حكومة جديدة في السودان تغيير طريقة التفكير قبل وضع التشكيل

في مسيرتها الطويلة المليئة بالأزمات الحقيقية والمفتعلة عقدت الإنقاذ العديد من الإتفاقيات . وهي إتفاقات تهم أخطر القضايا في السودان. منها الحكم الرشيد وقسمة الثروة والسلطة والسلام والتنمية.والحقوق والحريات . ووقعت الحكومة إتفاقات مع أحزاب وفصائل وافراد بحضور حكومات ومنظمات دولية . أخذت الإتفاقيا ت أسماء مدن واسماء اشخاص . منها أبوجا و مشاكوس والطائف وجنيف وفشودة والخرطوم والدوحة ونيفاشا وغيرها. كل هذه الإتفاقيات صرفت فيها أموال ضخمة وأهدرت فيها أوقات ثمينة وضاعت فيها مجهودات كبيرة. لكن كلها فيما عدا واحدة تقريبا كانت حبرا على ورق. قد ينقض فردا مع عهده مع حكومة لكن للدهشة الكبرى فإن الذي ينكص بهذه الإتفاقيات عادة هي الحكومة. الإنقاذ تدخل في هذه المعاهدات وهي تحت ضغوط وأزمات تقلل وبنسبة كبيرة من طريقة تفكيرها. وبدراسات أقل بكثير من المتوقع ويمكن بسهولة القول أن الإنقاذ توقع الإتفاقيات دون إدارك كامل لما تقوم به. تقودها الأمنيات والأحلام وليس الحقائق والوقائع والتجارب. وهذه هي التي يجب إستصحابها وإستيعابها ثم التمنى والحلم بناء عليها.عدد من هذه الإتفاقات مع أحزاب وفصائل منشقة من أحزاب وأفراد منشقون من أفراد.إتفاقيات لا تدوم سوى أشهر قليلة. واحدة فقط هى التي نجحت بأكثر مما حلم به موقعوها. وهذه هي نيفاشا. اتفاقية السلام الشامل التي منحت الجنوبيين حق تقرير المصير وأكثر من ثلث السلطة ونصف الثروة وكل الجنوب في سودان ما قبل الإنفصال. ثم ربع السودان وكل البترول بعد الإنفصال. قادة الحركة الشعبية الأذكياء قاموا بالتحضير جيدا.إستصحبوا كل تجارب العالم. استشاروا الخبراء أعدوا وفكروا ثم حلموا وتمنوا بعد أن قاموا بكل ال (home work).أما الحكومة فقد وقعت على عشرات الإتفاقيات.وصرفت مليارات الجنيهات.وتخلت عن حلفاء إستراتيجيين.ولم تحصد شيئا يذكر.ذلك لأنها لا تتعامل مع معطيات الواقع بالحقائق المجردة. بل بالأمنيات. وشتان بين ما نتمناه وبين ماهو حقيقي.مارست الحكومة الخداع عبر إعلامها .أخبرت الشعب بأنها وقعت إتفاقيات مع حاملي السلاح.كل ما حصلت عليه هو مواقف مؤقته من بعض الشخصيات التي إستفادت من أموال الشعب ثم عادت ثانية لرفع السلاح في وجهها. إتفاقية نيفاشا فقط هي التي كانت مع الجهة الصحيحة. الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الزعيم الراحل دكتور جون قرنق . وحتى هذه لم تكن إتفاقية مدروسة من قبل الحكومة كما كانت من قبل الحركة الشعبية . إستصحبت الحركة كل المجتمع الدولي بينما لم تعمل الإنقاذ بصدق لإستصحاب القوى السياسية ناهيك عن الشعب.هذا يعنى ان الانقاذ بدلا من تنوير الناس تخادعهم بينما هي في الواقع تخدع نفسها أولا.
لكن لماذا نتحدث عن ذلك في مقال عن تشكيل حكومي قادم. السبب هو اننا نرجو أن تقوم الإنقاذ وبصدق مع نفسها و القوى السياسية في السودان بتشكيل حكومة تكون مهمتها التصدى لأزمات السودان الكبرى بجدية وعقلانية. وضع السودان ماعاد يحتمل إهدار الوقت والموارد في المصالح الذاتية. سواء كانت هذه المصالح حزبية أو شخصية. أى أن تتوقف الإنقاذ عن سياستها في مخادعة الموقعين معها والمنضمين للتشكيل الحكومي الجديد. لقد إستمرأت منح المشاركين في الحكومة. مراكز ومناصب لا تؤثر في مجمل الأحداث. عادة ما يكون المشاركون في السلطة مجرد تكملة صورة .لا تصدر عن حكومات الإنقاذ المشكلة ما فيه تعدد في الأراء أو تنوع في الأفكار ولا حتى مواقف يمكن أن تميز المشاركين في السلطة. هذا يعني إستمرار نفس سياسات الإنقاذ وإخطاؤها المتواصلة لسنوات طويلة. فقط تأتي عبر مواعين مختلفة. وهذه السياسات لا تخص الإنقاذ وحدها بل تهم كل أهل السودان. وهي سياسات أخفقت في كل الملفات الهامة. ملفات السلام والتنمية ومحاربة الفساد وخلق فرص عمل جديدة ومعالجة التضخم وادارة التنوع والعلاقات الخارجية . هذه ملفات التصدى الجاد والمخلص لبعضها يعلج تلقائيا بعضها الآخر.فالإجتهاد في ملف السلام يحقق التنمية بقدر هذا الإجتهاد .ومحاربة الفساد كفيل بإيجاد فرص عمل جديدة وهذه تقلل من التضخم .وإدارة التنوع بتوليفة صحيحة يحقق علاقات خارجية ممتازة.
على مر السنين تراكمت الأخطاء فأمست مثل حجارة وحشائش تقلل من جريان الماء في الجدول . في بلد يعتمد كليا على الماء ويحتاجه للنهوض بإقتصاد أوقفته السياسات الخاطئة وأقعده تكرارها. من هذا التكرار المضر تشكيل حكومة جديدة كل مرة وإتخاذ نفس السياسات القديمة.
للخروج بالسودان من أزمته الحادة يجب تغيير السياسات والوجوه وليس تغيير الوجوه والإستمرار في نفس السياسات الخاطئة. وأول ما يجب فعله هو إتخاذ مامن شأنه تصحيح طريقة وضع السياسات إبتداء.
على الداخلون في الحكومة أن يتذكروا أن سياسات الإنقاذ هي التي أوصلت السودان لهذه المرحلة الحرجة.أن يخلصوا العمل وأن يجتهدوا رغم ما قد يواجههم ممن يريدون بقاء الأوضاع على ماهي عليه.هؤلاء قلة فقط في مقابل كل الشعب.وأن يتذكروا انه بقدر نواياهم وجهودهم يحدث التغيير. وهو تغيير يرغب معظم السودانيون أن يكون سلميا. يمكن أن يحدث ذلك عبركم.
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل
والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ان في الانقاذ شخص واحد اذا كان له دور في التعديل الوزاري وتم بارادته فلا فائدة ترجي منه ان كل السياسات الفاشلة والاشخاص الفاشلون اتي بهم هذا الشخص الذي لا يؤمن الا بلغة القوة والاقصاء ويريد ان تكون كل مقاليد الامور بيده وهو السبب الاساسي لكل مشاكل الانقاذ مع الشعب والاحزاب وحتي اعضاء الحزب الحاكم ابعدوه تحل اغلب المشاكل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..