملَ كثِيرةً لمْ يَنتبِهْ إليْهَا عَامَّةُ النـَّاسِ في مُماحكات السَّاسَةِ وأفعَالهُمْ في اختلاقِ الدَّسَائِسِ وَسِيَاسَةِ الكَسْبِ وَصِنَاعَةِ التـَّأييدِ، وَكانَتِ الغـَلـَبَةُ في واحدةٍ مِنْ تِلكَ الحِيَلِ السِّيَاسِيَّة بَينَ الأحْزابِ السِّيَاسِيَّةِ مَا قامَ بِهِ د.حسن التـُّرَابِي حِينَ خَالفَ تنظيمَه الأساسِي مُتـَّجِهاً بِالخُرُوجِ بِهِ إلى مَا أسْمَاهُ الانفتاح على الأطرَافِ الأخْرَى في إقامَةِ جَبْهَةٍ عَرِيْضَةٍ.. مَا زَالتْ آثارُهَا بَاقِيَةً حتـَّى مَجيْء الإنقاذِ إلى السُّلطِةِ بَلْ وَقَامَ بِاسْتِدْعَاءِ هَذِهِ الذاكِرَةِ حِينَ أقامُوا وِزَارةَ التـَّخطِيطِ الاجْتِمَاعِي لتصُبَّ في ذاتِ الاتجَاهِ، ولكِنَّهَا كانَتْ عَلى حِسَابِ تقدُّمِ الوَعْيِ في المُجْتمَعِ السُّوْدَانِي؛ حَيْثُ عَمِلتْ عَلى تعْمِيْقِ القبَلِيَّةِ بَيْنَ أهْلِ السُّوْدَانِ، وَعَلى حِسَاب تقدم الوعي بالدِّيْنِ لدَى المُسْلِمِ السُّوْدَانِي، في تزْكِيَةِ الشَّخْصِيَّاتِ التي تتمَتـَّعُ بِكارِيزْمَا قبَلِيَّةٍ أوْ صُوفِيَّةٍ أوْ طائِفِيَّةٍ.. ترجمتهُ زياراتُ السفارةِ الأمريكيةِ مُتمثلةً في سفيرِهَا، لِمَحْضِ قِراءاتِ سَيكولوجيَّةِ المجتمعِ السودانِي تـُمَثلُ نَتاجَ عَمليَّةِ صِنَاعَةِ الكَسْبِ وَالوَلاءِ وَصناعَةِ التـَّأييدِ.

نَعَمْ هذه المآلات في التردي السياسي والاقتصادي المعرفي والثقافي والقيمي والأخلاقي أشياء جَرَّتْ وَرَاءَهَا أذيالَ الخَيبَةِ لبَعْضِ الأحْزابِ التي انـْشَقَّ صَفـُّهَا..!! بَمَن لهُم أهْوَاء وأطمَاع ذاتِيّة.. ولمْ تسْلمْ مِن غُلوَائِهِم إلى الآن مُعظَمُ هَذِهِ الأحزابِ؛ خاصَّةً التقليديَّة مِنها.. وَالتي أضحى أقطَابُها فَاغِرِي الأفواه لمَزِيدٍ مِن الكسْبِ السُّلطَوِيِّ حتى يَعودَ لهُمْ مَجْدُهُم الاقطاعِي.. ومَا كانَ لهُمْ مِن نَصِيب الأسودِ في غَابَةِ التأييدِ المُظلمَةِ ليَطولَ مَكثها وجُثـُّوُهَا على مُقدَّرَاتِ هَذا البَلدِ رَابِضَةً وَرَاضِيةٍ غَير مُسْتـَرْضِيَةٍ.. وَالشَّعبُ السُّودَانِي يتطلـَّعُ إلى دِماء جَديدةٍ وقلوب جديدة وضمائر جديدة لا يأتيها الباطل من أي جهة أراد..يريدها في ظلِّ ديمقراطيَّةٍ نزيهةٍ تـُمَارَسُ تَحْت شَمْسِ صَيْفٍ سوداني المناخِ لا تـَخِط ُ نهاره غيومُ المَكايِدِ والدَّسائسِ.. من أجلِ الممارسةِ الحُرَّةِ في ظلِّ دستور يكفلُ العيشَ في سلامٍ ويضع مقدراتنا في منأىً عن حيفِ المُعتدينَ والظالمينَ.. نتمنى أن لا تكثر فينا هذه الدَّسائس والحيل السياسيَّة. ونتمنَّى دستوراً يسدُّ كلَّ الثغراتِ عن كل ما نتوخَّاه ونخشاه.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أشيد بفقرتك الأخيرة فالعزة للسودان .. دماء شبابية تعيد للوطن عزته .. نريدها شعارا ووقارا
    منحوتة داخل قلوبنا مقروءة على وجوهنا مخطوطة على علم بلادنا مكتوبة على عملتنا …………….(( العزة للسودان ))

  2. القضية ليست فى الدميقراطية وحدها
    فالرئيس الذى تزيد مدته عن 8الى 10 سنوات
    يجب تبديله ،، ذلك أن السياسة لا تحتمل الثوابت
    فالرئيس يظل أعدائه وأصدقائه ثابتين غير متغيرين
    والسياسة ليس فيها عداء ولا محبة بل مصالح وطن وشعب
    فالبشير صار أصدقائه عباً ثقيلا وفسادهم من فساده
    غير أنه لا يستطيع التنقل وكان عليه تكليف من يدافعون عنه
    الرئيس البشسر بدون لف دوران ودستور وغيره
    1_ – اتى بطريقة خطأ للحكم إنقلاب عسكرى
    2- انتهت صلاحيته التى اصلا صفر
    3- حتى الذى معه من العسكر والذين يحكمون من وراء
    جدر انتهت صلاحيتهم بل متهمين بالإجرام ما لم تبرأهم محكمة عادلة
    مثل على عثمان ، بكرى حسن صالح ، تافع ، عبد الرحيم حسين
    هناك قتلى غير دارفور من يتحمل المسؤلية عنهم ؟؟؟؟؟؟؟؟

  3. انتو عارفين عصبة يونيو ما حتخلي السلطة باخوي واخوك خاصة بعد تلسلط سيف العدالة الدوليه عليهم ديل لا بيعرفو ديمقراطيه ولاانتخابات نزيهه ولا تداول سلمي للحكم.. ديل اساسا ما عندهم دين ولا ملة وما يعرفو الله زاتو.. ديل في حاجه واحدة بتغلغل كيانهم وهي كشف المزيد من المستور من مفاسدهم خاصة المفاسد الماليه.. والملاحظ انو كلما انكشف امر سرقة تلقاهم يتناحرون ويتلسانون ويتهامسون ويتساءلون فيما بينهم عن من وراء كشف هزه الفضيحة والتالي يتامرون ويكشفون المزيد لاخراس بعضهم لحجب الخوض في التفاصيل..يعني ديل عصابة ملعونة اكتر من عصابة المافيا.. وشوكتهم بتنكسر بمزيد من الكشف عن المفاسد خاصة الماليه.. وهنا ياتي دور اولاد كارهم ناس المؤتمر الشعبي بتنشيط وتحريك غواصتهم.. وابو القدح بيعرف يعضي من وين .

  4. قراءة من زاوية اخـرى ، بعد 24 عاما من الحكم الصراع في حكم السوداني هـو صراع بين ابناء” التضامن النليلي” على السلطة ، رغم ان الهامش وابناء الهامش يشكلون 90% من المساحة وعلى عدد السكان إلا انهم ما زالوا مهمــشين ولا دور لهم من بعيد او قريب في الحكم والاقتصاد والادارة، ومن سرد الموضوع حتى لقاء على الحاج مع علي عثمان ذلك لتمكين على عثمان وجناحــة في السلطة لا من اجـل السودان او انتقال السلس نحو الديمقراطية.

  5. والله لو حكمكم قمئى الوجه هذا الرماد كال حماد….انظروا لوجهه سترون فيها من العبر والعظات..وجه قمئى ..كالح السواد ..مكتسى بالخطايا والذنوب…حسبنا الله ونعم الوكيل

  6. نعم محمد علي التوبه والحقوق يجب ان ترد لاهلها.الاسماء لا تهم وغازي شريك اساسي يحاسب يحاسب.

  7. سبحان الله والعياذ بالله اللهم زيد غضبك وسخطك علي هذا الرجل الذي قتل الملايين وشرد الالاف من ديارهم بسبب العنصريه البغيضه الذي تفشي في هذا البلد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..